ما أثار الانتباه في ردود الوزير على مختلف التدخلات، هو تحذيره من" عودة خطاب الأزمة" الذي اعتبره مدخلا للتملص من المسؤولية ذ. محمد حومين يوم الثلاثاء: 19/02/2008، انعقدت الدورة السادسة للمجلس الإداري لأكاديمية الجهة الشرقية، بدار الطالبة بوجدة، تحت رئاسة السيد وزير التربية الوطنية، وحضور السيد الوالي، والسادة عمال الجهة، أو من ينوب عنهم، ومعظم أعضاء المجلس الإداري، والعديد من المدعوين، بالإضافة إلى ممثلي الصحافة الجهوية والوطنية، بينما تغيبت بعض الأطراف التي تعتبر جزءا من هذا المجلس، والتي كان غيابها لافتا، كممثل وزارة الفلاحة... لقد بذلت اللجنة المنظمة مجهودات كبيرة، يفسرها حسن التنظيم، والاستقبال، واحترام الوقت، والحالة هذه، لا يسعنا إلا أن نثمن ذلك، ونشد بحرارة على كل الذين ساهموا من قريب أو بعيد في إنجاح الدورة، ونشكر مكتب الاتصال بالأكاديمية بنسائه ورجاله؛ الذين عملوا كل ما في وسعهم، من أجل توفير الشروط الملائمة لعمل الصحافة. لقد تناول السيد الوزير في كلمته العديد من الجوانب، انطلاقا من الخطابات الملكية ذات الصلة بقطاع التعليم، والتصريح الحكومي الداعي إلى بلورة" خطة استعجاليه" لربح رهان تدارك التأخر الحاصل في تحقيق بعض الأهداف المسطرة في الإصلاح، كما أشار إلى الإنجازات المحققة، سواء على مستوى تعميم التمدرس، أو المناهج والبرامج، والإصلاح البيداغوجي، والحكامة، وتدبير الموارد البشرية، والمكتسبات المحققة في هذا المجال، دون أن يغفل الإكراهات الكثيرة والمتعددة، ولم يخف انشغاله بضرورة السرعة والنجاعة في الانكباب على الإشكالات المطروحة، التي لم يكن أحد ينتظر تصريحات وتقارير الجهات الرسمية الوطنية أو الدولية للاعتراف بوجودها، كما لم يفته إطلاع الحاضرين على التوجهات والاختيارات الكبرى التي ستؤطر المرحلة القادمة من الإصلاح، والمتمثلة في استكمال أوراش الإصلاح، التقييم الشامل لمكونات منظومة الإصلاح، وأدائها الداخلي والخارجي، وتحديد معالم المدرسة المغربية الحديثة، وأشار في الأخير إلى الزيادة في ميزانية قطاع التعليم، والتي بلغت 850 مليون درهم، والتي خصصتها الوزارة لدعم القطاعات ذات الأولوية.. .. ثم أعطيت الكلمة للسيد مدير الأكاديمية الذي قدم لعرضه بمدخل عام، تتطرق فيه للمرجعيات والتوجهات الإستراتيجية، والخصوصيات، والمجالات ذات الأولوية، وخصوصيات الدخول المدرسي 2007-2008، تم تلا ذلك جرد شامل للعديد من المعطيات والمؤشرات الدالة، ليختتم عرضه بالحصيلة العامة، ومخطط عمل الأكاديمية،على مستوى تنمية التمدرس، ومحاربة الهدر المدرسي، وتحسين الجودة، وتدبير الموارد البشرية، وتطوير الشراكة والتعاون، وتدبير الموارد المالية، والمبادرات الجهوية. لقد اتسم عرض السيد مدير الأكاديمية بالواقعية، والصراحة، والموضوعية، والاعتراف بمواطن الخلل والنقص، والاختلالات، والفوارق الموجودة بين النيابات، وعلى صعيد النيابة الواحدة.. ثم فتح باب المناقشة، ليأخذ الكلمة 17 عضوا من أعضاء المجلس الإداري، وبشهادة مدير الأكاديمية السيد محمد بنعياد، الذي تحاورنا معه، يوم الأربعاء صباحا بمكتبه، حول الظروف التي تمت