الوسيط أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان كما مرت الانتخابات الجماعية بالمغرب (12 يونيه 2009)، تأتي الانتخابات التشريعية (25 نونبر 2011)، غير أن كلا الإستحقاقين ظلا مرتبطين بما يؤطر العملية الانتخابية في علاقة بزمنها الخاص، بما هو زمن مهيكل قانونيا في مراحل محددة، ولكون الانتخابات مجالا للتفاعل بين مختلف الأطراف المتنافسة سياسيا، فنادرا ما نتساءل عن أدوار باقي الفاعلين وتعاطيهم مع الانتخابات، فإذا كانت الأحزاب هي قطب أساسي خلال مثل هذه الاستحقاقات، وإذا كان المجتمع المدني قد حدد جزءا من مهمته في الملاحظة، فإن الإعلام وضمنه الصحافة المكتوبة، ما تزال أدواره في علاقة بالانتخابات تحتاج إلى نقاش موازي أساسي. فالمتتبع لمواكبة الإعلام السمعي البصري على الأقل على مدى العشر سنوات الأخيرة، سرعان ما سيستنتج أن البرامج الحوارية ذات الصلة بالانتخابات ظلت غائبة أو محدودة، وأن دور الإعلام لم يتجاوز تغطية الحصص والأنشطة المخصصة والمنظمة من طرف الأحزاب، وبعض البرامج الموسمية التي لا يمكن أن تعالج لحظة الانتخابات إشكالات تتصل بالمشاركة والديمقراطية، والمشهد السياسي، والرؤى المسندة للبرامج، والتحالفات، والائتلافات... أما الصحافة المكتوبة فبالرغم من محدودية حجم المبيعات، ووضع القراءة بالمغرب، فإنها تخصص مساحات ضمن صفحاتها للانتخابات على امتداد مختلف مراحلها، غير أنها وهي تجعل الانتخابات موضوعا لها، لم يشكل تعاطيها معها موضوعا أيضا للمساءلة. فكثيرا ما سمعنا أن هذا المرشح أو ذاك أسقطته الحملة التي شنتها عليه جريدة ما، أكثر مما أسقطه الناخبون بناء على الوفاء من عدمه بالتعهدات التي التزم بها تجاههم. و بالرغم من ذلك لم نجد اهتماما أو انشغالا بمساءلة خطاب الصحافة في علاقة بالانتخابات، وهو المطلب والمهمة التي ينبغي أن ينهض بها مجال البحث بالجامعة أو مختلف مراكز الدراسات أو الجمعيات ذات الصلة أو الإعلام نفسه. إن "الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" وهو يحاول أن يسهم في لفت الانتباه إلى هذا المستوى، ارتأى أن يبدأ بمساءلة "الصحافة المستقلة" من زاوية حجم وشكل حضور الانتخابات الجماعية ليونيو 2009 بها، كأحد المداخل الملائمة لذلك، وإذا كانت مساءلة حجم حضور الانتخابات بها، سيرهن المساءلة في مقاربة كمية بالأساس، فقد ظل فريق العمل يستأنس بالوقوف بين الحين والأخر عند مضامين هذا الحضور. لذلك فإن استمرار الاشتغال على الصحافة في علاقة بالخطاب سيكون مفيدا لإطلاق النقاش حول أدوار الصحافة وتقييم أدائها في علاقة بقضايا واستحقاقات أساسية كما هو الشأن بالنسبة للانتخابات. ويعتبر الوسيط الانتخابات التشريعية ل25 نونبر 2011، مناسبة لاستمرار الرصد والاستقراء بخصوص خطاب هذه الصحافة في علاقة بالانتخابات، والذي سينكب عليه فريق العمل بدءا من الأسبوع المقبل. إن الوسيط وهو يشتغل على جرد واستقراء هذا الحضور خلال الانتخابات الجماعية ل12 يونيو 2009، ينطلق من ما ينبغي أن يكون دورا لهذه الصحافة: هو أن تقدم لقرائها الخبر عبر الوصف والرصد والتحري والتحليل والمقارنة للبرامج والتعهدات والخطابات الخاصة بالأحزاب وأعضائها من المنتخبين، وفضح مختلف الاختلالات بدءا بعدم الوفاء بالتعهدات، وصولا إلى الوقوف عند استنساخها للبرامج ولا واقعيتها أو لا ملاءمتها، عند المشاركين في مقابل مساءلة خطاب