صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين بالإجماع يوم الأربعاء الماضي، على مشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق وإحداث هيئة وطنية للموثقين. ويندرج هذا المشروع في إطار الحرص على تحسين مهنة التوثيق وعصرنتها، وإدماجها في مسار إصلاح القضاء، حيث أن تنظيم هذه المهنة وجعلها مواكبة للدينامية الجديدة التي جاء بها الدستور، تعد خطوة جوهرية على درب الإصلاح الشمولي للقضاء. ويرمي هذا المشروع إلى تنظيم مهنة التوثيق وعصرنتها، وجعلها تواكب المستجدات التي تعرفها المهنة في ارتباط بانتشار المشاريع الكبرى التي لها علاقة بالعقار، وكذا لكسب رهان الاندماج داخل المحيط الإقليمي والدولي، خاصة بعد انضمام المغرب منذ 1986 إلى المنظمة العالمية للتوثيق اللاتيني مما يفرض ملاءمة تشريعات المملكة وتنظيماتها مع قوانين الدول المتواجدة بهذا المحيط. ومن أهم المقتضيات التي جاء بها مشروع القانون الجديد، إحداث هيئة وطنية للموثقين، تمارس اختصاصاتها بواسطة مجلس وطني ومجالس جهوية، وتتمتع هذه الهيئة بالشخصية المعنوية، وتضم وجوبا جميع الموثقين، وتمارس اختصاصاتها على الصعيد الوطني بواسطة مجلس وطني، وعلى الصعيد الجهوي بواسطة مجالس جهوية. وتهدف الهيئة الوطنية للموثقين، حسب المشروع، إلى صيانة مبادئ وتقاليد مهنة التوثيق، والحرص على تقيد الموثقين بما تقضي به القوانين والأنظمة والأعراف التي تحكم ممارسة هذه المهنة. ونص المشروع على المباراة لولوج مهنة التوثيق، وإحداث معهد التكوين المهني للتوثيق، وإعادة تشكيل اللجنة المكلفة بإبداء الرأي في تعيين الموثقين ونقلهم وإعفائهم، وإسناد الاختصاص في البت في المتابعات التأديبية إلى هذه اللجنة. من جانب آخر، أقر المشروع بأن تعيين الموثق يتم بقرار الوزير الأول باقتراح من وزير العدل بعد أن تكون اللجنة المكلفة بإبداء الرأي قد أعطت رأيها في الموضوع. كما أفرد المشروع الجديد حيزا هاما للإجراءات التأديبية، والتي حدد لها مسطرة دقيقة بهدف التقييم الداخلي للمهنة والبت في القضايا التأديبية للموثقين والمتمرنين، وإعادة تنظيم مسؤولية الموثق، وإلزام الموثق والمتمرن معا بالمحافظة على السر المهني، وتنظيم المشاركة المهنية بين الموثقين، وذلك عكس ما جاء به ظهير 1925 الذي يمنع المشاركة المهنية بين الموثقين، حيث أن المشروع الجديد فتح المجال أمام الموثقين لعقد المشاركة بينهم. ونص المشروع على أن اللجنة المكلفة بإبداء الرأي في تعيين الموثقين ونقلهم وإعفائهم والبث في المتابعات التأديبية، تتكون من ممثل لوزير العدل بصفته رئيسا وممثل الوزير المكلف بالمالية، وممثل للأمين العام لحكومة، ورئيس أول لمحكمة الاستئناف ووكيل عام لدى محكمة الاستئناف وقاض بالإدارة المركزية لوزارة العدل من الدراجة الأولى على الأقل يعينون من طرف وزير العدل، بالإضافة إلى رئيس المجلس الوطني للموثقين أو من ينوب عنه. ويمكن للموثقين، حسب المشروع الجديد، إبرام عقد مشاركة فيما بينهم على أن يكونوا من نفس الدائرة الترابية لمحكمة الاستئناف، مع أن المشروع دقق في شروط وكيفية إبرام عقد المشاركة وإنهائه وعملية التصفية المتعلقة به. وكان هذا المشروع قد أثار جدلا وسط الموثقين، خاصة بالنسبة للجانب المتعلق بالمراقبة، حيث طالب المهنيون بإسناد مهمة المراقبة للموثقين أنفسهم بدل جعلها من صلاحيات النيابة العامة ووزارة المالية عن طريق إدارة الضرائب.