يعتبر ذ.حميد نرجس أحد أبرز الوجوه القيادية في حزب الأصالة والمعاصرة، فبالإضافة إلى كونه رئيس جهة مراكش تانسيفت الحوز فإنه عضوا للمكتب الوطني ونائب رئيس المجلس الوطني لحزب "التراكتور"،وواحدا من أبرز صناع القرار بداخله.. وجه ينعته البعض بمهندس القرارات الخفية إلى جانب القيادي البارز فؤاد عالي الهمة.. إضافة لكونه أستاذا جامعيا بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة وبجامعة ولاية يوطا الأمريكية فهو مدير له.. بصماته في أبرز المشاريع التنموية للمعهد الوطني للبحث الزراعي، وهو أيضا عضو نشيط في منظمات تنموية دولية بمساهماته المتعددة في وضع دراسات تشخيصية وتنموية للعديد من المشاكل الفلاحية والبيئية للقارة الإفريقية.. حظي حزبكم برئاسة الجهة وعمودية مدينة مراكش بعد مواجهات ساخنة مع باقي الفرقاء السياسيين؛ كيف تقيمون هذه التجربة،وما هي استنتاجاتكم الشخصية ؟ فعلا حصلنا علي نتائج جد ايجابية نعتز بها،وهي إن دلت علي شيء فإنما تدل علي أن مغرب الممكن هو مغرب واعد،و كله آمال و تقدم شريطة أن نسترجع من جديد الثقة بين السياسي والمواطن. فأنا اعتبر أن تفوقنا في الانتخابات الماضية راجع بالأساس إلى مصداقية ومسؤولية وصراحة خطابنا الذي كان خاليا من المزايدات والديماغوجية السياسوية التي لم تعد محتملة من طرف المواطنين المغاربة، وجعلتهم ينفرون كل نشاط حزبي أو سياسي. زيادة علي هذا لقد دبرنا كل مراحل الحملة الانتخابية معتمدين علي منهجية علمية و محكمة سادها الانضباط،والعمل الجاد والتعامل باحترام مع الهيئة الناخبة. أطاحت التجربة الانتخابية في جهة مراكش بوجوه معروفة سياسيا، و أفرزت وجوها جديدة يصعب تقييم تجربتها السياسية فإذا استثنيت موقعكم أنتم كرئيس للجهة؛هل باقي الوجوه قادرة على تحقيق التنمية من جهة ومواجهة الفساد المستشري في مختلف المجالات من جهة أخرى؟ صحيح أن حزب الأصالة والمعاصرة زكى مرشحين ومرشحات لم تكن لهم تجربة سابقة في تدبير الشأن المحلي،وهذا كان مقصودا. ولكن بفضل التأطير المستمر الذي توفره اطر الحزب لهؤلاء المنتخبين والمنتخبات فيمكننا أن نتبث و بكل موضوعية الأداء الجيد والمجهود الجبار الذي قاموا به في فترة وجيزة لا تتعدي ستة أشهر، والذي بدأ ينعكس إيجابا علي الحياة اليومية للمواطنين. فمثلا علي صعيد مدينة مراكش استطاعت رئيسة مجلس المدينة وفي ظروف صعبة جدا أن تحقق نتائج فاقت كل التوقعات بحيث أنه في ميدان معالجة إشكالية البيوت المرشحة للهدم تمكنت من تحقيق نتائج أعلى مما تحقق في ظرف 3 سنوات. كذلك استطاعت بفضل ترشيد هيكلة الطاقم الإداري، وتدبير تعاقدي للتفويضات أن ترفع مستوي المداخيل بما يزيد علي 30 في المائة،وذلك رغم الأزمة الاقتصادية التي يعرفها قطاعي السياحة والتعمير, وهكذا ارتفعت مداخيل سوق الجملة من000 650 درهم في فبراير 2009 إلى 1620000 درهم في فبراير 2010. كذالك انتقلت سومة كراء الحافلة السياحية من 64000 درهم سابقا إلى 2750000 درهم حاليا. هل تتوفرون على آليات واضحة لتكريس الشفافية والحكامة الجيدة في ظل استشراء الفساد،وبالتالي تقديم النموذج الأمثل في التسيير لجهة من جهة لأهم جهات المملكة؟ كما ذكرت سابقا فبفضل المجهودات الكبيرة التي قامت بها رئيسة مجلس مدينة مراكش فاطمة الزهراء المنصوري،و مكتب المجلس توصلنا إلى نتائج مهمة في اتجاه إرساء قواعد الشفافية والحكامة الجيدة،وذلك من خلال ضبط المساطر واحترامها والتحديد الجماعي للمعايير ودفاتر التحملات المعتمدة لضبط علاقات المجلس مع كل الشركاء كالمقاولات التي تقوم بأشغال لصالح المدينة،وكذا كل الفرقاء الاقتصاديين فيما يخص استغلال المرافق العمومية كالمعارض والأسواق ثم الجمعيات المدنية .... تتميز منطقة الرحامنة بتوفرها على مؤسسة يرأسها فؤاد عالي الهمة،وأنتم أحد مسيريها، إنها مؤسسة الرحامنة.. الآن وقد أصبحت باقي الجهات مسيرة من طرف الحزب؛هل يمكن أن نشاهد تكرارا للتجربة في مناطق أخرى كشيشاوة والصويرة مثلا؟ بالرجوع إلى سؤالكم حول إمكانية الاستفادة من تجربة مؤسسة الرحامنة للتنمية المستدامة على مستوى الجهة و خاصة مناطق شيشاوة و الصويرة، نود التذكير أن فكرة تأسيس مؤسسة الرحامنة للتنمية المستدامة انطلقت من المعطيات التالية : -هشاشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي لمنطقة الرحامنة التي تطلبت وضع برنامج استعجالي للنهوض لتنمية المنطقة لاستدراك العجز التنموي. -ضرورة إيجاد صيغة مؤسساتية جديدة لتكريس مسار الجهوية تعمل ضمن مقاربة تشاركية مع الفاعلين على المستوى المحلي (الهيئات المنتخبة، المجتمع المدني) و القطاعين العام والخاص، لتعبئة الموارد و توحيد الجهود لبلورة مشاريع تنموية محلية لصالح المواطنين . وانطلاقا من هذه المعطيات فقد تم إحداث مؤسسة الرحامنة للتنمية المستدامة للمساهمة أولا و قبل كل شيء بهدف تنمية المنطقة. إلا أنه و لتعميم تجربة المؤسسة فقد نص قانونها الأساسي في الفصل الثاني أنه بإمكان إحداث فروع أو مؤسسات مستقلة عن مؤسسة الرحامنة في جميع أنحاء التراب الوطني. وبالتالي يبقى المجال مفتوحا بتعميم هده التجربة،و العمل ضمن هدا الإطار. كما أننا بصدد تهييء مشروع إحداث مؤسسة جهوية للتنمية المستدامة للعمل على مستوى جهة مراكش تانسيفت الحوز بإمكانها الاستجابة لتطلعات التنمية بالجهة . وأيا كان الإطار، فإننا بصدد التهييء لمخطط تنموي للمجال الترابي للجهة،و الذي سيمكننا من تحديد الأولويات التنموية على المستويين الاجتماعي و الاقتصادي و هيكلة المجال الحضري و القروي. هل تنوون جعل منطقة الرحامنة نموذجا لتنمية المناطق القروية؟ اعتقد أن التساؤل يتعلق بالمقاربة التي تنهجها مؤسسة الرحامنة للتنمية المستدامة نذكر بما يلي : أن منهجية العمل للمؤسسة اعتمدت في بلورة مشاريعها التنموية على مقاربة تمر عبر المراحل التالية : -مرحلة التشاور التي اعتمدت على مقاربات تصاعدية، تشاركية، حقوقية ومسؤولية. -مرحلة المبادرة التشاركية،والتي مكنت من تنظيم الفاعلين في ثلاث مجموعات عمل : الهيئات المنتخبة و المصالح اللامركزية و المجتمع المدني . - مرحلة اعتماد المشروع محليا و مركزيا حيث أعد ممثلو مجموعات العمل الثلاث مشروعا موحدا للتنمية الترابية، وتم تقديم خلاصته للمسؤولين المركزيين خلال يوم دراسي. -مرحلة وضع آليات التتبع و التعبئة لضمان استمرارية العمل التشاوري المشترك بإحداث مؤسسة الرحامنة للتنمية المستدامة. وقد تمخض عن هده المنهجية تشكيل مجموعة من الأقطاب لتدخل المؤسسة في إطار تشاركي مع مختلف الفاعلين في قطاع التنمية، و ذلك من خلال : - قطب المجتمع المدني ( الرحامنة الشمالية ، الوسطى و الجنوبية ). -قطب الهيئات منتخبة بمنطقة الرحامنة ( هيئة منتخبي الرحامنة الشمالية و الوسطى والجنوبية) - أقطاب البرمجة : قطب التجهيزات الأساسية . قطب الفلاحة .