الداعون للمقاطعة والبحث في تصوراتهم وبدائلهم، حتى لا تقتص "الصحافة المستقلة" لنفسها دورا يتمثل في المعارضة غير المؤسساتية وهي تدعو لمقاطعة الانتخابات، أو تتماثل مع صحافة الأحزاب وهي تعبئ لهذا المرشح أو ذاك. إن مثل هذه الإنزياحات التي تطال أدوار ومهام "الصحافة المستقلة" وتحديات المهنية، هي في جزء منها ما يعكس غياب تصور لحضور الانتخابات في هذه الصحافة على مدى الفترات الأربعة بما هي فترة ما قبل الانتخابات وخلال الحملة الانتخابية، ويوم الاقتراع وما بعده، وتحديدا خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة. إنه التقرير الذي اشتغل عليه فريق العمل على مدى ستة أشهر، والذي ظل يكتشف بأنه بصدد عمل تتقاطع فيه ملامح التقرير بخصائص الدراسة، لكنه اليوم والمغرب يتهيأ للانتخابات التشريعية، ارتأى الوسيط تعميم هذا التقرير وإخراجه إلى الوجود، في هذا التوقيت بالذات، كمدخل للنقاش حول "الصحافة المستقلة والانتخابات". وكتحد للوسيط ليتنقل مباشرة إلى الاشتغال على الخطاب الذي ستحمله نفس "الصحافة المستقلة" خلال هذه الانتخابات التشريعية. I- بخصوص الموضوع والمنهجية المعتمدة في التقرير لمقاربة موضوع مواكبة الصحافة المكتوبة للانتخابات الجماعية الأخيرة ومحاولة وصف حضورها، من خلال "أربعة جرائد مستقلة"، اعتمد التقرير مدخلين: المدخل الأول اعتمد المسح الكمي، بينما حاول المدخل الثاني استقراء تلك المعطيات الكمية، وتوخيا للدقة لم يكتف التقرير فقط بفترة الحملة الانتخابية، بل تم إخضاع جميع الأعداد للقراءة والتحليل، التي صدرت طيلة فترة زمنية امتدت من 2 مارس إلى 26 يونيو 2009، (ثلاثة أشهر قبل يوم الاقتراع وأسبوعين بعد الاقتراع)، مقسمة إلى أربع فترات: • الفترة الأولى هي: فترة ما قبل الحملة الانتخابية، من 2 مارس إلى29 ماي؛ • الفترة الثانية هي: فترة الحملة الانتخابية، من 30 ماي إلى 11 يونيو؛ • الفترة الثالثة هي: فترة يوم الاقتراع، 12 يونيو؛ • الفترة الرابعة هي: فترة ما بعد الاقتراع، من 13 إلى 26 يونيو. وتتحدد الجرائد الأربعة في "المساء" "وأخبار اليوم"و"الأحداث المغربية" و"الجريدة الأولى" والتي توقفت عن الصدور، والجرائد الأربعة كانت تصدر كل أيام الأسبوع باستثناء يوم الأحد (عدا الأحداث المغربية التي تُصدر يوم الأحد عددا أسبوعيا، والذي لم يؤخذ بعين الاعتبار ضمن الأعداد موضع الدرس)، وبالتالي فإن الأعداد الخاضعة للتحليل الكمي تصل إلى 404 عددا. موزعة على الفترات التالية كما يلي: وبخصوص المنهجية: اشتغل فريق العمل على جميع المواد الصادرة في كل مرحلة من المراحل الآنفة الذكر، لاستخراج المؤشرات التالية: أولا مؤشر الاهتمام بالانتخابات من خلال: • نسبة المواد المتعلقة بالانتخابات في الصفحة الأولى من مجموع مواد الصفحة الأولى؛ • نسبة "الأركان الثابتة" المخصصة للانتخابات من مجموع هذه الأركان، وتتحدد في ما يلي: المساء : ("قهوة الصباح" و"شوف تشوف")، أخبار اليوم: ("السلطة الرابعة"، و"الرأي الآخر")، الأحداث المغربية: ("من صميم الأحداث"، و"في الواجهة")، الجريدة الأولى: ("أول الكلام"، و"ها ما كلنا"). ثانيا رصد التقرير حجم حضور الفاعل الرسمي، والحزبي، والجمعوي والنقابي. ويندرج ضمن هذه الخانة، كتاب الرأي والمثقفون. واعتمد التقرير احترام الصفة التي تقدم بها الجرائد هؤلاء الفاعلين والتصنيف والرصد على أساسها، مع الإشارة