هو ارتباط بين اثنين، رجل وامرأة في علاقة «زواج» تغلفه السرية ويلفه التكتم حتى لا يصل خبره إلى أحد. أو لنقل تواطؤ على علاقة مشبوهة بين اثنين في سرية.. ويحمل الكثير من الأوصاف والتسميات والنعوت.. عرفي... متعة.. مسيار.. مصاحبة... فريلاند... زواج الدم.. زواج الطابع، تختلف الأسماء باختلاف إيديولوجية وثقافة المتزوجين والمستوى الاجتماعي والاقتصادي والفكري والديني. ليس له مكان محدد ولا عمر محدد، الكل يتزوج.. إلى درجة أنني خلت وأنا بصدد إجراء هذا التحقيق أن الإحصائيات المهولة عن العزوف عن الزواج والعنوسة وتراجع نسبة الزواج أمام المحاكم هي كذبة وأن الجميع متزوجون أو مرتبطون... ومنهم من يجمعهم سقف واحد وأنجبوا أطفالا من مثل هذه العلاقة، لكن بعيدا عن عين القانون والشرع وهذان لا يستفتيان في النازلة إلا إذا نشب الخلاف بين الطرفين.. أو افتضح الأمر بعد أن تكون هذه العلاقة قد أثمرت طفلا أو طفلة أصبح لا بد له من أب، وتكون المرأة طبعا هي من يدق الجرس، ومن يطرق باب القانون الذي لم تعره اعتبارا يوم انساقت وراء العاطفة أو الغريزة أو الإشباع الجنسي خارج الإطار المتعارف عليه شرعا وقانونا. إنه الزواج السري ببلادنا الذي يضرب في كل الأوساط، أبطاله بنات وشباب، أو عشاق يعيشون تحت سقف واحد، وآخرون لايجمعهم إلا السرير في أوقات متباعدة يلتقون في لحظات حميمية ويتفرقون في انتظار لقاء أو موعد آخر. الكل متزوج نساء ورجال.. طلبة... تلاميذ.. أطباء.. أساتذة... برلمانيون، ناس كثر من كل ألوان الطيف المجتمعي والثقافي والفكري، الكل مرتبط والكل له دافعه وسببه القوي للارتماء في أثون هذه العلاقة التي يمكن أن تكون ارتباطا له أكثر من دافع إلا الزواج الذي جعله الله في كتابه الحنيف رباطا مقدسا في قوله تعالى ( بسم الله الرحمان الرحيم والمحْصناتُ من النًْساء إلاَْ ما ملكَتْ أيْمانُكم، كتابَ الله عليكم. وأحلَّ لكم ما وراء ذلكم أنْ تبتَغُوا بأموالكم مُحْصنين غَيْرَ مسافِحين. فما استَمْتعتُم به منهن فآتوهُنَّ أجُورُهُنَّ فريضة. ولا جُنَاحَ عليكم فيما تراضيتُم به من بعدِ الفريضة. إنَّ الله كان عليماً حكيماَ. ومَن لم يَستطع منكم طَوْلا أنْ ينكِحَ المحصنات المومناتِ فمِن ما ملكَت أيمانكم من فتياتكم المُومنات. واللهُ أْعْلم بإيمانكم. بعضكم من بعض. فانكحوهُن بإذن أهلهنَّ. وآتُوهنَّ أجورهنَّ بالمعروفِ محصناتٍ غيْرَ مسافحاتٍ ولا مُتَّخذاتِ أخْدَان. فإذا أحْصًنَّ فإنَ أتَيْنَ بفاحشةٍ فعليْهنَّ نصفُ ما على المحصناتِ من العذاب. ذلك لمن خشِي العنتَ منكم. وأنْ تصبروا خيْرٌ لكم. والله غفورٌ رحيم) سورة البقرة... في الزواج السري كما نستنطق شهاداته عبر قصص وحكايات عشاق يعيشون تحت سقف واحد لا يربطهم عقد شرعي لكن يجمعهم السرير لقضاء لحظات حميمية عابرة قد تطول أو تقصر حسب جذوة الرغبة، الكل يتزوج لهدف... من يريد العلاقة للهو وقضاء وقت ممتع، ومن يبحث عن صيغة شرعية للعلاقة حتى لا يعصى الله، وكل يختار الصيغة التي توافق هواه. عبر هذا التحقيق، وفي قراءة لحيثياته وظروفه وملابساته، الرغبة الجنسية وتصريف لواعج الحب الجارف هي الدافع الأول، نساء من مختلف الأعمار متزوجات سرا، من شباب لاسكات آنات شبق منفلت رغم العمر والوضع الإجتماعي والاقتصادي المريح، يراودن الشباب الفقير على جموحهن الجنسي ، وأخريات فاتهن القطار فاخترن هذا النوع من الارتباط لممارسة الجنس (الحلال) ودخول