ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعراق الجديد ...من إغتصاب الأرض إلى إغتصاب العرض
نشر في الوجدية يوم 04 - 07 - 2009

قبل أن تحكم على الموضوع المؤلم الذي سنتطرق له نجد إنه من الصعب ان تعطيه حق قدره أو تتصور جسامته، إذا لم تتصور نفسك محل الضحية. ونسأل الله جل جلاله أن لا يضعك أو يضع أحدا من الناس في مثل ذلك الوضع الشائن، ولكن للضرورة أحكامها ومرادنا هو أن يكون تصورك في محله ومشاعرك صادقة وحكمك منصفا.
بأن ترفض ما تراه خطأ وانحرافا بقناعة تامة دون أية ضغوط، فقناعتنا أثمن ما فينا، وتمييزنا ما بين الحق والباطل هو مرشدنا الصحيح للطريق المستقيم، وتشبثنا بالحقيقة يكشف شعورنا النبيل بالمسئولية، فكل شيء في داخلنا مرآة تعكس ما يخرج منا من أفكار وسلوك وحالات قبول او رفض. ومن المؤسف أن البعض ومنهم علماء ومفكرين وأكاديميين ورجال دين وسياسة وإقتصاد وإعلام ختم الله على قلوبهم وأبصارهم وأسماعهم الأكنة فأنخدعوا بالشعارات الطنانة والألسن الملجومة على الكذب والزييف فإنضموا الى كورس الأحتلال ليرددوا ما يتغنى به مع أعوانه من الخونة والمارقين عن الدنيا والدين من أهازيج عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.
كي يكون حكمك عادل فكر بالمسئولين عن الضرربقاسم مشرك لكل الجهات التي ساهمت في تلك التراجيديا البشرية قولا أو فعلا أو سكوتا, كل من ساعد المحتل حكومات كانت أو مؤسسات بواجهات مختلفة أو منظمات أو شركات أو أفراد. وكيفما كانت المساعدة بالمال او الرجال او المعلومات أو الفتاوي أو في تبرير العدوان بشتى الوسائل والحجج. علاوة على الإعلام او الدعم اللوجستي من تهيئة المسالك الأرضية والبحرية والجوية للعدوان على العراق. فهذا هو الإنصاف! لأن التهرب من الإعتراف بهذه الجرائم، والتنصل من المسئولية أوتبرئة ساحة جهات مسئوله عنها بشكل مباشر أو غير مباشر فيه ظلم كبير للشعب العراقي وتجني على الحقيقة. إن مأساة شعبنا أكبر من أن توصف أو يتحدث بها لسان أو يدونها قلم أو يسعها كتاب. قمة المأساة عندما تغتصب أمك أو زوجتك أو أختك أو أبنتك لأنك ترفض الإحتلال وتقاومه! وهو جهاد مباح ومستباح بل مبارك وفق القوانين السماوية والوضعية، أقره القانون الدولي والشرعية الدولية. أو يجري لك ما يجري بسبب وشاية من رجل مريض فقد شرفه وضميره سميً( المخبر السري) يكيد للناس مقابل عمولة ليقبعوا في السجون بإتهامات مضللة. إنها بالتأكيد جريمة كبيرة ولكن عندما يتم إغتصابهم أمام ناظرك ستتحول إلى مصيبة أشد من القتل, وعندما تغتصب أنت نفسك أمام عائلتك، فتلك كارثة ما بعدها كارثة. ونكرر دعوتنا مرة أخرى! اللهم لا تجعل شعبا من العالمين يذوق طعم ماذاقه العراقيون على أيدي الغزاة والعملاء من إنتهاكات خطيرة. بعد هذا الإيجاز يمكن للمرء ان يطمئن لحكمك وسلامته، مع حقك بالاحتفاظ بالنتائج النهائية في ذهنك على أقل تقدير.