إلى كل الملاحظات الضرورية في حالة وجود أي إدماج في صفات المتدخلين. ثالثا ونظرا لأهمية الصورة والكاريكاتور باعتبارهما حوامل خطاب ذات أهمية، ونادرا ما يتم الالتفات إليهما، فقد أدرجها التقرير ضمن مؤشرات الاهتمام بتعداد حوامل الخطاب المتعلقة بالانتخابات من مجموع حوامل الخطاب في كل عدد، وأيضا نسبة هذه الحوامل في الصفحة الأولى من كل عدد. رابعا اهتم التقرير كذلك بتوظيف الجرائد الأربعة لمختلف الأجناس الصحافية في متابعتها للاستحقاقات الانتخابية: التحقيق، الروبورطاج، الحوار، مقالات الرأي.. وفي رصدنا للأجناس الصحافية اكتفينا بالتصنيفات المحددة من طرف الجرائد. خامسا اهتم التقرير بمصادر الخبر من خلال مدى احترام الجرائد الأربعة لقاعدة مهنية وأخلاقية رئيسة وهي ذكر مصادر الخبر، سادسا شكل التواتر المعجمي، بما يعنيه من مصطلحات مكرورة، مرجعا أساسيا لمعرفة التوجه العام للجريدة من خلال جرد المعجم وتصنيفه واستقرائه. خلاصات: تتحدد الخلاصات التي تم التوصل إليها في ما يلي: أولا: بخصوص مؤشرات الاهتمام: انطلاقا من التقطيع الزمني الذي شكل خلفية لاستقراء مؤشرات الاهتمام بالنسبة للجرائد الأربعة. يكون حجم حضور المواد ذات الصلة بالانتخابات متفاوتا بالنظر إلى عدد الأيام المتضمنة داخل كل فترة، وما يترتب عن ذلك من دلالة مفترضة لهذا الحضور. فالفترة الأولى مثلا هي فترة ما قبل الانتخابات تغطي ثلاثة أشهر تقريبا، وهي الفترة التي تعكس التوجهات الأولية للجريدة بالنسبة للانتخابات، وتحدد موقع وخطاب الجريدة على هذا المستوى، وليتحكم المنطق الخاص بكل جريدة خلال الفترة الأولى في باقي الفترات الأخرى. أما الفترة الثانية (13 يوما)، فيفترض أن تكون مواكبة لما تعرضه الأحزاب من برامج ومقارنة لها، ومحاورة لحامليها، ومسائلة كل الاختلالات المرتبطة بها، وهو ما يفترض أن تكون هذه الفترة هي الأكثر حضورا لمواد الانتخابات بخصوص مؤشر الاهتمام. أما الفترة الثالثة والتي تتضمن يوما واحدا هو يوم الاقتراع، فإنها تطرح مشكلا على مستويين. المستوى الأول هو كون الصحافة اعتادت إصدار جرائدها في مساء اليوم السابق لليوم الموالي لتاريخ الصدور، بما يعنيه ذلك من كون المواد ذات الصلة بالانتخابات ستتكئ على مجريات ما يقع داخل الفترة الأخيرة المحددة للحملة الانتخابية، وبالتالي لن يجد يوم الاقتراع صداه داخل هذه الجرائد إلا في عدد اليوم الموالي ليوم الاقتراع. من جهة ثانية يحدد المشرع بداية ونهاية الحملة من تاريخ 2 مارس إلى 26 يونيو 2009، بالنسبة للأحزاب، وكذا وسائل الاتصال السمعي البصري، لكن الفراغ القانوني ما يزال يلف الصحافة المكتوبة على هذا المستوى لأن ما ينشر بها يوم الاقتراع هو أحد امتدادات الفترة الثانية (فترة الحملة الانتخابية). أما الفترة الرابعة فيفترض فيها استقراء النتائج واستشراف التحالفات على مستوى الخبر وما يتصل به من مواد. في هذا السياق وانطلاقا من استقراء المعطيات الكمية المتعلقة بمؤشر الاهتمام، في تعاطي الجرائد الأربعة خلال الفترات الأربعة مع الانتخابات الجماعية نستخلص ما يلي: يبدو تعاطي الجرائد مع الانتخابات من خلال حجم حضور المواد المتعلقة بها متفاوتا وغير مبرر، بما يعكس غياب تصور لدى هذه الجرائد ينتظم من خلاله هيمنة الحضور أو تقلصه في علاقة بالفترات الأربعة التي تؤطر الانتخابات. إن التفاوت ملموس سواء على مستوى نفس الفترة وحجم