المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الردّ على شطحات وترّهات من يزعم أنه ناقد سينمائي
نشر في مرايا برس يوم 03 - 07 - 2010


الردّ على شطحات وترّهات من يزعم أنه ناقد سينمائي
عن فيلم أولاد البلاد ...مرّة أخرى
ترددت كثيرا قبل كتابة هذا الرد على المقال الذي كتبه " محمد بنعزيز" تحت عنوان أزمة سيناريو "أولاد البلاد" في 12صفحة..ليس لأنه هاجم الفيلم بطريقة لا تمت للنقد الفني الفنّي بصفة عامة والنقد السينمائي بصفة خاصة، ولكن فقط حتى لا يعتقد القارىء بأن كل كلام فضفاض يرتدي عباءة النقد هو نقد.
يجب الاعتراف أوّلا أنه لا بد من النقد كي يتطور الفن في أي مجتمع..فالنقد والفن والإبداع كلاهما جنبا إلى جنب يساهمان في الرقي بذوق المتلقي/المتفرج، ومساعدته على امتلاك الأدوات النقدية وإرشاده إلى ما لا يقدر المتفرج العادي الوصول إليه دون مساعدة ناقد محترف يمتلك أدوات النقد الموجّهة (بكسر الجيم) والمساعدة.. لكن حينما يتحول الناقد إلى سلاّخ في مجزرة النقد، وتتحول أدواته النقدية إلى شفرات حادّة وسكاكين يشحذها قبل الجلوس أمام الشاشة الكبيرة لمتابعة الفيلم كي يصب عليه جمّ غضبه فتلك مسألة نقدية فيها نظر وتطرح عدة أسئلة .. ما الغرض منها ؟ ما الهدف ؟ من المحفز على كتابتها؟ وما النتيجة ؟ هل هذا الذبح والسلخ (وشتّان مابين الذبح والسلخ وبين النقد البنّاء) هل هما في صالح الفن والفنان المغربي ؟ أم هي فقط معاول للهدم تضر أكثر مما تنفع..! لا علينا .. سأرد على صاحب المقال محمد بنعزيز وأتمنى أن يتسع صدره وفكره لاستيعاب الهفوات التي وقع فيها بوعي أو بدون وعي وهو يكتب كيفما اتّفق ويستعمل المفاهيم والمصطلحات كما حفظها ويا ليته رددها كما هي في الأصل أو كما وردت في سياقها، أو كما هي متعارف عليها عند واضعيها من النقاد بدل أن يحرفها ويخبط بها خبط عشواء معتقدا وواثقا من نفسه بأنه ناقد ألمعيّ.. والذي دفعني للرد على هذا المقال ثتنية هو حينما صنف صاحبنا نفسه كناقد سينمائي.. أما لو كان المقال من متفرج عادي لما ألّمني ذلك ولاعتبرته عاديا، بل كنت تقبلته برحابة صدر.. ولكن أن يدعي صاحبنا النقد السينمائي وهو منه براء فهذا ما يحزّ في النفس..لأنّ الساحة السينمائية فرغت فعلا من النقاد المحترمين والمتمكنين من أدواتهم النقدية.. وتركت الميدان خاليا للمتطفلين والمدّعين..وهذا شأن الثقافة المغربية في الوقت الراهن..بل وهذا ما سبب الانتكاسة والنكوص الفني والثقافي في البلاد..
لقد شارك فيلم أولاد البلاد مؤخرا في مهرجان سينما المؤلف بالرباط.. ورغم حدث كرة القدم بجنوب إفريقيا كانت القاعة غاصة بالمشاهدين وفي نهاية الشريط فتح نقاش بين المخرج والسيناريست والحاضرين..ولو كان هذا الناقد السينمائي حاضرا، لاستفاد الكثير من تلاميذ وتلميذات الثانويات في عمر الزهور..لقد فاجؤوا الجميع بمداخلاتهم وبآرائهم التي تنمّ عن حس ذوقي رفيع ومستوى من النضج عال، متمكنون من أدواتهم الفنية حتى لا أقول النقدية نعم.. متمكنون.. لماذا ..؟ لأن هؤلاء التلاميذ والتلميذات يؤطرهم أساتذة وأستاذات ويعطونهم دروسا في فن السينما.. ملاحظاتهم ورؤاهم تثلج الصدر ليس فيها مجاملة أو إطراء، يمكن لكاتب السيناريو أن يستفيد منها وكذلك المخرج والممثلون، دون تجريح ودون ادعاء بالمعرفة..ونالوا على ذلك رضى وتشجيعات وتصفيقات الحاضرين الذين يكبرونهم سنا وتجربة..هؤلاء يعوّل عليهم كرهان ومكسب للسينما المغربية القادمة وهذا ما يجعلنا كمغاربة نتفاءل بأن هناك جيل وخلف يعمل ويجتهد.. يناقش ويشاكس ولكن في أدب وباحترام أصول النقاش والحوار.. وقبل البدء في الرد تجب الإشارة أولا إلا أن مصطلح أزمة التي عنون بها كاتب المقال (شطحاته النقدية) والتي ،نقلت إلى ميدان الأدب هي بداية مصطلح متداول في حقل الاقتصاد وتمّ إدماجها مؤخرا بعلم أو بجهل في حقل الأدب والفن عموما، والسينما والتلفزيون خصوصا..والآن جاء دور الرد على ناقدنا السينمائي :
أولا : لأول مرة أقرأ لناقد يصدر الأحكام عن عمل فني في السطور الأولى دون أن يحلّل أو يناقش.. علما أن الأحكام تكون في نهاية التحليل وليس في بدايته.. أي بعد عمليتي الفهم والتفسير للعمل الأدبي كما عرف المفهومين لوسيان غولدمان.
