حركة حماس تشيد بموقف المهندسة المغربية ابتهال أبو سعد واصفة إياه ب"الشجاع والبطولي"    الرابطة الإفريقية لكرة السلة (مؤتمر كالاهاري).. الفتح الرباطي ينهزم أمام الاتحاد الإسكندري (71-60)    كأس العرش لكرة القدم (موسم 2023-2024) .. أولمبيك آسفي يتأهل لدور الربع بتفوقه على شباب السوالم بركلات الترجيح (5-4)    العرائش … توقيف شابين بحوزتهما كميات مهمة من المخدرات بحي الوفاء    باريس سان جرمان يحرز بطولة فرنسا    كأس العرش: الضربات الترجيحية تهدي التأهل لأولمبيك آسفي إلى ربع النهائي على حساب شباب السوالم    حماس تشيد بموقف الموظفة المغربية ابتهال أبو السعد لفضحها تواطؤ "مايكروسوفت" مع آلة الحرب الإسرائيلية    طنجة تتصدر مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية.. وهذه توقعات الأحد    طنجة .. وفد شبابي إماراتي يطلع على تجربة المغرب في تدبير قطاعي الثقافة والشباب    هذا ما يتوقعه المغاربة من المعطي منجب؟    المغرب يرسخ مكانته كحليف تاريخي و إستراتيجي في مواجهة سياسة ترامب التجارية    إنتر يسقط في فخ التعادل أمام بارما (2-2)    جهة الداخلة وادي الذهب تستعرض تجربتها التنموية في المنتدى العالمي السادس للتنمية الاقتصادية المحلية    الدار البيضاء تستحضر ذكرى 7 أبريل 1947.. محطة مشرقة في مسار الكفاح الوطني والمقاومة    تحالف استراتيجي بين الموريتانية للطيران والخطوط الملكية المغربية يعزز الربط الجوي ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون الإفريقي    فرنسا: خسائر ب15 مليار دولار بسبب التعريفات الجمركية الأمريكية    العودة إلى الساعة الإضافية وسط رفض واستياء واسع بين المغاربة    الفكر والعقل… حين يغيب السؤال عن العقل المغربي في الغربة قراءة فلسفية في واقع الجالية المغربية بإسبانيا    الأسرة الكروية المغربية تودّع محسن بوهلال بكثير من الحزن والأسى    دعم الدورة 30 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط ب 130 مليون سنتيم    إقليم شفشاون.. أربعيني يُنهي حياته في ظروف غامضة    العثور على جثة اربعيني تطفو فوق مياه بحيرة مارتشيكا بالناظور    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    مركز يدعم التمدرس في وضع إعاقة    فيديو يوثق استهداف إسرائيل لمسعفين    أداء أسبوعي خاسر ببورصة البيضاء    رحلة ترفيهية في القطب الجنوبي تقيل نائب الرئيس الإيراني    انطلاق الدورة الربيعية لموسم أصيلة الثقافي الدولي بمشاركة فنانين من سبع دول    الفئران قادرة على استخدام مبادئ الإسعافات الأولية للإنعاش    كلميم.. القضاء يدين عدة مسؤولين بينهم رئيس الجماعة بالسجن النافذ في قضية تبديد واختلاس أموال عمومية    دعوات للمشاركة المكثفة في مسيرة "الرباط الوطنية" للتنديد بالمحرقة المرتكبة في غزة    عرض مناخ الأعمال وفرص الاستثمار في المغرب خلال ملتقى بباريس    سفير جمهورية السلفادور: المملكة المغربية تعد "أفضل" بوابة للولوج إلى إفريقيا    المنتخب الوطني للسيدات لأقل من 17 سنة يتعادل مع نظيره الكيني    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع انتشار الوسطاء والشناقة داخل الأسواق    حصيلة الزلزال في بورما تتجاوز 3300 قتيل    الركاني: من يدعم فلسطين توجه له تهم