ظاهرة الأغتصاب الجنسي ظاهرة محدودة وهامشية على المجتمع العراقي الى فترة ما قبل الغزو ويمكن القول ان العراق كأقدم حضارة في العالم وصاحب أقدم شريعة قانونية أيضا ممثلة بمسلة حمورابي تضمنت لوائحه القانونية جميعها عقوبات رادعة ضد ظاهرة الإغتصاب, كما أن القوانين التي تلت تلك العهود القديمة لم تخفف من تلك العقوبات بل زادتها أو أبقت عليها. ورغم ان ظاهرة الأغتصاب لم يتناولها الإسلام بشكل مفصل ويضع لها حدودا كما هو شأن الزنا والسرقة، فذلك لأن القرآن الكريم هو دين هداية ومثل عليا وقيم ومبادئ سامية لتنظيم علاقة الناس بالرب وعلاقة الناس بالناس، وفي ذلك شرف وتشريف كبير فيما يتضمنه، لكن تلك الظاهرة لم تكن معروفة على نطاق واسع والشواهد التأريخية محدودة جدا ولا تسحق المزيد من الأهتمام والبحث والردع آنذاك. كما لا يمكن أن نتجاهل الضوابط الأخلاقية والأجتماعية التي إستمدت من تعاليم السماء فجسدها بتماثل محمود وأدى إلى ردع إنتشارها. إضافة الى العادات والتقاليد المحافظة والمتجذرة في المجتمع العربي والإسلامي عموما والعراقي بشكل خاص. لذلك يمكن أن نجزم بأن هذه الظاهرة الشاذة كانت هامشية في تأريخ العراق القديم والحديث، وإن محاولة إرجاعها الى العهود السابقة للغزو لا تقبل الترجمة إلا كمحاولة يائسة لتعليق أخطاء ومفاسد الحاضر على مشجب الماضي, وتمويه سرابي عابث يتلاشى بسرعة مع ظهور شمس الحقيقة. أن ظاهرة الإغتصاب الجنسي التي تجري داخل السجون وخارجها هي عملية تم تدجينها وتفقيسها مع الغزو الديمقراطي للعراق! فنشرتها أولا قوات الإحتلال البغيض وتلاقفتها منها الميليشيات المسعورة لتستقر أخيرا في رحم الشرطة العراقية كما سيتوضح لاحقا.
الجرح العراقي في هذا الموضوع الموجع لم يندمل بعد ولا يمكن أن يحصل ذلك كما يتصور البعض فعدد من الضحايا مازالوا أحياءا يعيشون بين ظهرانينا بآلامهم اليومية. والإنتهاكات ما تزال مستمرة حتى الوقت الحاضر, كل ما في الأمر إن سلعة الإغتصاب سلمتها قوات الإحتلال بسلامة وأمانة الى أيدي عملائها. لذلك فإن قيام صحيفة الواشنطن بوست بفتح هذا الباب مجددا بصور جديدة عن سجن أبو غريب لا يعني مطلقا إن الباب كان مغلقا! وكيف يغلق والموضوع يتعلق بشيْ هو أثمن ما في الحياة بل أثمن من الحياة ذاتها! أنه الشرف وهل هناك أثمن من الشرف؟ كل ما في الأمر إن بعث دماء جديدة لهذه الفضائح من شأنه أن ينشط دورتها الدموية لا أكثر. وأن كان الأمر متغافل عنه من قبل الرأي العام العربي والعالمي لغاية في قلب يعقوب، فالأمر ليس كذلك بالنسبة للرأي العام العراقي. فالإدارة الأمريكية لم تسترد بعد وعيها من فضائح سجن أبو غريب وغوانتناموا لتجد نفسها مرة ثانية أمام أهوال أبو غريب, وسجن أبو غريب يسبب لهذه الإدارة صداع الشقيقة وهو صداع مؤلم لا ينفع مع الأسبرين أوالمهدئات. فقد دخل هذا السجن التأريخ من أظلم أبوابه لما جرت به من فضائح وإنتهاكات جسيمة أشبه بالخيال. أنه السجن الذي وضع الباستيل تحت جناحه. وعاجلا أم آجلا سيتحول أبو غريب إلى متحف يجسد البربرية الأمريكية تجاه الشعب العراقي في ظل الديمقراطية الزانية التي جاء بها المحتل وذيولة. وربما ستوضع لوحة بماء الذهب عند باب خروج الزائرين يكتب عليها( لقد أكتفى المجرم بوش ووزير دفاعه رامسفيلد بالإعتذار فقط مقابل كل هذه الفضائح القذرة. أما الحكومة العراقية فلم تعتذر عنها بل بررتها).
