بتواجدهما على خط التماس بين المغرب والجزائر ، يلعب الموقع الجغرافي لإقليميجرادة وفيجيج دورا كبيرا في تنامي التهريب والتهجير البشري واعتمادهما من قبل ساكنة الشريط الحدودي كقطاع يعتبر موردا رئيسيا للعديد من العوائل ، خاصة الشريحة التي سدت البطالة آفاق الشغل أمامها ، علاوة على تعاقب أعوام الجفاف التي شهدتها منطقة الجنوب الشرقي من المغرب طيلة عقود خلت أثرت بشكل سلبي على قطاع المواشي الدي يعتبر الرئة التي يتنفس منها اقتصاد غالبية السكان .. إلا أن إغلاق حدود البلدين خلال العشرينية الأخيرة خنق الاقتصاد بشقي الحدود بين البلدين الجارين .. مجال اقتصادي منفلت من عقال المراقبة ، بات يشكل خطرا على اقتصاد إقليميجرادة وفيجيج وتهدده بالإفلاس ما يسترعي مواجهة ميدانية للظاهرة بالبحث عن سبل ناجعة وبديل مقنع يستوعب اليد العاملة للإقليمين المتاخمين للحدود .. وبحسب مراقبين فإن تدفق الوقود ، ومواد محظورة وبنادق صيد من الجزائر على الإقليمين وتفاقم ظاهرة التهريب البشري من دول الصحراء والساحل عبر معابر ونقط الحدود المتاخمة لهما شكلا منعطفا جديدا على التركيبة السوسيواقتصادية بالمنطقة إن لم نقل الجهة الشرقية برمتها .. وبات إقليميجرادة وفيجيج وكذا إقليمالرشيدية واجهة مكشوفة لأعداء الوحدة الترابية الذين يسعون الركوب على متن التهريب والهجرة السرية لتنفيذ مساعيهم التخريبية في ظل انعدام آليات مسح عن طريق الأشعة والأقمار الإصطناعية بكافة المسالك الحدودية للإقليمين بهدف مراقبة عمليات تسريب مواد محظورة أو متفجرات أو أسلحة وغيرها وقد أضحت معابر إقليميجرادة/فيجيج اللذان يتميزان بطبيعة ومسالك معقدة كان يعتمدها بالأمس القريب المجاهدون الجزائريون نقط عبور إبان الاحتلال الفرنسي حين كانت هذه البوابة الجنوبيةالشرقية من المملكة ملجأ ل: 800 ألف جندي جزائري طريقا سالكا لبلوغ الساحل المتوسطي للقفز إلى الثغرين المحتلين (سبتة ومليلية ) ثم أوروبا ، انطلاقا من الجنوبالجزائري ، تامنراست ، النعامة وتندوف ،بؤر تعتمدها مافيا الهجرة الدولية والمخدرات والتهجير البشري بالجزائر بارتباط مع الحركات التحررية السلفية ، شمال مالي وجبهة البوليساريو وجنوب الصحراء والساحل وبين مافيات الحوض المتوسطي .. شبكات التهريب تطور من آلياتها واستراتيجية نشاطها .. كان الجنوب الشرقي من المملكة مسرحا لعمليات التهريب بمختلف أنواعه ولا يزال، قامت خلالها المافيات بتطوير استراتجيتها في الأونة الأخيرة من تهريب الماشية إلى المخذرات إلى الأسلحة والمواد المحظورة بحسب ما ذكرته مصادر مطلعة أمنية وإعلامية .. كان أبرزها تلك التي تورط فيها مهربون للعملة الصعبة الذين تم تفكيك شبكتهم خلال شهر مارس المنصرم بين منطقتي لكريكرة والمنكوب إقليم فيجيج ، لكن الغريب في الأمر هو إخلاء سبيلهم مما أثار جدلا حادا على مستوى إقليميجرادة وفيجيج وكذا إيقاف أشخاص مغاربة بوجدة وعين بني مطهر ، مشتبه في اعتناقهم للفكر الجهادي وقيامهم بتنقلات غير شرعية والمساعدة على القيام بها عبر نقط غير محروسة واقعة على الشريط الحدودي المغربي الجزائري .. قضايا مثيرة حملت بين طياتها ملفات شائكة تتداخل فيها الهجرة السرية ، ترويج المخدرات ومبالغ هامة من العملة الصعبة (الأورو) قدرت بحوالي ملياري سنتيم وعلاوة على مواد محظورة دوليا.. مافيا قيل تتخذ من مدينتي مغنية ووهران معاقل لها.. و في سياق ذي صلة ، يلعب الجزائريون المقيمون شرق المغرب ، خاصة على امتداد الشريط الحدودي من وجدة شمالا إلى فيجيج جنوبا دورا كبيرا في تنامي ظاهرة التهريب، مافياته يتخذون من البدو المتاخمين للحدود المغربية /الجزائرية وسطاء بين أقطاب شبكات التهريب بكلا البلدين الجارين لدرايتهم العميقة بالمعابر.. وقد ذكرت مصادر مطلعة بأن تخوفات انتابت السلطات في غضون الأسابيع القليلة الماضية جراء مساعدة الحرس الحدودي الجزائري للمهاجرين السريين من جنوب الصحراء والساحل على اقتحام التراب المغربي الشيء الذي حذرنا فيه الجهات المعنية في أكثر من مقال وملف صحفي منذ ما لا يقل عن 4 سنوات خلت .. في وقت أن الشريط الحدودي المغربي الجزائري أضحى هذا العام 2012 يشهد تدفقا منقطع النظير لمهاجرين أفارقة متسللين عبر الأرياف والقرى تفاديا لإيقافهم من طرف الدرك أو البوليس ، تراهم يمدون أيديهم لسد الرمق في الطرقات والشوارع ويتخدون من الغابات والوديان والدور المهجورة ملاجيء لهم في انتظار بلوغ الأراضي الإسبانية ومن دواعي ذلك بالرغم من تشديد الخناق على تدفق الهجرة الإفريقية ، تواطؤ الجزائريين مع شبكات التهجير البشري التي تجعل من جنوبالجزائر معقلا لها لتسهيل المرور للإفريقيين الآتين من دول موريتانيا ، النيجر ، الكابون ، الكونغوو مالي نحو القارة العجوز مرورا بالأراضي المغربية ، أين تمكن المغاربة من إيقاف مائة عابر إفريقي بمنطقة المنكوب بضواحي عين بني مطهر عام 2005 عقب مغادرتهم للتراب الجزائري ، تم تسليمهم إلى درك عين بني مطهر بهدف إعادة إرجاعهم أدراجهم من حيث أتوا عبر الأراضي الجزائرية في وقت لم تتمكن السلطات الأمنية المغربية التحقق من هوياتهم لعدم توفرهم على وثائق ، إلا أن المهاجرين الأفارقة أدلوا بإفادات تثبت أن عسكريون جزائريين أجبروهم على العودة إلى المغرب تحت طائل القوة على متن آليات عسكرية عقب عمليات الإجلاء من طرف السلطات المغربية بالتنسيق مع الجزائر وبضغط من الاتحاد الأوروبي رحل ما يناهز 500 مهاجر جنوب الصحراء عبر حافلات فيما تم نقل آخرين على متن الخطوط الجوية المغربية .. أتى ذلك في أعقاب اندلاع مواجهات عنيفة بين قوات الأمن الإسباني والمغربي وفلول المهاجرين سرا الذين حوصروا خلف الأسلاك الشائكة بسبتة ومليلية المحتلتين ، تلقت خلالها السلطات المغربية انتقادات من قيل منظمات حقوقية بداعي ترك ما يناهز 800 مهاجر إفريقي بدون إغاثة ، ما جعل المغرب يفندها معتبرا التهم الموجهة إليه غير صحيحة ولا تستند على حجج دامغة .. في آن أن المغرب ما فتيء يبذل مجهودات جبارة في محاربة الهجرة السرية صوب أوروبا مع التعامل بسلوك حضاري وإنساني حيال المهاجرين السريين السمر .. كيف لا والمغاربة يأوون الكثيرين من ذوي البشرة السمراء، يساعدونهم ، بشغلونهم ويقدمون لهم الإعانة.. العلاقة بين الحركات التحررية والانفصالية بمنطقة الساحل وشمال إفريقيا وفي أعقاب الانقلابات التي عرفتها بعض دول غرب إفريقيا من طرف حركات تحررية سلفية وتواجد تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ، ذكرت مصادر إعلامية