نظم مكتب جمعية الإدارة التربوية حفلا تكريميا احتفاء بالمبدع المغربي محمد العرجوني يوم 14 فبراير 2010 ابتداء من الساعة 4 بعد الزوال بثانوية المهدي بنبركة التقنية بمناسبة صدور نصين روائيين له الأول تحت عنوان 1-الحضون l'incube والثاني يحمل عنوان 2-المحتجز4892 Amphion بعد الترحيب بالروائي والمترجم المغربي محمد العرجوني وسرد شذرات من نهجه السيري الحافل بالإبداع الشعري والروائي والمنجز الثر من المترجمات فسح المجال للروائية المغربية سعدية السلايلي منشطة الجلسة الأدبية الأولى لتقدم إضاءات نقدية أضفت مسحة جمالية رائعة على العالم الروائي لرواية "الحضون" تغري بولوج الكون الروائي وممارسة القراءة الاستشعارية في حضن القشعريرة و المس بطائف من الجن سرعان ما يتناسل عبر سيرورة وتيرة الأحداث إلى طوائف شريرة تارة وخيرة تارة أخرى أو ممارسة قراءة الامتلاء في حضرة الحلول و الوجد هربا من نزق الفراغ ووحشة الضياع أوفي ممارسة قراءة الاستبطان في أغوار جذبة الغزل المكشوف التي تفرغ رقصة كناوة من المجاهدة النفسية والشطحات الروحية وتملأ ثغلها بنزوع نواسي نحو فلسفة اللحم أو بجنوح أثرياء البترو دولار نحو فتاة غرة وقاصرة أو ممارسة قراءة الاشتطاط في بحور مغامرة ألف ليلة وليلتين وتخصيص الليلة الثانية للحلم والكوابيس وتداعي الذكريات حول ثيمة نووية هي الإغواء والسقوط ومصارعة الفناء ومقاومة الهباء ملحمة بقيمات مضافة هي المرأة و الهجرة و الدعارة و عنف المعيش وزيغ المعاش العاطفي... وبأسلوب نقدي سلس شد انتباه الحضور الكريم وباث الرسالة الروائية محمد العرجوني حاولت الباحثة تفسير مقتضيات العقد الروائي بين الكاتب والكتاب الفاشلين الست والقراء ضمن لعبة السرد تحت تهديد الجزار المولع بالدم دم الفتوة ودم الولع ودم الشرف ودم النزق... و الامتطاء فوق بساط الغريب السندبادي والعجيب الكافكوي في رحلة خيال عمرها ليلة واحدة هي ليلة" الحضون" المستفزة للمخيال وللمشترك الرمزي الذي تشفره ثنائية الرغبة والسلطة بالمفهوم الفوكاوي ...وبعد قراءة عاجلة لمتن الوقائع وتحديد المحكي الرئيسي للرواية"خضوع الكاتب لتهديد الجزارلانقاذ نفسه وإنجاء الكتاب الست وتوريطه للقراء في لعبة التهديد لممارسة فعل القراءة المنتجة لارضاء حاجة الكتابة المتغلغلة في أعماق النفس باعتبارها فعلا أونطولوجيا و"لبيدو" استمرار الحياة وتجددها" واختزال المحكيات الثانوية في المرأة والهجرة والاستئثار وحب الثروة والبغاء... انتقلت سعدية السلايلي إلى تفكيك البنية الزمنية للرواية إلى زمن الحكي وزمن الوقائع وزمن التلقي المفترض ثم إعادة بنائها لتحث الحضور الكريم على اقتحام العالم الروائي العجيب لرواية" الحضون" عبر رحلة القراءة/ اللعبة الشيقة والنبش في الذاكرة الجماعية للمشترك الإنساني للكائنات النصية لرواية "الحضون" بحفريات ترسبات النفس وجنوحها نحو المدنس وإثبات الحضور المطرز بالمباهاة وحب المظاهر. إذا كانت "الرواية نمطا سرديا يرسم بحثا إشكاليا بقيم حقيقية لعالم متقهقر حسب جورج لوكاتش ولوسيان كولدمان وهي الطابع المشابه... ذلك أن وحدة العالم ليست حدثا بل هدفا يقتحمه عنصر دينامي من منظور جوليا