الإنتهاكات الأمريكية في السجون العراقية على أنواع منها: عقوبات ذات طابع ديني بحت- مثل إجبار السجناء المسلمين على أكل لحم الخنزير أو إجبارهم على إحتساء الخمر أو سب دينهم ورسولهم الكريم أوتدنيس القرآن الكريم او التعرض الى مداعبات جنسية من قبل المجندات الأمريكيات (هذه العقوبة خاصة برجال الدين وأئمة الجوامع). وهذه الجرائم ألحقت ضررا كبيرا بسمعة دولة القطب الديمقراطي الأوحد. وهناك:عقوبات ذات طابع ترفيهي- طبعا للسجانين الأمريكان وليس للسجناء العراقيين مثل إجبارهم على المشي على أربع كالكلاب أو تقليد صوت الحيوانات أو يجبرون على إخراج أكلهم من مقاعد التواليت, أو إمتطاء السجناء كالحمير من قبل جنود الإحتلال. و إزعاج المساجين ليلا بمكبرات صوت لمنعهم من النوم أو وضعهم تحت أضواء كاشفة شديدة تشوش النظر. وكذلك أخذ صور تذكارية مع السجناء وهم عرايا. وشد رقابهم بسلاسل الكلاب وسحبهم. أو إجبار الرجال على لبس ملابس داخلية نسائية. وكذلك التبول على السجناء.
وهناك نوع آخر من العقوبات هي: العقوبات الجسدية- وهي عقوبات تقليدية معروفة لكنها متطورة عن السابق. تتمثل بالصعق الكهربائي والكوي وثقب الجسم بالدريل وكسر العظام وهرسها والتعليق بالإسلاك والضرب بالسوط والأسلاك ومهاجمة الكلاب للسجناء أو التخويف بها. وأقلها عصب العين لمدة شهر أو أقل.
والنوع الأخير من العقوبات هي: العقوبات الجنسية- ومنها إجبار السجناء على الإستمناء كما أظهر شريط فديو خمسة معتقلين عرايا يغطون رؤوسهم بأكياس النايلون ويمارسون الإستمناء مجبرين وسط ضحك وتهكم السجانين الأمريكان. منهم السجين صدام صالح الذي ظهر واقفا مع سجناء عراة وقد ألبسوا أكياس سوداء وكانت الجندية لأمريكية( ليندي انكلاند) تؤشر بيدها على أعضائهم الجنسية. وكذلك وضع مصابيح فسفورية أو عصي أو أسلاك في أدبار السجناء, أو إيقافهم على شكل هرم عرايا أو في أو في أوضاع جنسية تظهرهم كأنهم يمارسون الجنس مع بعضهم البعض. وتعليق يافطة على صدرهم كتبت فيها عبارة( أنا مغتصب)، وأبشع من هذا كله إغتصاب السجناء من رجال ونساء وأطفال وفي بعض الأحيان زوجاتهم وبناتهم و وأخواتهم و أقاربهم بذريعة الإبتزاز وإجبارهم على الإعتراف.
