الملك يأذن بدورة المجلس العلمي الأعلى    الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    "الجنائية الدولية" تطلب اعتقال نتنياهو    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    المغرب يستضيف أول خلوة لمجلس حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية        عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بدابة من غد الجمعة بعد توقف دام لأكثر من 10 أيام    دراسة: تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    جمعويون يصدرون تقريرا بأرقام ومعطيات مقلقة عن سوق الأدوية    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوش يعرب عن أسفه من المعلومات الإستخباراتية الكاذبة حول أسلحة الدمار الشامل في العراق!
نشر في الوجدية يوم 03 - 12 - 2008

قام الصحفي الأمريكي المعروف، دان راثر، بالإدعاء على شبكة" سي.بي.أس" التلفزيونية التي كان يعمل لديها، مطالباً إياها بدفع 70 مليون دولار له على سبيل التعويض
بعدما اتهمها بفصله من وظيفته دون حق مشروع، وتقديمه "ككبش فداء" إثر فضحه سجل خدمة الرئيس الأمريكي جورج بوش العسكرية
وادعى راثر أن ممارسات الشبكة "أضرت بسمعته وتسببت له بخسائر مالية ضخمة،" متهماً السلطات الأمريكية والشركات الكبرى بممارسة ضغوط على سياسات تحرير الأخبار في البلاد وقال إن "سي.بي.أس" قامت عن عمد بتهميش حصيلة تحقيقاته حول خدمة بوش العسكرية في قاعدة تكساس الجوية "لتهدئة" خواطر البيت الأبيض
وكان الصحفي الأمريكي قد قدم تقريراً مثيراً عام 2004 قال فيه إن بوش قام بعصيان الأوامر العسكرية أثناء خدمته في القاعدة الجوية التابعة للحرس الوطني، كما تخلف عن أداء واجباته، وأن قائد القاعدة تعرض للضغط من أجل تبييض سجل الرئيس الحالي العسكري
وقم تم بث التقرير على أربع حلقات، قيل آنذاك أن كاتبها هو المقدم المتقاعد جيري كيليان، القائد السابق لبوش خلال خدمته العسكرية، وقد أثارت الحلقات الكثير من التساؤلات وشكك البعض بصحتها. وقد دفع ذلك "سي.بي.أس" إلى فصل مخرج الوثائقي وطلب استقالة ثلاثة من مدرائها، بعدما عجز معدو البرنامج عن إشهار الوثائق اللازمة، كما خسر راثر مقعده الصحفي الذي احتله طوال 24 عاماً ودفع إلى تقديم اعتذاره
غير أن الدعوى التي قدمها راثر تؤكد على صحة الاستنتاجات التي خرج بها التقرير، وتلفت في الوقت عينه إلى أن الصحفي غير مسؤول عن الأمور التي قد طرأت خلال البث، وفقاً لأسوشيتد برس. وقد ظهر راثر الخميس عبر البرنامج الحواري الشهير الذي يقدمه لاري كينغ على شبكة " سي.أن.أن" متهماً السلطات الأمريكية والشركات الكبرى بممارسة نفوذها وضغوطاتها على مكاتب تحرير الأخبار في البلاد
وقال راثر: "على أحدنا في وقت ما أن يقف ويقول لا يمكن للديمقراطية للنمو وسط ازدياد نفوذ الشركات الكبرى والدولة في إعداد الأخبار.. إنهم يضحون بدعم الصحافة المستقلة من أجل الربح المادي وعبر هذه الممارسات فقد قوضوا الكثير من أساسات أخبار "سي.بي.أس". وادعى راثر أن ما توصلت إليه الشبكة التلفزيونية لناحية مصداقية تقريره كان "مدبراً" رافضاً التشكيك بصحة الوثائقي الذي قدمه. يذكر أن الأجر السنوي الذي كان يتقاضاه راثر قبل تركه المحطة بلغ قرابة ستة ملايين دولار سنوياً.