جاهزة وعواقب وخيمة ستلاحق كل من تواطئ لجعل غزة مسرحا للجريمة    شركة "رايان إير" تُسلّط الضوء على جوهرة الصحراء المغربية: الداخلة تتألق في خريطة السياحة العالمية    وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية: النظام التجاري العالمي يدخل مرحلة حرجة مع فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية جديدة    'مجموعة أكديطال': أداء قوي خلال سنة 2024 وآفاق طموحة    في قلب باريس.. ساحة سان ميشيل الشهيرة تعيش على إيقاع فعاليات "الأيام الثقافية المغربية"    "نفس الله" عمل روائي لعبد السلام بوطيب، رحلة عميقة في متاهات الذاكرة والنسيان    ماذا بعد استقبال مجلس الشيوخ الفرنسي لحكومة جمهورية القبائل؟    بحضور عائلتها.. دنيا بطمة تعانق جمهورها في سهرة "العودة" بالدار البيضاء    إسبانيا.. العلاقات مع المغرب من بين "الأقوى عالميا" ولا تقارن إلا بالعلاقات الأمريكية البريطانية    مولر يعلن الرحيل عن بايرن ميونيخ    الوزيرة السغروشني تسلط الضوء على أهمية الذكاء الاصطناعي في تعزيز مكانة إفريقيا في العالم الرقمي (صور)    الوديع يقدم "ميموزا سيرة ناج من القرن العشرين".. الوطن ليس فندقا    المغرب فرنسا.. 3    تكريم المغرب في المؤتمر الأوروبي لطب الأشعة.. فخر لأفريقيا والعالم العربي    دراسة: الفن الجماعي يعالج الاكتئاب والقلق لدى كبار السن    دراسة: استخدام المضادات الحيوية في تربية المواشي قد يزيد بنسبة 3% خلال 20 عاما (دراسة)    خبراء الصحة ينفون وجود متحور جديد لفيروس "بوحمرون" في المغرب    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    









الأستاذة سليمة فرجي و"تأهيل الموارد البشرية والبنية التحتية من أجل فعالية الجهاز القضائي"
نشر في الوجدية يوم 16 - 04 - 2013


تشخيص الإختلالات التي تعتري القضاء
ملاحظة الإحتكام إلى قوانين تتحكم في الحياة المهنية للقضاة
تقليدانية منظومة التكوين والترقي
شروط تأهيل القضاء والقضاة
ضرورة تعديل المنظومة القانونية ومطابقتها مع الدستور
تحسين الوضعية المادية وتوفير الحماية المعنوية للقضاة كأساس للإصلاح
التكوين المستمر للقضاة
تأهيل كتاب الضبط
البنيات التحتية
المحاكم
فشل تجربة قضاء القرب
خلاصة
تقديم :
إذا كان من الثابث أن دستور 1996 أقر بمقتضى الفصل 82 مبدأ استقلالية القضاء فإنه لم يعلن عن مركز القضاء كسلطة عند تنصيصه بأن القضاء مستقل عن السلطتين التشريعية والتنفيذية , لذلك يعتبر الدستور الجديد بمثابة دعامة أساسية لمسار بلادنا الديمقراطي إذ تمت دسترة السلطة القضائية كسلطة مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية كما تم إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية بدل المجلس الأعلى للقضاء وتمكينه من الإستقلال الإداري والمالي وتخويل رئيس محكمة النقض مهام الرئيس المنتدب بدل وزير العدل وتنويع وتطوير تركيبته وتوسيع صلاحياته كما تم الإقرار دستوريا بحق القضاة في ممارسة العمل الجمعوي وتأسيس الجمعيات المهنية بالإضافة إلى جعل المقررات المتعلقة بالوضعيات الفردية الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية قابلة للطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة أمام أعلى هيئة قضائية إدارية بالمملكة .
