"نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول" بيت شعري لأبي تمام يبين من خلاله صعوبة نسيان الحب الأول٬ فهل الحب خيال أم حقيقة؟ هناك من يكون محظوظا فيجده و هناك من يعيش حياته كلها و يموت دون الحصول عليه. اختلف الناس حول مفهوم الحب عبر تعاقب الأجيال؛ ففي القديم مثلا كان للحب معنى عميق كنوع من الكمالية في المفهوم يتميز بمصداقية وإخلاص عاليين، فقد صنف الحب إلى درجات؛ فمن المحبة الى المودة إلى الهوى ثم الصبابة إلى العشق ومن بعدها الوله ثم الدرجة الأعمق الهيام٬ وفي بعض الأحيان يصل حد القتل.. فكم من روايات تحكي موت العشاق فداءا لهذا الحب وتضحية لهذه الكلمة المقدسة، هنا نستحضر مقولة "من الحب ما قتل" فهناك حكايات عن العشق والهوى ما زلنا نسمعها ليومنا هذا ويحلم في عيشها وخوضها شباب هذا الجيل كقصص عنتر و عبلة، روميو وجولييت، قيس وليلى.... وغيرها، رغم عدم اكتمال معظمها و لكن يجد فيها عشاق اليوم مفهوما ساميا و راقيا لكلمة "الحب" الذي لا يشوبه غدر أو كذب أو مصلحة . تطور معنى الحب مع مرور الزمن فالجيل الجديد يعرف الحب بمعاني مختلفة كالعثور على حب العمر وشريكة الحياة وآخرين يجدونه وسيلة للتباهي وإشباع الرغبات وقضاء المصالح.. "الحب خزعبلات" يعتبر "مروان" الحب خزعبلات ونسج من الخيال لا يوجد إلا في القصص والأفلام، وحينما سألته عن حبه الأول قال:"لايوجد إلا حب الله وحب الوالدين وحب الوطن فقط" مضيفا بأنه شخص واقعي وأن هنالك كلمات لها معنى أسمى من مصطلح "حب" كالاحترام والتقدير والوفاء والإخلاص، وحتى عندما يتزوج لن يكون زواجا عن حب بل لأنه نصف الدين. "أصلا الحب حرام" "الحب أصلا حرام" هكذا بدأت العشرينية "أسماء" حديثها موضحة أنها لا تعترف بالحب قبل الزواج، بل يجب أن يكون الحب الأول من حق الزوج. وأنه يأتي و يتطور مع توالي سنين العشرة والمودة والاحترام أي يجب أن يكون الحب في إطاره الشرعي. "خلقت لأعشق" "عبد الرحمن" الذي يسرد علينا قصص حبه المتعددة وعن إمكانية وقوع الشخص في الحب مرات عديدة وأن الحب بأسمى هدف في الحياة حيث يصف حبه الأول بالفاكهة المرة واللذيذة التي أذاقته طعم السعادة الممزوج بنكهة الألم، فبرغم الفراق إلا أنه ليس نادما لخوضه هذه التجربة فقد أدرك معنى هذه الكلمة الجميلة (الحب) مشيرا إلى أنه ليس بالضرورة أن يكتمل بالزواج مستحضرا بيتا للشاعر نزار قباني* الحب ليس رواية يا حلوتي في ختامها يتزوج الأبطال*. حب "الفتاتش".. " من أجل حب "الفتاتش" تقدر تجاهد على شي حاجة مكيناش،فبالحب نقدروا نتجاوزوا بزاف ديال الحوايج،لأن الحب خلق الذكر والأنثى، "الفتاتش" يجب الحفاظ عليها.." كلمات لشاب في مقتبل العمر لم يكن في وعيه أجرت معه إحدى الصحفيات استجوابا بمناسبة عيد الحب، أصبحت تلك الجملة يتداولها الناس من جانبها الساخر فقط متجاهلين مفهومها العميق والدقيق. نعم مفرداتها ليست صحيحة في نطقها أو مكانها لكنها بالتأكيد تعطي معنى كبير لكلمة حب فهو يقصد "بحبك لفتاة قد تدفع الغالي والنفيس و قد تضحي بنفسك من أجل هذا الحب، وأن من أجل الحب خلق الله الذكر والأنثى مشيرا لضرورة الحفاظ على الأنثى كمخلوق سام" فهل يوجد أفضل من هذا التعريف للحب. اختلفت الآراء و المعاني حول هذه الكلمة المعقدة ومازلنا لم نتوصل إلى مفهوم محدد تبنى عليه العلاقات.. فهل نصدق روايات الحب المتواترة؟ أم نصدق واقعنا البئيس الذي كان عقيما في إبداع علاقات حب للأجيال اللاحقة؟؟ -------- ** طالب سنة أولى بالمعهد العالي للصحافة والإعلام بالدار البيضاء