من المعلوم ان الخنازير البرية المتواجدة وبكثرة بغابات وأحراش وبساتين مقاطعة مدا غ وضواحيها...جاء بها المخزن من أماكن بعيدة.. لأغراض معلومة.. ومقاصد محدودة.. قد تندرج في إطار عولمة كل المظاهر. جاء بها من الجبال أو من جهات أخرى.. وكانت في بداية عهدها بالمنطقة مستوحشة ومستنفرة باستمرار.. تخاف من كل شيء يتحرك أمامها..إنسانا كان أم حيوانا.. متعففة في أكلها..أي كانت لا تأكل إلا ما تعودت على أكله في موطنها الذي جاءت منه، أو بمعنى آخر، كانت تقتني ما تأكله بكل دقة.. وكانت لا تقترب ابد ا من معظم الثمار.. ولم تكن تشكل أي خطر على منتجات الفلاحين.. باستثناء الدوس عليها في طريقها..كانت رائحتها المكروهة بمثابة إنذار مبكر يشتمها الفلاح من مسافات بعيدة.. فيحتاط منها ومن خطرها مسبقا.. أما اليوم فان الخنازير استأنست بالإنسان وتكيفت مع الطبيعة..وأضحت روائحها معتادة ، لان روثها وغبارها يتطاير من كل الجهات...وقليلا ما تخلو مساحة من الأرض من روائحها وتعفناتها المتناثرة هنا وهناك..ومن جثثها وهي حية أو ميتة.. وفقدت رائحتها خاصيتها المذكورة ( الإنذار ) وأصبحت لها مناطق محررة تجوب فيها كما تشاء ليلا ونهارا..نذكر بعضا منها في ما يلي.. المناطق المحررة نهارا: 1)ضيعة أولاد السي البشير بالقرب من مدا غ شرقا.. بها حوالي 50 خنزيرا.(تحيط بها مصاريف المياه ). 2) ضيعة بلحاج بالقرب من مدا غ شمالا بها أكثر من 60 خنزيرا.( تعبرها مصاريف المياه) 3) غابات أولاد السي البشير وغابات التعا ونيات بها مئات الخنازير..مساحتها أكثر من ألفي هكار. المناطق المحررة ليلا : 1) شبكة مصاريف المياه المحيطة بمداغ ولعتا منة بها أعداد لا تحصى لأنها لا تراها العين ،وهي أي المصاريف كثيفة الأشواك ومهملة وبها مغارات ..لذلك توفر الحماية الكافية للخنازير وفيها تحمي صغارها وبها تتوالد بكل أمان.. وحتى أن المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي تخلى عن أعماله التي كان يقوم بها في تنظيف هذه المصاريف مابين فترة وأخرى قد تفوق الخمس سنوات أو أكثر.. أما في هذه السنين فقد أهملها تماما ولفترة طويلة.. ربما رحمة بالخنازير... وهذا الإهمال سيلحق بالسكان افدح الخسائر- عاجلا أم آجلا - مع أي مطر غزير. كما سأوضح في مقالة قادمة. 2) مركز الاستثمار الفلاحي رقم :101 به 15 خنزيرا تسيطر على المركز ليلا وتمنع الحركة به على السكان وحتى على الحارس الليلي. بل وتجوب أزقة مداغ المركز لتقتا ت من حاويات القمامة ليلا، نيابة عن القطط والكلاب الضالة. 3) كل الطرق الترابية بين ضيعات أراضي الجموع ( أكثر من 200 ضيعة) بداية من مداغ المركز غربا إلى العتامنة شرقا. هذا ما يشكل خطرا على امن وصحة وسلامة السكان ليلا ونهارا..إلا أنهم يخشون من تقديم شكايات ضد الخنازير المحمية من طرف المخزن... ويخافون من أي اعتداء عليها .. لأنها إذا جرحت أصبحت شرسة تداهم كل من صادفته في طريقها.. ومحاربتها ممنوعة ، وقتلها خطر وعليه الغرامة.. وغالبا ما يخضع المكان الذي تتواجد فيه ميتة أو جريحة للمساءلة من طرف حراس المياه والغابات..ومعهم الحق ..لأنها تجلب السياح وتزين لهم"الطرح" والمسعى والمنظر.. وتحافظ على التوازن البيئي الذي قد يختل في غيابها... وهي صيد ثمين للأجانب ، تدشنه البيرة والخمور المستوردة..وصغار" الخرفان" البرية في كل موسم... وأمام سقوط قيمة الإنسان ، في هذا الزمن الرديء.. ما على الخنازير- المتطورة مع الوقت والمناضلة من اجل الحفاظ على مكاسبها وأكثر - إلا أن تنافسه في عيشه..لذلك نراها تكيفت وتتكيف مع الطبيعة ومع كل جديد.. إذ تحولت من أكلة للعشب إلى آكلة لمختلف اللحوم . تلتهم كل ما وجدته في طريقها ..فأصبحت تشكل خطرا على الحجل البري .. والسلاحف .. ودجاج الماء والدواجن بمختلف أنواعها..والخنازير حاليا تطارد الأرانب البرية( القنية) لتفترسها إن استطاعت إليها سبيلا.. الخ.. هذا ما لاحظه فيها بعض الصيادين المتتبعين لخطر هذا الوحش الداهم ..أما أكلها المفضل من الفواكه فهو الرمان والتين والعنب .. وأكثر الضيعات المعرضة للضياع من طرف الخنازير هي الكروم وحقول الفلفل والطماطم.. ومختلف الخضروات المنبسطة على الأرض ..ولو عد الفلاحون - وبإشراف من المخزن حتى لا تظلم الخنازير - كل الضياع في كل موسم فلاحي لفاقت المخاسير الريع السياحي الذي تجلبه إلينا الخنازير بأضعاف مضاعفة ..ومع ذلك فالفلاحون صابرون لان الصبر مفتاح الفرج.. وليس أمامهم إلا إحدى السبيلين، السبيل الأول: إن يعدوها مع بقية المخاسير كانقطاع ماء الري.. وفوائد القرض الفلاحي الضخمة .. والجراد ، والخراطة.. وكساد السوق الخ...والسبيل الثاني أن ينشئوا جمعيات تعتني بتربية الذئاب – وهذا عصر العولمة وكل شيء جائز – أو بحمايتها .. ليطلقوها في الغابات والأماكن التي يتواجد بها الخنزير. لان الذئاب إذا جاعت لا تعرف الصبر فتنقض على صغار الخنازير وتأكلها.. فتقلل من تكاثرها.. ولا تخاف من المخزن.وبذلك وحده نحار ب الطبيعة بالطبيعة التي أبى سادتنا ومسئولونا إلا إن تكون ميدانا للخنا زيرمع ان اضرارها خطيرة واوبئتها اخطر.