إضافة إلى ما ذكر تم الإرتقاء بالمجلس الدستوري إلى محكمة دستورية باختصاصات أوسع مع مراقبة دستورية الإتفاقيات الدولية والبث في المنازعات بين الدولة والجهات وتحديد أجل للبث في النزاعات الإنتخابية في مدة سنة واحدة كما تمت دسترة تجريم كل تدخل للسلطة أو المال أو أشكال التأثير الأخرى في شؤون القضاء مع منع احداث محاكم استثنائية ودسترة الحق في محاكمة عادلة وفي صدور حكم داخل أجل معقول .
ولعل خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة تنصيب أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة يوم 8/05/2012 أعطى الخطوط العريضة لعملية الإصلاح .
" وقد حرصنا على تتويج هذا المسار الإصلاحي بمقتضيات الدستور الجديد للمملكة التي تنص على ضمان الملك لاستقلال القضاء وتكريس القضاء كسلطة مستقلة قائمة الذات عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وإحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية كمؤسسة دستورية برئاستنا وبالنص على حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة ودور القضاء في حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم ".انتهى خطاب صاحب الجلالة .
المطلب الأول : تشخيص الإختلالات التي تعتري القضاء :
الفرع الأول : ملاحظة الإحتكام إلى قوانين تتحكم في الحياة المهنية للقضاة :
يخضع القضاة في حياتهم المهنية إلى نظام أساسي للقضاء وهو قانون 11/11/1974 الذي صدر في شكل ظهير ملكي خلال فترة لم يكن فيها برلمان نظرا لحالة الإستثناء وهو القانون الذي يحدد شروط ولوج المهنة ويرسم الحقوق والواجبات وكذا ضوابط المسار المهني والنظام التأديبي علما أن المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية يرأسها الملك ويتولى النيابة عنه وزير العدل الذي يعتبر بمقتضى التفويض الرئيس الفعلي للمجلس والمفتشية العامة والمعهد العالي للقضاء الشيء الذي يتبين معه غياب استقلالية القضاء , كما أن ميزانية المجلس الأعلى للقضاء تابعة لميزانية وزير العدل مما يؤكد غياب الإستقلال المالي والإداري والمؤسساتي للسلطة القضائية , الشيء الذي يوجب علينا تداركه ونحن بصدد إصدار القانون التنظيمي الخاص بالسلطة القضائية المنصوص عليه في الدستور الجديد بعد أن ارتقى بها إلى مكانة السلطة متداركا بذلك الفراغ القانوني في دستور 1996 وتم استبدال المجلس الأعلى للقضاء بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما تم التنصيص أن الرئيس الأول لمحكمة النقض هو المنتدب للنيابة عن الرئيس أي الملك وبالتالي يتبين أن النظام الأساسي المعتمد حاليا لا يستحضر استقلال القضاء واستقلال القضاة .
الفرع الثاني : تقليدانية منظومة التكوين والترقي :
ان تأهيل الموارد البشرية أصبح ضرورة ملحة لما في ذلك من حماية لحقوق المواطنين وجلب الإستثمار الأجنبي وبالتالي أصبحنا في حاجة إلى قضاء متخصص اعتبارا لضغط العولمة إذ لم يصبح القاضي مطالبا فقط بالفصل في قضايا المواطنين بل يواجه أيضا بمطالب مستثمرين وفاعلين اقتصاديين أجانب خصوصا إذا اعتبرنا إصلاح القضاء كرافعة للإستثمار ورافعة للتنمية السوسيو اقتصادية .
لذلك يتعين فرض ضوابط صارمة للتكوين والتكوين المستمر والتوفر على مسنوى عال من الأخلاق ومراجعة نظام المعهد العالي للقضاء بجعله آداة فعالة للتكوين وإرساء قواعد تهدف خلق تكامل بين التكوين المستمر والترقية والتعيين في مناصب المسؤولية الشيء الذي يدفعنا إلى الحديث عن مراكز جهوية للتكوين المستمر في كل دائرة قضائية بإشراك القضاة والمحامين والأساتذة الجامعيين والخبراء .