حضور المواد ذات الصلة، بالنسبة لكل جريدة أو التفاوت الذي يمكن ملاحظته بين نفس الجرائد من فترة لأخرى. غير أن الفترة التي يمكن تسجيل التفاوت الكبير بخصوصها مابين الجرائد الأربعة، هي الفترة الأولى (ما قبل الحملة الانتخابية)، حيث يتراوح الفرق في تعاطي المساء، والأحداث مع الانتخابات، حيث خصصت الأحداث 38.40% من مجموع مواد الجريدة خلال هذه الفترة، مقابل 66.2% لجريدة المساء، و 84.5% بالنسبة لأخبار اليوم، و35.11% بالنسبة للجريدة الأولى. و على عكس الفترات الثلاثة يظل التفاوت نسبيا مقارنة بالفترة الأولى. إن استحضار كل جريدة وانشغالها بالانتخابات خلال الفترة الأولى يفترض أن يعكس إستراتيجية الجريدة على مستوى هذا الاستحقاق السياسي. فهل استحضار ذلك عند "أخبار اليوم" يعني بالضرورة وجود خطاب يؤطر إستراتجية الجريدة على هذا المستوى. وهل ضعف نسبة الحضور حسب مؤشر الاهتمام عند "الأحداث المغربية" يعني مباشرة غياب تلك الإستراتجية والخطاب؟ إن الفترة الثانية التي تعرف انطلاق الحملة الانتخابية وامتداداتها وحضور الفاعل الحزبي وتوفر إمكانية الاحتكاك به ومساءلته، نلاحظ بخصوصها تقلص حضور المواد الانتخابية مقارنة بالفترة الأولى، بل إن مواد يوم الاقتراع تشكل أعلى نسبة لحضور هذه المواد مقارنة بالفترات الأخرى، وما يترتب عن ذلك من تساؤلات. ثانيا: بخصوص الفاعلين: يبدو الاهتمام بالفاعلين من زاوية استقراء حجم حضورهم في الجرائد الأربعة منطقيا، باعتبار كون الفاعل الحزبي يتصدر هذا الحضور، انطلاقا من كونه محور العملية الانتخابية، غير أن توزع هذا الحضور على المراحل الأربعة يعكس ارتباكا على مستوى التصور الإعلامي للتعاطي مع متطلبات كل مرحلة، حيث يتقارب حجم حضور الفاعل الحزبي في أغلبية هذه الجرائد (ثلاثة جرائد: المساء،الأحداث المغربية، والجريدة الأولى). غير أن انتظام وحجم حضور هذا الاهتمام في علاقة بتلك الفترات يطرح تساؤلات من قبيل: لماذا هيمنة هذا الحضور في الفترة الأولى (ما قبل الحملة الانتخابية)، بنسبة تتضاعف ثلاث مرات مقارنة بالفترة الثانية التي هي فترة الحملة الانتخابية والتي تتيح الاحتكاك والتشابك المباشر مع الفاعل الحزبي، والتي يفترض أن ترتفع فيها وتيرة حضور الفاعل الحزبي مقارنة بباقي الفترات. وهو ما يعيد طرح سؤال الإستراتجية في علاقة الصحافة بالانتخابات. ثالثا: بخصوص الأعمدة الثابتة والحوارات: بخصوص الأعمدة الثابتة: سيظل حضور الانتخابات بها قويا في أخبار اليوم، وذلك خلال الفترات الأربعة، ومتوسطا بالنسبة للجرائد الثلاثة الأخرى. ويبدو الحضور مكتفا للانتخابات في الأعمدة بالنسبة لكل الجرائد خلال الفترة الثانية الموازية للحملة الانتخابية، وهو ما يبدو منطقيا قياسا لتواتر الوقائع المرتبطة بالانتخابات وبالفاعلين فيها، باعتبارها فترة التواصل المباشر بالنسبة للناخبين والمنتخبين، وكذا فترة المواكبة المباشرة التي تسمح بالتقاط ذلك وتخصيص عناصر منه موضوعا لتلك الأعمدة. بخصوص الحوارات: يفسح جنس "الحوار" عامة مجال التعرف عن قرب على تصورات وبرامج مختلف الفاعلين في علاقة بالانتخابات، وكذا مدى انسجام المنطق الناظم لفكر وأراء الفاعلين من خلال الأسئلة المتضمنة في الحوار. ويعكس حجم حضور "الحوار" في الجرائد الأربعة مستوى الوعي بكون الفاعل الحزبي يمثل أحد الأقطاب الأساسية في العملية الانتخابية، ويتراوح ذلك الحضور مابين