بدعوة من رئيس مؤسسة ثانوية وادي الذهب التأهيلية بوجدة ,حضرت معرضا فنيا متميزا للوحات أعدها الأستاذ حمزاوي حول حياة الرحل, أستاذ علوم الحياة والأرض بنفس المؤسسة . لم أكن أتوقع أن تكون اللوحات بتلك الفنية المتميزة,والتي لم أر مثيلا لها سواء من حيث الإبداع,أو الإيحاء.الأستاذ حمزاي ومن خلال عرض مقتضب قدمه يعرف به عن ظروف وملابسات اقتحامه هذا الميدان الذي يتطلب ذوقا رقيقا وصبرا حقيقا.أستاذ قضى جل عطل طفولته بين بدو بني كيل, متأقلما مع ظروف عيشهم المليئة بالمغامرات والملامح . أحبوا الصحراء فأحبتهم, وقاوموا حرارتها فأظلتهم ,واستأنسوا مع قسوتها فاحتضنتهم .أناس ألفوا حياة أحبوها وسعدوا من أجلها.أناس قد يبدو للغريب عنهم أنها حياة الأشواك والصعوبات ,ويرونها حياة الأمل والمغامرات. إنهم لا يهتمون بالمكاسب والمتاعب, وإنما يعيشون حياة المتنقل الصائب.بين جبال الأطلس والهضاب العليا يتجولون,حاملين متاعهم وخيامهم وبعيرهم ومدرسهم. نعم مدرسهم , من خلال المدرسة الخيمة والتي رسم لها السيد حمزاوي ذو الذوق الرفيع والفن البديع لوحة فنية رائعة تمثل خيمة ومدرسا وتلاميذ الرحل يتابعون الدرس على الحصير وقرب الجبال صيفا ثم الهضاب شتاء حسب التقلبات وحسب أماكن تواجد الأعشاب . إنهم لا يسأمون ولا يكلون. يصارعون الطبيعة بصبر وثبات ويجاهدون . الأستاذ حمزاوي ومن خلال عرضه وتجربته الفنية التي انبعثت من معايشته لهذه الحياة الشاعرية,ألهمته في استعمال مواهبه الفنية لرسم مسارها من خلال لوحات تمثل مراحل حياتهم وظروف عيشهم , محاولا رسمها عبر مراحل تنطلق من كيفية تمدرسهم وأسلوب عيشهم , من خلال طريقة الطهي والتخبيز وجمع الحطب والماء والرعي والغناء وقت الاستراحة , ومن خلال تلقين أبنائهم تجاربهم في الحياة , لترك بصمات يرثها أبناؤهم وينقلون أبا عن جد ….. حاول الأستاذ حمزاوي رسم لوحاته في شكل لوحة متناسقة ترسم مراحل الحياة عبر العصور , لينتهي به المطاف الى لوحات تعبر عن تراجع حياة البدو,بعد انتشار الجفاف وتناقص أماكن العشب , ورغبة أبنائهم في الهجرة بعد أن كبروا وبدأت ملامح المدينة تستهويهم ومغريات الهجرة الى الخارج تسترضيهم. بدأت خيامهم تفقد تماسكها وصلابتها , وبعيرهم يقل عددها , وأبناؤهم تقل رغبتهم في حياة لم تعد تناسب أحلامهم , ولا تلبي طموحاتهم. انتهى المطاف بهم الى جمع متاعهم وترك خيمتهم .مصير مجهول وغد غير محمول. من خلال لوحة فنية رائعة رسم الأستاذ حمزاوي حيرتهم بين الهجرة الى المدينة والعيش على هامشها وسط أحياء القصدير, أو الهجرة الى الخارج وما تحمل من مغامرات. إن الأستاذ حمزاوي ومن خلال لوحاته , أراد أن يؤرخ بواسطة فنه لفترة قد تنسى وعهد قد يطوى , دون أن يجد من يدون لتلك الحقبة التي قد تصبح من الماضي من خلال العصرنة والتطور الذي غير مجرى حياة البدو الرحل رأسا على عقب. أن لوحات الأستاذ نادرة ومتميزة,تعرض لأول مرة بمدينة وجدة. أراد أن تكون الثانوية التي يشتغل بها والتلاميذ الذين ترعرعوا على يده أول زائريها. آمل أن تكون هناك التفاتات من مندوبية الثقافة لإعطاء هذا الفنان الراقي ما يستحق من عناية واهتمام .بعد أن قدم لوحاته في عدة دول أوروبية , وشارك في عدة مهرجانات وطنية ودولية, انطلقت من فكيك ,ثم ذاع صيتها , ولا زالت تبحث عن ملاذ آمن,يعير هؤلاء الرحل العناية اللازمة و ويقدم لهم الدعم الكافي للبقاء على حياتهم النمطية التقليدية. بدل البحث عن مستقبل غامض , مليء بالمتاعب…..