كريستيفا وهي كذلك غياب الفاعل والشكل الروائي المتسم في وعي البطل بالضيق كما جاء في معجم المصطلحات الأدبية للدكتور سعيد علوش فإن الأستاذ والناقد المسرحي بلعيد أبو يوسف حاول في الجلسة الأدبية الثانية تقديم العالم الروائي لنص المحتجز أمفيو4892 والتركيز على الرؤية الغرامشية التي تحكمت في إنتاج المتن الحكائي وصياغة خطابه الروائي الذي يهيمن عليه شكل السيرة العائلية والتأريخ الشخصي والغيري للوقائع المنتزعة من لحم واقع مدينة جرادة وسداها وتفاصيل حياة عمال المناجم بكل ما تحمله من نتوء وأنين وأخاديد عميقة في بنية المسار الحياتي لمحمد العرجوني و ما تمثله من شروخ وقسوة تنضاف إلى عنف المعيش وهشاشة الحياة تحيل على رمزية وامتلاء سنوات الجمر والرصاص في فترة السبعينيات والثمانينيات ...وعبر سيرة فضاء مدينة المناضلة وحوار أحيائها وشوارعها وأمكنتها بلغة الشجن والإملاق والداء واتساع الفجوة بين الراهنية والغدية و شساعة مسافة التوتر بين الكائن وما ينبغي أن يكون وبين الحلم الوردي والواقع الرمادي حاول المسرحي بلعيد التأكيد على رسالة التغيير والتنوير ورفع درجة وعي المتلقي ومستوى التحامه بمجتمعه باعتباره كائنا عضويا ومثقفا مختصا من وظائفه الالتحام بأركان المكان والمساهمة في تصوير أوضاعه ورسم أحواله والعمل على تغييرها نحو الأحسن. -وبعد تسجيل الروائي والمترجم البهي محمد العرجوني لانطباعاته المستحسنة للقراءتين وتقديم شكره على التكريم وتنظيم حفل التوقيع لجمعية الإدارة التربوية وللأستاذ مختار شحلال مدير الثانوية التقنية المهدي بنبركة على حفاوة الاستقبال طرح رئيس الجمعية مسير الجلسة الأدبية ضمن مساحة التواصل والحوار ثلاثة إشكالات 1 - إشكال التصنيف إذ يصعب على متلقي النصين توطينهما ضمن خريطة الأنواع السردية - فرواية المحتجز أمفيو4892 هل هي سيرة روائية أوسيرة ذاتية عائلية على طراز عمل توماس مان في رواية آل بودنبرك 1901أم هي رواية الفرد الفقير في عائلة الأنواع . أما رواية الحضون فيحتار القارئ بين تصنيفها – التصنيف المعتمد لدى الدكتور عبد الرحمان بوعلي- ضمن رواية الأصل وتبني نموذج ألف ليلة وليلة كإطار مرجعي أورواية الفرع و امتطائها مركب المغامرة الروائية في علي بابا ورحلات سندباد الخيالية أو اقتفائها أثر التشكيل الإنساني واستلهام لغة ومقصدية الكائنات النصية في كليلة ودمنة ... أو رواية التجريب على الطريقة الكافكوية والتدرج من المألوف إلى العجيب فالغريب ثم الخيالي .وهنا نتساءل هل التجريب في مادة التأليف والجرأة على اقتحام عنف المعيش أو في تقنيات السرد والحكي من داخل الحكي أو في الاستعمال اللغوي الهجين وتلوين طيف التعالقات والملفوظات داخل مساحة الحوار مع أسلبة المادة اللغوية الأجنبية ومؤالفتها مع خصوصيات البيئة المحلية. إن درجة التطابق بين الوقائع وحقائق الواقع عالية في نص أمفيو 4892 ومستوى الإيهام بالواقع وحدود التداخل بين الواقعي بالتخييل والسردي بالاجتماعي والثقافي عال في رواية" الحضون" مما يرفع من درجة التمثيلية الأدبية وحضور المسحة الجمالية ويزيد من بلورة الوعي الروائي في علاقته بالوعي الأجناسي. 