الحضور المطلق والحضور المهيمن لهذا الجنس في الجرائد الأربعة. وإذا كان عدم التوازن بين الفترات واضحا من خلال نسب الحضور في مختلف الجرائد، فإن الحضور المهيمن للفاعل الحزبي خلال الفترة الأولى وتقلصه مقارنة بذلك، خاصة خلال الفترة الثانية الموازية للحملة الانتخابية وما تتطلبه من تسليط للأضواء عبر مساءلة البرامج المعلنة في علاقة بالفاعلين الحزبيين مباشرة. كذلك تقلص الحوار بالنسبة للفترة الرابعة التي توازي ما بعد الانتخابات، والتي يفترض أنها تتطلب إعمالا لهذا الجنس الصحافي (الحوار)، لاستشراف طبيعة التحالفات وخلفياتها، بينما تحضر في مقابل ذلك مواد خبرية تتعلق بتنبؤات تسند إلى مصادر غير مذكورة. من جهة أخرى يطرح غياب وتغييب أو حتى تقلص حضور باقي الفاعلين بمختلف تلك الجرائد مستوى الوعي بالأدوار المطلوب منهم النهوض بها على امتداد مسار الانتخابات خلال الفترات الأربعة، ودور المراقبة والمساءلة وهي أدور ترتسم ضمن مهام الدولة والمجتمع المدني، والإعلام في مرافقة هذا المسار، فكيف يمكن للصحافة أن لا تسائل هذه المؤسسات أيضا في علاقة بأدوارها ومهامها خلال هذا الاستحقاق. رابعا : بخصوص مصادر الخبر: بالرغم مما تعرفه الصحافة من تحديات في الوصول إلى الخبر، يبقى ذكر المصادر هو أحد مقومات الاعتداد بهذا الخبر قياسا لأخر. ويلاحظ خلال الفترات الأربعة للانتخابات أن مستوى ذكر مصادر الخبر ظل يتراوح من جريدة لأخرى، لتبدو نسبة ذكر الخبر متساوية أو متفاوتة قليلا مع نسبة عدم ذكر الخبر. في مستوى ثان يستخلص بأن الفترة الثانية الموازية للحملة الانتخابية هي التي عرفت أعلى نسبة بخصوص ذكر مصادر الخبر، غير أنها أيضا وفي مقابل ذلك، هي الفترة نفسها التي عرفت أعلى نسبة على مستوى عدم ذكر مصادر الخبر، مما يجعل الاستنتاج مستعصيا على هذا المستوى، فكما أن انطلاق الانتخابات على أرض الواقع بما يعكس العلاقة المباشرة بين الناخبين والمنتخبين قادر على أن يوفر إمكانية الخبر ومصدره، فإن ما يقلص أهمية هذا الاستنتاج هو تساوي نسبة المواد المذكورة المصدر مع المواد غير المذكورة المصادر. خامسا: بخصوص التواتر المعجمي: يلاحظ على مستوى المصطلحات وتواترها هيمنة معجم ينتمي لحقول: التجارة، والحرب، والفساد عندما تتواتر كلمات مثل الفساد، الدعارة، المعركة، العنف، البيع، الشراء... ولنستخلص بأن الانتخابات بالمغرب لم تنتج بعد معجمها الخاص الذي يحيل على الانتخابات بما هي تنافس للفاعل السياسي من خلال البرامج التي تعني مختلف القطاعات، والرهان على استقطاب الناخبين للمشاركة فيها لمصلحة هذا البرنامج أو ذاك وما يتطلبه ذلك من معجم موازي. وإذا كان المعجم المتداول لدى كل صحفي داخل هذه الجريدة هو شأن خاص بكل جريدة وفق اختياراتها وإستراتيجيتها، فإن الملفت للانتباه هو حضور نفس المعجم الذي يتكئ على حقول غير حقل الانتخابات لدى الجرائد الأربعة، وبتقارب النسب خلال الفترات الأربعة، يشكل أحد المداخل للنقاش حول مرجعياتها وتصوراتها وخصائصها، كما أن التواتر لمعجم خاص يطرح إشكالية المعجم الأصلي للأحزاب في علاقة بالانتخابات، والتساؤل عن دور ووظائف الصحافة في علاقة بوضع مماثل . ملاحظة: قد يكون هناك حوار مع فاعلين آخرين حول مواضيع متعددة ومن الممكن أن يتضمن الحوار سؤالا حول الانتخابات وفي هذه الحالة لم يتم احتساب هذه الحوارات لأن موضوعها الأساسي ليس هو الانتخابات.