خبر حول سقوط طائرة تابعة ل "رام" فجر النقاش وإجماع على وجود فراغ قانوني وغياب قضاء مختص ... انطلقنا من سؤال بسيط، هل يحق لشخص ذاتي أو معنوي تضرر من نشر خبر زائف على أحد المواقع الاجتماعية (فيسبوك، تويتر...) أن يقاضي صاحب الصفحة؟ مبرر طرح هذا السؤال الخبر الأخير الذي نشر على صفحات "فيسبوك" حول سقوط طائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية بوجدة، وما خلفه من أضرار للشركة دفعتها إلى تدارس إمكانية رفع دعوى ضد ناشر الخبر وكل من تناقله. طرحنا السؤال على ذوي الاختصاص، وكانت البداية بعبد الوهاب الرامي، أستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، الذي تحدث عن صعوبات تتعلق بكيفية الوصول إلى مصدر الخبر، أي الشخص الأول الذي كتبه على صفحته في "فيسبوك"، وبعد ذلك الأشخاص الذين تناقلوه. بالنسبة إلى عبد الوهاب الرامي، تبدو المهمة شبه مستحيلة، وتتطلب بحثا قد لا تكون له نهاية، على اعتبار أن المسألة دقيقة جدا ويجب البحث في حيثيات صغيرة قد تتطلب الانتقال إلى خارج أرض الوطن. المشكل الثاني، الذي يجعل المهمة صعبة، هو أن بعض الصفحات تكون مسجلة بأسماء مستعارة، وبالتالي يكون من الصعب الوصول إلى مصدر الخبر والأشخاص الذين تناقلوه. وحتى لو قررنا البحث في خبر ما واللجوء إلى المحاكم فإننا نفتقر، حسب الرامي، إلى قضاء مختص في الجرائم الإلكترونية، يمكن أن يناقش الملف ويكون قناعة حوله، تنضاف إلى ذلك صعوبة تقدير الضرر الذي أصاب الجهة التي نشر الخبر الزائف حولها. وخلص الرامي إلى أن أي شخص تضرر يمكن له أن يصدر بيانات حقيقة تبعث إلى صاحب المقال أو تأتي في شكل تعليق على الخبر في الصفحة التي نشر بها، وهي الإمكانية الوحيدة المتوفرة الآن في المغرب في انتظار وجود قانون صارم وقضاء مستقل. الخلاصة نفسها وصل إليها ميلود الحمدوشي، أستاذ بكلية الحقوق بالبيضاء، إذ أحال كل متضرر من الأخبار التي ينشرها أصحاب المواقع الاجتماعية على الفصل 26 من قانون الصحافة، الذي ينص على أنه "يتعين على مدير النشر أن يدرج ردود كل شخص ذكر اسمه أو أشير إليه في الجريدة أو النشرة الدورية خلال الثلاثة أيام الموالية لتوصله بها أو في أقرب عدد إن لم يصدر أي عدد قبل مرور الأجل المذكور. وإلا فيعاقب بغرامة...». لكن السؤال الذي يطرح هو ما العمل إذا لم ينشر "الفيسبوكي" هذا الرد؟ الجواب بالنسبة إلى الحمدوشي هو اللجوء إلى المهمة شبه المستحيلة، وذلك برفع دعوى أمام القضاء، في إطار جرائم النشر المنصوص عليها في الفصل 38 من قانون الصحافة، وتحمل نفقات المسطرة وطولها وإمكانية الخروج بخفي حنين منها. إمكانية اللجوء إلى القضاء واردة إذن بالنسبة إلى كل شخص تضرر من نشر خبر زائف، ويحق له أن يطالب بخبرة ينجزها مختصون في المعلوميات، وقد تؤتي أكلها مثلما حدث في ملف المهندس المغربي الذي توبع بانتحال صفة الأمير مولاي رشيد على "فيسبوك"، والذي تمكنت مصالح الأمن من التوصل إليه رغم أنه لم ينشر صورته أو معلومات تخصه، ليضيف الحمدوشي أن هناك تقنيات يمكن بواسطتها الوصول إلى مصدر الخبر، غير أن المسالة مكلفة وقد لا تؤدي إلى نتائج في بعض الحالات بالنظر إلى تشعب الشبكة العنكبوتية. الخلاصة الأساسية أن اللجوء إلى القضاء لمحاكمة "الفيسبوكيين" واردة، لكنها تبدو شبه مستحيلة اليوم في المغرب، بالنظر إلى غياب قانون ينظم المسألة، وكذا لعدم توفرنا على قضاء مختص من شأنه أن يدرس مثل هذه الملفات، زيادة على صعوبة الوصول إلى المصدر الأساسي للمعلومة الذي قد يكون خارج حدود المملكة، وبالتالي فما على المواطنين والشركات إلا تحمل هذا الفراغ والسعي بإمكانيات شخصية إلى تصحيح المعلومة، في زمن لم يعد بالإمكان التحكم في ما ينشر فيه من أخبار أو صور.