واحتمال قوي لفشل مشروع التدبير المندمج للمناطق الساحلية في إطار الاحتفال باليوم العالمي للبيئة، نظم "فضاء التضامن والتعاون بالجهة الشرقية" و"مختبر الجيوماتية والتراث والتنمية" بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة مائدة مستديرة، بداية شهر يونيو الحالي بقاعة الاجتماعات بنفس المؤسسة، للتفكير في مختلف التهديدات التي يتعرض لها "الموقع ذو الأهمية البيولوجية والايكولوجية لملوية"، وانعكاساتها على مستقبل هذا الموقع. في بداية الجلسة، تم الترحيب بالحضور وتقديم الهدف من هذا اللقاء الذي يتجلى في تقييم وضعية الموقع المذكور والمصنف ضمن اتفاقية رامسار، وصياغة اقتراحات وتوصيات لمحاولة إنقاذ الموقع، وتحسين تدبير التراث الطبيعي من حيث التنوع البيولوجي وخدماته البيئية. بعد ذلك، قدم السيد محمد بنعطا، رئيس "فضاء التضامن والتعاون بالجهة الشرقية"، عرضا تمحور القسم الأول منه حول مختلف الاتفاقيات المرتبطة بهذا المجال، والتي وقعتها الحكومة المغربية، وقام بتقديم الموقع البيولوجي وأهميته بالنسبة للتنوع البيولوجي القاري والبحري، وبالنسبة لحياة الحيوانات والنباتات والطيور والأنظمة البيئية. في الجزء الثاني من المداخلة، تطرق المتدخل لمختلف عوامل تدهور الموقع، وفي القسم الثالث، عرض سلسلة من الاقتراحات والتوصيات قصد مناقشتها. حضر المائدة المستديرة أساتذة جامعيون، وطلبة باحثون بسلك الماستر والدكتوراه، وممثلون عن المجتمع المدني، وخاصة جمعيات المحافظة على البيئة والتنمية المستديمة، وترأس الجلسة الأستاذ عبد القادر اسباعي.وقبل البدء في المناقشة، سجل الحضور غياب الإدارات المعنية بالموقع ذي الأهمية البيولوجية والايكولوجية لملوية رغم الدعوات الموجهة لها قصد الحوار والتشاور وتبادل الآراء. بالإضافة إلى ذلك، عبر الحضور عن اندهاشه أمام تصرف الجهات المعنية التي أقصت الجامعيين المتخصصين في مجال الساحل، والجمعيات النشيطة في مجال المحافظة على البيئة، ما عدا أربع منها، من الاجتماعات التشاورية حول اختيار المشاريع الممولة من البنك الدولي والمصادقة عليها، لاسيما وأن المشاريع حول الساحل تنجز في إطار التدبير المندمج للمناطق الساحلية الذي يتطلب إشراك كل الفاعلين المتدخلين على مستوى الموقع، بدءا بالساكنة المحلية والجمعيات والباحثين… ومن هنا استخلص المجتمعون الاحتمال القوي لفشل المشروع مثل ما هو الحال بالنسبة للمشاريع السابقة. فالمقاربة التشاركية ضرورية لنجاح أي مشروع؛ ويبدو أن المشرفين على المشروع لم يستوعبوا مفهوم المقاربة التشاركية ولا حكامة التنمية، ومازالوا مصرين على العمل بالطريقة القديمة الفاشلة. بالإضافة إلى هذا، تبين أن اختيار منسقي المشروع سواء على المستوى الوطني أم الجهوي تم في ظروف غامضة، وتم اللجوء إلى نفس الأشخاص الذين سهروا على المشاريع السابقة الفاشلة، وتم إقصاء الكفاءات والأطر المهتمة بالتدبير المندمج للمناطق الساحلية، والغيورين على المحافظة على الموقع. بعد مناقشة مستفيضة، وعرض وجهات نظر المتدخلين، تم استخلاص التوصيات التالية: - ضرورة وضع إستراتيجية وطنية للمحافظة على المناطق الرطبة، وتطبيق معاهدة رامسار التي تدمج المناطق المعرضة للفيضانات، ومختلف أنواع الأوساط الرطبة. - الإسراع في وضع قانون للمحافظة على الموقع ذي الأهمية البيولوجية والايكولوجية لملوية، طبقا للقانون 22-07 حول المناطق الرطبة. - تعيين بنية، مسؤولة عن هذا المجال، مكلفة بتطبيق مخطط