ثمن الحرية في بلادنا غرامة وحبس وقتل اختتم بالقاهرة مؤخرا مؤتمر اتحاد الصحفيين العرب الحادي عشر تحت شعار "الحرية للصحافة والحماية للصحفي" بمشاركة و فود من 14 دولة عربية بعد أن ناقش عددا من القضايا المهنية، التي تهم أوضاع الصحافة والصحفيين في العالم العربي، والأوضاع السياسية في المنطقة. ومن القضايا التي تمت مناقشتها دور الصحفيين العرب في دفع التطور الديمقراطي وحماية الحريات العامة، ومشاكل المرأة الصحفية، ومشاريع تدريب وتأهيل الصحفيين الشبان على تكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة. وقد خيّمت أجواء الحزن على الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بسبب غياب أمين عام اتحاد الصحفيين العرب الصحفي المصري صلاح الدين حافظ، الذي توفي قبل أيام من موعد انعقاد المؤتمر، وكان هذا الغياب هو محور كلمات الافتتاح حيث أجمع الحضور على الإشادة بصفاته وخصاله المهنية والإنسانية وبنضاله النقابي من أجل حرية الصحافة في العالم العربي، معتبرين غيابه خسارة فادحة للإتحاد ورسالته.
أزمة حرية الصحافة وقد تأثر المؤتمر بغياب رئيس الاتحاد إبراهيم نافع، وساد جدل بسبب الأنباء عن ترشيحه رئيسا للاتحاد، في ظل حالته الصحية المتردية، وسفره لفرنسا لإجراء جراحة، ولكن نقيب الصحفيين المصريين مكرم محمد أحمد أنهى الجدل عندما أعلن رغبة النقابة المصرية في ترشيح إبراهيم نافع رئيسا لاتحاد الصحفيين العرب لدورة قادمة على الرغم من غيابه. وقد وجّه رئيس اتحاد الصحفيين العرب إبراهيم نافع كلمة الافتتاح وألقاها نيابة عنه نائب الرئيس الدكتور صابر فلحوط، قال فيها إنه بالرغم من التردي في الحياة الداخلية في المجتمع العربي إزاء حرية الصحافة ومحاولات خنقها إلا أن الصحافة العربية رغم ذلك لم تفقد الأمل في نهاية النفق الذي تعيشه الصحافة في معظم الدول العربية. وأوضح نافع أن الاتحاد أسهم في تعزيز روح الصمود للأمة التي عانت خلال العقود السابقة من عمر الاتحاد من تصدعات متعددة، وظل الاتحاد متماسكا ونموذجا للتفاؤل ووحدة الرأي والرؤية والموقف. وعدد ملحم كرم نائب رئيس الاتحاد في كلمته خصال صلاح الدين حافظ مشيرا إلي انه كان فيه طهر ونقاء ولا يخاف في الحق لومة لائم وكان مهتما بالقضية الفلسطينية باعتبارها قضية شعب تم ظلمه واحتلال ارضه وتشريد أهله وقتل أبنائه علي يد الصهاينة الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة . وأشار إلي بعض الفقرات التي وردت بتقرير لجنة النشاط بالاتحاد والتي كانت آخر أنشطة الفقيد صلاح الدين حافظ والتي ورد بها ( انظروا ماذا جري لقد أوشكت ساعة رحيل بوش وعصابته وتركوا خلفهم حروبا ممتدة من أفغانستان شرقا إلي الصومال و دارفور غربا وبينهما اشتدت الحرب في العراق صخبا بفضل المقاومة الوطنية لكن تحولت الساحة العراقية إلي صراع مذهبي بسبب التدخل الأمريكي ). تراجع الإصلاح ويضيف صلاح حافظ في تقريره (إن تراجعات هذا المشهد السياسي البائس انقضت علي المشهد النقابي والمهني وانعكست كل سلبيات التخلف الديمقراطي والتراجع الإصلاحي علي أوضاع حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير بحكم الترابط بينهما). ويضيف (وانقضت حكوماتنا الرشيدة علي أوضاع الصحافة والصحفيين مضايقة ومحاكمة وحبسا وباستثناءات قليلة هنا وهناك فما من بلد