التجربة قبل أن يطمرهن القبر وهن عازبات.. ورجال بعد أن سدت أمامهم أبواب التعدد كانت الأخذان ملاذهم وكان الزواج السري وجهتهم... ورغم ذلك يؤكد علماء الاجتماع أن الأمر لم يصل بعد إلى حجم الظاهرة، لكنه في الخفاء يضرب في عمق الواقع وتداعياته قد تقوض أركان الأسر ومؤسسة الزواج والمجتمع ككل... وعبر هذا التحقيق سوف نتابع أيضا شهادات على لسان أصحابها، بدورنا وضعناها على مشرط علم النفس وعلم الإجتماع وطبعا مع استقراء موقف الشرع والقانون من ظاهرة الزواج السري، بحلة مغربية . د. المصطفى حدية الباحث في التحليل النفسي الاجتماعي هذه الزيجات موضة متأخرة غزت المجتمع لاعتبارات وتحولات عميقة للبحث في أسباب الظاهرة ومدى انتشارها كان لابد من طرح الموضوع علميا في شقه الاجتماعي والنفسي لاستقراء تداعيات الظاهرة وأسبابها ومستقبل الزواج في ظل في التوجه الليبرالي، حتى لانقول الفوضوي في العلاقات الجنسية أو شرعنة الجنس لاستساغة تفريغ شحناته في قالب الزنا الحلال أو المشرعن. ومع الدكتور المصطفى حدية الباحث في التحليل النفسي الاجتماعي نتابع تداعيات الظاهرة برصد علمي. س: انتشرت أفكار جديدة وسط الشباب المغربي ساهمت في ظهور أنواع عديدة من الزواج السري بصيغ مختلفة وخصوصا في الوسط الجامعي وفي الأحياء الهامشية والأوساط الفقيرة خصوصا في صفوف الفتيات الصغيرات المتزوجات سراً من كهول ، هذا بالإضافة إلى تغلغل حالات الزواج العرفي في وسط الشباب السلفي عبر مقولة «زوجتك نفسي» والامتناع عن تحرير عقد زواج بمبرر عدم الاعتراف بمؤسسات الدولة، في رأيك هل هي حالات معزولة أم أننا فعلا أمام ظاهرة بكل مقومات الظاهرة؟ ج) أولا قضية الزواج مرتبطة بتكوين الأسرة، وهذا الموضوع الذي نحن بصدده هو ظاهرة اجتماعية ككل الظواهر تتغير وتتكيف مع الظروف المستجدة ومع التحولات الطارئة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والنفسية للأفراد، في هذا الإطار الخاص بالتغير بصفة عامة والذي له عوامل داخلية وأخرى خارجية منها وسائل الإعلام والقنوات وما إليها من اتصالات وأسفار وسياحة، كل هذه الأشياء وهذه العوامل لابد أن تؤثر في بنية الأسرة، وتؤثر كذلك في تصور مفهوم الأسرة وكذلك التعامل مع تكوين الأسرة، أما عن الكيفية التي يمكن أن تتعامل فيها مع الأسرة مع المستجدات، وفي هذا الإطار لابد لنا أن نتساءل، هل المشرع - وهنا انطلق من الشريعة الإسلامية هل استطاع المشرع أن يكيف النصوص عن طريق التأويل والأحكام التشريعية مع هذه المستجدات، هذا سؤال كبير ويطرح عدة أشياء ترتبط بأنواع الزواج التي سوف نأتي على ذكرها،. وكذلك هل القانون الوضعي المستقى بطبيعة الحال من الشريعة في المغرب، استطاع أن ينص في بنوده على المستجدات التي يعيشها المجتمع؟ وأعتقد أن كثيرا من الأشياء مطروحة اليوم في مجال الأسرة تثير العديد من التساؤلات من قبل الباحثين الاجتماعيين والسياسيين والبرلمانيين ومن كل المهتمين بشؤون الأسرة ، أما فيما يتعلق بمفهوم الزواج وتكوين الأسرة، ففي هذا الإطار الذي تكلمنا عنه ، نلاحظ اليوم أن مفهوم الزواج تغير كثيرا حسب السن، فمن عمره مثلا أربعون أو خمسون سنة مفهومه عن الزواج ليس كالمفهوم الذي يحمله شباب اليوم وكذلك المستوى الثقافي يؤثر بدوره في الرؤية وفي التعامل مع مفهوم الزواج، - وبالأخص، وهذا ما ينبغي التأكيد عليه - هو مفهوم الزواج كما يظهر لنا اليوم عند