من جهة أخرى،أدلى الرئيس الأمريكي جورج بوش بحوار لشبكة ABC, قال فيه أن أكثر ما يندم عليه خلال ثمانية أعوام قضاها في البيت الأبيض، هو الفشل الإستخباراتي في العراق، وأنه حين تولى منصبه، لم يكن مستعدا لخوض أي حرب، ولكنه في النهاية سيغادر البيت الأبيض رافعا رأسه.
الحوار كان لصالح برنامج وورلد نيوز world news على شبكة ABC الأمريكية الإخبارية بالأمس، حيث تم سؤاله عن أكثر ما قد يشعره بالندم طيلة فترة رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية، فكان رده (أكثر الأمور التي قد تشعرني بالآسف، هي المعلومات الإستخباراتية الكاذبة، التي قالت لنا أن صدام حسين لديه أسلحة دمار شامل).
من جانب آخر، يترك جورج بوش منصبه، بعد ثمانية أعوام من الحكم في 20 يناير 2009، من خلال حفل ضخم يشمل مراسم الإدلاء بالقسم للرئيس الجديد، فهو في النهاية حفل للرئيس باراك أوباما، وليس ل"جورج بوش"، ولكن لن يكون خروج جورج بوش هو الفصل الأخير من فصول الإنتقادات والفضائح التي لحقت به، حيث سيظل إسمه مرتبطا بالكثير من الكوارث التي تسبب بها سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، خاصة ان الحرب التي أشعلها في العراق خلفت 4200 قتيلا بين صفوف الجيش الأمريكي، هذا بخلاف المئات ممن خدموا في الجيش الأمريكي من غير حاملي الجنسية الأمريكية، أما الدمار الذي لحق بالعراق، فهو فوق كل وصف، وسيظل مرادفا لإسم جورج بوش سواء كان في منصبه، أو بعد خروجه، وسيكون من الغريب ألا يتم ملاحقته قضائيا امام المحاكم الدولية.
بوش ظهر في الحوار الذي أجراه معه تشارلي جيبسون Charlie Gibson، برفقة زوجته لورا التي إنضمت لهما بعد بدء الحوار بفترة، في منتجع كامب ديفيد، وأذيع بالأمس، مؤكدا أن الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه الإدارة الأمريكية هو الفشل الإستخباراتي في العراق، فالكثير من الأشخاص هددوا سمعتهم من خلال الزعم بأن أسلحة الدمار الشامل سبب كاف لإسقاط نظام صدام حسين، ولكنه مع ذلك لم يفصح إذا ما كان سيشن حربا على العراق، في حال كانت المعلومات الإستخباراتية تشير إلى عدم إمتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، حيث رد على سؤال بهذا الشأن قائلا (هذا سؤال هام، ولكنني لست مستعدا للإجابة عليه مجددا)، وهو سؤال على قدر كبير من الذكاء من قبل المحاور تشارلي، لانه يعرف أن بوش يكذب، وأنه يريد أن يظهر وكأنه ضحية للإستخبارات.
كما قال بوش لمحاوره المخضرم تشارلي في رد على سؤال "أي الأمور لم تكن تتوقعها؟"، فقال بوش (حين دخلت إلى منصبي لم أكن مستعدا لخوض حرب، فلم أخبر الناخبين مثلا في حملتي الإنتخابية أنني قادر على التعامل مع تهديدات إرهابية، إنني لم أتوقع إطلاقا ان أخوض حروب).
كما اضاف جورج بوش أن سحب القوات الأمريكية من العراق في وقت غير مناسب أمر يحتاج إلى دراسة عميقة، فهناك أشخاص كثيرون نصحوا بعدم الخروج من العراق، وحاليا يوجد هناك 146 ألف جندي أمريكي، و32 ألف في أفغانستان.
يذكر ان قضية أسلحة الدمار الشامل كانت على رأس الذرائع التي قدمتها الإدارة الأمريكية للعالم للقيام بغزو العراق، على أساس انها تشكل خطرا على الأمن القومي الأمريكي، وأنها قد تذهب إلى إرهابيين يستخدمونها في تنفيذ إعتدءات على الولايات المتحدة الأمريكية.