عربي مر بدون محاكم تنصب ليجر اليها الصحافيون ويحكم عليهم بعقوبات سالبة للحرية وكان آخرهم اربع رؤساء تحرير من مصر ). ويواصل قائلا :أما الصحافة الفلسطينية في الأكثر معاناة حيث يقع الصحفيون الفلسطينيون العمل بين نارين، نار الاحتلال الصهيوني الذي لا يتورع عن قتلهم لمن وصول حقيقة جرائمه إلي الرأي العام وبين نار الشقاق الفلسطيني الداخلي وفي الحالين قدموا الكثير من التضحيات دفاعا عن حريتهم في نقل الحقائق رغم قصور الإمكانيات ومطاردات السلطات. وحول العراق يقول تقرير صلاح حافظ: إن قمة التدهور في أوضاع الصحافة العربية موجود في العراق وهو الوضع الأكثر دموية حيث الصحفيين مطاردين ومستهدفين من كل اتجاه من المحتل الأمريكي والمليشيات والجيش ويكفي أنه في الخمس سنوات السابقة وهي عمر الاحتلال تم قتل اكثر من مائتين وأربعين صحفي وإعلامي عراقي وأجنبي كان في طليعتهم نقيب الصحفيين العراقيين شهاب التميمي . ومن جانبه عبر رئيس الإتحاد الدولي للصحفيين جيم بوملحة، عن أسفه العميق لمقتل العديد من الصحفيين أثناء أداء عملهم في فلسطين والعراق وغيرهما، مؤكداً من جهة أخرى حرص منظمته على التعاون مع اتحاد الصحفيين العرب في إطار منظومة تكفل إعادة تنشيط حركة الصحفيين العالمية، وإقامة مشروعات مشتركة، وحوار جديد لتعزيز الوحدة بين الصحفيين في كل مكان. الديمقراطية شرط للحرية أما الحبيب الشابي عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين التونسيين المؤتمر فقد انتقد المؤتمر قائلا :إنه من المؤسف أن القضايا الجوهرية للصحفيين العرب قد تم تغييبها تماما، وانحسر النقاش في المؤتمر على الصراع على مناصب الاتحاد. ولفت إلى أن حرية الصحافة لا تتحقق الا في ظل تجربة تعددية ديمقراطية فيها درجة عالية من الحرية، وبغياب هذا الشرط لا يمكن الحديث عن حرية الاعلام. وقال رئيس اتحاد الصحفيين السوريين الياس مراد أن الاتحاد اتخذ قرارات تدين الاحتلال والتعسف الاسرائيلي والاحتلال الاميركي للعراق وما مورس بحق الصحفيين من عسف وظلم. ولفت إلي أن هذا المؤتمر عمل سياسي يعبر عن وجهة نظر اتحاد الصحفيين العرب باعتباره منظمة قومية ووطنية لدعم المواقف العربية في مواجهة الاحتلال. وفي الجلسة الختامية أوصي المؤتمر بضرورة اصدار قانون لحماية الصحفيين العراقيين،وحيا الصحفيون العرب شهداء الصحافة الذين اغتيلوا في العراق. وشدد على المساندة المطلقة لنضال الشعب الفلسطيني، واصفا الحصار الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ب"الجائر" وأنه يعد شكلا من اشكال القتل الجماعي اليومي. كما اعرب المؤتمرون عن الألم بسبب حالة الإنقسام الداخلي الفلسطيني، داعين جميع الفصائل الفلسطينية الى تغليب المصلحة الوطنية على جميع الاعتبارات الاخرى. كما أكد المؤتمر علي دعم لبنان في سعيه الى تحرير ما تبقى من اراضيه بكل الوسائل المتاحة والمشروعة واعتماد كل الطرق المؤدية الى تحقيق هذا الهدف، مطالبا "الاممالمتحدة بالزام اسرائيل تسليم خرائط الالغام التي يذهب ضحيتها عشرات المدنيين يوميا ووقف انتهاكاتها الجوية والبحرية واستفزازاتها على طول الحدود". ودعا المجتمع الدولي للضغط على اسرائيل للانصياع الى قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرارين 242 و 338 ومطالبتها بالانسحاب الفوري من الجولان.