لم يكن يتصور الطفل "مراد" البالغ من العمر حوالي 3 سنوات، أن الملابس الجديدة التي اشترتها له أمه ليرتديها يوم عيد الفطر و يتباهى بها أمام أقرانه ستبقى فقط للذكرى تشم فيها الأم رائحة ابنها الذي خطف من يدها عن طريق مجسم حديدي طائش من يد طائشة أيضا، نزل "مراد" للتو رفقة أمه من سيارة الأجرة الكبيرة بعدما رافقها خلال الفترة الزوالية ليوم الأحد 4 غشت الجاري لأسواق المدينة القديمة بوجدة، لاختيار واقتناء كسوة العيد ، أمسكته أمه من يده التفتت يمينا وشمالا قبل أن تعبر الطريق خوفا من سائق متهور، أو مقاتلة جانحة وخصوصا أن هذا المحور يعد طريقا مفضلا "للمقاتلات" تسير الأم بخطى مسرعة في صراع مرير مع الزمن، موعد تحضير وإعداد وجبة الإفطار قد حان ، عبرت الطريق بسلام، متجهة نحو منزلها أين تنتظرها الكثير من الأشغال، مراد أيضا يقاسمها نفس الشعوريرغب بدوره في الوصول إلى المنزل في أقل وقت ممكن ليتمعن النظر جيدا في كسوته ، ثم يرتديها ويقابل المرآة في انتظار وصول العيد. "ترمضينة" بين شخصين يشتغلان في مجال بيع الخضر بسوق شعبي بحي النصر المتواجد بشرق المدينة في اتجاه الحدود البرية بين المغرب والجزائر، انطلقت بخلاف بسيط بين الطرفين، اقتصرت في بداية الأمر على تبادل السباب والقذف والشتائم بين المتنازعين، قبل أن تتطور الأمور إلى التشابك بالأيدي، تدخل الرفاق حينها وفضوا العراك، هدنة لم يطل أمدها بين الخصمين،ليشرعا من جديد في النزال، إذ لم يجد أحدهما بدا من الاستعانة بخدمات مجسم حديدي يستعمل في الميزان من فئة 1 كلغ ، صوبه نحوغريمه كالسهم لكن الرياح سارت بما لا تشتهيه السفن، الكيل أخطأ الهدف وأصاب الطفل "مراد " على مستوى رأسه سقط الصبي صريعا فوق الأرض، سقط بين أحضان أمه ينزف دما، امتزجت دماؤه الفائرة بدموع أمه المكلومة، تجمعت جماهير غفيرة حول مكان الحادث ولا سيما أنه تزامن مع وقت الذروة، أين تعرف الأسواق الشعبية حركة كثيفة للمواطنين والمواطنات من أجل التبضع والتسوق أو من أجل تجزية الوقت في انتظار وصول موعد الإفطار. حلت مصالح الوقاية المدنية لعين المكان وحملت "مراد" نحو مستعجلات الفارابي لتلقي العلاجات الضرورية، في وضع صحي حرج بين الحياة والموت التي وافته منيتها في زوال اليوم الموالي، فارق مراد الحياة إلى الأبد بسبب عراك تافه بين شخصين يتقاسمان فضاء يضمن قوتهما، فيما شرعت المصالح الأمنية التي هرعت لعين المكان فور توصلها بالخبر ب في فتح تحقيق معمق في الموضوع. ودعت الأم وليدها إلى الأبد بعدما وري جثمانه الترى، وعادت إلى بيتها وهي تتطلع إلى كسوة العيد التي لم يكتب لوليدها "مراد" أن يلبسها في ذلك اليوم السعيد، ليتباهى بها أمام أقرانه وأترابه هكذا يفعل صغارالحارات الشعبية بمدننا الذين يعمدون في أحيان عديدة التستر وعدم الكشف عن نوع ملابس العيد وحتى لونها ،إلى حين ارتدائها والخروج بها في الساعات الأولى من يوم العيد فهم يبتهجون ويفرحون بقدومه قبل الكبار "بأي حال ستعود يا عيد على أم مراد"