فضاء منظم تلقائيا وعفويا جناح خاص "بالمنافرية " وآخر بالصنايعية وآخر بالنساء الموقف فضاء يتجمع فيه الرجال والنساء على حد سواء ،مكان يقصده االناس من أجل الاستعانة بخدمات هؤلاء "المواقفية "،قد تكون هذه الخدمات منزلية صرفة من تنظيف وغسل للملابس وغيرها من الأشغال الأخرى المتعلقة بالبيوت،أومن قبيل أعمال أخرى تكون من اختصاص الرجال كالاشتغال في قطاع البناء بكل أنواعه أو أعمال تتطلب مجهودا عضليا إضافيا،وإن كانا الجنسين يلتقيان في العديد من هذه الأعمال وخصوصا في المجال الفلاحي حيث يبقى "الموقف" الملاذ الوحيد للفلاحين من أجل جلب اليد العاملة لجني أو زرع المحصول. وهناك زوار من نوع خاص يقصدون هذا الفضاء بحثا عن نزوات عابرة لإشباع غرائزهم الجنسية وتفريغ المكبوتات حيث تندس العديد من النساء وراء ستار هذا الفضاء لتقديم خدمات جنسية وللوقوف عن سر ما يخفيه هذا الفضاء من بؤس ومعاناة يومية لهؤلاء "المواقفية" زارت جريدة الأحداث المغربية المكان وتحدث إليهم وإلى همومهم ومشاكلهم اليومية والمستمرة بذكرياتهم بالمكان.
فضاء منظم تلقائيا وعفويا جناح خاص "بالمنافرية " وآخر بالصنايعية وآخر بالنساء حركة دؤوبة يعرفها الفضاء رغم برودة الطقس هذا الصباح ، المقاهي المجاورة تفتح أبوابها ترسل أضواء خافتة ،تعاكس ضوء الشمس الذي في طريقه رواج صباحي كسر هدوء المكان رائحة القهوة الممزوجة "بالقرفة" تنبعث من فواه غلاي "با العربي" الذي يجوب الموقف طولا وعرضا لتقديم خدماته أيضا لما لا وهو اعتاد على ذلك ولمدة فاقت ربع قرن فهو مصدر قوت أبنائه، يتصاعد البخار في زحمة المكان وهرولة الرائح والغادي في وسط مدينة وجدة الصاخب وبمحاذاة سوق مليلية "البائد"، فالكل يعلم أن هؤلاء النسوة اللواتي يتخذن من هذا المكان مركز تجمعهن كل صباح، ويتهافتن على كل سيارة تقترب منهن، هن نساء "الموقف". ولا ندري هل سمين كذلك ل "وقوفهن" الدائم في ذاك المكان؟ أم لأنهن اتخذن "موقف" العمل الشريف، رغم مشقته، لإعالة أسرهن؟! هن في الغالب أرامل أو مطلقات في عهدتهن صغار، تكالبت عليهن نوائب الدهر، فسخرن سواعدهن لجلب لقمة حلال، يشتغلن في كل الأعمال المنزلية وعلى رأسها عملية التنظيف والتصبين، كما يشتغلن في الأعمال الفلاحية جنبا لجنب مع سواعد رجالية متينة. "أم الخير" امرأة في عقدها الخامس، تحاول عبثا، إخفاء البؤس البادية ملامحه عليها بابتسامة مريرة وهي تتحدث لجريدة الأحداث المغربية عن حكاياتها مع هذه الحرفة التي كان امتهانها اضطرارا لا خيارا وهي الأرملة التي تعيل فتى معاقا كان ثمرة زواجها من عجوز وقد كان عمرها قارب الأربعين. تقول أنها كانت في البداية تضطر لتكبيل ابنها "عبد القادر" لحين عودتها، قبل أن تهتدي لإحدى الجمعيات التي تهتم بشؤون المعاقين حيث يقضي اليوم " عبد القادر" نهاره حتى تأتي أمه لجلبه بعد عودتها منهكة من العمل، لتبدأ معه محنة أخرى لردعه وهو الفتى المعاق إعاقة ذهنية وحركية. استرسلت "أم الخير" في الحديث إلينا عما يعترضها ورفيقاتها في الحرفة من مشاكل قائلة "كاينين ولاد الناس وكاينين ولاد لحرام" وكاينين بنات الناس وكاينين عيالات قلوبهم حجر.." فكل واحدة منهن وطوال فترة ممارستها لهذه الحرفة قد تعرضت إما لعدم تأدية أجرتها أو تكليفها بمهام شاقة جدا أو للتحرش الجنسي. لكنهن يفضلن الصمت بدل اللجوء للقضاء لعدم قدرتهن على الدخول في معمعته ولعدم ثقتهن في جدوى ذلك كما صرحت لنا بذلك "فاطمة" هذه الشابة الثلاثينية التي همست لنا بأنها تعرضت للتحرش أكثر من مرة وخاصة من عمال الحقول، وأنها ليست الوحيدة، فالكثيرات يتناقلن همسا حكاياهن مع التحرش، وأنه لولا اضطرارها للعمل لإعالة بنتيها لما قبلت بهذا العمل الحاط بالكرامة خصوصا عندما يتعلق الأمر بالعمل في منزل امرأة متعالية فظة "حنا نغسلولها وسخها وهي هازة نيفها"!! واستطردت "فاطمة" أن "الموقف" بدأ يعرف وقوف نساء دخيلات يمارسن البغاء، وقالت أن هؤلاء النساء يشوشن على عملهن ويشوهنه، كما تحدثت عن صويحبات لها يقمن بسرقة بعض الأغراض من البيوت التي يذهبن للعمل بها. إن هذه الصورة الدرامية التي تعيشها هؤلاء النسوة، كل صباح، وفي نفس المكان، تفرض التدخل العاجل لتنظيم هذه الحرفة وتقنينها لحماية هذه الفئة التي ينخرها البؤس.