ثانيا : الناقد الذي يحترم مهنته لا يهتم و لا يضيع الوقت إلاّ في الأعمال الجادة التي تعود بالنفع على المجتمع.. أما التي يراها سطحية وكلها أخطاء وهفوات وعديمة القيمة..(كما يزعم صاحبنا عن أولاد البلاد) فلا يوليها اهتماما .. لأنها وبكل بساطة غير ذي جدوى.. لماذا أضيع وقتي وأسوّد عدة صفحات (12 صفحة) في شيء لا قيمة له..؟ إن لم تكن هناك نوايا مبيتة طبعا..؟
ثالثا : ليست مهمة الناقد أن يصدر أحكاما.. بل عليه أن يمتلك منهجية ويتسلح بأدوات نقدية يبرز فيها هفوات العمل دون أن يغفل إيجابياته.. ويترك للقارىء اتّخاذ القرار .. لكن ناقدنا اتبع طريقة عكسية فبدأ بإصدار الأحكام، وكأنه قاضي في محكمة وليس ناقدا أمام إبداع فني، يقول ناقدنا المحترم : ".....وقد كان للانطلاق من فكرة سائدة عن شخصية جاهزة أثر سلبي على صياغة السيناريو على مستويين: مستوى كبح حرية التخييل ومستوى بناء الشخصية.. فقر في الخيال" معنى هذا الكلام أن كل قصة فيلمية حتى لا نقول سيناريو" هذا البعبع المخيف في لا وعي البعض" لا تنطلق من فكرة سائدة أو عن شخصيات جاهزة، مع أن معظم الأفلام سبب ولادتها هاذين العنصرين، وإلاّ لماذا تحول السيرة الذاتية إلى فيلم.. ولماذا تحوّل القضايا الاجتماعية والثورات والانقلابات والحروب إلى موضوعات سينمائية ؟ وليعلم ناقدنا أن التخييل في السينما غيره التخييل في القصص والروايات.. فأمام الروائي فرص أكبر للتخييل عكس السينمائي الذي هو محكوم عليه بأن يكون لتخييله حدودا لأنها ترتبط بظروف الإنتاج.. وهذا ما تم الحديث عنه بجلاء في كتاب غارسيا ما ركيز الذي استشهدت ببعض الجمل منه.. (الظاهر أنك لم توظف من الكتاب سوى الجمل التي تساعدك على الهدم وليس البناء) .
رابعا : صاحبنا لا يفرق بين الخيال والتخييل في مقاله.. عزيزي الناقد ماذا أقول لك بصدد هذه النقطة : عد إلى المعجم..لتجد أنّ التخييل ليس هو الخيال.. فشتان ما بينهما..
زميلنا سرد شخصيات الفيلم السّتّ وهذا يدل على أنه تابع الفيلم من أوله إلى آخره.. بل وتمكن من معرفة بعض حيثياته.. وهذا الشرط لا يمكن أن يحصل عند المتفرج/المتلقي إلا إذا ساعده الخط الدرامي للفيلم على ذلك، وإلا سيصاب بالارتباك..إن لم نقل النفور الذي يفرض عليه مغادرة القاعة..فأنا أتساءل بحكم الممارسة والتجربة كيف أفرض على نفسي متابعة عمل سينمائي لمدة ساعة و52 دقيقة إن لم يعجبني الفيلم.. ما الذي يجبرني على ذلك ؟ وعلى ناقدنا أن يعترف بأن متابعته للشريط من البداية حتى النهاية ما هو إلا نتيجة هذا الترابط والتماسك في السيناريو.. وإلاّ لكان أصابه الملل وغادر القاعة في منتصف الفيلم.. بل وهل رأيت أيها الناقد من غادر القاعة أثناء مشاهدة الفيلم ؟ إذا أجبت بصدق عن هذا السؤال ستغير الكثير من وجهة نظرك حتى لا أقول (نقدك) لأنه ببساطة لا أحد يفرض على المتفرج مشاهدة ومتابعة فيلم إن لم يسعفه الخيط الدرامي على ذلك..من خلال متابعتنا الرصينة لم يحدث أن رأينا مشاهدا خرج في وسط الفيلم أو في لحظاته الأخيرة..بل كانت المتابعة من البداية حتى النهاية..
خامسا : " أولاد البلاد " فيلم يرى فيه المشاهد المغربي صورته في المرآة لكن برؤية فنية (وليس متطلبات فنية كما تزعم والفرق واضح بين الاثنتين لأن الفن والإبداع يجب أن تكون له رؤية للعالم وليس متطلبات فنية..فالأولى في السينما تقض مضجع الكاتب والمبدع الذي يحمل رسالة ، أما الثانية فهي تخص التقنيين الذي درسوا تقنيات السينما في المعاهد) ، هذا من جهة ومن جهة أخرى أفلام سينمائية كثيرة حصلت على دعم القناة الثانية ولن تعرض على القناة بسبب عدم قابليتها للعرض لوجود مشاهد محرجة أمام الأسر المغربية في بيوتها فضاع الدعم هباء.. أمّا فيلم أولاد البلاد فحصل على دعم من القناة الثانية وسيراه المغاربة دون حرج.
سادسا : "شريط أولاد البلاد" من الأفلام المغربية التي يمكن أن تتفرج عليها الأسرة بكاملها دون أن يحس أي أحد بالحرج أو النّزق.. ليس فيه ما يخدش الحياء..بل راهنا على شيء واحد هو شحذ ذهن المتلقي ومشاركته معنا في توجيه رسالة قوية لمن يهمهم الأمر.. هذه الرسالة بعيدة عن السطحية كما تدعي سيدي الفاضل.. لأنه لو كانت كذلك، لسبق تناولها سينمائيا كما تناولتها باقي وسائل الإعلام قبل الآن.. لماذا تحدثت عنها وسائل الإعلام المغربية والأجنبية ولم تتناولها السينما المغربية ؟ أليست السينما وسيلة إعلامية تفعل فعلها في المجتمع أكثر من الوسائل الأخرى.. هل أذكرك بفيلم " أريد حلا " الذي لعبت بطولته فاتن حمامة..والذي كانت لنتيجة عرضه في مصر وقتئذ إجراء تعديلات على الدستور في مصر.. أليس فيلما صور عن الإجهاض في فرنسا قد قاد إلى تعديلات دستورية في أوربا قبل فرنسا في هذا المجال.. كيف تكون رسالتنا سطحية والأسر المغربية تقريبا لا يخلو بيتها من عاطل أو عاطلة من حاملي الشهادات..؟ يقول ناقدنا : " وإذ يحصر حامل الشهادة العاطل نفسه في هذا المستوى المنحطّ من الوعي..(الناقد لا يفرق بين مفهوم الوعي والفكر فعنده المصطلحان سيان) فإنه لا يتوفر بذلك على أي تفسير اقتصادي وسياسي لبطالته... بسبب غياب الوعي الراقي ( لأول مرة أسمع ناقدا يقول الوعي الراقي .. مع أن الذي درسناه وتعلّمناه في مدرجات الجامعات هو: الوعي الجمعي ، أو الوعي الفردي ، الوعي الكائن أو القائم، والوعي الممكن، عند كل من لوكاتش ولوسيان غولدمان تحديدا فيما يسمى بالنقد السوسيولوجي..أو الوعي الشقي،عند غرامشي.. أو الوعي الطبقي عند ماركس وإنجلز..وعند تلاميذ هؤلاء من بعدهم) أما الوعي الراقي فلا علم لأحد به وهو من بنات أفكارك عزيزي الناقد المحترم..صدقني أخي الكريم..! لو وجدتك فيما كتبت تمتلك جهازا مفاهيميا رصينا ومصطلحاتك دقيقة لاحترمتك وشكرتك على توجيهاتك..ولكن مع الأسف ثرثرة وكلام يفتقد لأية منهجية..عيب أن تقدم نفسك كناقد سينمائي..فيحسب بعض الناس أن هذا هو النقد..علما أن النقد السينمائي رغم وجوده لا يزال حديثا ولا يزال يلتمس طرقه ومناهجه بين الفنون الأدبية الأخرى التي سبقته من شعر وقصص وروايات ومسرح وفنون شعبية...إلخ.
