قرب نزهة حسان بالرباط أو بوسط حي السلام بسلا، تجلس على الطوار مجموعة من النساء الموقف، يتجاذبن الحديث حول عملهن في البيوت وما قد صادفنه أثناء ذلك. نساء من مختلف الأعمار دفعت بهن ظروف العيش القاسية إلى الجلوس بالموقف في انتظار زبون قد يأتي أو لا يأتي.. بح صوتهن من كثرة ترديد كلمة (خاصك شي خدامة). ما أن يتوقف أحدهم بالموقف حتى يتسابقن نحوه وكل واحدة منهن تحاول أن تجلبه لتظفر بالعمل الذي يريد، بكلمات هي أشبه بالاستعطاف يحدثنه بعضهن على أمل أن يحظين بالفرصة وبلقمة عيش. فيما أخريات في الموقف، يخترن الغمز وإغراء الزبون عبر الإيحاءات الجسدية لعله يكون من الباحثين عن اللذة العابرة. وهذا السلوك يتسبب في غالب الأحيان في وقوع خلافات بين هؤلاء النسوة. إن الكثير من نساء الموقف ينحدرن من طبقات كادحة جلهن مطلقات أو أرامل أو أمهات عازبات يشتغلن ساعات طوال في تنظيف الملابس والزرابي وغسل الأواني وقد تمتد ساعات العمل إلى أوقات متأخرة من الليل خاصة مع اقتراب مناسبات الأعياد وغيرها، ما يعرضهن لأشكال كثيرة من المخاطر. ولا تتقاضى هؤلاء العاملات عن هذه الأعمال الشاقة سوى مبالغ مالية زهيدة لاتكاد تغني أو تسمن من جوع. ويتعرضن إلى تحرشات جنسية في الكثير من الأحيان، لأن الكثير منهن يثرن الشبهات نظرا لصغر سنهن أو من خلال الملابس التي يرتدين زيادة على المساحيق الموضوعة على وجهوهن. وقد اتضح أن من بين نساء الموقف عاهرات يتسترن تحت غطاء البحث عن عمل في البيوت حتى لا يثرن انتباه عناصر الشرطة علما أن أغلبهن من ذوي السوابق العدلية في مجال الدعارة والسرقة. كل يوم يقفن عارضات أجسامهن للباحثين عن اللذة بين نساء الموقف في حين تقف نسوة أخريات رسم الزمن والفقر على محياهن كل تقاسيم المعاناة والبؤس، أعينهن لا تكف عن مراقبة كل المارة في انتظار زبون قد يطعم بما يقدمه للشغالة من نقود أفواه جائعة أو شراء دواء لمريض يئن في ركن من أركان بيت بئيس. إنها معاناة حقيقية التي تعيشها نساء الموقف اللواتي قسا عليهن الدهر ورمى بهن بين مخالب البؤس وأنياب الفقر.. غير أن هؤلاء النسوة يشتكين من استغلال الموقف في أنشطة مشبوهة تسيء لسمعة نساء الموقف وتعرضهن في الكثير من الأحيان إلى المطاردة من طرف العناصر الأمنية. إن نساء الموقف خارجات من حساب مدونة الشغل فهن دون حماية قانونية ولاضمان اجتماعي ولا حماية من حوادث الشغل التي يتعرضن إليها ورغم كل المعاناة تبقى هذه النسوة مضطرات للوقوف كل يوم صيفا وشتاء بالموقف تحت ضغط الحاجة وغياب الدعم للأسر الفقيرة في انتظار بزوغ فجر جديد.