القطب الاجتماعي .قطب الاستثمار .قطب المشاريع الكبرى المهيكلة و أثمرت هده المنهجية مجموعة من المشاريع التنموية التي همت جميع المجالات : البنيات التحتية، التعليم، الصحة، الفلاحة، الثقافة، الخدمات الاجتماعية و مشاريع مدرة للدخل. لكن ألا ترون أن الرحامنة وغيرها من منطق الحوز والسراغنة تعاني حاليا من نضب حاد لفرشاتها المالية علما أنها غالبية سكانها لا يتقنون غير فلاحة وتربية المواشي؟ فعلا تعرف هذه المناطق نهب مهول للفرشة المائية يترتب عنه خصاص فظيع كل سنة يقدر ب41 مليون متر مكعب بفرشة البحيرة بمنطقة الرحامنة و ب 85 مليون متر مكعب بفرشة الحوز. ويأتي هذا التدهور البيئي نتيجة للاستغلال العشوائي لهذه الفرش في تحدي سافر للقوانين المعمول بها بما فيها قانون الماء95 -10. وأمام هذا الوضع الذي يهدد إمكانية أي تنمية مستدامة في المستقبل دخلت الجهة في شراكة مع الجهات الحكومية المعنية لتعميم نمودج السقي بالتنقيط علي كل أقاليم الجهة. وموازاة مع هذا الإجراء شرعنا مند السنة الماضية في انجاز شبكة من السدود التلية بمنطقة الرحامنة ننوي تعميمها علي أقاليم الجهة الأخرى لتقوية عرض الموارد المائية . بصفتكم مؤسسا وعضوا للمكتب الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة ومنسقا جهويا بمراكش،ألا ترون أن الحزب رغم حجمه ومكانة رجاله استقطب وجوها وأسماء محسوبة على تجارب حزبية قيل فيها ما قيل ومع ذلك تقدمت للانتخابات باسمكم وحصلت على مقاعد انتخابية؟ ألا ترون أنكم بذلك زكيتكم من يسميهم البعض بالكائنات الانتخابية؟ الفكرة الأساسية التي انطلق منها حزب الأصالة والمعاصرة تكمن في كون الانتماء الحزبي يخضع لمنطق الحرية، وأن الأحزاب السياسية إطارات مدنية تضم أعضاء يتقاسمون الإيمان بأفكار معينة، ويعملون على الترويج لها وإعمالها حين الوصول إلى المؤسسات، وبالتالي، فإن انفتاحنا على مكونات انتمت إلى تجارب حزبية أخرى قد خضع لذات المنطق، لا تنسوا أن ولادتنا كانت نتاج عملية إدماج أحزاب خمسة وفعاليات مدنية، ولم يكن هم الحزب هو تضخيم عدد مرشحيه أو عدد ناخبيه، لقد كان حزب الأصالة والمعاصرة قوة جدب للعديد من النخب بالنظر لجاذبية مشروعه وطريقة اشتغاله والأفق الذي يرسمه للعمل السياسي والتمثيلي لبلادنا، ولم نقدم للانتخابات ما أسميتموه "الكائنات الانتخابية" كقاعدة كما دأبت على دلك العديد من الأحزاب التي تنتقد الأعيان وفي ذات الآن لا تجد بديلا عنهم للتواجد في الساحة السياسية، عن المعطيات الرقمية نقول إننا الحزب المجدد على مستوى النخب الجماعية اليوم أكثر من 60 في المائة منهم لم يسبق لهم العمل السياسي أو الجماعي، قدمنا النساء خارج معطى اللائحة الإضافية، بل وقدمنا طاقات نسائية لرئاسة جماعات منتمية إلى المناطق القروية والمدن الكبرى وحتى بعض المدن التي ما زالت تهيمن عليها "الثقافة الذكورية"، وأستغرب لماذا لا تهتمون بهذا التجديد الذي حققه حزب الأصالة والمعاصرة وللمناسبة خاض أول انتخابات جماعية له. ألم يؤثر سقوط بلكوش وصلاح الوديع على مخططكم الانتخابي بالتالي غيرتم وجهته من الأطر والمناضلين إلى مروضي الانتخابات وصانعيها؟ نحن في الأصالة والمعاصرة نعتز بالنتائج التي حققها مرشحونا في الانتخابات الجزئية للانتخابات التشريعية في دوائر آسفي، مراكش، المحمدية وتزنيت، لا تنسى أنها نتائج بوأتنا مكانة القوة الأولى إذا أخذنا بعين الاعتبار عدد الأصوات المحصل عليها، بالرغم من أننا دخلنا الانتخابات أشهر قليلة بعد تأسيسنا، بدون إدارة انتخابية، وفي جو سياسي مكهرب وعدائي تجاهنا وبدون أي مبررات موضوعية، وواجهنا هجمة شرسة من العديد من المرشحين استعملت فيها مع كامل الأسف وسائل غير قانونية وغير مشروعة، عبرنا في بلاغ للمكتب الوطني في حينه عن موقفنا منها، وهذه النتائج لم تضعف عزمنا على التجديد وبمناسبة المسلسل الانتخابي الأخير أعدنا وبنفس الإصرار تقديم وجوه جديدة، تجدها اليوم باسم الأصالة والمعاصرة متواجدة في مجالس الجماعات المحلية وفي مجلس المستشارين. بعد طرد مجموعة من المستشارين والنواب والمنتخبين أعطيتم نموذجا للجرأة وقوة القرار لكن ألا تتخوفون من تزحزح موقعكم وفرار العديد من المنتسبين إليه؟. نحن في الأصالة والمعاصرة أتينا بمشروع سياسي واضح لعل أهم ملامحه هي رد الاعتبار للعمل السياسي النبيل واستعادة ثقة المواطنين في البناء المؤسساتي الوطني وفي العملية الانتخابية، كما أن علاقة الحزب (كتنظيم) مع المنتخبين ليس محصورة في إجراء منح التزكية ، بل هي مؤسسة على تعاقد واضح على أرضية "ميثاق الشرف"، وبالتالي، فإن إصدار الحزب لعدد من القرارات التأديبية في حق بعض المنتسبين إليه بناء على تقارير للجنة الأخلاقيات، هو رد فعل تنظيمي عادي تجاه الإخلال بمضمون التعاقدات التي أشرت إليها في السابق، ولعل درجة الاهتمام بهذا الموضوع من قبل الصحافة الوطنية وطغيانه كمادة خبرية على باقي أشغال الدورة الثانية لمجلسنا الوطني، تأتي أساسا من كون الأحزاب السياسية قد تخلت عن هذه الممارسات الضابطة للعمل السياسي السليم، أما في ما يخص موقعنا فهو يتأسس اليوم ليس على مقاربة عددية؛بل على مواقفنا السياسية الجريئة ومبادراتنا وطريقتنا في الاشتغال المبنية على القرب والإنصات وإشراك كل مكونات الحزب، ولقد كانت مناسبة التفكير الجماعي حول الجهوية مناسبة أخرى لتجسيد هده المقاربة. ماهو مخطط الحزب لمختلف المراحل المقبلة في انتظار الاستحقاقات المقبلة؟ إن أهم وجهة لاشتغالنا اليوم في حزب الأصالة والمعاصرة هي الوجهة التنظيمية، حيث انطلاق عملية الانخراط في بنيات الحزب، وإعادة هيكلة المجالس الجهوية والإقليمية والاستمرار في فتح مقرات الحزب بمختلف الجهات، استعدادا للمؤتمر الثاني للحزب الذي فوض برلمان الحزب للمكتب الوطني تحديد تاريخ له، إضافة إلى مواكبة عمل المنتخبين للتوفر على تجارب جماعية نموذجية، ودعم عمل البرلمانيين لإنجاح دورهم في المعارضة التي يمارسها فريقينا في البرلمان بمقومات المواطنة والمسؤولية والقوة الاقتراحية.