هل يبدد الحراك الدولي ومبادرات الوساطة الغيوم المتراكمة و يعيد قطار الاتحاد الى سكته الصحيحة؟ ذ.رشيد زمهوط يترقب المتتبعون حدوث إنفراجات واسعة في سماء العلاقات الثنائية بين الرباط و الجزائر و هو ما سيدعم الجهود و مساعي الوساطات التي تبذل منذ شهور لإعادة تطبيع العلاقات بين البلدين الجارين ، في الوقت الذي تتناغم تصريحات و مواقف مسؤولي البلدين في اتجاه تذليل العقبات التي تعترض مساعي إعادة مؤسسات الاتحاد المغاربي المجمدة منذ 18 سنة الى مسارها الطبيعي . فبمراكش التي شهدت ميلاد الاتحاد المغاربي تنطلق اليوم فعاليات الملتقى الثاني لمبادرة الشراكة الأمريكية المغاربيةالتي ترعاها إدارة البيت الأبيض و تفتتحها وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت بحضور 450 شخصية دولية مرموقة من ضمنها 250 من رجال الأعمال الأمريكيين . أما في نطاق التحركات الاقليمية و الجهوية فقد تأكد رسميا ضمن مبادرات التوحيد أن االرئيس التونسي الجديد منصف المرزوقي سيقوم بداية شهر فبراير بزيارة رسمية لكل من الجزائر و الرباط ضمن ما وصف بمسعى لإعادة الحياة الى مؤسسة الاتحاد المغاربي ،الذي يحتفل في السابع عشر من الشهر المقبل بالذكرى 23 لتأسيسه بمراكش سنة 1989 . موازاة مع ذلك قال رئيس الوزراء الموريتاني مولاي ولد محمد لغظف إن بلاده تسعى جادة إلى تفعيل مؤسسات الاتحاد المغاربي سبيلا لإخراجه من حالة الجمود التي يعرفها . وكان الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة قد جدد قبل أيام عزم بلاده على مواصلة الجهود من أجل تفعيل اتحاد المغرب العربي وتحويل المنطقة إلى فضاء يسوده الاستقرار والتعاون والرخاء . وقال بوتفليقة في كلمة ألقاها بمناسبة الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة التونسية »إننا نحيي ما تحقق للديموقراطية من نقلات في مغربنا العربي الكبير وإننا على يقين من أنها كفيلة حقا بفتح الباب أمام استئناف بناء الاتحاد المغاربي« . ديبلوماسيا تستعد عواصم المغرب العربي لاحتضان تحركات سياسية توحي بأن كافة الظروف مهيأة لتحويل الذكرى 23 لتأسيس الاتحاد المغاربي الى مناسبة لاحياء هذا الفضاء الجغرافي و السياسي الذي حالت إكراهات و عوائق سياسية دون أن يثبث وجوده خلال العقدين الفارطين . و علم أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ستحل بالمنطقة أيضا خلال الشهر المقبل في زيارة تقودها أولا الى الجزائر و قد تشكل تونس و الرباط إحدى محطاتها . و غير خاف الجهود التي يبذلها البيت الأبيض منذ سنوات لتطبيع العلاقات الثنائية بين الرباط و الجزائر قبل أن تنضم لهذه الجهود المملكة العربية السعودية الذي أفادت تقارير صحفية أن عاهلها خادم الحرمين الشريفين قاد جهود وساطة ضمن نفس المسعى بين البلدين الجارين . و يبدو أن أمير قطر الذي تلعب ديبلوماسية بلاده دورا فاعلا بمنطقة شمال إفريقيا قد انخرط بدوره في مساعي تبديد الغيوم التي تعيق صفة العلاقات بين الرباط و الجزائر و قد أكد وزسر الخارجية و التعاون المغربي سعد الدين العثماني قبل يومين عقب لقاء جمعه بالشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بتونس أن دولة قطر تدعم الجهود الرامية إلى بناء اتحاد المغرب الكبير وتنسيق المواقف بين البلدين في القضايا الإقليمية والدولية .و بالمقابل تبرزإرادة الاتحاد الأوروبي في الدفع بالجهود الرامية الى إعادة الحياة الى أوصال الاتحاد المغاربي عبر الزيارة الرسمية التي يقوم بها رئيس حكومتها ماريانو راخوي غدا الى الرباط و التي تضم أجندتها حتما سعي مدريد و معها باريس الى الدفع بالتكتل المغاربي الى خطوات أكثر إيجابية بما يخدم مصالح المجموعة الأوروبية في قضايا التنسيق الأمني و الاقتصادي مع شمال إفريقيا . و كان وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي قد أعلن بداية الشهر الجاري عقب لقاء جمعه بالطيب الفاسي الفهري عن عقد اجتماع عاجل لوزراء خارجية دول المغرب العربي قبل نهاية فبراير المقبل بالرباط ضمن ما وصفها بمساعي بعث الحياة في الاتحاد المغاربي . وقال مدلسي «مع تونس وليبيا وبقية الدول المغاربية بدا واضحا أن الطفرات التي لوحظت في هذه البلدان لا يمكن إلا أن تشجعنا على الذهاب سريعا نحو بناء اتحاد المغرب العربي» . و تزامنت تصريحات مدلسي مع تشديد الرئيس التونسي المؤقت، منصف المرزوقي في أول زيارة له إلى العاصمة الليبية طرابلس، على ضرورة إعادة ضخ الحياة من جديد في المغرب العربي.