المطلب الثاني : شروط تأهيل القضاء والقضاة :
ان تأهيل الموارد البشرية بالمؤسسات القضائية هو دعامة إصلاح القضاء ككل لذلك يتعين اعتماد سياسة فاعلة وناجعة لتدبير الموارد البشرية القضائية من قضاة وموظفين لضمان الإدارة الجيدة والمساهمة في تحقيق التنمية الإقتصادية والأمن القضائي , علما ان استقلال القضاء يعتمد على مفهومين : الإستقلال العضوي والإستقلال الشخصي , العضوي هو استقلال القضاء كسلطة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية والشخصي هو استقلال القاضي شخصيا , لذلك فإن التأهيل الرامي إلى الإصلاح يجب أن يرتكز على الإستقلال المالي والإداري والمؤسساتي للسلطة القضائية وإقرار سياسة قضائية قائمة على برامج التأهيل والتكوين والتحديث وترشيد وسائل العمل بالإدارة القضائية .
الفرع الأول : ضرورة تعديل المنظومة القانونية ومطابقتها مع الدستور :
لقد نص الفصل 107 من دستور 2011 على أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والتنفيذية وأن الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية لكن نجد أن القانون الحالي 1.74.4.67 بتاريخ نوفمبر 1974 الذي يحدد النظام الأساسي للقضاة وتنظيم المجلس الأعلى للقضاء يؤثر بشكل سلبي على استقلال القضاء والقضاة إذ يفرض هيمنة وزارة العدل الشيء الذي يحول دون تحفيز القضاة وتأهيلهم لذلك يجب أن يستند نظام ترقية القضاة إلى عوامل موضوعية ولا سيما النزاهة والكفاءة والخبرة .
ان مخطط الإصلاح يقتضي مراجعة القوانين الماسة بالإستقلالية وبالحياة المهنية للقضاة الشيء الذي يحتم مشاركة ومبادرة جميع الشرائح المعنية في تقديم اقتراحات تغني القوانين التنظيمية التي تنتظر التنزيل المتعلقة بالنظام الأساسي للقضاة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية .
الفرع الثاني : تحسين الوضعية المادية وتوفير الحماية المعنوية للقضاة كأساس للإصلاح :
ان العنصر البشري هو الرأسمال الحقيقي لإنجاح مخطط الإصلاح , ومن أجل ضمان نجاح السياسات العمومية بمرفق القضاء يتعين توفير بنيات تحتية لائقة لعمل القضاة والموظفين ومراجعة شبكة الأجور للقضاة بما يضمن لهم الإستقلالية ويكفل العيش الكريم لهم ولأفراد أسرهم وذلك بالزيادة في الأجور على أن لا يقل راتب القاضي عند التعيين 20.000 درهما يضاف إليه التعويضات عن المخاطر والتعويض عن المنصب وعن المردودية , ذلك وأنه للإشارة فإن القضاة لا يستفيدون من كل الإعتمادات والإمتيازات والتجهيزات بنفس مستوى السلطتين التنفيذية والتشريعية لذلك فمن أجل ضمان حماية مادية ومعنوية من المغريات والإنحرافات يتعين الزيادة في الأجور بشكل يضمن العيش الكريم زيادة تعتمد التصاعد الهرمي في المسؤوليات إذ يرتب رئيس محكمة النقض كأعلى منصب في السلطة القضائية في نفس مرتبة رؤساء السلطتين التنفيذية والتشريعية أي رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ومجلس المستشارين وللمقارنة فإن قاضي الدرجة الثالثة يتقاضى 9000 درهما ويبلغ أجر قاض مبتدىء في فرنسا سنة 2008 = 2600 أورو شهريا .
وفي نصف مشواره 5000 أورو ليصل عند نهاية العمل إلى 7000 أورو .
الفرع الثالث : التكوين المستمر للقضاة :
يستهدف تأهيل الموارد البشرية إصلاح شروط ولوج المعهد العالي للقضاء ومراجعة المفاهم البيداغوجية , تحسين النظام الأساسي للقضاة على مستوى التكوين المستمر والإسراع بالمصادقة عليه , مع إعداد مخطط توجيهي وطني للتكوين المستمر وآخر جهوي مع توفير الوسائل لإنجاح هذا المخطط , بالإضافة إلى توفير الإعتمادات المالية للتكوين وإعداد متخصصين في مجال التكوين والتأطير وانتقاء الكفاءات , وتشجيع الشراكة في مجال التكوين مع المؤسسات والمعاهد والجامعات .