ففي ديسمبر 2002، كانت الخطة الأمريكية قد إكتملت، فخرج المتحدث باسم البيت الابيض آري فلايشر زاعما ان الرئيس جورج بوش لديه أساسا قويا للقول بان العراق يمتلك اسلحة دمار شامل على الرغم من أن مفتشي الأمم المتحدة لم يعثروا على أي منها حتى الان، وقال أن العراق كذب من قبل وهو يكذب الان بشأن أنه كان يمتلك أسلحة للدمار الشامل، وأن هناك معلومات إسستخباراتية تثبت وجود برامج نووية وكيماوية وبيولوجية عراقية سرية.
كما زعم أن الرئيس الأمريكي ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد لم يكونا ليقولا أن لدى العراق أسلحة دمار شامل، من دون أن يكون لديهما معلومات إستخباراتية مؤكدة.
وتحدث رامسفيلد بعدها عن خيارات أمام صدام حسين:
- إما التعاون مع الإدارة الأمريكية
- تنحي صدام ومغادرته العراق هو وأسرته
- البقاء في السلطة والكشف عن كل ما لديه من أسلحة دمار شامل
وبعدها أيضا تم سؤال جورج بوش في مؤتمر صحفي (هل ستخوض الحرب ضد العراق؟) فرد بوش قائلا (من الممكن أن يجيب صدام حسين على هذا السؤال).
من ناحية أخرى كان نظام الرئيس الراحل صدام حسين قد أجاب بالفعل، مؤكدا انه لا يملك أسلحة دمار شامل، وكانت تقارير لجنة التفتيش الدولية تصب في هذا الإتجاه، ومع ذلك تم غزو العراق وتم إسقاط نظام الرئيس صدام حسين.
اما الحوار الذي أدلى به بوش بالأمس، معترفا فيه أن المعلومات الإستخباراتية التي إعتمد عليها في القيام بغزو العراق كانت كاذبة وأنه نادم على ذلك، فهو أمر مدعاة للسخرية، لأن الإدارة الأمريكية هي من إفتعلت تلك المعلومات وصنعتها صناعة لم تكن حتى بحاجة إلى حبكتها، لأنها تعرف انه لا يوجد اطراف أخرى في المنطقة من الممكن أن توقف مخططها أو تناقشها فيها.
وقد يتذكر البعض تلك الصور التوضيحية الملفقة التي كانت تنشر في الصحف الأمريكية قبيل الغزو والتي توضح شاحنات كبيرة في العراق، ويقال أن صور مشابهه تم إلتقاطها بالأقمار الصناعية، وأن هذه الشاحنات معامل متنقله لإنتاج القنابل القذرة، والسلاح البيولوجي.
وكانت التحليلات الأمريكية تخرج كل فترة عن سهولة تصنيع هذه الأسلحة في معامل صغيرة، وأن الشكوك تؤكد ان تلك الشحانات هي معامل متنقله، وقد كان للمزاعم صداها في الإعلام العربي أيضا.
أما الزعم بأن المعلومات الإستخباراتية كانت خاطئة، وأن الرئيس الأمريكي نادم على إعتماده عليها، فهو امر يضاف أيضا إلى سجل إستخفاف بوش بالرأي العام الأمريكي والعربي أيضا، فالكثير من الكتب التي صدرت في الولايات المتحدة الأمريكية والمعلومات الوفيرة في هذا الشأن، تدل على أن بوش وإدارته لم يكونوا في حاجة إلى معلومات إستخباراتية لدراسة إمكانية غزو العراق أم لا في حال كانت هناك أسلحة دمار شامل.
الإدارة الأمريكية كانت تريد غزو العراق بأي شكل، وكانت في حاجة إلى ما تقدمه للرأي العام، إذن فالمعلومات التي يتحدث عنها بوش، لم تكن كاذبة فقط، ولكنها كانت معلومات مختلقة، تمت بمعرفة الإدارة الأمريكية، وبالتعاون مع الإستخبارات التي تعرف ان العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل، كي لا يحدث تناقض بين تصريحات الرئيس وبين تقارير الإستخبارات.