يقول ناقدنا : " اضطروا إلى افتعال توتر جنسي لفظي مرتين وهو توتر ليس من صلب موضوع الفيلم المرة الأولى في المقهى والمرة الثانية في السيارة عند تحميل السائق النساء مسؤولية عدم تحديد النسل.."
أولا : هلا تفضلت وشرحت للقارىء ما معنى التوتر الجنسي اللفظي ؟
ثانيا : المشهد في حد ذاته يبين لحظة عودة المفضل إلى البلاد " مسقط رأسه" وصمته دال على سلبيته التي أتفق معك فيها.. والحديث عن الإنجاب وعن الأطفال في الطاكسي ينبه المتفرج وليس ركاب السيارة إلى رسالة فحواها : أن هؤلاء الأطفال القادمين موضوع الحديث في السيارة الذين هم مشروع المستقبل مصيرهم قد يكون مصير بطلنا المفضل الذي يوجد بينهم ..إن لم يسعفك (خيالك أو تخييلك) على قراءة مضمون المشهد وفق ما قد يتطلبه السياق ..ما ذنب كاتب السيناريو ؟ وما ذنب المخرج؟ وما ذنب الممثلين ؟ لا ترم عجزك عن الفهم بلوم الآخرين رجاء..
تأملوا معي هذه العبارة لناقدنا السينمائي : " الحدث هو الدافع للعنف، وهذا لم تتضمنه قصة السيناريو الذي كان رتيبا.." لنلاحظ أن الأحكام تطلق على عواهنها جزافا " السيناريو الذي كان رتيبا " هذا حكم يجب أن يكون نتيجة تحليل.. ونتيجة التحليل لا تكون إلا بعد أن يستنفذ الناقد كل ما في جعبته..وليس حسب مزاعم وانطباعية. (.. وهذه الطريقة الانطباعية اصطناعها في درس النصوص أمر من قبيل "الخلوة" بها، وفي هذه الخلوة يقول الدارس ما يشاء عن مفاتنها أو مفاسدها دون قيد منطقي أو شرط.) ( حسين الواد في مناهج الدراسات الأدبية منشورات الجامعة ص 7)
ثانيا : ناقدنا لا يفرق بين الحدث الدرامي والحدث العادي بين الناس.. فهذا الأخير هو الذي يؤدي إلى العنف.. أما الحدث الدرامي فيؤدي إلى تطور في زمن الحكي..زمن تتطور معه أفعال الشخصية وانتقال أفعالها وتصرفاتها وتبعا لذلك أحاسيسها ورؤاها وفق مدة زمنية محدودة من مسار الفيلم.. والطامة الكبرى حين يقول : " وقد أدرك المخرج محمد إسماعيل مشكلته، فعندما يقول Actionلا تجري أي حركة.. يتم تصوير أشخاص (مع أنهم ممثلون وليسوا أشخاص) يتحدثون عبر البّان..) هل هذا كلام مسؤول ؟ أليست هذه قمة المزاعم والادعاءات النقدية تضر أكثر مما تنفع وتشوش على المتلقي أكثر ممّا تبين له خبايا الفيلم؟ هل بذكرك لكلمة (البّان) صنفت نفسك ناقدا ؟ عجبا والله عجبا.. ويقول ناقدنا : " فالأخ (أي: شخصية عبد الحميد ) في المحلّ جالس طيلة الوقت أمام الحاسوب إلى أن أصبح إرهابيا كبيرا..تصويره في جبل مكلف للإنتاج .) الله أكبر! فتح الله ونصر ! ما الذي هو مكلف للإنتاج أكثر؟ كراء مروحية لساعات صورت منها ثوان فقط في مشهد سينمائي وبالملايين،(14 مليون سنتيم) أو جعل شخصية عبد الحميد لوحدها تتدرب في الجبال وعدتها بندقية أو رشاش في الغابة الموجودة أصلا في عين المكان..؟ هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ليست هناك أية إشارة في الفيلم لا من قريب ولا من بعيد تشير إلى أن عبد الحميد إرهابي .. بل هو داعية حسب زعم واعتقاد شخصية عبد الحميد وليس كاتب السيناريو أو مخرج الفيلم إلى طريق الخير في الأول.. وبعد أن أدخلته الجماعة في شركها أصبح داعية جهاد.. وسفره ما هو إلا خطوة أولية في طريق الإرهاب لكن هذه الخطوة لم تكتمل..أما عن الشرطة التي اعتقلته في المطار في ثواني كما تزعم، فعليك أن تربط هذا المشهد بمشهد جامع مع الهاشمي في الفندق.. لما أخبره جامع بأن السلطات الأمنية تزعم أنّ "رأس اللفعة" هنا في واد لاو .. لذلك هناك تشدد من وسائل الأمن...عبر عنها جامع بقوله (الوقت مزيرة)..إن لم تنتبه إلى هذا التسلسل وهذه الحبكة ماذا يفعل لك كاتب السيناريو ؟ أو المخرج وباقي المشاركين في صناعة الفيلم ؟ ثم ألا تتذكر حادثة 16 ماي في الدار البيضاء..وقارورة الزيت التي بيعت بمليون سنتيم لأنها تحتوي على مواد تساعد على التفجير بسهولة.. وكتبت الصحف عن ذلك..واستعملت القارورة في التفجير..إن القارورة تلك بيعت في وادي لاو..والدكان الذي صور فيه جامع هو نفس الدكان..وصاحبه الملقب ب" اللحية " الذي باعها لم يكن في علمه أي شيء عن القارورة حتى اعتقله رجال الأمن.. وتم التحقيق معه لعدة أيام..جلسنا معه عدة جلسات وحكى لنا عن الاستنطاق وعن ظروفه..وكيف أطلق سراحه.. هل سمعت عن هذا في الفيلم.. هذه كل وقائع حصلت على ارض الواقع.. لكن هل وجدتنا قد نقلنا هذه المعلومات حرفيا في الفيلم.. كل ذلك ذوبناه كما يذوب صانع الذهب التبر ليصقله ويصنع منه تحفة فنية.. فلماذا تدعي ما تجهله وتقول بأن كتاب السيناريو والمخرجين عندنا لا يجتهدون..؟ من أين لك هذه الأحكام ؟
يقول زميلنا : " ACTION لا تقال للكاميرا، تقال للممثلين.." سيدي الفاضل! رجاء مرة أخرى لا تدعي معرفة ما لا تعرفه .. " ACTION كلمة .... لا تقال لا للكاميرا ، ولا للممثلين.. هي فقط إشارة متعارف عليها لبدء التصوير.. وبدء التصوير له قواعد يجب على كل من يحضره في تلك اللحظة أن يلتزم بقواعد اللعب بدءا بإغلاق الهواتف النقالة وعدم إحداث إي ضوضاء .. ثم إنها إعلان بدء الفعل ولا فعل بدون حركة..هل حضرت يوما موقع تصوير فيلم من الأفلام ؟ لكن أعجب وأغرب مصطلح نقدي أو خرافة اسمها نقد هو الآتي ، يقول صاحبنا : " يريد الجمهور الفن ليرتقي من ضجر الواقع الخبزي الذي يعيشه ...." سمعنا بالواقع المعيش..والواقع المرّ.. لكن الواقع الخبزي كمصطلح نقدي لم أسمعه حتى من الناس العاديين، فما بالك بناقد يزعم أنه كفؤ لتولّي هذه المهمة..ثم يضيف : " ... وهنا تزول وظيفة السينما تماما ليقع الفيلم في وقائعية مضجرة (انتبه أيها القارىء لأحكام القيمة تطلق جزافا) تكرر ما يعرفه المتفرج الذي يمكنه سماع نفس الحوارات في المقهى المجاور لقاعة السينما... واقعية (لاحظ أيها القارىء قبل قليل قال وقائعية والآن واقعية.. الأمر عند صاحبنا سيان) فظيعة سطحية تمنع المشاهد من عيش الوهم السينمائي..) (الواقعية والوقائع عند ناقدنا السينمائي سيان).