الصور الأخيرة التي أعترضت الإدارة الأمريكية على نشرها بسبب الضرر الذي سيلحق بمرتزقتها كما أدعت قد أنكرتها بادئ ذي بدء تتضمن جميع تلك العقوبات، لاسيما تلك المتعلقة بالإنتهاكات الجنسية وظهر أكثر من مسئول أمريكي يكذبها ويرجعها الى إلاعيب بالكومبيوتر. ولكن بعد تسرب البعض منها الى وسائل الإعلام ونشرها ألجمت تلك الأبواق وطلب الرئيس أوباما من وسائل الإعلام التحفظ عليها وعدم نشر البقية. وكان قبله وزير الدفاع السابق رامسفيلد قد حذر من نشرها لما يمكن أن تثيره من موجات سخط وكراهية للشعب الأمريكي، وقد أتفق رئيس حكومة الإحتلال نوري المالكي مع هذه النظرة مؤكدا بأن نشرها سيشعل الشارع العراقي ويطالب بإنسحاب قوات الإحتلال قبل موعدها بمعنى إسقاط الحكومة. فقد وصفت صحيفة الواشنطن بوست كيفية تعرض السجناء الى الإذلال الجنسي وتحدثت عن شريط فديو يصور مترجم في الجيش الأمريكي يغتصب فتى في الخامسة عشر من عمره وكأنهم يصورون فلما أباحيا. بل إن بعض الأفلام تصور الجنود الأمريكان وهم يمارسون فيما بينهم تلك الرذيلة الشنيعة مفتخرين ومتباهين بفعلها لأن الإناء ينضح بما فيه كما قيل! كما أكدت اللجنة العالمية لمناهضة العزل في مؤتمر لها عقد بالتنسيق مع جامعة بروكسل بأن "الصور المنشورة لا تظهر الحقيقة البشعة كاملة سواء في سجن أبو غريب أو بقية السجون الأخرى, فالحقيقة أشد فضاعة بكثير مما عرض".
كما نوهت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في عدة تقارير نشرتها عن قيام القوات الأمريكية والبريطانية بإغتصاب المئات من النساء والرجال والأطفال المعتقلين, متفقة مع ما أشارت اليه ممثلة إتحاد الأسرى والسجناء السياسيين العراقيين المحامية الفاضلة سحر الياسري بأن عدد السجناء بحدود(400) ألف بينهم(10000) إمراة أغتصبت 90% منهن، إضافة الى الرجال والأطفال. وكانت صحيفة(الديلي تليغراف) قد نشرت صورا لجندي أمريكي يغتصب سجينة عراقية، وأخرى لمترجم أدعت أنه مصري الأصل وهو يغتصب سجينا عراقيا. وهي طبعا محاولة سخيفة لزج مصر في هذه المأساة الإحتلالية وإبتزازها لأسباب سياسية، سيما أن الحديث عن هذه الصورة تزامن مع زيارة أوباما مؤخرا لمصر. فالمترجم أمريكي الجنسية ويعمل مع قوات الإحتلال وهو خاضع لقانون الولايات المتحدة, وكون اصله مصري أو من جنسية أخرى فهذا لا يعفيه من جريمته النكراء ولا يزيده منها ولا يلقي بالمسئولية على مصر أو غيرها, فهناك عدد من عناصر الشرطة العراقية أغتصبت معتقلين عراقيين من النساء والرجال والأطفال! ونحن نرفض من يتاجر بمآسينا ومصائبنا ويستخدمها لأغراض دعائية أو لإبتزاز الغير.
