... ويأتي على أكثر من 1600 دكان و4.5 ملايير سنتيم ويخلف 30 جريحا تاوريرت: عبد القادر كترة كان منظر هؤلاء التعساء من مئات الباعة بالسوق الأسبوعي، عشية يوم الثلاثاء بتاوريرت، بئيسا حزينا ومُبكيا وهم يركضون ويتسارعون ويتدافعون في كل مكان وفي أي اتجاه، يصرخون ويولولون ويندبون حظهم، يتقاطرون عرقا يختلط بدموع والحزن والأسى لا يدرون ما يفعلون...فتارة يتوقفون لتأمل ذلك المنظر الجهنمي المهول وتارة يحاولون الاقتراب من دكاكينهم لانتزاع شيء ما من السلع من ألسنة النيران المتوهجة والمتصاعدة أذحنتها في السماء ترى على بعد عشرات الكيلومترات من مدينة تاوريرت... أحرقت الأثواب والزيت وشوت اللحوم والبطيخ والبطاطيس وفحمت الكراريس والبرايك وفجرت قنينات الغاز... اندلع الحريق بالسوق الأسبوعي حوالي الساعة الواحدة بعد الزوال حيث انطلقت الشرارة الأولى في صمت ببعض الخيام البلاستيكة الفارغة التي كانت ولا شك تنتظر أصحابها، لتزحف ألسنة النار إلى البرايرك والدكاكين المجاورة بعد أن وجدت في المواد القابلة للاشتعال كالكارتون والورق والخردة والألبسة والأثواب والمواد البلاستيكية غذاء وافرا، زادتها شمس غشت الحارقة تأجيجا فتقوى لهيبها وتصاعد إلى السماء دخانها ناشرا سُحب الحزن وحُجب المأتم على مدينة تاوريرت بل على الإقليم كله معلنا بذلك المأساة لمئات الأسر التي كانت تقتات من هذا السوق الذي تعتبر من أكبر الأسواق الأسبوعية بالجهة الشرقية بل بالمغرب، ويقال في إفريقيا...حيث يمتد على مساحة 3 هكتارات و150 آر. أتت ألسنة النيران، خلال بضعة ساعات، على أكثر من 1600 محل تجاري من الدكاكين والبرايك والخيام، منها حوالي 600 دكان بسوق القدس مخصصة لبيع الألبسة والأحذية، و400 دكان بالسوق القديم مخصصة للخردة من ملابس مستعملة و200 دكان لبيع المواد الغذائية، وأكثر من 300 محل لعرض الخضر والفواكه واللحوم. وقدرت الخسائر بأكثر من 4.5 ملايير من السنتيمات، فيما نقلت سيارات الإسعاف حوالي 30 شخصا مصابا بجروح أو حروق خفيفة أو اختناقات أو إغماءات جراء الأدخنة المتصاعدة والمنتشرة في فضاء السوق أو بمقربة منه. عانت وسائل الوقاية المدنية في إخماد الحريق بسبب قلة الوسائل وقلة الموارد البشرية، إضافة إلى غياب استراتيجية لمواجهة الكوارث بالإقليم، الأمر الذي استدعى دعما من مصالح الوقاية المدنية بجرسيف، كما كان تدخل عناصر القوات المسلحة الملكية حاسما في القضاء على الحريق بعد مقاومة كبيرة وشجاعة حتى ساعات متأخرة من الليل، زاد الأمر تعقيدا وصعوبة انعدام الإنارة بالمكان... وعلى مستوى آخر، عرف السوق علميات نهب وسرقة بعد أن استغل بعض الأشخاص من اللصوص الأوضاع وسطوا على بعض السلع والبضائع من المحلات التجارية التي لم تصلها النيران أو التي "عافت" بعضها وتجوازتها، وقد تم إيقاف البعض منهم وتم اقتيادهم إلى مفوضية الشرطة للتحقيق معهم. وفي الوقت ذاته ، بعد سيطرة النيران على السوق وفي الوقت التي كانت تلتهم ألسنتها السلع والبضائع مورد قوت عشرات الآلاف من سكان والأسر بالإقليم وخارجه ويؤمنون حاجيات عشرات الألاف من المستهلكين ، انفجرت عيون العديد من أصحاب المحلات التجارية والباعة دمعا ودخلوا في نوبات من الصراخ والبكاء. وقد حج إلى عين المكان كل المسؤولين من السلطات المحلية وعلى رأسهم عامل الإقليم الذي عقد لقاء مع ممثلي النقابة الوطنية للتجار المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل لدراسة الأوضاع وووعد بعقد لقاء مع مؤسسات القروض والسلفات الصغرى لإعادة الجدولة خاصة أن كل التجار المتضررين الذين حسب إفاداتهم استفادوا من قروض وصلت إلى أكثر من 20 مليون سنتيم وذهبت مع الريح. ومن جهة ثانية، فتحت مصالح الأمن الإقليمي تحقيقا في الحادث المأساوي لتحديد أسبابه ومعاقبة المسؤولين في اندلاعه.