سيدي الفاضل! السينما التي تشجع المتفرج على عيش الوهم السينمائي هي السينما التجارية وليست السينما التي تحمل همّا ورسالة ومشروعا مجتمعيا.. وتلك السينما لا تمنح المشاهد عيش الوهم فقط، بل أكثر من ذلك تبيع له الوهم.. وأعترف لك أن تلك السينما في المغرب لها جمهور أكثر ومداخيلها المادية من شباك التذاكر أكثر من جمهور ومداخيل شريط " أولاد البلاد وغيره من الأفلام المغربية الجادة التي تحمل هما ومهمة تاريخية .. تماما كما هو الشأن في المسرح الجاد والأغنية المغربية الجادة اليوم ..
يقول ناقدنا على لسان أندري بازان : إن مهمة السينما ليست أن تضاعف بل أن تكثف " سيدي الفاضل! كفى من الضحك على الذقون.. السياق الذي قال فيه أندري بازان ما قاله ليس هو نفس السياق..إشرح للقارىء ما معنى التضعيف في السينما وما معنى التكثيف..هذه هي مهمتك كناقد سينمائي.. دور الناقد هو التمكن من المفاهيم وشرحها للقارىء وليس استعراض عضلات اللسان .. تأملوا معي هذه العبارة النقدية : " ... لذلك حذر غابريل غارسيا ماركيز في ورشة سيناريو من المحاكاة الحرفية للواقع لأنها تنفر المتفرج وتساءل : كيف ننجو من ذلك ؟ أجاب (يقصد غارسيا ماركيز) " عن طريق لمسة خاصة، من خلال مثقال غرام جنون تحتويه كل قصة من قصصنا " من أين يأتي غرام جنون ؟ من التخييل . لا تخييل في فيلم " أولاد البلاد " كل هذا اللف والدوران والاستشهادات بغارسيا ماركيز من أجل تأكيد النتيجة التي حسم فيها الناقد ربما قبل مشاهدة الفيلم ( وهذا ليس غريب على ثقافة اليأس والانتكاس) هذه النتيجة هي : لا تخييل في "أولاد البلاد" علما أنه سبق أن أوضحنا بأن صاحبنا عنده التخييل والخيال في كفة واحدة.. هذا علما بأن غارسيا ما ركيز في ورشة السيناريو تلك وحينما يقول قصصنا) فهو يتوجه بالكلام للذين معه في الورشة وهم ينجزون أعمالا تلفزية عددها 13 عملا .. قدموها لمحطات تلفزية خاصة يقول ماركيز في الصفحة 10 من نفس الكتاب الذي استشهد به ناقدنا المحترم: " ... عندئد قررنا إنشاء مؤسسة إنتاجية لكي نتمكن من بيع إنتاجنا كاملا..." والدقة العلمية تفرض أن نذكر المرجع كاملا وهو كالآتي : "ورشة سيناريو..غابرييل غارسيا ماركيز/ ترجمة صالح علماني دار المدى للثقافة والنشر/ ط 1/ 2008 "...غارسيا ما ركيز والذين معه في الورشة كان يعرف ماذا يريد ومن يقصد بكلامه.. وهذا ما لا يوجد في الكتاب الذي تحاشى الناقد ذكر مصدره.. إنه يقصد (وهذا غير معلن عنه في الكتاب) الواقعية الإيطالية التي كانت منبع السينما الواقعية..ويريد ألاّ تتأثر سينما أمريكا اللاتينية بواقعية السينما الإيطالية التي كان من أبرز من أعجبوا بها في أفلامهم عربيا صلاح أبو سيف ومغربيا محمد إسماعيل.. وهذا شيء مشرف أن يكون عندنا مخرجون مغاربة كل له اتجاه معين..يمكنا من خلاله أن نعرف أفلام المخرج الدرقاوي مثلا أو داوود اولاد السيد أو محمد اسماعيل وحسن بنجلون وغيرهم... دون أن نقرأ أسماءهم على الشاشة..ولكن مع الأسف ( مطربوا الحي في هذا البلد عند أشباه النقاد عندنا لا يطربون)..أضف إلى ذلك الأسماء المشاركة في ورشة ما ركيز للسيناريو يترأسهم غارسيا ما ركيز) أو (غابو)، وكلهم من الأسماء الوازنة في عالم السينما والتلفزيون..فهؤلاء يعملون في مؤسسة خاصة واسم ما ركيز فيها هو الورقة الرابحة للمحطات التلفزية أنصت للرجل وهو يقول : " .... خرجنا لعرض نتاجنا فقالوا لنا نعم..(يقصد ماركيز المحطات التلفزيونية) شريطة أن يوضع اسمي على كل الأعمال..(أي اسم ماركيز كعلامة تجارية) وهذا الأمر الذي يمكن أن يبدو مغريا، هو من أكثر ما في الوجود إذلالا : إنه يعني أن أحدنا قد تحول إلى سلعة... (وكلمة أحدنا تعنيه هو بالذات).. والسؤال هو : هل عدنا مخرجون أو منتجون أو منفذوا إنتاج بأخلاق غارسيا ماركيز كي يكون عندنا كتاب سيناريو من الحجم الذي يشتغل في ورشة ماركيز ..هذا هو السؤال الذي يجب أن تزود به القارىء أيها الألمعي الذي لا يهمه حتى أن يوثق المصادر والمراجع التي يستشهد بها.. وكأن جميع القراء بليدون.. أو أغبياء.. ومن جهة أخرى كتاب ماركيز أعلاه يتكون من 489 صفحة ليس فيه كلمة نابية أو جفاء أو قلة أدب في حق الذين معه في الورشة وهو يوجههم مع أن ماركيز هو من هو في عالم الأدب..تواضعه الجمّ يفرض على القارىء قراءته من أول سطر حتى آخر سطر من الكتاب، وأنت سامحك الله لم تتعلم منه هذه الخصلة..ماذا أقول لك : عاش من عرف قدره..