ودليل آخر على الترتيب بين الإدارة الأمريكية والإستخبارات، هو ما تم بشأن التقرير الذي صدر بحق إيران قبل نهاية العام الماضي، حيث صدر تقرير National Intelligence Estimates "تقديرات الإستخبارات القومية" NIE، قال أن طهران توقفت عن تخصيب اليورانيوم منذ 2003، الامر الذي أدهش البعض، ولكن الحقيقة هي أن الإدارة الأمريكية كانت تريد (حياكة) تقرير بهذا الشكل، ليتماشى مع سياستها، وهو ما حدث مع العراق ولكن بشكل عكسي.
وليس هذا فقط، فقد انفقت ملايين الدولارات على تسويق تلك المعلومات للرأي العام في العالم، بدليل أنه تم إيفاد عدد من المبعوثين إلى النيجر من بينهم السفير الأمريكي "جوزيف ويلسون"، وحين عاد قدم تقريرا يؤكد أن العراق لم يبرم أي صفقة مع حكومة النيجر أو مع تجار السلاح هناك حول شراء يورانيوم، وقد كان تصريحه العلني بمثابة نهايته.
فنتيجة لتسريبه هذه المعلومات، قامت الصحف الامريكية بعملية تشويه متعمدة ومدفوعة الاجر، من قبل جهات أمريكية رسمية بتحريض الإدارة الامريكية، وقامت بتسريب إسم زوجته "فاليري بيلم" وفضائحها حين كانت تعمل بالتجسس لصالح الإستخبارات الامريكية، رغم أن عملها بالنسبة للأمريكيين في جهاز إستخباراتي لا يعتبر فضيحة، ولكن الإعلام الأمريكي صنع منه فضيحه لصالح الإدارة الأمريكية، لأن الإدارة الأمريكية أردات تشويه سمعة السفير جوزيف ويلسون، وبعدها سيكون من السهل التشكيك في تقريره الذي يبرأ ساحة العراق.
كانت الظروف بعدها ملائمة لإلقاء خطاب بوش بتاريخ 28/1/2003، الذي نقل فيه مالديه من معلومات إستخباراتية (كاذبة بإعترافه أمس)، قال فيها أن المعلومات الإستخباراتية تؤكد أن صدام حسين سعى إلى الحصول على يورانيوم من النيجر، لتبدأ بعد شهرين تقريبا من الخطاب عمليات غزو العراق، التي دمرت واحدة من اقوى الدول العربية في الماضي، وأخلت بالتوزان العسكري بالمنطقة لصالح إسرائيل، وتركت المجال لقوى أخرى تنمو وينمو طموحها بعد شطب معادلة العراق من معادلة التوزان العسكري في المنطقة.
هذا وكشف تقرير للامم المتحدة نشر الثلاثاء ان انتهاكات "خطيرة" لحقوق الانسان سجلت في العراق من دون ان تثير قلق السلطات مشيرا خصوصا الى حالات تعذيب سجناء.
وجاء في تقرير بعثة مساعدة الامم المتحدة للعراق والذي شمل النصف الاول من السنة، انه وعلى الرغم من تحسن الوضع الامني عموما على الارض الان "ان انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان تبقى (...) دون عقاب".
واضافت البعثة التي تمكنت من زيارة سجون عدة في البلاد، ان "وضع السجناء في كل انحاء البلاد بما فيها كردستان (شمال) مقلق".
وسجلت البعثة حالات عديدة من "سوء المعاملة وتعذيب معتقلين من قبل قوات الامن العراقية".
واضاف التقرير ان هذه الحالات تزداد خصوصا وان المسؤولين عن هذه الانتهاكات "يفلتون من العقاب بخصوص انتهاكات حالية وسابقة لحقوق الانسان".
وبحسب البعثة، فقد اعتقل عدد من السجناء لاشهر من دون تعيين محام للدفاع عنهم حتى انه لم توجه اي تهمة الى البعض.
وتعرب بعثة الامم المتحدة عن قلقها لمصير الاقليات التي تستهدفهم الميليشيات المسلحة.
وقال التقرير ان الاقليات "ضحايا اعمال العنف والتهديد والاغتيال ويتعرض تراثهم الثقافي للتدمير".
وأفاد التقرير بأن كثيرا من المعتقلين في السجون العراقية محتجزون منذ شهور أو سنوات دون أن يوجه إليهم اتهام أو يسمح لهم بالاتصال بمحامين أو حتى قاض.