الشباب، نلاحظ بروز عدة أشكال من الارتباطات بعضها يدخل في الشق التشريعي المطلوب الذي يراهن عليه المجتمع كرباط شرعي قانوني، وبعضها يدخل لعدة اعتبارات فيما يسمى بالتساكن، وعندما تسأل عن الدافع الأول لهذه الارتباطات - وهذا وقفنا عليه في بعض الاستجوابات - يدخل، في أن السبب الأول هو الضائقة المالية أي أن الجانب الاقتصادي هو الدافع بالأساس لأنه العائق الأول في وجه تكوين أسرة بما تتطلبه من إمكانات مادية وبالتالي الدخول في علاقة زواج كما يرضاها المجتمع ويباركها (البيت والصداق...) وهذا غالبا يجعل الطرفين بعد الارتباط، كل واحد يسكن في بيت عائلته، أوفي مدينتين مختلفتين ومثل هذه العلاقة يسميها البعض مساكنة أو تساكن، والبعض الآخر يراها علاقة للضرورة وكذلك علاقة تحضيرية للمستقبل في انتظار تصحيح الوضع بعد انفراج الأزمة أي بعد أن يحصل الشاب أو الشابة على عمل، وقد تكون هذه العلاقة اختيارية، إذن نحن أمام ثلاث حالات من الارتباط: زواج شرعي كما يريده المجتمع والشرع والقانون .. وحالات تساكن اضطرارية لضيق ذات اليد، أو خيار شخصي بدعوى الحرية الشخصية في اختيار الإطار المجتمعي المرغوب فيه للعلاقة- وهنا يكون واضحا تأثير العوامل الخارجية، كذلك عوامل أخرى لابد من ذكرها وهي محاولات الخروج عن السياق الشرعي فقد لا يعترف صاحب العلاقة - وهذا ما يلاحظ في المحيط الجامعي وغيره وحتى في بعض التجمعات - بقانون مؤسسات الدولة ، عدد من الشباب يقول لا ضرورة لزواج موثق رسمي يكفي النطق بالشهادة.. أو قول «زوجتك نفسي» وترد الفتاة «قبلت الزواج بك».. وغيره من الصيغ. وهؤلاء لديهم قناعات ولديهم أفكار تخرج عن السياق المألوف والمعتاد في الرؤية الدينية الموجودة في المجتمع، وقد يكون هذا الارتباط راجعا لتصور شيعي وقد يرجع لتصور سلفي، وغيره من القناعات التي قد لا ترتبط بالدين بقدر ما ترتبط بنوع من الليبرالية في العلاقات وفي التساكن وفي التواجد، أو قد ترجع كذلك لنوع من الثورة على المبادئ المتعارف عليها، هناك إذن أشكال عديدة تثير الباحث وتثير المتسائل حول تغلغل الظاهرة في المجتمع، أي ظاهرة الزواج بهذه الأشكال المختلفة س:أمام كل ما قيل وهذا الزخم أو الفوضى من أنواع الارتباط الذي قد يكون له أثر طبعاً على تكوين الأسرة المغربية.. هل يمكن أن نتساءل.. إلى أين نسير وما هي الحدود؟ ج) طبعا، السؤال مطروح لأن اتساع الظاهرة يؤثر بشكل من الأشكال على المجتمع ويخلق مشاكل ويخلف تداعيات وآثاراً قانونية ودينية وقيمية على البنية الاجتماعية، فالأسرة هي أول مجال للتفاعل الاجتماعي وهي أيضا الفضاء الأساسي لصياغة القيم. وربما يُطرح السؤال بصيغة أخرى، ونقول: ما هو مستقبل الأسرة؟ وما هو مستقبل الزواج؟! لأن العلاقة لا تبقى دائما محدودة بين طرفين.. فقد يحدث إنجاب.. ويأتي أطفال، وتثار وضعية ذوي الحقوق، إذن لا يمكن أن نقول أن هذا التحول لا يكون من غير تبعات، بل له تبعات متعددة ولها تداعيات وآثار على المستوى الاجتماعي وله كدمات عميقة على المستوى النفسي والمعنوي بالنسبة للفتاة لأن طبيعة المجتمع ونوعية العلاقة، ومكانتها في المجتمع فهي الأم والأخت والزوجة... وهي حارسة الأنساب ومصدر الرحم، هي المستقبل. أكيد أنها علاقات قائمة على السرية فنحن نعرف إكراهات المجتمع، فالإنسان دائما عندما يخرج عن السياق تتجه نحوه الأنظار بالنقد، أو بنوع من التحقير أو بنوع من الريبة، أي أنه يوصف بالانحراف