يضيف ناقدنا : " لقد بدأ السيناريو فكرة وانتهى فكرة " بربّكم هل هناك عمل أدبي في الكون أو سيناريو في العالم أجمع.. لا يبدأ بفكرة وينتهي بفكرة ..ما هذه السخافة ؟!!
يقول الناقد على لسان المخرج محمد إسماعيل : "... بعد خمس محاولات لكتابة السيناريو متين ومقنع، قررنا الرحيل إلى وادي لاو " شمال المغرب .. حيث صور الفيلم حتى نتمكن من استيعاب روح الفضاء الذي سيؤثث حبكة السيناريو.." ويردّ الناقد :.. الحبكة لا توجد في المكان بل يصنعها الخيال....) خطأ سيدي الناقد وألف خطأ .. الحبكة لا يصنعها المكان ولا يصنعها الخيال.. بل صانعها هو الدربة والمراس والمران والاحتكاك بذوي التجربة والخبرة.. لأن الحبكة ليست موهبة وإنما هي تعلم وتكتسب بالدربة والممارسة..السينما صناعة..أما الخيال عفوا "التخييل" فهو موهبة تحتاج إلى صقل وإلى تجربة.. يقول الناقد : " ما هي حبكة الفيلم ؟ متى تم حلها ؟ الحبكة لا وجود لها في الفيلم.. ما الدليل ؟ يمكن حذف شخصية سعدية من الفيلم دون أن يتغير شيء .." في مخيلتك سيدي الناقد نعم .. ولكن لمسار الأحداث وتفاعل الشخصيات وبناؤها الدرامي في الفيلم لا يمكن ذلك ..هذا أولا ، وثانيا أظنك تقصد العقدة في الفيلم وليس الحبكة لأن الحبكة تقنية وأسلوب فهي لا ( تربط ولا تحل) بينما العقدة نعم..
يقول ناقدنا : " للمقارنة، ولإثبات التحليل أعلاه (علما أنه ليس هناك تحليل بل هناك شطحات وترهات واستنتاجات مسبقة أمّا التحليل فشيء آخر) عن التخييل والحبكة (...) أقدم فيلما ناقش المخاطر التي تهدد الشباب، التطرف والجريمة المنظمة...نفس موضوع "أولاد البلاد" .. كلاّ وألف كلاّ.. كما تقول العرب لقد وقعت في : (حيص بيص) وكذبت على القارىء قبل المشاهد.. ليس هذا هو موضوع "أولاد البلاد" موضوع شريطنا هو : " طرح السؤال الإشكالية على طاولة النقاش أمام كل من يهمه الأمر لفتح حوار بنّاء وجدي وفعال عن علاقة المدرسة بسوق الشغل..وأن المدرسة والجامعة والدولة التي تصرف من خزينتها الملايير سنويا على أبنائها.. ستذهب كل هذه المصاريف أدراج الرياح إن لم يشارك الجميع في إيجاد الجواب الكافي الشافي على السؤال الإشكالية.. ويعقد ناقدنا المقارنة بين الفيلمين.. مع أنه لا قياس مع وجود الفارق كما سبق التوضيح.. يقول ناقدنا : " بفيلم " باب الواد الحومة" للمخرج الجزائري مرزاق علواش.. التخييل والحبكة من خلال إمام المسجد الذي فقد تأثيره على الشبان المتشددين الذين أطّرهم.. وقد تجاوزوه ونصبوا 14 بوقا فوق مباني الحي الشهير بالعاصمة ليسمع الجميع دفعة واحدة بشكل إجباري خطب الإمام...غير أن شابا يعمل خبازا ليلا سرق بوق الإسلاميين الرابع عشر، لأن صوت البوق يمنعه من النوم نهارا.. من هو المتهم ؟ هنا الحبكة ... الصراع على أشده والتشويق يقطع الأنفاس..) هل توصلتم بربكم إلى حبكة فيما رواه ناقدنا هل هناك صراع شديد وتشويق يقطع الأنفاس في هذا الذي قيل.. ويواصل ناقدنا : " الأبعاد الرمزية للبوق ترفع المتفرج شبرا وذراعا في مدارج الفن ..كان البوق هو غرام الجنون الذي نقل الفيلم من الواقعية الفظيعة إلى الفن..) ما هذا الهراء ؟ هذا الذي قمت به: يسميه الشيوخ " التّمجهد وليس الاجتهاد.." ألم يستعمل البوق في الفيلم المصري الكيت كات..؟ أولم يستعمله المخرج المغربي داود أولاد السيد في فيلم .." في انتظار بازوليني " ؟ فقط لأنه مغربي ليس في بوقه غرام جنون ؟ والجزائري تحقق في فيلمه ذلك .. يا سلام على النقد يا سلام!