واضاف أن المزاعم بشأن تفشي التعذيب وسوء المعاملة مبعث قلق خاص.
وقال ستافان دي ميستورا رئيس البعثة في مؤتمر صحفي "ينبغي توجيه الاتهام إليهم والسماح لهم بالاتصال بمستشار قانوني.. وينبغي التحقيق في القضايا."
وبموجب اتفاقية امنية بين الولايات المتحدة والعراق تسري بدءا من العام القادم ستسلم القوات الأميركية إلى السلطات العراقية أكثر من 16 ألف معتقل تحتجزهم حاليا في معسكرات أميركية.
ومن المرجح أن يودع من صدرت بحقهم مذكرات اعتقال عراقية في سجون العراق بينما سيتعين الافراج عن الباقين. واحتجز كثير من هؤلاء في ذروة عمليات عسكرية للمسلحين العرب السنة والعنف الطائفي بين العرب السنة والشيعة.
وقالت الأمم المتحدة إن السجون العراقية مزدحمة بالفعل وفي وضع محفوف بالمخاطر.
وقال دي ميستورا "سيمثل الافراج (عن هؤلاء المعتقلين) تحديا كبيرا بشكل واضح للسلطات العراقية.. لكن السلطات العراقية لديها النية وعليها واجب (لتهيئة) أفضل الظروف المحتملة لهؤلاء المعتقلين".
وأشار تقرير الأمم المتحدة إلى الشهور الستة الأولى فقط من عام 2008 لأن كاتبه اضطر لأسباب شخصية للتوقف منذ منتصف العام وحتى آخره.
وقالت الأمم المتحدة إن أوضاع النظام القضائي في اقليم كردستان بشمال العراق ليست في حال أفضل بكثير.
وأضافت أنه كانت هناك حالات احتجاز لفترات طويلة بناء على اتهامات غامضة وتأخيرات لفترات تصل إلى أربع سنوات في تقديم أشخاص للمحاكمة.
وتابعت أنه بصفة إجمالية كان هناك 50595 معتقلا في السجون العراقية حتى يونيو.
وقال دي ميستورا "في أحد السجون .. وجد 123 سجينا في زنزانة مساحتها 50 مترا مربعا".
وسلط تقرير الأمم المتحدة أيضا على استهداف الصحفيين والمعلمين والأطباء والقضاة ومسؤولي الحكومة والأقليات مثل المسيحيين والتركمان بالقتل بوصفها أسبابا تدعو للقلق.
وعلاوة على ذلك قال التقرير إن النساء يواجهن صعوبات في أنحاء البلاد إذ تحاول جماعات محافظة تقييد حرياتهن. وأضاف أن حقوق المرأة مهددة أيضا في كردستان حيث قتلت 50 امرأة واصيبت 150 بحروق في الشهور الستة الأولى من العام الحالي نتيجة لما يسمى "جرائم الشرف".
بينما تواجه الولايات المتحدة تفاقماً مطَّرداً في الاضطرابات النفسية وحالات الانتحار بين جنودها العائدين من العراق منذ احتلاله عام 2001م.
ودفعت الأوضاع النفسية الكارثية للجنود العائدين من الحرب على العراق الإدارة الأميركية إلى البحث عن مخرج للتخفيف من معاناتهم النفسية في الميدان فوراً قبل استفحالها.
وتعالج عيادات مخصصة للإجهاد الجنود الأميركيين المصابين بصدمات ناجمة عن المعارك في العراق أو نتيجة الطلاق ومشاكل اجتماعية أخرى.
وهناك أربع عيادات في العراق يعمل فيها أطباء نفسانيون وأخصائيون في علم النفس الى جانب مرشدين اجتماعيين وممرضين ويمكن البقاء فيها ساعات او اياماً لمجرد تبادل الحديث أو المعالجة او للاستراحة فقط.
وتقع عيادة بغداد في معسكر ليبرتي أكبر القواعد العسكرية في العالم حيث يتمركز ما لا يقل عن خمسين ألف جندي قرب المطار.
