تعيش مدينة جرادة منذ فترة تعود الى ما قبل عيد الأضحى على صفيح ساخن جراء الاحتجاجات المتوالية لأعوان وموظفي البلدية بداعي أن احد ديناصورات المدينة استولى على ارض هم أولى بها . ومن خلال قراءة في حيثيات الموضوع يتبين أن مجلس جرادة تداول بخصوص الموافقة على تفويت بقعة أرضية لصالح جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي البلدية خلال سنة 2012 في الوقت الذي تمكن فيه احد مستشاري البلدية المسمى أمنون البشير من الحصول على هاته البقعة لتشتعل بعدها موجة من الاحتجاجات لازالت مستمرة الى حدود اليوم . وتعود ملكية الأرض المتنازع عنها الى مديرية الأملاك المخزنية أو ما أصبح يسمى بأملاك الدولة التابعة لوزارة المالية ، مما يفتح عدة أسئلة حول الوضع القانوني للملف وكذا الحيثيات المرتبطة به . فمن الوهلة الأولى يبدو الاحتجاج مشروعا خاصة وان مصادر من البلدية تتحدث عن عدم إمكانية استفادة عضو من البلدية من العقار باعتباره مستشارا تابعا للبلدية كما تتحدث نفس المصادر عن عدم احترام المادة 44 من الميثاق الجماعي التي تعطي للمجلس الحق في إبداء رأيه وجوبا حول كل مشروع ينجز فوق تراب جماعته . غير أن القراءة القانونية لدفوعات "جهابذة " البلدية تحيل على الأزمة التي يعيشها هؤلاء ، مما يطرح السؤال حول الكيفيات التي بها توظف اغلبهم في جماعة ترابية شأنها اكبر قدرا من شعاراتهم . فالمادة 22 من الميثاق تمنع فعلا على كل عضو تحت طائلة العزل ( مع إمكانية المتابعة القضائية) أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة التي هو عضو فيها من قبيل التفويتات او الكراءات .... بل وكل معاملة تهم أملاك الجماعة ، وهو الأمر الذي فات "الجهابذة" باعتبار أن البقعة الأرضية موضوع النزاع لا تعتبر ملكا خاصا للجماعة وان ملكيتها تعود للدولة التي لها صلاحية التصرف ، و حتى مع إقحام عنصر الموافقة المبدئية للمجلس أي من خلال المادة 44 يتبين أن "الجهابذة" لا يفرقون بين الأشخاص الذاتيين و الاعتباريين و أشخاص القانون العام ، فالمعني فرد وقد يكون استفاد كشركة بينما رأي المجلس يهم المشاريع التي تنجزها الدولة أو جماعة محلية أو هيئة عمومية بل ويشترط أن يكون هذا الانجاز مرتبا لتحملات على كاهل الجماعة أو يمس بالبيئة . طبعا هذا الرد يسير مع الأسف في صالح من سماه "الجهابذة " بالديناصور ، وليس قطعا المراد من الرد الدفاع عن المعني الذي لي موقف منه هو الآخر باعتباره صاحب مصالح و نزوعات توسعية و ربما اعرفه أكثر من "الجهابذة" لأني ابن المدينة واستشعر الى أي حد أساء هذا الشخص الى المدينة بعدم امتلاكه لحس استثماري حقيقي و عدم قدرته على إفادة المدينة بالثروات التي كدسها من المدينة و إساءته للمشهد الانتخابي . فالغرض من وراء هذا التوضيح لا ينحاز الى احد بل الى توضيح الصورة الى الرأي العام الذي أصبح يشمئز من الوضع الذي باتت تعرفه البلدية من تعطيل لمصالح المواطنين و استباحة لحرمة فضاء البلدية بشعارات لا علاقة لها بالملف وخرجات الى الشوارع في غياب تام لحس المسؤولية مع ترك البلدية فارغة و ملفات الناس عرضة للضياع وهي أحداث كلها مسجلة وموثقة من طرف "الجهابذة" على الانترنيت ، فهل من حمق و سذاجة أكثر من هذا ؟؟؟ وأمام كارثية هذا الوضع يعود التساؤل من جديد حول خلفية هذا التحرك ، ولعل أهم الإجابات ترتبط بتحريك الرئيس الحالي "للجهابذة" واستثماره للوضع للضغط على غريمه و عدوه في الانتخابات ومصالح الفحم الحجري عبر استخدام شرذمة تلعب دور الكومبارس بامتياز ، وهي نفس العناصر التي عطلت البلدية لمدة أربعة أشهر كاملة خلال 2011 حين طالبت بتعويض عن ما يسمى بالأشغال الشاقة والموسخة وهي الأحداث التي عرفت تسيبا لا مثيل له انتهى بتعميم هذا التعويض لفائدة أكثر من 90 فردا وبكلفة 80 مليون سنتيم سنويا أي مقابل "الأوساخ " في العمل وهي فعلا "أوساخ" ولكن ليس من النوع الذي حدده وزير الداخلية . وماذا عن موقف عامل الإقليم مما يجري ؟ من خلال تتبع الملف يبدو أن "تخريجة" سارت في اتجاه تبني نقابة الاتحاد المغربي للشغل لهذا الملف ، فقد كانت مكونات البلدية كلها تتحدث عن الملف من نقابات وجمعية للأعمال الاجتماعية وتم التوصل الى تعيين النقابة المذكورة للحديث باسم الجميع ، وقد شاهد بعض المتتبعين احد "المنتمين" للنقابة المذكورة عن المكتب الإقليمي حين استقدم معه بسيارته احد "جهابذة" البلدية و تبعهم بعض التابعين لمقر العمالة حيث تم اقتراح فكرة اختيار بقعة أخرى من طرف الموظفين لإنهاء المشكل . هذا الوضع هو الآخر غير واضح ، فالملف غير قابل للنقاش فإما أن يكون للموظفين الحق ( وقد يفيدنا الجهابذة بما يزكي موقفهم بهذا الخصوص ) وبالتالي يتم انتزاع البقعة لصالحهم وإما أن يتم ردعهم بالوسائل القانونية ، فأملاك الجماعة وأملاك الدولة ليست موضوع تسويات على حساب الساكنة التي تعيش فقرا مدقعا يا عامل الإقليم ، كما تجدر الإشارة الى أن فئات من الموظفين إما استفادت من سكن وظيفي أو تفويت بعض الدور أو لها مساكنها الخاصة بها ، ولاداعي لذكر الأسماء لان العبرة ليست بالتشهير بالناس بل بالإحاطة بالموضوع ، ومن هنا يطرح السؤال عن "الديناصورات الصغار " الذين يزكون منطق الريع والتهافت على الملك العام وهو عيب ليس بعده عيب . وأخيرا يستنكر سكان المدينة الشرفاء موقف الأحزاب و الهيآت التي أصيبت بالشلل تجاه ما يجري وأصبحت تترقب عن بعد مجريات أحداث أبطالها الحقيقيون ديناصورات جاهلة تتربع على كراسي جماعة من حجم بلدية جرادة مع الأسف الشديد. فهل يحرك عامل الإقليم مسطرة الحلول لحل المجلس الحالي و إنقاذ ما يمكن إنقاذه أم أن تسوية ستتم على حساب "شعيبة " كما العادة ؟