يضيف زميلنا : " الفيلم الآخر الذي يسري عليه التحليل الخاص بفيلم أولاد البلاد هو فيلم المنسيون لحسن بنجلون .. وفيه يستغل تركيز الصحافة على دعارة المغربيات بالخارج ليحقق سبقا لكنه ليس سينمائيا..) ترى عن أي سبق تتحدث إذن ؟ وما الضرروة لإقحام كلمة سبق في الموضوع ؟
لست أدري لم هذا الانتقال الغير المبرر من عمل إلى آخر..(لذلك سمينا ذلك كلّه : ترهات وشطحات) جدية التحليل ونزاهته إن كان هناك تحليل أصلا يتطلب الرصانة.. الكلام هنا يبدو على عواهنه مثل حصان جامح لا لجام يتحكم فيه.. وهذا يسمى نزقا وليس نقدا..فيلم المنسيون لحسن بن جلون يعتبر والحق يقال رغم أنه ينافس أولاد البلاد في المهرجانات والملتقيات وهذا شيء مشرف للسينما المغربية لأنها منافسة إبداعية شريفة" من أحسن الأفلام التي قدمها حسن بن جلون مقارنة مع أعماله السابقة..ومن يتتبع أعمال حسن بن جلون سوف يكتشف ذلك بغض النظر عن الموضوع الذي تطرق إليه.. بل أتحدث عن المنتوج أو الفيلم كصناعة.. يقول الناقد : " عندما اختار كتاب السيناريو تجميع أخبار المعطلين من الصحف ورصفها في الفيلم باسم تناول الواقع ودون وجهة نظر ولمسة فنية (معناه أنه ساعة و52 دقيقة في الفيلم ما هي إلا مضيعة للوقت وليس فيها ولو إشارة واحدة حسنة..ولو مشهدا واحدا يستحق التنويه ) وهذا يدل على أنّ الناقد لا يتوفر على عين يرى بها الإيجابي وعين يرى بها السلبي .. بل عيناه الاثنتان لا تريان إلاّ السلبي .. سبحان الله! ربما كان يلزم أن يوجد في عينيه عدسة تظهر له "بوق" مخرج جزائري أو من أية دولة أخرى المهم أن يكون المخرج غير مغربي والسيناريست غير مغربي كي يحصل على صراع وتشويق يقطع الأنفاس..).. (لماذا أصبحنا في هذا الوطن نكره بعضنا إلى هذا الحد ؟) يضيف ناقدنا : " فقد حكموا على أولاد البلاد بالتشتت والهشاشة.." إننا لم نختر تجميع أخبار المعطلين من الصحف، فتلك والأنترنيت لا تشكل إلا الجزء اليسير.. إنها المعايشة الفعلية للمعطلين من كاتب هذه السطور كسيناريست جلست بينهم وتحدثت إليهم ولازمتهم أمام البرلمان وأنا أعيش معهم أحاسيسهم وآمالهم وأردد معهم شعاراتهم رغم أنني أتوفر على عمل قار ومحترم ولست عاطلا ، فقط لأقترب أكثر من عالمهم .. وأنا في طريقي إلى محطة القطار إلى مقر عملي بالبيضاء أو عودتي مساء إلى الرباط وفي أيام السبت والآحاد.. ودون أن يشعر بي أحد منهم كنت أندس بينهم لساعات..وألتقط الصور واستعمل آلة التسجيل..ومعي مصور خاص (يلتقط الصور وبمقابل مادي من الشركة المنتجة دون أن يشعر به أحد..اسأله يمدك بالجواب على ترهاتك..) وحينما تزودت منهم بما يلزم أثناء كتابة السيناريو انسحبت في صمت..المسألة ليست بالسهولة التي تتصورها زميلي العزيز..هناك مجهود وهناك عمل..ومن اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد..والكمال لله! فما دليلك على " أن السيناريست المغربي يكتب عن أمور لا يعرفها.. لم يعايشها ويسرع لينهي السيناريو دون جمع المادة.. دون تعميق البحث والتفكير.. دون توثيق ومناقشة.. دون الإصغاء للناس..." من أين لك هذا الحكم ؟ ماذا تعرف عن كاتب السيناريو شخصيا ككاتب نشر في مجلات مغربية وعربية.. وله أعمال في السوق هل قرأت له عملا ؟ ..هل أنت على دراية كاملة بالأعمال التي قدمها للتلفزيون سواء الذي قبل منها وصوّر للتلفزيون أو التي رفضت من ورشة القراءة ؟ هل لك علم بالورشات التي يعمل فيها الآن مع غيره من الكتاب لصالح التلفزيون ؟ أليس بالنسبة لك نكرة..؟ لو سألك أحد من قرّاء من مقالك هذا.. هل لك علم بأعمال هذا السيناريست ماذا سيكون جوابك ؟ أنتم تتآمرون على كتاب السيناريو في هذا البلد إذ ليست معهم جهات تشجعهم .. فهم ليسوا كالمخرجين لهم جمعيات تحميهم ....بل هم مشتتون يعتمدون على اجتهاداتهم رغم أنهم اللّبنة الأولى لأي عمل سينمائي أو تلفزي..كتاب السيناريو عندنا هم في أمس الحاجة لرجل في جرأة وشهامة وأخلاق غارسيا ماركيز سيدي الناقد.. معظمهم لا يحب البهرجة والتسمر أمام شاشات الكاميرا..أو الجلوس في المقاهي.. ولكنهم يشتغلون في صمت.. حتى أن الأماكن المفضلة عندهم لمشاهدة الأفلام والمسرحيات قد تكون هي الصفوف الأخيرة.. سيدي الفاضل..أنا لا أعرض نفسي أو أذللها كي يكتب عني النقاد ويمدحون.. بل ذلك واجبهم هم الذين يجب أن يبحثوا عن الكتاب ويستقوا آراءهم ولا يجلسون في برجهم العاجي مزهوين بأنفسهم.. وأصدقائي وزملائي من الكتاب والصحفيين يعرفون ذلك.. كن صريحا أيها الناقد مع القراء وأجب عن الآتي : ماذا تعرف عني أنا شخصيا ككاتب ؟ حتى تقول بأن كتاب السيناريو ليس لهم اطّلاع على السرد الروائي.. لي رواية في السوق من 419 صفحة تحمل عنوان (وتشابكت الخيوط) قدم لها كل من الأستاذين نجيب العوفي وهو اسم معروف في مجال النقد الأدبي والدكتور عبد الجليل الأزدي الذي له أزيد من 20 مؤلفا نقديا مترجما في المكتبات.. هل اطلعت على إبداعي ؟ ولي أعمال مسرحية قدمت على المسرح وعرضت على القناة الثانية هل تعرفها ؟ كيف تتهم جزافا كاتب السيناريو المغربي بأن ليست له علاقة بالسرد الروائي ؟ ثم هل قرأت الأعمال المسرحية والأبحاث الميدانية التي نشرتها في عدة مقالات بالجرائد الوطنية والعربية ..؟ هل قرأت الأعمال النقدية التي كتبتها عن عدة أعمال سينمائية ومسرحية مغربية في عمود شاشة كبيرة (نصف شهري بجريدة المنعطف) اسأل مكتبة عالم الفكر..ودار الأمان والروبيو وغيرهم من أصحاب المكتبات والأكشاك بالرباط.. هل لي متابعة حثيثة وعلاقة معهم شهريا باقتناء الكتب الجديدة في النقد والمسرح والسينما والأدب ناهيك عن الصحف والمجلات أم لا ؟ ميزانية شهرية أخصصها لشراء ما جد في عالم الإبداع.. ولكن معاذ الله أن يكون نقدي وأسلوبي وطريقتي في النقد شبيهة بطريقتك وأسلوبك.. ثم هل اتصلت بي أنا شخصيا ككاتب سيناريو وطلبت مني معلومات وحجبتها عنك سواء عبر الهاتف أو في مهرجان أو في أي لقاء كان، كي تحكم هذا الحكم الجائر..؟ لماذا الكذب على الناس وهم أحياء يرزقون..هل اتصلت بالمخرج محمد إسماعيل وأعطاك جوابا اعتمدته في حكمك هذا..؟ هل لك إلمام ودراية بجميع الأعمال التلفزية والسينمائية والوثائقية للمخرج محمد إسماعيل ؟ ثم هل هذا هو النقد الوجيه والموجّه (بكسر الجيم) الذي يساعد على تطوير السينما في بلدنا..؟ أبدا.. ليس معناه أننا نستجدي منك الثناء والتبجيل.. بل فقط حتى نحترم الحقل والميدان الذي نشتغل فيه.. وألاّ يبقى الميدان مرعى للمتطفلين والدخلاء والأدعياء.. وحتى لا نكذب على الناس..ونشوه الحقائق..وحتى لا يتحول الكسل والبلادة إلى عمل يزعم الأدعياء أنه نقد بناء..
