حذر خبراء زراعيون من تراجع المخزون الوطني من الحبوب، ومن إمكانية انعكاسه قريبا على تكاليف إنتاج المطاحن وكذا على أسعار الدقيق. واعتبر الخبير الزراعي باعلي الصغير أن المغرب لم يعد يتوفر حاليا على مخزون احتياطي استراتيجي يمكنه من تدبير جيد لتموين السوق الداخلي. وأضاف الصغير أن مخزون 4 أشهر ونصف المتوفر حاليا معرض للنفاد في ظل تأخر طلبات العروض لاستيراد الحبوب من الأسواق الدولية ، معتبرا أن المغرب سيواجه صعوبات في التزود من الأسواق التقليدية، خصوصا مع مشاكل الانتاج التي عانت منها روسيا هذه السنة. ودعا الصغير إلى ضرورة تحرك الحكومة بشكل استعجالي للرفع من المخزون الاستراتيجي بشكل يؤمن 4 أشهر احتياطية دون مخزون الاستهلاك العادي. وقد بدأت علامات العجز تظهر من خلال الصعوبات التي بات يواجهها مزودو المطاحن في الحصول على الكميات الكافية من الحبوب، خصوصا بعد تراجع عمليات التجميع التي كان يقوم بها الاتحاد الوطني للتعاونيات الفلاحية للحبوب، غير أن وزارة الفلاحة مصرة على عدم اللجوء للسوق العالمية لشراء القمح اللين قبل بيع معظم المحصول المحلي. ويشهد المغرب هذا العام أكبر حملة لاستيراد القمح في 30 عاما في وقت تتقلص فيه احتياطياته من العملة الصعبة. وجاء تصريح وزارة الفلاحة بعد بضعة أيام من عدم تلقي المغرب أي عروض في مناقصتين طرحهما الأسبوع الماضي لشراء 600 ألف طن من القمح اللين من الاتحاد الأوروبي أو الولاياتالمتحدة. وقالت الوزارة إن عدم الاقبال في المناقصتين اللتين طرحتا في إطار اتفاقيات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة يرجع إلى الاسعار المنخفضة التي عرضت لمحصول القمح المحلي. وينتقد الخبراء بشدة تأخر الحكومة في وضع سياسة مجالية على المديين المتوسط والبعيد للرفع من الإنتاجية في المناطق المتخصصة في زراعة الحبوب، كجهة الشاوية ورديغة مثلا، والتي مازالت في حاجة إلى مقاربة خاصة ومركزة للدعم الحكومي لزراعة الحبوب الذي يضيع في مناطق معروفة بضعف إنتاجيتها. وبدل أن تركز الدولة استثماراتها في المجال السقوي وفي دعم سلاسل الانتاج وتقوية سياسة التجميع داخل المناطق المتخصصة في إنتاج الحبوب، يتشتت مجهودها على كل الجهات دون جدوى. ويضيف الخبراء أنه بمقدور المغرب أن يؤمن إنتاج حد أدنى من الحبوب لا يقل عن 60 مليون قنطار سنويا ، كما يمكنه إنتاج أزيد من 800 ألف قنطار من القمح الصلب التي يستوردها حاليا من كندا شريطة توفر إرادة سياسية قوية لتركيز الجهود على المناطق المنتجة للحبوب والاستثمار في البحث العلمي لمزيد من المردودية.