كان غياب ياسين، عن بعض اللقاءات التي تنظمها الجماعة، قد أثار جدلا واسعا داخل صفوف الجماعة والمتتبعين لها، وطرح الكثير من التساؤلات حول مسألة الخلافة ودور المرشد عبد السلام ياسين البالغ من العمر 82 عاما فيها، في الفترة الراهنة من حياته، خصوصا مع توالي الأخبار عن تدهور صحته، فيما أشارت نادية ياسين ابنة المرشد، في حوار تلفزيوني مع قناة «فرنسية» إلى أن أمر «الخلافة قد حسم». قال فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان المحظورة: «إن ما تداولته وسائل الإعلام حول الجدل القائم بخصوص الأسماء المرشحة لخلافة عبد السلام ياسين (82 عاما) المرشد الحالي للجماعة يدخل في إطار التشويش على الجماعة وعلاقتها بالرأي العام». وأوضح أرسلان ، أن ما ذكر عن اجتماع سري لأعضاء مجلس الإرشاد عقد في موسم الحج الماضي، وحسم فيه اسم من سيخلف ياسين، «لا أساس له من الصحة بتاتا، وأن ما يقال حول الاجتماع كلام غير معقول، كوننا لم نتوجه هذا العام إلى الحج أو العمرة»، وزاد قائلا: «إن الإخوة في الجماعة يعرفون بعضهم بعضا، وهناك تنسيق مكثف بينهم على جميع المستويات، إذ لا يمكن للمنتسبين وأعضاء الجماعة أن يخرجوا عن إطارها التنظيمي، وعن قانونها الداخلي المهيكل»، وأشار إلى أن «من تحدث عن اجتماعات سرية وما شابه ذلك، تدخل توقعاته في إطار التشويش على الجماعة تجاه علاقتها بالرأي العام». وأكد أرسلان وهو أحد الأسماء البارزة المتداولة لخلافة ياسين، إلى جانب محمد عبادي عضو مجلس الإرشاد، وعبد الواحد متوكل، رئيس الدائرة السياسية للجماعة، «أن الجماعة تتبع القوانين الداخلية المسيرة لهياكلها، ومسألة الخلافة مسندة إلى القانون الداخلي للجماعة»، وقال: «إن موضوع الخلافة غير متداول بتاتا داخل صفوف الجماعة، ولا يشكل محور نقاش أو جدال بين أعضاء الجماعة»، مؤكدا «أن عبد السلام ياسين بصفته مرشدا روحيا وعاما للجماعة ما زال يقوم بواجبه تجاه الجماعة درءا لأي تأويلات». من جهته، قال محمد ظريف، الباحث المغربي المختص في شؤون الحركات الإسلامية: «إن السؤال المطروح بخصوص من سيخلف مرشد جماعة العدل والإحسان، مرتبط أساسا بعنصرين مؤثرين هامين، يتعلق العنصر الأول بتقدم الأستاذ عبد السلام ياسين في السن، فيما يشير العنصر الثاني إلى وضعه الصحي، إذ إنه وفي كثير من اللحظات كان وضعه الصحي يسوء ويتدهور، وسبق أن خضع لجملة من الفحوصات والعلاجات»، وبين ظريف «أن تفاعل هاذين العنصرين المتعلقين بالسن والوضع الصحي، هو ما دفع الملاحظين والمتتبعين وبعض الأعضاء إلى جعل سؤال الخلافة مطروحا بشكل قوي على جدول أعمال قيادة الجماعة من جهة، وعلى جدول أعمال المتتبعين والملاحظين من جهة أخرى». وأوضح ظريف ل«الشرق الأوسط»، أن السؤال الذي ظل دائما يطرح نفسه هو من سيخلف عبد السلام ياسين، قائلا: «في البداية كان هناك من يقول إنه توجد وصية للمرشد سيعين من خلالها من سيخلفه، وبالتالي فالأمر محسوم ولن تتنافس عليه قيادات الجماعة، حتى تطورت بعد ذلك المسألة وتوالت المراحل، ليصبح الحديث عن تعيين المرشد العام من بين أعضاء مجلس الإرشاد، تبعا لما تمليه الآليات والأدبيات النظرية التي ضمها (المنهاج)، الذي تتبعه الجماعة في تسيير هياكلها وتضعه منظما لصفوفها وتنظيماتها»، الأمر الذي «سيجعل دائرة التنافس على قيادة الجماعة ضيقة، ومنحصرة في أعضاء مجلس الإرشاد فقط، على اعتبار أن العضوية في المجلس غير قارة، وما زالت تتوسع في كل مرة حيث يتم إضافة عنصر أو عنصرين إلى مجلس الإرشاد، وبالتالي فعملية الاختيار ليست بالعملية السهلة كما ينظر إليها». وحول إمكانية حدوث انشقاق أو صراع داخل صفوف الجماعة، قال محمد ظريف: «إن المسألة لا يمكن استبعادها»، مضيفا أنه «لا يمكن لنا حاليا أن نتحدث عن صراع خفي»، على اعتبار أن ما يروج وما هو متداول يدخل في إطار التسريبات من داخل الجماعة، ومبني على بعض اجتهادات المتتبعين والملاحظين، بشكل يدفعنا إلى عدم التعامل مع هذه المعطيات كمعطى أساسي في وجود صراع بين القيادات أو الأعضاء»، مؤكدا «أن منطق التوافقات بين أعضاء مجلس الإرشاد على الخصوص، هو ما سيحسم الأمر، خصوصا في ظل ما تعرفه الجماعة من لعب بعض الأسماء البارزة لأدوار أساسية، لها ارتباط قوي بالمرشد العام مباشرة وبتكليف من عبد السلام ياسين في أغلب الأحيان للقيام بمهام أساسية»، معتبرا «أن الشخص الأكثر حظا في زعامة الجماعة، والذي يعتبر بمثابة نائب المرشد، ولو أن هذه الصفة غير موجودة، هو محمد عبادي أو ما يسمى في القاموس الإعلامي الرجل الثاني للجماعة، وقائدها في المنطقة الشرقية». ويعتقد ظريف «أن منطق التوافقات بين قيادات الجماعة سيكون حاضرا ومؤسسا هاما لمرحلة ما بعد ياسين، بالإضافة إلى عنصر مهم يتمثل في الأشخاص المقربين من المرشد الحالي الذي تصدر عنه إشارات مدعمة أحيانا لهذا وأحيانا أخرى لذاك». وكان غياب ياسين، عن بعض اللقاءات التي تنظمها الجماعة، قد أثار جدلا واسعا داخل صفوف الجماعة والمتتبعين لها، وطرح الكثير من التساؤلات حول مسألة الخلافة ودور المرشد عبد السلام ياسين البالغ من العمر 82 عاما فيها، في الفترة الراهنة من حياته، خصوصا مع توالي الأخبار عن تدهور صحته، فيما أشارت نادية ياسين ابنة المرشد، في حوار تلفزيوني مع قناة «فرنسية» إلى أن أمر «الخلافة قد حسم».