كما أشار تقرير أعده الأتحاد الأوربي الى تلك الجرائم الجنسية ونوه بحالات إغتصاب منظمة تعرضت لها المعتقلات في السجون، في غضون ذلك تم هتك أعراض الرجال والأطفال. مؤكدا الصور التي كشفت عنها الشبكة الإخبارية( CBS)حول الإنتهاكات الجنسية في السجون العراقية. وكانت مجلة(فانيتي فير) الأمريكية قد نقلت عن سجناء عراقيين وصفهم للإنتهاكات الجنسية التي تعرضوا لها, ومنها عمليات إغتصاب لعدد غير قليل من السجناء من بينهم صبي عمره(15) عاما. وصف بنفسه العملية القذرة قائلا: "سحبت بالقوة الى الحمام من قبل جنود أمريكان وتعرضت الى الإغتصاب". بدورها كشف صحيفة( الديلي تلغراف) في عددها الصادر في 28-5-2009 بأن الصور التي إعترض الرئيس أوباما على نشرها تتضمن" إغتصابات وإنتهاكات جنسية مروعة" مؤكدة في ذلك ما ورد في التقرير الذي نشره الجنرال الأمريكي(انتونيو تاغوبا) من" إغتصابات وإنتهاكات جنسية وكل سلوك شائن" تعرض له السجناء العراقيين في أبو غريب وسجون أخرى.
الصور التي وعد الرئيس أوباما أولا بنشرها قبل تسربها الى وسائل الإعلام من ثم تنصله من وعده، تؤلف سجلا يتألف من(65) صفحة يتضمن(1600) صورة, وتضم (400) نوعا من الإنتهاكات في سجن أبو غريب وستة سجون أخرى. تغطي الفترة مابين عام 2003-2005 معظمها تمثل إنتهاكات جنسية صارخة تتنافي ليس مع القيم السماوية ومواثيق حقوق الإنسان والقانون الدولي فحسب بل مع كل الإعتبارات البشرية والقيم الإنسانية والحضارية. إنها عودة أمريكية موفقة الى عصور البربرية الأولى بأخس وأبخس صورها. وسخر الجنرال تاغوبا من نتائج نشرها" لا ادرى ما الغرض الذي سيحققه نشرها سوى الغرض القانوني؟ ستكون العاقبة تعريض قواتنا للخطر، وهم حماة سياستنا الخارجية في وقت تشتد فيه حاجتنا اليهم " مضيفا بأن " مجرد وصف ما في الصور من شأنه أن يكشف الفظائع " وهو إعتراف ضمني بجسامة تلك الإنتهاكات.
سبق أن وصفت( إيرين خان) أمين عام منظمة العفو الدولية صور أبو غريب بقولها" سيتذكر الناس الصور المفزعة التي شاهدوها وسيتساءلون عما حدث لهؤلاء السجناء" وتهكمت بسخرية من إعترافات رامسفيلد وإعتذاره من الشعب العراقي بتساؤل مثير" ماذا كان دور الضباط البارزين بمن فيهم وزير الدفاع الأمريكي نفسه؟ فبعد مرور سنة من تسرب أول صور للانتهاكات الجسدية والجنسية في حق السجناء العراقيين في ضاحية من ضواحي بغداد الغربية إلى وسائل الإعلام، لم تتم معاقبة إلا خمسة جنود"! أما (انونيلا نوتاري) المتحدثة بإسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فقد وصفت الصور بأنها" تثير الصدمة والذهول" وإقتبست صحيفة الليموند الفرنسية عنها" لسنا بحاجة الى الصور لمعرفة ما يجري داخل سجن ابو غريب في بغداد" فالحقيقة شمس لا تحجب بغربال.
