كشفت النقابة المغربية لمحترفي المسرح، في اللقاء التواصلي، الذي نظمته أخيرا بالرباط، بتنسيق مع جمعية خريجي المعهد العالي للمسرح والتنشيط الثقافي، عن الخطة الوطنية لتأهيل القطاع المسرحي والتي تكلف بإعدادها مجموعة من المختصين وأشرف عليها المسرحي عز الدين بونيت، بهدف النهوض بالقطاع المسرحي المغربي وهيكلته، وإعادة الاعتبار للجسم المسرحي المغربي، وتحديد أشكال تدخل الدولة، والجماعات الترابية، والمؤسسات المدعومة من طرفها، ومسؤولية كل طرف من هذه الأطراف في دعم وإنعاش القطاع المسرحي في كل جوانبه الإبداعية، والإنتاجية، والترويجية، خاصة أن القطاع يحتاج إلى إصلاحات عميقة وسياسة متكاملة. كما أعلن المشاركون في هذا اللقاء التواصلي، الذي حضره ممثلو ما يفوق 60 فرقة مسرحية من مختلف المناطق بالمغرب (الرباط – سلا – القنيطرة - الدارالبيضاء – مكناس – فاس – وجدة – تطوان – شفشاون – مراكش – أكادير – الخميسات)، عن رفضهم القاطع لمشروع تعديل القرار الوزاري المشترك، المتعلق بالدعم المسرحي، الذي قامت به وزارة الثقافة بشكل انفرادي، واستعانت فيه ببعض الفاعلين المسرحيين، وامتنعوا عن التحدث في تفاصيله قائلين إنه "لا يعنيهم في شيء"، وإن وقعت عليه وزارة المالية، وأصبح ساري المفعول، سيقاطعون الدعم بشكل نهائي، وسيقاطعون جميع الأنشطة المسرحية التي تنظمها وزارة الثقافة، على رأسها المهرجان الوطني للمسرح الاحترافي بمدينة مكناس، الذي يتوج السنة المسرحية المغربية. وأضافوا أنهم يروا في مشروع تعديل الدعم المسرحي، بالشكل الذي قدمته وزارة الثقافة، "إجحافا وتراجعا عن المكتسبات السابقة، واستهانة بالعمل المسرحي المغربي، الذي يعرف الكثير من المشاكل والعراقيل، على رأسها سياسة الدعم غير الواضحة، التي تركز على الوثائق والشكليات، ولا تهتم بجوهر العمل المسرحي". وأعلن المسرحيون في البيان الختامي للقاء التواصلي، عن رفضهم لمشروع التعديل المقترح من طرف وزارة الثقافة، وعن تشبثهم بالعمل بالقانون القديم، وتشكيل لجنة للبحث في التعديلات اللازمة للدعم المسرحي، وفتح الحوار في أقرب الآجال مع ممثلي الفرق والمؤسسات المسرحية الوطنية، والنقابة المغربية لمحترفي المسرح، وجمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، بخصوص تعديل القرار. وطالبوا وزارة الثقافة بفتح آجال جديدة لإيداع ملفات طلبات الدعم للموسم المقبل، مشيرين إلى أنه في حالة عدم استجابتها "سيقاطعون الدعم المسرحي لموسم 2011/2012، وسيتخذون من كل المحطات المسرحية المقبلة مناسبة لتصعيد النضال، واتخاذ كافة الأشكال المتاحة للتعبير عن رفضهم لسياسة وزارة الثقافة إزاء هذا القطاع الحيوي". وإلى جانب موضوع الدعم، الذي احتل صدارة النقاش في اللقاء التواصلي، الذي كشف العديد من المسرحيين عن الاختلالات، التي تشوب حتى صيغته القديمة، تدارس المسرحيون مشروع الخطة الوطنية لتأهيل القطاع المسرحي، التي تشرح الواقع المسرحي المغربي، وتقدم مقترحات للتدخل بغية النهوض بهذا القطاع، حتى يصبح قطاعا منتجا، لأنه لم يعد مقبولا الاستمرار في تجاهل وضعية القطاع الثقافي عامة، والقطاع المسرحي على الخصوص، الذي يستدعي "تدخلا إراديا واضحا من الدولة فإقرار سياسة متكاملة للنهوض بهذا القطاع، وإدراجه ضمن الكوكبة، التي يراهن عليها المجتمع في ترسيخ جهود التنمية". وتدخل هذه الخطة، كما ذكر حسن النفالي، رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح، ضمن "الجهود التي تقودها النقابة لدفع السلطات العمومية لتبني سياسة للتنمية الثقافية واضحة الأهداف والملامح، تكفل بالفعل قيام الدولة بأعباء هذه الالتزامات"، مشيرا إلى أن النقابة ستقدمها في القريب العاجل للجهات المسؤولة. وتراهن الخطة الوطنية لتأهيل المسرح، حسب عز الدين بونيت، على تشغيل 25 ألف شخص في مجال المسرح في 2020، وتعزيز الجهات بخمسة مسارح في كل جهة، ثلاثة تستوعب 200 مقعد، واثنان يستوعبان 800 مقعد، وتأهيل العنصر البشري عبر التكوين، ليس في الميدان الفني فحسب، بل في جميع المجالات والتخصصات، التي لها ارتباط بالعملية المسرحية، وتغيير سياسة الدعم المسرحي على مستوى الإنتاج والترويج، لأنها لم تقدم سوى 259 عرضا مسرحيا بما يفوق 32 مليون درهم، على مدى 11 سنة من تاريخ دعم الإنتاج، و1150 عرضا ب 9 ملايين و200 ألف درهم، على مدى 8 سنوات من تاريخ دعم الترويج. وأضاف بونيت أن "الخطة الوطنية لتأهيل القطاع المسرحي تسعى للحصول على اعتراف لا غابر عليه بالأدوار، التي ينبغي إسنادها إلى المسرح في مشروع التنمية الشاملة للبلاد، وترجمة هذا الاعتراف إلى إجراءات متعددة الاتجاهات للنهوض بقطاع عانى الإهمال على مدى عدة عقود". وإضافة إلى الدعم والخطة، تداول المشاركون في اللقاء التواصلي حول إنشاء فيدرالية وطنية مغربية للفرق المسرحية، تضم الفرق، والوكالات المسرحية، بغية هيكلة القطاع المسرحي، خاصة أن صوت الفرق المسرحية منعدم، ولا يمكن بحال من الأحوال للهياكل النقابية والمهنية الحالية أن تمثل هذه المؤسسات المسرحية، لأنها تهتم بالأساس بالأفراد وليس بالمؤسسات.