التدبير، ومنحها الإمكانات القانونية والمالية الضرورية للقيام بمهامها. - تبني وتطبيق مخطط تدبير الموقع ذي الأهمية البيولوجية والايكولوجية لملوية. - وضع آليات للتشاور مع كل المستعملين (الساكنة المحلية، الجمعيات، الباحثين…) عن طريق وضع لجنة لتدبير المنطقة المحمية، حسب مرسوم تطبيق قانون المحميات. - توفير تكنولوجيا ملائمة لمعالجة المياه العادمة على مستوى محطة المعالجة تسمح بإعادة استعمال المياه المستعملة في سقي المجالات الفلاحية أو المجالات الخضراء أو ملاعب الكولف، أو إعادة استعمالها في المناطق الرطبة لفائدة الطيور والتنوع لبيولوجي. من الضروري أن تكون معطيات المعالجة رهن إشارة العموم قصد تبديد الشكوك فيما يخص جودة المياه التي تمت معالجتها. - ضمان الأتاءات الرسوبية لشاطئ مصب ملوية، وشاطئ السعيدية لتعويض ما تعرفه هذه الشواطئ من تعرية بحرية. - إعادة تكوين ودعم الكثيب الرملي الموجود أمام المنعطف المهجور لملوية، حسب طريقة الأوتاد المستعملة في مشروع MedWet Coast، وعن طريق تحديد مسارات الولوج للشاطئ. - ضمان المحافظة على شجرة العرعر الأحمر وإعادة تأهيلها: إزالة الأنواع المنتشرة ودعم الأنواع المحلية. - السهر على احترام الصبيب البيئي لملوية لكي لا يتعرض اشتغال الأنظمة البيئية للموقع للخطر. - ضمان استمرار الجريان الناجم عن العيون المجاورة، مثل عين الزبدة، نحو المنطقة الرطبة للشراربة والمنعطف المهجور لملوية. - مراجعة الولوج للشاطئ عند المخيمات بمدينة السعيدية للتخفيف عن شاطئ مصب ملوية. ولابد من تسهيل الولوج لضمان توزيع متجانس للسياح على الشاطئ، وتوزيع جيد للسيارات التي تزدحم على مستوى الموقع. - ضرورة إبقاء السواحل عمومية وسهلة الولوج للمواطنين جميعا، ولا يجب خوصصتها. - ضرورة تخصيص جزء من مداخيل المآرب أو كلها لتشغيل حراس يتكلفون بحماية الموقع. - القيام بحملات تحسيسية وإخبارية تجاه السياح المترددين على الموقع ذي الأهمية البيولوجية والايكولوجية لملوية لاعتماد سلوك يحترم الموقع، وهذا الإجراء يمكن تطبيقه من طرف المسير للموقع والجمعيات المتخصصة الموجودة في المنطقة. - انجاز مركز للتربية على البيئة والسياحة المستديمة، ويجب أن يكون هذا المبنى خارج الموقع، وفي مكان مناسب ويحترم الضوابط البيئية. - يجب أن يعلن الموقع منطقة غير قابلة للبناء، حتى بالنسبة لمركز التربية البيئية. - ضرورة القيام بدراسة لتقييم مشاريع MedWet Coastو SMAPIII التي تم انجازها في الموقع لتفادي الوقوع في نفس الأخطاء التي سقطت فيها هذه المشاريع؛ فالمشاريع الممولة دون ضمان استمرارية في تشغيلها تشكل بدون شك ضياعا للمال العام. وتجدر الإشارة إلى أن التجهيزات التي تمت في إطار مشروع MedWet Coast تدهورت بشكل كبير نتيجة عدم توظيف حارسين أو ثلاثة للحفاظ عليها. - التوقف عن كل تدمير للرأسمال الطبيعي قصد ضمان التنمية المستديمة، وتجنب أي تغيير في الأنظمة البيئية نظرا للتفاعلات بين البيئة والصحة والتنمية الاقتصادية. - إدماج البعد البيئي والبعد الاقتصادي في كل استراتيجيات التنمية للحفاظ على الموارد الطبيعية وضمان رفاهية الأجيال المستقبلية. - إشراك الساكنة المحلية والمجتمع المدني النشيط في مجال المحافظة على البيئة والتنوع البيولوجي خلال إنجاز دراسات تقييم الانعكاسات مع ضرورة إتمام هذا الخيار بتقييم اقتصادي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتدهور تراث طبيعي له قيمة اقتصادية مهمة جدا.