2-الإشكال اللغوي -لقد وفق النصان في تحقيق التفاعل اللفظي والاجتماعي عبر الاختيار اللغوي /اللغة الفرنسية الممغربة/كوسيط بين النص ومحيطه في أفق تحويل الشكل الروائي إلى أداة للتواصل ثم دمج النصوص المحاذية واختيار التعاقد مع القارئ بالمواثيق والاستيهامات بالشكل الروائي الخالص لبلوغ الاستقلال الأجناسي.إن -التشكيل اللغوي وهيمنة التهجين و الأسلبة وارتفاع درجة الوعي اللساني ومغربة المادة اللغوية و التنويع في إجراء إضافات على المسلوب من التراث الروائي العربي والإنساني في رواية "الحضون" شكل المحلول الكيميائي للغة الروائية وعلامة فارقة تنزع نحو تسييد المونولوجية على حساب البوليفونية وتشكيل الرؤية الشبقية للعالم وامتلاك مفاتيح اشتغال الهوى الإنساني. كما اعتبر جنوح المتن القصصي في أمفيو 4892 نحو التفكير في مآزق المدينة المنجمية وتناقضاتها وبلورة مفهوم البطل الإشكالي وانفصام الأفكار عن العالم وتحولها إلى أحداث نفسية ومثل عليا حسب جورج لوكاتش وارتباطها بمفهوم القطيعة والغياب ومفهوم النمط و الوقوع في أسر الرؤية الأحادية/للكاتب لتوليد إيديولوجيا النص/ ميزة أساسية في الكتابة السيرية. 3-إشكال الشعرية الروائية إن الكتابة الروائية لمحمد العرجوني تعج بسمات الخطاب الروائي على المستوى التركيبي والأسلوبي والموضوعاتي وتروم إلى تكسير الخط الحكائي/الحكي من داخل الحكاية/ /الحكي المتناسل/ عبر تكثيف الوصف السردي لتسريع وتيرة شبكة الأحداث وإلى تفجير بنية الزمن والحيز وصياغة بناء التزامن و الالتحام بالمكان والمزج بين الواقعي والغرائبي وتعويم الشخصية وتحويلها إلى مجرد أصوات واعتماد تقنية التداعي والحلم والكوابيس لكشف واقع البوهيمية والطاووسية والجفاف الثقافي الذي فرض حالة الكتابة تحت التهديد وواقع القراءة تحت الإغواء في رواية "الحضون" . وإلى تبني تقنية التوازي بين السرد الروائي والسرد الأطوبيوغرافي و بين النثر والنظم و الاحتفاء بالفضاء وبسيرته وبحوار الأمكنة وتشكيل الرؤية النصية المحيلة على الذوات الداخلية والذوات الخارجية من قلب الرؤية التراجيدية والتغييرية المؤطرة بمنظور الاجتماع الروائي الذي يزاوج بين التناغم الإيقاعي وبين دلالة الدفق العاطفي والمسحة الجمالية الغاصة بزخرفة التفاصيل داخل لعبة الفعل الروائي والاستدراج إلى أثر المعنى للجهر والاحتجاج على الواقع. وفي ختام هذه الأرضية النقدية تقدم النقاش حول ظاهرة القراءة وانحسارها وحول كتب المؤلفات المقررة قديما في منهاج التعليم المغربي "كجير منان " لإميل زولا وميثاق العقد الروائي وتوريطه للقارئ لممارسة فعل القراءة المنتجة المفضية إلى الكتابة وحول دور المثقف في إشاعة الوعي والفكر السليم وتداول الكتاب و كافة أوعية المعرفة لما لها من مساهمة في ترقية الحس وإنضاج الشخصية وتفتحها وحل الإشكالات الكبرى لمجتمع يزحف بخطى بطيئة نحو مجتمع المعرفة ليتوج النقاش بتوصيتين لقيتا إجماع الحاضرين تتعلق الأولى بتخصيص نقط بيع الروايتين في كل مؤسسة تعليمية داخل نفوذ نيابة وجدة أنجاد وتتمثل الثانية في برمجة النصوص الروائية المغربية المرتبطة بواقع التلميذ المغربي في دراسة المؤلفات بالإعدادي أوالتأهيلي أو التعليم العالي.