المطلب الثالث / تأهيل كتاب الضبط :
أنه من الثابث أن كتابة الضبط تتخبط في مشاكل عديدة تذكر من بينها استئثار مديرية الإدارة العامة والموظفين بتدبير الوضعيات الإدارية , انعدام التوازن بين توزيع الموارد البشرية وحجم القضايا المعروضة على المحاكم , ضعف المستويات المعرفية والعلمية للعاملين بقطاع كتابة الضبط , وتوظيف لا يستجيب للحاجيات الفعلية للقطاع وعدم الإعتماد على أية مرجعية أو دراسة عميقة للخصاص المسجل كما ونوعا , بالإضافة إلى بيئة عمل غير مناسبة من بنيات تحتية وتجهيزات ووضعية مادية ضعيفة وجانب اجتماعي متردي .
لذلك فإن مخطط الإصلاح يقتضي تسوية الوضعية المادية للموظفين بإخراج نظام أساسي خاص بهيئة كتاب الضبط والنهوض بالجانب الإجتماعي مع الحرص على توفير ضمانات تحسين الوضعيات الإدارية للعاملين بالقطاع والتدبير للمسارات المهنية والمساهمة في الإرتقاء بالكفاءات العلمية والمهنية .
المطلب الرابع : البنيات التحتية :
الفرع الأول : المحاكم :
ان الظروف الحالية تستدعي تقريب العدالة من المواطنين ولعل التوزيع الجغرافي لهذه المحاكم يعرف اختلالا ملحوظا إذا أضفنا أن قضاء القرب لم يحقق النتيجة المتوخاة .
محاكم الإستئناف : 21
المحاكم الإبتدائية : 68
المحاكم الإدارية : 7
محاكم الإستئناف الإدارية : 2
المحاكم التجارية : 8
محاكم الإستئناف التجارية : 3
ان التوزيع الجغرافي غير عادل إذ نلاحظ أن هناك محاكم تشغل موارد بشرية مهمة ونشاطها ضعيف في حين تعاني بعض المحاكم من نقص في الموارد البشرية رغم ارتفاع نشاطها , 5 محاكم استئناف بالمملكة تحرك 47% من القضايا والباقي موزع بين 16 محكمة أخرى علما أن عدد القضاة ارتفع من 2165 سنة 1997 إلى 3749 سنة 2012 بمعدل 12 قاضي لكل 100.000 مواطن ولعل سوء التوزيع يقودنا إلى الحديث عن انعدام محكمة إدارية بجهة طنجة رغم أهميتها واستراتيجيتها .
مما تجدر الإشارة إليه أن تقريب العدالة من المواطنين يستدعي بنية تحتية لائقة ومجهزة فمثلا مؤخرا تم إغلاق المركز القاضي المقيم بجرادة نظرا لعدم صيانته وقدمه وتم إيداع الملفات بمدينة وجدة الشيء الذي زاد في معاناة إقليم مهم من الجهة الشرقية يتوفر على على 140.000 نسمة .
نخلص أنه لإعداد خريطة قضائية ناجعة لا بد من استجماع المعطيات الميدانية حول الخريطة القضائية لكل دائرة قضائية والدخول في حوار مع المسؤولين القضائيين من أجل إعداد خريطة قضائية منسجمة ترشد الإمكانيات وتسهل الولوج إلى العدالة .