فيها الدورة، أشاد بجميع التدخلات ووصفها" بالصريحة والواقعية والجدية". لقد تجاوزت أغلبية التدخلات الخطاب الأزموي، مقتنعة بأن الشأن التعليمي هو شأن عام، وأن زمن تحميل المسؤولية للطرف الآخر قد ولى، وأصبح الجميع مسؤولا، لهذا كانت جل التدخلات إيجابية، تسير في اتجاه طرح البدائل، والمساهمة في حل المشاكل من أجل مدرسة مغربية، مدرسة الألفية الثالثة بكل تحدياتها. وتجدر الإشارة إلى أن ما أثار الانتباه في ردود الوزير على مختلف التدخلات، هو تحذيره من" عودة خطاب الأزمة" الذي اعتبره مدخلا للتملص من المسؤولية، كما أخبر بقرب الإعلان عن نتائج تقويم ست سنوات من" تجربة الأكاديميات"، وفي استباق لهذه النتائج، أكد الوزير أن شؤون المدرسة، لا يمكن تدبيرها إلا جهويا، وأضاف أن هناك اتجاه نحو إعطاء صلاحيات إضافية للأكاديميات، قاطعا بذلك الطريق أمام الذين يطالبون بالعودة إلى المركز.. وفي جوابه على المنتقدين لتشكيلة المجلس الذي تحد من فعاليته، أجاب أن التركيبة الحالية أدت دورها في هذه المرحلة، وهناك البحث عن صيغ أخرى، تتماشى مع العصر والتي تسمح بالمحاسبة، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال عقد جلسات صغيرة ومغلقة، بدلا مما سماه ب" المسرح" في إشارة إلى التصويت أمام الملأ، ووجود الضيوف والمدعوين.كما اعترف بأن جزءا مما كان مفروضا إنجازه، لم يتم إنجازه، مما حتم اللجوء إلى" الخطة الاستعجالية"، التي تهدف إلى ضرورة تسريع وتيرة الإصلاح في الميادين التي لم يتم فيها التقدم. ومن خلال استماعنا لردود الفعل الأولية بعد انتهاء أشغال الدورة لاحظنا ارتياحا كبير لدى المشاركين على العموم، الذين تفاءلوا خيرا بالوزير الجديد، وتمنوا له النجاح، لما أبان عنه من حنكة ودراية في إدارته للجلسة، وتأكيده على ضرورة إشراك الجميع في" أفق تعاقدي" داخل إطار محدد، مع تحديد المسؤوليات، وتعريفها لتسهيل عملية المحاسبة، واعتبر أن وجود مدرسة عمومية جديدة، قادرة على رفع التحديات المستقبلية، رهين بمدى انخراط الأطر التربوية والإدارية، وجمعيات الآباء والأمهات، والجماعات المحلية، في سيرورة الإصلاح، إلا أن هناك أطراف أخرى ممن استطلعنا رأيها، ترى أن مشاكل المدرسة العمومية، جد معقدة، ولن تستطيع صراحة الوزير، وواقعيته، والنوايا الحسنة حلها في ما تبقى من العشرية.. وعبر آخرون عن تشاؤمهم الكبير، خاصة لما علموا أن هناك تلاميذ لم يلتحقوا بعد بأقسامهم لحد الآن، في انتظار تصريف الموظفين الجدد، وتنامي ظاهرة الاحتجاجات والإضرابات، وموقف الإدارة السلبي والمهادن.. عوامل،عفنت الجو الدراسي، وقضت على بوادر المصالحة بين المدرسة العمومية ومحيطها.. .. كما اعتبر البعض أن الوزير، جامل القطاع الخاص، وأن اكتفاءه بكلمة" كنبلزم" غير كافية، وتعبر عن عدم إدراك دقيق، وواسع لإشكالية التعليم الخاص بأنماطه المختلفة، والتي أصبحت تشكل جزرا مزدهرة داخل محيط متأزم، تعيش على حسابه.. .. كما اعتبر البعض أن أولاد عبد الواحد ڭاع واحد"، وأن الأمر لا يتعلق بشخص وزير، مهما كانت خبرته وحنكته، وإنما الأمر أبعد من ذلك ، يتعداه لنوع التعليم الذي نريده لهذا البلد.