ويقول الميجور كيفن غورملي ان "ثقافة التباهي بالرجولة موجودة بالتاكيد لدينا خصوصاً واننا نريد الظهور أقوياء ليس بإمكان أحد تحطيمنا. لكنني أؤكد تراجع الاحكام المسبقة تجاه من يأتون إلينا طالبين العون".
وتشير الدراسات التي يقوم بها الجيش أو جهات أخرى مستقلة إلى اصابة العديد من الجنود الذين خدموا سابقاً في العراق وافغانستان بشرخ نفسي.
وتوضح دراسة أعدتها مؤسسة "راند كوربوريشن" ان ما لا يقل عن 300 ألف جندي أميركي من اصل مليون و600 ألف يعانون من اضطرابات نفسية منذ العام 2001.
ووفقاً للبنتاغون، اقدم 21 جندياً من سلاح البر على الانتحار في العراق و39 بعد عودتهم، وذلك منذ مطلع العام الحالي حتى نهاية غشت.
ويضيف غورملي ان هيئة الاركان اكتشفت انه كلما تم اخذ هذ المشاكل في الاعتبار في وقت مبكر عبر معالجتها ميدانياً، كانت نسبة التحسن في العلاج أفضل.
ولدى وصول الجنود إلى "عيادة الاجهاد الناجم عن المعارك"، يتم استقبالهم من جانب طبيب نفساني يقوم بتشخيص العلة لوصف العلاج المناسب كما ينصح إما بتكرار الزيارة بشكل منتظم او الإقامة في المكان.
من جهته، يقول اللفتنانت ادموند كلارك احد الاطباء النفسانيين "تحدث أمور مجنونة في الحرب، وليس من السهل تحمل كل ذلك. لذا، يأتي الإجهاد كرد فعل طبيعي والخوف أمر عادي".
ويضيف ان "دورنا يكمن في مساعدتهم على التصرف بشكل طبيعي تجاه أحداث تؤدي الى إصابتهم باجهاد".
ويتركز العلاج طوال النهار على المحاور التالية:القدرة على التصدي وادارة الغضب، وكيف يمكن تحديد الأهداف، وكيفية ادارة علاقة ما والاسترخاء والنوم السليم.
ويستطيع الجنود قضاء يوم كامل اذا كانوا مقيمين في القاعدة ذاتها.
أما إذا كانوا متمركزين في مناطق بعيدة، فبامكانهم النوم في العيادة التي تضم 48 سريراً.
واذا كان الضباط يعرفون مسبقاً بوجود الجنود وضرورة ان ينالوا موافقتهم، فان السرية المطلقة تكون مضمونة لهؤلاء.
وبإمكان الضباط ان ينصحوا الجنود بالقيام بزيارة الى العيادة لكنهم لا يستطيعون فرض ذلك.
ويؤكد غورملي ان استشارة الاطباء النفسانيين لم تعد سبباً لإلحاق الضرر بسمعة الجنود او الوقوف عائقا امام ترقيتهم بعد ان تم اعتبارها كذلك لفترة طويلة، مشيراً الى ان القيادة العليا تضاعف المبادرات في هذا الصدد.
وفي مواجهة هذه المشكلة، بدا المختصون في الطب النفساني تفقد الوحدات العسكرية بدلاً من انتظار الجنود ليأتوا إليهم.
ويتابع "نستطع حمل حقائبنا والانضمام إليهم اينما كانوا، بات حضورنا بينهم امراً اعتيادياً كما أن العلاقات تصبح اكثر سهولة".
ويوضح غورملي ان "افضل وسيلة علاج متبعة هي اعتبار المريض صديقاً او رفيقاً تعرفه لكي تستطيع ان ترى في رمقة نظر واحدة ان هناك خللاً ما، فالتحدث مع افراد دوريته يكون كافياً لخفض مستوى الاجهاد في بعض الأحيان".
وعلى احد جدران العيادة، تم تعليق اعلان يقول "لا تترك أبدا زميلاً يقاتل وحده، اصغِ إليه، فليست كل الجروح مرئية. يجب منع الانتحار، من مسؤولياتك جلب المساعدة لرفيقك".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.