طرد ابنه من البيت محمد وإبراهيم نموذجان لمجموعة من الآباء الذين يكونون سريعي الغضب خلال شهر رمضان، لكنهم بخلاف الكثيرين الذين يصبون جام غضبهم على خلق الله في الشوارع، فيدخلان إلى البيت باكرا من أجل تجنب ذلك، ليعاني أبناؤهما وزوجاتهما من حالة «الترمضينة» التي تنتابهما كلما اقترب وقت الإفطار، والتي أدت إلى كسر الأول لذراع ابنه في حين طرد الثاني ابنه من البيت، ليندما على ذلك بعد فوات الأوان. يتغير كل شيء خلال شهر رمضان وتتغير كل تصرفاته وسلوكاته، كما ينعكس هذا الأمر على الناس المحيطين به سواء داخل البيت أو خارجه، لكن أول المتأثرين ب «ترمضينة» الأب هم زوجته وأبناؤه، الذين يعانون من عصبيته خاصة قبيل فترة الإفطار. كسر يد ابنه لأنه استفزه يعيش محمد نوعا من التوتر والميزاجية طوال يوم الصيام، بسبب انقطاعه عن التدخين، خاصة عندما يشارف اليوم على نهايته، حيث يتحول إلى شخص عصبي بسبب أدنى حركة أو تصرف من سلوكات أبنائه، أثناء اللعب أو من خلال شغبهم الطفولي مع بعضهم. يحاول محمد قدر الإمكان الدخول إلى بيته باكرا فور مغادرته العمل، حتى يتجنب الصدامات التي يمكن أن تحدث مع أحدهم في الشارع والتي يمكن أن تؤدي إلى نتائج لا يحمد عقباها، بسبب انقطاعه عن التدخين. محمد معروف بطبعه الهادئ وحبه لأبنائه وشغفه بملاعبتهم في الأيام العادية، حيث يقضي جزءا كبيرا من وقته معهم، إلا أن هذا الوضع يتغير كلما حل شهر رمضان، فصار الأطفال يعرفون طباع والدهم. وكلما ولج محمد البيت يحاول الأطفال الاختفاء من الأماكن التي يتواجد بها. صراخ وضجيج الأيام العادية التي يخلفها تواجد الأبناء في البيت، تختفي خلال شهر الصيام، وتصبح الأم هي الشخص الذي يلجأ إليه الأطفال في حال وجود مشاكل خلال النهار، فيما تعود الأحوال إلى وضعها الطبيعي ما أن ينتهي اليوم ويعود الأب لحالته الطبيعية. أبناء محمد بطبيعتهم الطفولية لا يستطيعون احترام كلام الأم بالابتعاد عن والدهم طيلة النهار خاصة عندما يعود من العمل إلى البيت، فيقوم أحدهم بسلوك يستفز الأب كما حدث مع أحد أبنائه الذي استفزه كثيرا، لأنه لم يكن يستجيب لطلب والده بالتوقف عن إثارة الضجيج حوله، وهو يرغب في أخذ قسط من الراحة بعد يوم طويل من العمل. لم يشعر محمد إلا وهو يقوم من مكانه متوجها صوب ابنه، حيث وجه له ضربة أردته أرضا، نتج عنها إصابة الطفل بكسر في يده، وبعض الكدمات في مناطق من جسمه نتيجة الضربة التي شحنها الأب بكل غضبه نتيجة الاستفزاز الذي قام به الإبن في حقه دون قصد، ولكن أيضا نتيجة انقطاع الأب عن التدخين. ندم الأب ندما كبيرا على تصرفه الغاضب، والذي تسبب في كسر يد ابنه وكان من الممكن أن يتسبب له في الموت بسبب شدة غضبه لولا لطف الأقدار. طرد ابنه من البيت رمضان ليس شهر السكينة والهدوء عند جميع الناس، فهناك دائما من يبحث عن أسباب واهية « باش يترمضن على الناس» في الشارع، لكن الأمر يصبح أكثر تعقيدا عندما يتوجه إلى أقرب المقربين، كما يفعل بعض الآباء مع أبنائهم وزوجاتهم داخل البيت كما هو الشأن بالنسبة لأسرة إبراهيم. تستعد أسرة إبراهيم بحلول شهر الصيام، وكغيرهم من المغاربة يحتفلون بالمناسبة ويحاولون توفير كل الأشياء التي تجعل من هذا الشهر مناسبة استثنائية، إلا أن هناك شيئا واحدا يكدر صفوهم خلال هذا الشهر، ألا وهي « ترمضينة» الأب التي يدفع الأبناء والزوجة ثمنها. ابراهيم عادة شخص هادئ وطيب، بالرغم من شخصيته القوية وحضوره اللافت داخل بيته، إلا أن إدمانه على تدخين السجائر والمخدرات في بعض الأوقات، يجعله شخصا آخر خلال رمضان، خاصة عندما يدنو وقت الإفطار ويصبح جسده أكثر طلبا للنيكوتين. يحاول كل واحد من أفراد أسرة إبراهيم، خاصة أبناؤه عدم مضايقة والدهم خلال النهار، تجنبا للمشاكل التي يمكن أن تنتج عن ذلك بسبب « ترمضينته» ، إلا أنه بالرغم من ذلك فالأمر لا يخلو من مناسبات اصطدام بين الأب وأحد أبنائه. كلما اقترب المساء إلا وعلا صوت إبراهيم داخل البيت، مبديا ملاحظاته عن أشياء البيت وتصرفات أبنائه وزوجته التي تحاول قدر الإمكان ضبط نفسها حتى لا تدخل في مشاداة كلامية مع زوجها. يعاني أبناء إبراهيم كثيرا من غضبه خلال رمضان، وبالرغم من محاولاتهم قضاء بعض الوقت خارج البيت حتى لا يصطدموا مع والدهم، إلا أن الأمر لا يخلو من صدامات، فقد وصلت «ترمضينة» إبراهيم على أبنائه إلى درجة أنه طرده من البيت بسبب خلاف بينهما، بعد أن فقد القدرة على السيطرة على أعصابه. غاب الإبن عن مائدة الإفطار، مما جعل إبراهيم يقلق عليه ويخرج للبحث عنه، قبل أن يجده في بيت أحد أصدقائه الذي استضافه إلى أن تهدأ أعصاب والده ليتمكن من العودة إلى البيت. وتعود المياه إلى مجاريها بينه وبين والده. بالرغم من ندم إبراهيم على سلوكاته على أبنائه وزوجته خلال اليوم، إلا أنه كان يتسبب في الكثير من الألم والمعاناة لأبنائه وزوجته، خلال هذا شهر رمضان.