الفرع الثاني : فشل تجربة قضاء القرب :
ان قضاء القرب الذي دخل حيز التنفيذ يوم 5/03/2012 وقدم كحل لمواجهة الإكتظاظ وتقريب العدالة من المواطنين لم يقدم حلولا بالمعنى الحقيقي لأن هذا البديل بقي محدودا في تطبيقه مما أدى إلى المزيد من الإحباط خصوصا أنه تبين من خلال القضايا المسجلة بأقسام قضاء القرب أن قضايا الأشخاص الإعتباريين تشمل بدورها بالمجانية وعدم آداء الرسوم القضائية وبالتالي تم إغراق هذه الأقسام بعدد هائل من الملفات ترجع إلى شركات موسرة ( اتصالات المغرب مثلا ) الشيء الذي كان يتعين معه إبقاء المجانية لفائدة الأشخاص الذاتيين فقط كما أنه كان ينبغي توسيع اختصاصاته كإضافة قضايا النفقة وآداء الكراء .
خلاصة :
لا يمكن أن نتحدث عن إصلاح العدالة دون تنظيم المحاكم وتكوين القضاة والتفكير في معالجة ميدانية لوضعية الخريطة القضائية علما أن توزيع الموارد البشرية لم يخضع لأي مقياس ولم يحترم حتى الخصائص الجهوية فعلا تم إنشاء البنايات والتجهيزات والمعلوماتيات ولكن هذه المجهوذات لم تتمكن من مواجهة الإحتقان بسبب سوء التوزيع الجغرافي وانعدام الحكامة : ما جدوى إحداث محاكم تجارية إذا كنا نستطيع إحداث غرف تجارية متخصصة بالمحاكم الإبتدائية ومحاكم الإستئناف ؟ .
ان الإدارة المكلفة بالمؤسسات القضائية تفتقر إلى الكفاءات والخبرات للتسيير وحل المشاكل القضائية علما أن دورات التفتيش لم تتمكن من حل جميع المشاكل وفرض الرقابة على الجهاز ككل وأن الحوار الوطني لإصلاح منظمة العدالة مكن المهتمين من التعبير عن آرائهم وقد تمت الإشارة إلى معضلة سوء التوزيع الجغرافي وضرورة اعتماد معايير موضوعية تعتمد على نوع وعدد القضايا المعروضة على كل جهة من الجهات .
وفي الأخير لا بد أن نركز على ضرورة تشكيل مجالس القضاة وهيآتهم الإجتماعية عبر انتخابات حرة مع اعتماد مقاربة النوع , تحسين أوضاع الموارد البشرية العاملة في قطاع القضاء ودعمها بإطار قانوني ملائم وقدرات مؤسساتية , توفير إمكانية الإطلاع على المساطر والمعلومات المختلفة من طرف المواطنين وما يقتضيه ذلك من تطوير لقواعد الإدارة الإلكترونية وقد حددت وزارة العدل كهدف اعتبار 2020 كأجل أقصى لتحقيق اللاتجسيد المادي للمساطر والإجراءات أمام المحاكم والحد من استعمال السجلات الورقية وتجاوز مرحلة ازدواجية العمل اليدوي والعمل المحوسب , بالإضافة إلى إرساء آليات مبسطة لتمكين المواطنين من الإفتحاص وتقديم الشكاوي مع وضع إجراءات معيارية في كل محكمة , ووضع أليات للوقاية من الرشوة وتفعيلها , وتتبع التصريحات بالممتلكات من طرف خلية خاصة بالتفتيش وتقديم النتائج إلى مكتب المجلس الأعلى للسلطة القضائية , مع وضع أليات موضوعية للمرافق ذات الطبيعة القضائية كإدارة السجون ومسطرة العفو ومسطرة منح الجنسية , مع ضمان حق ولوج المنظمات الحقوقية جميع أماكن الإعتقال والتنصيص على اختصاص المحاكم الجنائية المدنية وليس العسكرية التي يحال عليها المسؤولون المفترضون عن الإختفاء القسري على أساس ترابي خاص ودولي أيضا .
احداث محاكم مختصة بالنظر في قضايا الأحداث في المدن الكبرى خاصة إلى تعرف نسبة عالية من جنوح الأحداث مع تعميم صبغة التخصص على كل الفاعلين والمتدخلين في مجال عدالة الأحداث , وإحداث سجلات بالسجون والمراكز لتدوين ملاحظات القضاة المكلفين بالتفقد والمراقبة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.