تنتمي الجماعة القروية رأس عصفور حاليا إلى إقليم جرادة رغم أنها لا تبتعد عن مدينة وجدة إلى بحوالي 12 كلم و هي جماعة قروية حديثة النشأة و تقع وسط جماعة أهل أنجاد شمالا و كنفوذه و تبولي غربا و الجماعة القروية سيدي بوبكر جنوبا و الحدود الجزائرية شرقا . تمتاز جماعة رأس عصفور بكون اغلب مساحتها تغطيها تضاريس جبلية و هضاب بحيث أن المناطق الصالحة للزراعة لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من المساحة و تظل عبارة عن جزر داخل غطاء نباتي متنوع و متأثر بسنوات من الجفاف المتعاقبة و كذلك بالرعي الجائر هذا بالإضافة إلى التدخل المباشر للساكنة في اجتثاث الغابة من اجل الطهي و التدفئة و في بعض الأحيان من اجل أغراض مدرة للدخل كصناعة الفحم و العصي و غيرها …. الخ اشهر هذه الجزيرات الصالحة للزراعة بجماعة راس عصفور ” بلهوى ” و “تزكارت” و سيدي جابر” و “اللوزة” لذلك تبقى أهم ميزة لجماعة رأس غفور بإقليم جرادة بالإضافة إلى كونها منطقة حدودية بأنها تضم تضاريس متنوعة و عينة تجمع بين السهل و الهضبة و الجبل مما جعلها تعرف تنوعا بيولوجيا كبيرا إن على مستوى الغطاء النباتي أو على مستوى الوحيش الذي يعيش داخل هذا الغطاء النباتي . فعلى مستوى تنوع الغطاء النباتي لا زالت منطقة جماعة راس عصفور تعرف غطاء مكثفا لشجر البلوط الأخضر بأنواعه و العرعر و الطاكة بالإضافة إلى الضرو بأنواعه و الحلحال (الازير) و غير ها من النباتات العطرية و الطبية التي أصبحت مهددة بالتدهور و الانقراض إن هي لم تعرف تدخلا حازما لحمايتها من جميع أنواع الاستنزاف التي تتعرض لها . و لعل الزائر إلى هذه المنطقة يدرك جيدا أهمية الحفاظ على هذا الغطاء النباتي المتنوع لما له من فوائد سياحية و بيئية و مناخية و اقتصادية مما يجعل جماعة رأس عصفور في الحقيقة ملكا لجميع الجماعات المحيطة بها. مما يستلزم دعم المجهودات المشكورة والجبارة التي تقوم بها المصالح الخارجية للمياه والغابات رغم قلة الإمكانات المتاحة ' بحيث تظل الإمكانيات المادية والبشرية الموضوعة رهن إشارة هذه المصالح غير كافية لمساحة مترامية الأطراف أما على مستوى الوحيش فيحدثنا آباؤنا بأن المنطقة الجبلية لجماعة راس عصفور سكنها الأسد و الضبع و الغزال و القطط البرية المفترسة بمختلف أنواعها و الذئب و الثعلب و الضربان إلا أن سنوات الجفاف المتعاقبة و ضمور العدد الكبير من العيون و الينابيع التي كانت في المنطقة جعلت اغلب هذه الحيوانات تنقرض أو تهاجر ولم نعد نرىفي في الجماعة سوى فيالق الخنزير البري التي تعيث فسادا في محاصيل الساكنة أو بعض الثعالب التي تستغفل مربيات الدجاج قبل الفجر أو بعض الذئاب التي تلازم أصحاب قطعان المعز و الغنم علها تأخذ نصيبها ومع ذلك يعتز سكان الجماعة برؤية هذه الحيوانات و يعتقدون أن تراب الجماعة لازال حيا كلما راو حيوانا من هذه الحيوانات البرية يتجول في الغابة أما عندما يتعلق الأمر بالحجل و اليمام و الحمام فان المنطقة منطقتهم بامتياز و يروي سكان الجماعة يوم كان الحجل يبيض في ” الخالفة ” أي في جانب الخيمة و كان بيضه يقدم للضيف كعربون محبة و رغم تراجع عدده فان الغبطة تسود السكان كلما رأو حجلة أو يمامة أو حمامة تبحث عن مأوى لها بتراب الجماعة و بفضل ارتفاع الوعي أصبحوا يطالبون بحماية هذه الطيور التي تزيد تراب الجماعة جمالا و تؤثث فضاءه . ومن جملة الأشياء التي يطالب بها السكان , خلق أماكن للشرب داخل الغابة خاصة بالحيوانات البرية حتى لا تضطر إلى الهجرة أو تتعرض للانقراض بسبب الظمأ و خاصة بالنسبة للنحل البري ذو العسل الجيد الذي تفتخر به جماعة راس عصفور . إلا انه بالرغم من كل هذه الإمكانيات الطبيعية و البشرية تبقى جماعة راس عصفور من الجماعات الضعيفة جدا على مستوى الموارد المالية مما يحد من مجالات تدخل ” المكتب المحلي ”على مستوى التجهيز و الاستثمار و يجعله يعتمد فقط على مساعدات الدولة المباشرة أو في إطار المبادرة الوطنية للتنمية الشرية, ولعل السبب في ذلك غياب الاستثمار في تراب الجماعة الذي يمكن إرجاعه لسببين : 1- ضعف الاستثمار المحلي و ذلك بسبب عدم تواجد رأسمال محلي للساكنة و غياب الحس التعاوني و روح العمل الجماعي و هذا يظهر جليا في التجزيء المستمر للمساحات الزراعية التي أصبحت عبارة عن مشارات و أشرطة ضيقة لا تساعد لا على جلب القروض.