لذلك يمكن أن نستخلص الحقيقة الآتية وهي أن قوات الغزو كانت العامل الأول في إنتشار هذه الظاهرة, فقد أعترف العديد من الضباط الأمريكان خلال العامين المنصرمين بأن التعليمات كانت تردهم حول تشديد العقوبات على المساجين وإذلالهم، وكانت الإدارة الأمريكية على علم تام بكل تلك الإنتهاكات وسكتت عنها لأنها كانت تقف ورائها, فقد إعترفت منظمة( Action Centre) ومقرها نيويورك بأن القيادة الامريكية العليا طالبت " لمواجهة المقاومة العراقية بشن حرب مفتوحة ضد السكان المدنيين العراقيين عموما". ولكن بعد أن نشر غسيل أبو غريب على سطوح الرأي العالمي, حدت الإدارة الأمريكية من تصرفات مرتزقتها بضوابط جديدة مخففة, ولردم هوة أبو غريب قامت بتسليم الجهات العراقية مسئولية سجن أبو غريب، لعل هذه الخطوة تخفف عنها الضغوطات الدولية, ولكن التطورات الجديدة في هذا الموضوع أثبتت أن فضائح أبو غريب ستلازم الإدارة الأمريكية مثل ظلها، وتؤرق مضجعها كما فعلت جرائمها في فيتنام والصومال والسودان وأفغانسان وغيرها.
الجهة الثانية المسئولة عن ظاهرة الأغتصاب تتمثل في الحكومة العراقية والبرلمان فوزارات الإنتهاكات المتمثلة بالداخلية والدفاع والأمن والعدل والعمل تتحمل نفس القدر الذي تتحمله الإدارة الأمريكية فقد سكتت الحكومة والبرلمان عن تلك الجرائم بدافع عدم التفريط بالوزراء المسيئين الذين ينتمون الى تلك الأحزاب بحكم نظام المحاصصة الطائفية. لذلك لم تتخذ إجراءات ردع فعلية بحق أولئك الوزراء الذين هم بدورهم أسندوا ظهر الضباط المسيئين وهكذا دواليك. المثير للدهشة إن وزير الداخلية السابق باقري صولاغي بعد كل الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب العراقي، بدلا من محاسبته قاموا بمكافئه وأسندوا إليه وزارة المالية في آخر تشكيلة وزارية, والمالكي بدلا من محاسبة الضباط الذين أغتصبوا صابرين الجنابي قام بتكريمهم في إلتفاتة أبوية كريمة. بل أنه في آخر تصريح عرضته قناة الشرقية أعلن غيظه من عملية الدفاع عن المعتقلين في السجون مبررا جميع الإنتهاكات التي يتعرض لها السجناء لأنهم ببساطة يستحقون ذلك حسب رأيه, ولسنا نخالف رجل دولة القانون في حتمية معاقبة الإرهابيين والمجرمين واللصوص وعناصر الميليشيات وكل مجرم ولكن وفق القانون ايضا وليس وفق مزاجية المالكي وحكومته.
ما فات رجل (دولة القانون) إنه شمل معظم السجناء بحديثه والإعمام ظاهرة خطيرة تحرق اليابس بسعر الأخضر وهذا خطأ كبير لا يغتفر، فمعظم السجناء أعتقلوا بلا تهم محددة بإعتراف الإدارة الأمريكية ووزارتي حقوق الإنسان العراقية والعدل, كما ان معظمهم ألقي القبض عليه بلا مذكرات قضائية في دولة القانون, والبعض الآخر أعتقلوا بدعوات وبركات( المخبر السري) بناءا على وشايات كيدية, إضافة الى أن العديد منهم أمضى عدة سنوات في السجن دون أن ينظر في قضيته. أما المتهمون بإعمال إرهابية كما يزعم المالكي فكم يشكل هؤلاء الإرهابيين من مجموع السجناء؟ وإن كان الأمر هكذا حقا فلماذا لم تعلن الحكومة لحد الآن إلقاء القبض إلا على عدد من الإرهابين لا يزيد عن المائة؟ طالما انها على هذا المستوى الراقي من التحقيق الفدرالي والتمحيص والتدقيق وملاحقة المجرمين؟ أليس الأجدر بحكومة المالكي أن تعلن للشعب العراقي عن المجرمين الذين فجروا العتبات المقدسة في سامراء وكربلاء؟ والإرهابيين الذين أختطفوا السيد أحمد الحجية رئيس اللجنة الوطنية الأولمبية السابق مع حوالي خمسين شخصا وسط النهار، ولا يوجد من يجهل السبب والجهة التي تقف وراء إختطافه؟ أو الذين أختطفوا موظفي دائرة البعثات صباحا برتل من السيارات بلغ خمسين( نفس سيارات الشرطة وأسلحتهم وهوياتهم وملابسهم)؟ أو الذين فجروا كفتريا البرلمان؟ أوالذين اغتالوا اكثر من(5000) عالم واكاديمي عراقي؟ أو الذين إغتالوا مئات الطيارين والقادة العسكريين؟ والذين استوردوا المواد الغذائية المسمومة والأدوية الفاسدة؟ أوالذين جعلوا العراق بلدا مستهلكا ومنفذا لتجارة المخدرات؟ والآلاف من الجرائم التي سجلت ضد كائنات مجهولة بالنسبة للحكومة والبرلمان ولكنها معروفة لعموم الشعب.
