يستنجدون منذ شهر لإنقاذهم من وضعيتهم المزرية " بْنِي الْفِيلاَّ شْري السيارة// بفلوس الفقراء زيدْ بْنِي العِمارة " و" يا عامل يا عامل يدك في يدي لتحقيق المطالب والصمود الأبدي " و"صامدون صامدون //للمطالب مناضلون" و"سْوَا اليوم سْوَا غدَّ// الحقوق ولا بدَّ" و" الإضراب حق مشروع ضد الحكرة ضد الجوع ".. تلكم بعض الشعارات التي يرددها طيلة اليوم حوالي 20 عاملة وعاملا، من أصل 35 من عمال شركة معمل" برودور" بالحي الصناعي بمدينة وجدة؛ منذ ما يقرب من شهر بما فيه شهر رمضان. وقد دخل هؤلاء في اعتصام مفتوح، ابتداء من صباح يوم الثلاثاء 9 شتنبر الماضي؛ بعد أن قرر صاحب المعمل تقليص ساعات العمل إلى ساعتين في اليوم . هؤلاء العاملات والعمال اتخذوا من الحصائر فراشا، ومن إزار سقفا، ومن لافتات تحمل شعارات احتجاجية جدرانا، ومن أكواب شاي غذاء، في انتظار تدخل اللجنة الإقليمية التي يرأسها والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة أنجاد، قد تأتي بحلٍّ قد يأتي أو لا يأتي لمعضلة اجتماعية لا إنسانية لعمال غرقوا في أوضاع اجتماعية مزرية من الفقر المدقع والحرمان؛ بعد أن عجزوا حتى عن ضمان قوت يومهم فبالأحرى التخلص من واجبات الكراء والكهرباء والماء و...و... " نحن معتصمون منذ بداية شهر رمضان؛ بعد أن قررت شركة بوردور تقليص عدد ساعات العمل من خمس ساعات إلى ساعتين اثنتين، وهو قرار انفرادي تم بدون استشارة مندوبية الشغل، ولا اللجنة التنظيمية التي يترأسها الوالي"، يصرح حميد حراث مندوب عمال شركة برودور. رفض عمال شركة برودور للنسيج قرار التقليص باعتباره يمس حياتهم المعيشية، ومورد رزقهم الوحيد، متسائلين إن كان لأي كان القدرة على أن يعيش بأقل من 20 درهما أجرة ساعتين من العمل في اليوم، مع العلم أنهم لا يشتغلون يومي السبت والأحد،" فكيف لهم أن يواجهوا متطلبات الحياة العادية، إضافة إلى متطلبات رمضان، ومتطلبات الدخول المدرسي، ومتطلبات العيد؛ مع العلم أننا لم نتوصل منذ شهرين بأجرتنا الشهرية مع هزالتها" يضيف مندوب العمال بالشركة، مؤكدا أنهم لم يجدوا حتى ما يخرجونه من زكاة الفطر، وأصبحوا من هؤلاء الفقراء الذين يستحقون تلك الزكاة بحكم أوضاعهم الاجتماعية المزرية. ومن جهته، تدخل ميمون الصادقي مندوب وزارة الشغل في محاولة منه لإيجاد أرضية صلح بين ربُّ المعمل والعمال، لم يتم التوصل بعدها إلى حلٍّ، وهو المندوب الذي سبق أن صرح أن اتخاذ قرار تقليص عدد الساعات إلى ساعتين قرار انفرادي، قام به ربُّ المعمل الذي يعتبر المسؤول الوحيد دون إشعار أو استشارة مندوبية الشغل، كما رفع محضرا في الموضوع إلى اللجنة الإقليمية التي يترأسها والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة أنجاد، مشيرا إلى أن صاحب المعمل ومديره سبق له أن قلص من عدد الساعات بشكل قانوني، وبعد اتفاق ما بين الأطراف نتيجة تعرض المعمل لمشاكل، ابتداء من شهر مارس 2001 على مستوى التسويق والإنتاج والمنافسة، وتراجع في الأسواق المحلية والوطنية والخارجية. أما محمد الرابحي ربّ المعمل ومدير الشركة منذ أن تأسس في سنة 1974، وهو أول وحدة للنسيج بالجهة الشرقية، فيعترف بالوضعية المزرية الحالية للعمال الذين استفادوا كثيرا من الشركة أيام كانت مزدهرة ومنتوجاتها رائجة؛ لا على مستوى الأسواق الداخلية ولا على مستوى الأسواق الخارجية، إلى حدود السنوات العشر الأخيرة التي عرفت كسادا كبيرا للمنتوجات، والتي وصل مخزونها إلى حوالي 250 مليون سنتيم،" وهذا راجع إلى ركود قطاع النسيج في العالم كله والمغرب بالطبع، خاصة أن نوع الطرز الذي ننتجه لم يعد الطلب عليه بكثرة، إضافة إلى رفع الدولة من كوطا دخول هذا المنتوج تسبب في إغراق الأسواق المغربية على حساب المنتوج الوطني... دون الحديث عن المنتوجات المهربة". ويستطرد صاحب المعمل في توضيح الإكراهات التي يعرفها القطاع والشركة بقوله: إن الإجراءات الاضطرارية التي اتخذها بتقليص الساعات إلى ساعتين مؤقتة، ولن تتجاوز فترة طويلة في انتظار الانفراج والنظر في ما يمكن القيام به، مشيرا إلى أنه طلب إعادة الجدولة للديون من واجبات الضمان الاجتماعي والضرائب المسجلة على ذمته" في سنة 2007 كان لنا رقم معاملة بلغ 700 ألف درهم في الوقت الذي بلغت تكاليف الأجور 650 ألف درهم دون أن نتمكن تأدية الضرائب...". ويطلب محمد الرابحي رب المعمل من اللجنة الإقليمية إيجاد حل مُرضٍ له، وما عليه إلا العمل به بعد دراسة وضعية الشركة وحساباتها، واقتراح مخرج مقبول. لكن من جهتهم، يؤكد العمال أنهم لا يطالبون بشيء كما يطالب به عمال الشركات الأخرى، ويستنجدون المسؤولين إيجاد حل ولو في أدنى الحقوق المشروعة، وتطبيق القانون باشتغالهم الساعات القانونية والحد الأدنى للأجور وفقا لما تنص عليه قوانين مدونة الشغل، مع انتظار انعقاد اللجنة الإقليمية التي يرأسها والي الجهة، وهم الذين يترجونه التدخل لحماية قوتهم اليومي، ومورد عيش أسرهم قبل فوات الأوان، والعمل على إرجاع الأمور إلى نصابها؛ باعتباره المسؤول الأول عن المدينة وعن مصالح سكانها، خاصة منهم المغلوبين على أمرهم...