إيطالية وإسبانية بأن منطقة الساحل ستتحول إلى أفغانستان جديدة وبحسب تقارير استخباراتية أن الجماعات المنتشرة بالساحل والصحراء تمكنت من الأسلحة المتطورة التي تركها نظام القذافي البائد ويذكر بأن التحديات تنحو صوب أفغنة هذه المنطقة على ضوء ما يجري من أحداث كما أن إسبانيا بصدد إجلاء رعاياها من منطقة الساحل .. ويرى مهتمون أن المغرب ومناطقه الشرقية ليست بمنأى عن حمم البركان الإرهابي التي قد تلفظ في أية لحظة في وقت أن إقليميجرادة وفيجيج وكذا إقليمالرشيدية تعتبر واجهة مكشوفة أمام التهريب والهجرة السرية ما يجعل من هذه الحركات السلفية تستغل الطرحين من أجل أعمال تخريبية في العمق المغربي عبر هذه البوابات الحدودية .. وقد أحبط المغرب أكثر من محاولة إرهابية كانت تسعى لزعزعة استقرار المغرب كشبكة الشبيبة الإسلامية في منتصف عقد الثمانينيات من القرن المنصرم بأحفير وواقعتي أطلس أسني وأكديم إيزيك الإرهابيتين بكل من مراكش والعيون كانت للجزائر اليد الطولى فيها عقب إقرار عناصر الخلايا الإرهابية تلقي تدريبات وتموين من الجزائر.. ولعل الأحداث الإرهابية التي وقعت في عدة مناطق بموريتانيا ، الجزائر والمغرب بغرض زعزعة الاستقرار بمنطقة الحوض المتوسطي والصحراء والساحل أين تتواجد القواعد الأمريكية لمكافحة الإرهاب درءا للأخطار المحدقة لمصالحها بالمنطقة .. وفي ظل المراقبة المتشددة عبر الجدار المحصن بالآليات في وجه الاختراقات العسكرية لجبهة البوليساريو داخل الصحراء المغربية ، يتخوف مراقبون أنه من غير المستبعد أن تحول البوليساريو حمادة تندوف بؤر لتنفيذ عمليات إرهابية بالمغرب عبر الشريط الحدودي المتاخم لأقاليم جرادة، فيجيج والرشيدية تحت جبة التهجير السري والتهريب بمختلف أصنافه ، خاصة وأن قياديو البوليساريو لوحوا بالعودة إلى إعلان الحرب غلى المغرب في غضون الأشهر الماضية وقد ذكرت مصادر إسبانية بأن البوليساريو مخترقة من قبل تنظيم القاعدة ..في ظل الوضع المتأزم في العلاقة بين المغرب والجزائر بسبب دعمها للانفصاليين المغاربة وكذا الأزمة الاقتصادية والسياسية بأغلب دول الصحراء والساحل .. عوامل أفرزت حركات التمرد السلفية والانفصالية .. وفي أعقاب الإجراءات الاحترازية الأمنية المشددة التي أقامها الاتحاد الأوروبي ، تلقت دول المغرب العربي من هذا الأخير دعم مالي ولوجستيكي بهدف تشديد الطوق ، إجراءات أمنية وعسكرية غير مسبوقة بنقط الحدود المغربية الجزائرية وكذا مراقبى خفر السواحل المغربية من أجل مكافحة الهجرة السرية وتهريب المخذرات وكذا محاربة الإرهاب الدولي مؤخرا في وقت أن الجنوب الشرقي المغربي يعد بوابة قريبة من قواعد الحركات التحررية والسلفية التي تتخذ من الصحراء الكبرى والساحل معاقل لها ، يرى مهتمون بأنها قد تستهدف مرتزقة البوليساريو وهذه الحركات السالفة الذكر الأمن والسيادة المغربيين ، ما يتعين على الجهاز الأمني والعسكري المغربي اعتماد استراتجية أمنية حديثة وصارمة لمحاربة شبكات التهريب والتهجير السري عبر الحدود الشرقية التي ينشط البعض منها ببلادنا وكذا موريتانيا ، مالي والجزائر بالضرب وقائيا واستباقيا بيد من حديد هذه الشبكات في معاقلها ومراقبة البوليساريو مراقبة حثيثة درءا للأخطار المحدقة..؟