ثم هل يجوز في دولة سخرية القانون ان يتم إغتصاب المعتقلين والمعتقلات والأطفال داخل السجون من قبل المحققين وضباط الشرطة؟ ونستحلفكم بإلله يا معارضي الأمس وحكام اليوم هل تعرضتم أنتم وغيركم من المعارضين للنظام الوطني السابق الى مثل تلك العقوبة؟ لتبرروا لأنفسكم فعلها والدفاع عنها؟ لقد أحيل عدد قليل من مرتزقة الأمريكان الى المحاكم الأمريكية بتهمة إغتصاب عراقيات ورغم سخافة تلك المحاكم وعدم سلامة أحكامها، لكن خبرونا عن عدد ضباط وزارة الداخلية في حكومتكم الراشدة ممن أحيل الى القضاء بسبب الإغتصاب؟ النتيجة معروفة ولا تحتاج الى إجابة. فمن يكرم مغتصبين صابرين الجنابي لا يمكن أن يعاقب مغتصبين غيرها من العراقيات! وفي الوقت الذي أعتذر المجرمان بوش ووزير دفاعه السابق رامسفيلد عن جرائم مرتزقتهم في سجن أبو غريب وبقية السجون وتصريحه في مجلس الشيوخ" أتحمل المسؤولية كاملة للمعاملة السيئة التي تعرض لها المعتقلون العراقيون, وأقدم أعتذاراتي الصادقة إلى العراقيين ممن تعرضوا لسوء المعاملة على يد عناصر في القوات المسلحة الأميركية. وأني أبحث عن وسيلة لتقديم تعويضات مناسبة لهؤلاء المعتقلين الذين عانوا من معاملة بهذه الوحشية والقسوة من قبل بعض عناصر القوات المسلحة الاميركية".
فأن لا المالكي ولا باقري صولاغي ولا الجعفري ولا سعدون الدليمي ولا عبد القادر العبيدي ولا جواد بولاني ولاموفق الربيعي وغيرهم من المسئولين الحكوميين قدموا أعتذارهم للشعب العراقي عن الجرائم البشعة التي أرتكبت بحق الشعب العراقي والسجناء بشكل خاص!
كما إن الميليشيات المسعورة والمرتبطة معظمها بإيران كان لها دور آخر في عمليات إختطاف وإغتصاب العراقيات ولا سيما في محافظات بغداد والبصرة وديالى, وتلك الميليشيات هي الوجه المخفي لحكومة الإحتلال فهي تمثل أذرع الشيطان للكتل السياسية الحاكمة وتنفذ أجنداتها الإجرامية, ولتلك الميليشيات سجونها ومحاكمها وعقوباتها الخاصة وقد أغتصبت العدد من النساء في تلك السجون. رغم إن بعض عناصر الميليشيات قد تمردت على تلك الكتل السياسية وتحولت الى عصابات إجرامية مستقلة.
علي الكاش
"كاتب ومفكر عراقي"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.