عند حديث الناقد عن صليحة التي تطالب بوقفات احتجاجية حضارية، يقول : " فجأة وعلى سرير الحب تعلن قرارها " ندبر على راسي" هذا معجم غريب عن وعيها المعلن وتكشف أنها ستحج إلى الخليج الذي يمنع فيه تأسيس جمعية لأصحاب المخابز.." تعالوا معي لنضع هذه الفقرة تحت التشريح..
أولا : أي معجم هذا تمتلكه صليحة ؟ فهي فقط طالبة عاطلة ليست شاعرة أو أديبة أو مبدعة حتى يكون لها معجم نستشفه من إبداعاتها..وحواراتها..
ثانيا : لا أدري ما ذا تقصد بالفعل " تحجّ " وما هي الدلالة التي تحمّله أنت لهذا الفعل، ولكن بارتباط الفعل بما يليه يتضح أنك تعني به "الحج الديني" إلى دولة بعينها وهي السعودية وليس اللغوي كما هو في القاموس.. والدليل على ذلك حين تقول " الذي يمنع فيه تأسيس جمعية لأصحاب المخابز " والحكم ينطبق على العربية السعودية.. وهذا لا ينطبق على جميع دول الخليج التي لا ينكر إلاّ جاحد التقدم الملموس الذي أحرزته في مجال تقدم الإنسان.. وتحرير المرأة..وفي المجال العمراني، والفني.. والإعلامي..والثقافي.. والجمعوي.. معظم كبار كتابنا المغاربة اليوم يكتبون في صحف ومجلات خليجية ذائعة الصيت.. وإن كنت تنظر للناس بهذه الدونية والاستخفاف فذلك ناتج إمّا: عن جهل سافر أو عن غباء فظيع..
يقول ناقدنا الألمعي عن بطل الفيلم المفضل : " فكيف لمن خاف العصي البلاستيكية في تدخل قوات الأمن ضد احتجاجات المعطلين أن يصبح فجأة تاجر مخدرات ويحمل مسدسا حديديا محشوا بالرصاص ليتحدى به زعيم عصابة.. كيف و لماذا ؟ بسبب البطالة ؟ ألم يخف من النضال وهو عاطل..؟"
أولا : لم يكن بطلنا المفضل خائفا من النضال إطلاقا .. ولم يرد على لسانه ولا على لسان رفاقه بأنه خائف.. اللهم زعمك أنت بذلك..بل كان له موقف من هذا النضال ومن قانونيته (علما أن تخصص المفضل هو القانون) إذن فبطلنا منسجم مع ميدان تخصصه (عد إلى كتاب قانون التجمهر للكاتب الدكتور ميلودي حمدوشي) وهذا الأمر لم ولا يوجد في قصاصات الصحف كما سبق وأن زعمت.. ولكنه مستفاد من مراجع لها وزن ولها مكانة في الساحة القانونية والأدبية ومن معاشرة ومعاينة المعطلين في أماكن تظاهراتهم..خصوصا إذا ما علمنا أنه في البدايات لم يكن هناك وعي بتأسيس الجمعيات لكن اليوم نعم ..لماذا .. حتى تكون الوقفات قانونية..أما كون المفضل تاجر مخدرات بسبب البطالة فهذا أيضا من وجهة نظرك.. يجب أن نعرف بأن شخصية المفضل شخصية محبطة لأنها تعرضت لهزات قوية على المستوى العاطفي أولا ثم على المستوى الدراسي (فهو عاطل) ثم على المستوى الشخصي (تجربته في الحب فاشلة مرتين) وهناك مشاهد تبين حيرته تلك في شوارع الرباط وهو واقف من بعيد يتابع زملاءه المتظاهرين.. ومشاهد تبين حيرته وأرقه بوادي لاو ليلا على شاطىء البحر حذف معظمها رغم أنه صرف على تصويرها الملايين نعم حذفت هذه المشاهد في غرفة المونطاج إلاّ المشهد الذي يكون فيه مع البحارة الذين يغنون مع عازف آلة البانجو.. وستظهر هذه المشاهد كاملة عند عرضها على القناة الثانية حينما يعرض الفيلم في جزأين ستعاد فيه المشاهد المحذوفة .. لأن حذفها كان لأسباب فنية تتطلبها المدة الزمنية للفيلم أثناء العرض في القاعات والمهرجانات..وتعلم أن المونطاج هو إخراج ثان للفيلم. وأيضا يقول الناقد : " وهذا خطأ دراماتورجي يظهر عدم تماسك طبع الشخصية وأفعالها ومصيرها..""
من جهة : لأول مرة أسمع من ناقد يقول خطأ دراماتورجي..( الدراماتورجي نسبة إلى الدرماتورج وهو المبدع الذي يحول فكرة أو قصاصة عمل ما إلى عمل مسرحي يمثل فوق الخشبة.. ولعلك بقولك،تقصد الخطأ الدرامي أو الدراماتيكي نسبة إلى الدراما.. فهناك فرق بين المصطلحين..رجاء إبحث عن معنى "الدراماتورجيا" في القواميس الفنية بدون أن تضيف ياء النسبة إلى الكلمة وستجد الجواب الشافي)..
ويقول : " يظهر عدم تماسك طبع الشخصية" ما المقصود بكلمة " طبع هنا" ؟ الناقد المتمرس عليه ألاّ يترك "الشاذّة والفذّة" إلا ووقف عندها حتى يساعد القارىء على الاستمتاع بما يقرأ.. وألاّ يتيه به في متاهات بذيئة ورخيصة..
