تجدد النقاش، هذه الأيام، حول خطورة سخانات الماء، بسبب تزايد ضحايا هذه الوسيلة خلال الاستحمام. وتفيد إحصائيات المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية أن عدد حالات الاختناق، المعلن عنها سنويا، يفوق 1500 حالة، 15 منها تفارق الحياة. والعدد يمكن أن يتجاوز ذلك بكثير، لأن أغلب المواطنين، الذين يُصيبهم الضرر بسبب انبعاث الغاز، لا يعرضون أنفسهم على الطبيب. وعلى عكس ما يتداوله الناس بخصوص أسباب هذه الحوادث، التي يلخصونها في استعمال سخانات أقل جودة، ويتهمون في الغالب سخانات "الشينوا"، فإن السبب الأول في حدوث اختناقات بين مستعملي السخانات الغازية، بما فيها ذات الجودة العالية، هو عدم احترام شروط السلامة خلال تثبيت الجهاز، والتقليل من شأن صيانته بين الفينة والأخرى. ومن النصائح ، تثبيت السخانة في زاوية بالبيت تتمتع بالتهوية الكاملة، بعيدا عن مكان الاستحمام، وإخضاع الجهاز للمراقبة، والصيانة المستمرة، ولو مرة واحدة في السنة. وبالنسبة إلى الحطب والفحم، تنصح الخبيرة بعدم استعمال هذه الوسيلة في الأماكن المغلقة، وإبعادها عن المواد سريعة الاشتعال، مع التأكيد على ضرورة إطفائها عند النوم، أو إبعادها إلى مكان ناء، لتفادي الاختناق بغاز أول أوكسيد الكاربون. فقد سجل المركز الوطني لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، خلال سنة 2011، وقوع 1905 حالات تسمم بغاز أحادي أوكسيد الكربون، توفي خلالها 16 شخصا. وتتوزع الأسباب الرئيسية لحوادث الاختناق بالغاز، حسب إحصائيات للمركز، بين استعمال سخانات الماء، وأجهزة التدفئة التي تشتغل بالغاز أو الفحم "المجمر"،وإن سخانات الماء و"المجمر"، يأتيان في مقدمة الأسباب المؤدية إلى وقوع هذه الحوادث و حالات التسمم خلال 2011 ارتفعت بنسبة 25 في المائة، مقارنة مع 2010 (1534 حالة تسمم)، مشيرة، بالمقابل، إلى انخفاض حالات الوفيات بحوالي 45 في المائة، مقارنة مع السنة الماضية (29 حالة وفاة). تراجع الوفيات يعزى إلى نجاعة الحملات التحسيسية للمركز، إذ أصبحت لدى المواطنين ثقافة التبليغ عن طريق الاتصال بالرقم 0801000180، وطلب النصائح من المركز في حالة حدوث حادث تسمم، وبالتالي، يكون التدخل في الوقت المناسب، في حالة حدوث تسمم، أول ما يجب فعله، العمل على تهوية المنزل أو الفضاء، حيث يوجد الشخص. جهة مكناس تافيلالت تأتي في المرتبة الأولى من حيث الجهات، التي تسجل بها حوادث التسمم بالغاز بكثرة، تليها جهة طنجة تطوان، ثم جهة تادلة أزيلال، والجهة الشرقية. والإحصائيات كشفت أن الفئة العمرية الأكثر ضحية للتسمم بهذا الغاز، هي فئة الأشخاص البالغين، وأن النساء هن الأكثر عرضة للتسمم بغاز أحادي أوكسيد الكربون، مقارنة مع الرجال، على اعتبار أن أسباب هذه الحوادث تكون مرتبطة إما بسخانات الماء أو الفحم، وبالتالي، وهما الوسيلتان المستعملتان بكثرة في المنزل، وأغلبية النساء المغربيات هن ربات بيوت. والتسممات تقع طيلة السنة، لكن ترتفع بشكل ملحوظ في فصلي الخريف والشتاء، خاصة في دجنبر ويناير، إذ تكون الحرارة منخفضة خلالهما، ما يجعل المواطنين يلجأون بكثرة إلى استعمال وسائل تدفئة تشتغل بالغاز، أو أخرى تقليدية مثل المجمر. وأوضحت "خلال استعمال هذه الوسائل إلى جانب سخانات الماء، يعمل المواطنون على إغلاق جميع المنافذ، فتغيب منافذ التهوية، ما يؤدي إلى نقص في الأوكسجين داخل المنازل، الشيء الذي يؤدي إلى إفراز غاز أحادي أوكسيد الكربون، ما يتسبب في حوادث تسمم، قد تؤدي إلى الوفاة". ورغم برودة الطقس، لابد من الحرص على أن تكون التهوية كافية بجميع المنازل، والتأكد من توفر علامة الجودة في السخانات الماء وآلات التدفئة المستعملة، وتركيبها من طرف مختصين، في مكان يمتاز بتهوية جيدة وكافية،والحرص على عدم ترك آلة التدفئة مشتغلة في الليل عندما يخلد مستعملها للنوم، إضافة إلى إبعاد "المجمر" عن فضاء المنزل. وغاز أحادي أوكسيد الكربون ينتج عن احتراق غير تام للمواد العضوية، وهو غاز سام وخطير، يمكن أن يتسبب في موت الإنسان في أقل من 15 دقيقة، مؤكدة أن لهذا الغاز خاصية أخرى خطيرة، وهي أنه لا لون ولا رائحة ولا طعم له، إذ يمكن أن يجلس الشخص في مكان فيه تسرب للغاز، ولا يشعر بأي شيء، إلى أن تبدأ أعراض التسمم تظهر عليه. وينصح بعض المختصين بضرورة الاحتياط في استخدام سخان الماء بالحمام المنزلي "الشوفو"، والحرص على طريقة تركيبه بشكل سيلم، وفي مكان آمن بعيدا عن الفضاءات التي يتردد عليها أفراد الأسرة داخل البيت، والتي تمتاز بتهوية جيدة وكافية، حتى لا يتضرروا من أي تسرب أو عدم احتراق كامل للغاز يكون محتملا في أية لحظة. كما أن مكوث الأشخاص بصفة طويلة داخل الحمام المنزلي، يعرضهم أكثر للاختناق بالغاز إذا وقع تسرب أو عدم احتراق كامل للغاز. وشدد المختصون على ضرورة تركيب سخان الماء خارج المنزل، وليس في المطبخ أو قريبا من أية غرفة، يعني خارج فضاء المنزل.