بعد كل هذه الشطحات ينتقل الناقد إلى الممثلين فيبدأ برشيد الوالي يقول : " رشيد الوالي وسيم وطيب... غريب بالنسبة لطبعه أن يكون حادّا صاحب موقف، هذا ليس طبعه، ولا يمكن للمخرج أن يخرج من الممثل ما ليس فيه.." هل هذا كلام يقبله منطق ؟ حسب زعمك هذا ..علينا أن نذهب إلى السجن لكي نأتي بممثلين يلعبون دور القتلة..ونبحث عن لصوص مجرمين كي يلعبوا أدوارا تتعلق باللّصوصية.. وعن أناس طيبين حيثما كانوا ونتعاقد معهم كي يلعبوا أدورا قريبة من سجيتهم.. الممثل المصري محمود المليجي رحمه الله كان من أطيب خلق الله، والمشاهدون يعتقدون أنه شرير في حياته العادية ربما أنت منهم لكن أولئك نلتمس لهم العذر لأنهم بسطاء أما أنت فلا عذر لك.. فأنت تدخل ميدانا صعبا، عليك أن تكون واثقا مما تكتب وتخطه يدك عند ولوجه..
ثم هل هناك مخرج يخرج من الممثل ما ليس فيه..؟ أولا : المخرج ليس هذا شغله وليست هذه مهمته..والذي يساعد الممثل على فهم واستيعاب الشخصية هو قراءته السيناريو أولا.. وتجربته الفنية ثانيا.. والمكلف ب "إدارة الممثل " ثالثا ..وليس دائما هو المخرج.
ويقول : " محمد خيي كان ممتازا، وكذلك بسطاوي وإن كان يبالغ أحيانا ليبدو مسليا.. " كيف يكون محمد خيي ممتازا والسيناريو حكمت عليه بالضعف منذ البداية..إذا فأنت تتناقض مع نفسك.. ومن قال لك بأن بسطاوي يبالغ ليكون مسليا .. هل قرأت السيناريو وقارنته بحوارات بسطاوي لتقول أنه بالغ.. ما هذه الأحكام التي تطلقها جزافا..؟
يقول ناقدنا : " فإن المتفرج يشفق على المعطل بدل أن يتعاطف معه.." لنلاحظ كلمة يشفق ويتعاطف..هل هناك شفقة من غير تعاطف..؟ أليس التعاطف هو المؤدي للشفقة ؟ من جهة ومن جهة أخرى ليس هذا هو هدفنا ونحن نبني شخصياتنا..نحن لا نتوجه إلا القلوب لتحن على البطل ولا إلى العيون لتدمع متحسرة على واقع الأبطال.. لكن نتوجه للعقول كي تشاركنا ما نفكر فيه وتتساءل وتتقاسم معنا الهم الذي يؤرقنا جميعا.. ثم يضيف : " متفرج يدرك أن البطالة لم تأت من الله بل هي نتيجة لواقع طبقي ولإملاءات صندوق النقد الدولي ولسياسة اقتصاد السوق.." سبحان الله! في الفيلم كله لم يظهر لك ما يفيد ذلك..والشريط كله مبني على هذا الذي قلته، عد إلى مشهد المعطلين وهم في قاعة الاجتماع، تأمل جيدا حوارات عبد الحميد وهو يخطب في الناس بالمسجد حين يقول : " لم يعد هناك يمين ولا يسار ولا وسط..والعمالة للغرب هي العملة الرائجة... إلخ " ما فحوى هذا الكلام .." إن لم تستوعبه أو ترفض استيعابه ماذا أفعل لك أيها الناقد ..؟ ولماذا تكذب على القراء ؟
ويستشهد ناقدنا بفقرة من كتاب الإيديولوجية المعاصرة لعبد الله العروي وهي : " فالفن إذن، لم يلعب أي دور إنقاذي أو إيضاحي " هذا الكتاب صديقي ظهر في فترة زمنية معينة، وكان الكتاب من أهم المؤلفات النقدية حينئذ على المستوى العربي بكامله.. وأظن أن العروي في كتاباته اللاحقة تجاوز المفاهيم التي استعملها في هذا المؤلف وطورها .. ولكنك مع الأسف حتى الآن لا زلت سجينها..بمعنى أنك تنتمي إلى زمن تأليف الإيديولوجيا العربية المعاصرة فكرا لا نقدا..وكذلك للوعي الطبقي لكارل ماركس..رغم انتمائك بالجسد إلى القرن الواحد والعشرين..؟ هذا إن كنت مستوعبا لمفاهيم تلك المؤلفات أصلا..لأنه يبدو لي وعن اقتناع أنك غير متمكن من المفاهيم والمصطلحات.. وهذا عيب كبير في حق من يدعي النقد..!!
يضيف : " لم يحترم فيلم أولاد البلاد هذه المطالب الفنية لأنه فيلم لم يحترم قواعد الحكي وقد حاول المخرج والمونتير إنقاد الفيلم من الرتابة دون جدوى" يبدو لي وكأن ناقدنا كان في غرفة المونطاج إلى جانب المخرج والمونيتور .. يعيش معهما لحظات هذا الإنقاذ وكان شاهدا عليه.. هذا ما أفهم من كلامه.. سيدي رجاء وكما يقول القدماء (لا تهرف بما لا تعرف).
والآن وبعد كشف الستار عن ترهات وشطحات صاحبنا الناقد.. يمكننا أن نتحدث عن مشاكل السيناريو في المغرب بأمانة.. ليست المشكلة في كاتب السيناريو الذي أصبح مشجبا يعلق عليه المتطفلون من كل صوب ضعف ولا أقول فشل السينما المغربية.. لأن السينما صناعة والسيناريو ما هو إلا إحدى لبنات هذه الصناعة..المخرجون يرددون باطلا أنه ليس هناك كتاب سيناريو..؟ والنقاد يطبلون ويزمرون لمزاعمهم تلك..والسؤال هو : من يكتب للمخرجين أعمالهم السينمائية؟ الشياطين ؟ أو أناس من كوكب آخر ؟ نعم.. ما ينقص كاتب السيناريو هو التجربة والخبرة والمران..ما ينقص كاتب السيناريو هو رجال مثل غابريل غارسيا ماركيز الذي استشهد به صاحبنا..أناس يحملون هم السينما ويؤسسون ورشات يشرفون عليها بأمانة.. ثم يكون لهم حق التعاقد مع المؤسسات التلفزية في البلاد لتقطع الطريق على المتطفلين والمدعين والمرتشين.. كاتب السيناريو يحتاج إلى تشجيع وتحفيز بل وإلى تفرغ كامل لمهنته.. مثله مثل المبدع بصفة عامة.. كتابة السيناريو تحتاج إلى موهبة ودربة ومران ومراس وتحتاج إلى القراءة المتواصلة.. واختيار الأعمال الإبداعية التي تنفع القارىء في مشوار كتابته للسيناريو.. وكذا مشاهدة الأفلام.. ومتابعة ما يكتب نقديا عن الأعمال قصد الاستفادة من النقد البناء.. أما النقد الهدام لم ولن يكون في يوم من الأيام نقدا جادا وجديا وإنما هو انطباعي مزاجي يشطح على مفردات ومصطلحات كاتبها لا يستوعبها جيدا كما هو شأن صاحبنا..وكأن الموضة هذه الأيام هي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.