عن العادات والتقاليد والأخلاق وربما يعتبر خارجا عن الدين في بعض الحالات، وبالتالي يكون محط انتباه لسبب بسيط وهو خروجه عن المألوف والمتعارف عليه. واليوم فحتى الارتباطات التي ذكرناها من تساكن وغيرها من أنواع الزواج السري بصيغه المتنوعة والمختلفة، تغلف في غالبيتها بالسرية عندنا بسبب ضغوط نفسية من طرف المرأة أو الرجل أيضا، فلكل واحد رغبة وغريزة يميل إلى تصريفها بعيدا عن عيون الرقيب والفضول الذي قد ينغص صفو العلاقة، أكثر من ذلك الفتاة رغم أنها كذلك تجنح إلى إشباع الرغبة، تتكتم عن العلاقة لأنها تريد الاستقرار الذي يتجاوز الرغبة الجنسية.. فالزواج بصورته المقبولة يمنحها وضعا اجتماعيا في عين الناس والمجتمع والمقربين،، لذلك هي تقبل بهذا النوع من العلاقة السرية وفي الخفاء في انتظار انتقالها إلى صيغة أخرى يقبلها المجتمع، قد تكون نقطة إيجابية في الارتباط. والفتاة تكون حريصة على هذا الجانب لأن انحراف العلاقة عن الإطار الذي رسمه طرفاها منذ البداية، مثل الحمل يجعل الفتاة ضحية، لذلك هي تدخل العلاقة بنوع من السرية التامة حتى لا تفتضح لأنها في هذه الحالة تكون من غير حماية سواء قانونية أو شرعية وحتى المجتمع بدوره الذي بسكوته عن مثل هذه الظواهر لا يحميها. وهنا يمكن أن نتساءل: أين دور المشرع بصفة عامة، سواء في بعده الذي يحمي الأسرة (قانون مدونة الأسرة) أو في بعده القانوني.. هناك تشدد جزري/ القانون الجنائي والفصل 490 من (ق ج) الذي يكيف هذه العلاقة إذا خرجت للعلن فسادا عقوبته زجرية.. سالبة للحرية..)، ولا أخفي أنه في عدد من الدراسات التي قمنا بها في هذا المجال وجدنا أطفالا مشرفين على اجتياز امتحانات نهاية المدرسة الابتدائية بدون وثائق هوية، أي غير مسجلين في دفتر الحالة المدنية، وعندما نسأل عن السبب يكون الجواب أنهم أبناء من هذا النوع من العلاقات... إما علاقات تساكن أو زواج متعة أو غيره... إذن فهذا الزواج كأنه موضة متأخرة غزت المجتمع حديثا لاعتبارات كثيرة، مثلا في الزيجات غير الموثقة في صفوف السلفيين المستوردة لنا من مجتمعات إسلامية أخرى، في المغرب لسنا مستعدين لها لسبب بسيط أنها في مجتمعات أخرى لها سياقاتها، بينما نحن في المغرب لدينا خصوصيتنا وسياقنا الذي هو المذهب المالكي الذي لا يجيز هذا النوع من الزواج، وبالتالي يكون التأثير النفسي والاجتماعي كبير جدا ونتائجه لا تقبل، فكم من طفل يلقى به اليوم في الشارع وتكون وضعيته صعبة على المستوى القانوني والاجتماعي، لذلك فما يجب التأكيد عليه في هذه الحالة هو التدخل لتدارك تداعيات هذه العلاقات «الزيجات»السرية عند وقوع الحمل، فالنتائج هنا تكون وخيمة وصعبة حول تقبل هؤلاء الأطفال داخل المجتمع مستقبلا وما يحملونه من كدمات نفسية قد تؤثر عليهم رجالا ونساء. فيما بعد، ولذلك فالمنطق العلمي يدعو الى تشخيص العوامل الرئيسية وراء هذه الظاهرة وخاصة الآثار على مستوى الحقوق والواجبات وإثبات النسب وغيره. د.فوزية البيض نائبة برلمانية وباحثة في علم الاجتماع السياسي الزواج السري محاولة لإعطاء شرعية وهمية للعلاقة الجنسية بكل جرأة دقت الأستاذة فوزية الأبيض النائبة البرلمانية والباحثة في علم الاجتماع السياسي، ناقوس الخطر حول تنامي ظاهرة الزواج السري خصوصا في الوسط الجامعي وطالبت بأخذ الأمر بجدية، فالوضع يمس استقرار الأسرة المغربية أي استقرار مجتمع بأكمله... ونتابع رأي الأستاذة الأبيض عبر هذا الحوار: هل يمكن الاقرار بوجود ظاهرة الزواج السري في المغرب وهل سبق ان طرحتم هذا الموضوع في البرلمان؟ الزواج غير المصرح به موجود في كل المجتمعات والمجتمع المغربي لا يشكل الاستثناء. لذا سبق لي في اطار عملي الرقابي ان اثرت بالبرلمان المغربي قضية الزواج السري الذي غزى الاوساط المغربية خاصة منها الجامعات وفي بعض البوادي والقرى. انها حقائق واقعية حاولنا ان نثير انتباه الوزارة الوصية اليها للتدخل لإيقاف هذا النزيف. وقد وعدنا وزيرالعدل والحريات على الاقل بوصلة إشهارية تحسيسية بخطورة الظاهرة، لكننا الى يومنا هذا لم نرى شيئا. الزواج الشفوي او ما اسميه «الزنا حلال «بالمنظور القانوني لا زال يؤمن به من يكفر بثقافة الثوثيق او من يتحايل على التصريح القانوني الملزم للطرفين. والخاسرالاكبر في هذه العملية هي المرأة وتبعات المشاكل المتعلقة بنسب الطفل او بالإرث. وعندما تثيرون انتم كإعلان هذه القضية الشائكة فانكم تنبهون الى خطورة الظاهرة وتساهمون في توعية ذوي الحقوق بفقدان ما يكفله لهم القانون اذا غابت أوراق ثبوت الزوجية. ولو ان قضاء القرب كعملية بدات في ظل الحكومات السابقة ثم تمديدها لكنها لم تحد من الظاهرة. لا يشترط في الزواج ان يكون رضائيا بين الطرفين فقط بل ان يكون سن الزواج محددا وان يسجل بعقد يسمى عقد نكاح يعرض للتسجيل في الوثائق الرسمية وللتوقيع من طرف السلطات المختصة لضمان الأمن التوثيقي والحقوق للطرفين. لأننا نعيش في مجتمع منظم يراعي ويحترم الحريات الاساسية للناس ومنها الحق في الزواج وفي تأسيس اسرة. والقانون عند وجود عقد الزواج مبرم يضمن الحقوق خلال قيام الزواج ولدى انحلاله، وعندما يغيب العقد لا تكتمل شروط الزواج وتضيع الحقوق اذا كان زواجا قائما شفويا مثلا او عرفيا لان السلطات لا تؤمن بالوعود الشفهية او بورقة خطية ليست عدلية. س: حين نقول الزواج السري فنحن نتحدث عن زواج المتعة والعرفي والمسيار والمساكنة ، في رايكم ماهي الاسباب التي ادت الى قبول المغربيات بهذا النوع من الزواج؟ ج :الفقر، الجهل، والرغبة في الاغتناء السريع، غياب المرجعية او عدم القدرة على كبح الرغبات والحرية الجنسية او الميولات الشاذة هي التي تدفع بفئة من المغربيات الى الارتماء في أحضان الابتذال وفي جعل ذواتهن بضاعة لمن يدفع اكثر. فالعقد الوجداني او ذو المصلحة النفعية واللحظية، الذي تتوفر فيه شرط التراضي على صيغة تعاقدية ما، اوالانماط الجديدة من العلاقات غيرالكلاسيكية يعتبرها البعض أكثر أريحية من الزواج الرسمي بكل طقوسه، حيث تقلص التزامات الكبيرة المكلفة اوتوجد بصيغ أخف. وهذا يسمح بالنسبة لمرتادي هذه الانواع الدخيلة من العلاقات الجنسية، بحرية اكثر في حركية الطرفين. من الواجب على الدولة ان تقوم بتعزيز كيان الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية في كل مجتمع، ومن جهة اخرى زجر وابطال و محاربة ممارسات الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق التي تتضمنها بعض انواع هذا الزواج والعلاقات الغير معترف بها قانونيا. خاصة ونحن نعيش اليوم على أنغام اخر صيحات الموضة في عالم فوضى الافتاء» نكاح الجهاد». هناك انواع من العلاقات التي تنبني على المتعة اللحظية لاشباع الغريزة الجنسية تمنح فيها الفتاة عذريتها مقابل صفقة مادية. ليس هناك ابشع من هذا التشييء. على الدولة ان تساعد الشباب وتيسر أمرهم وتشجعهم على فتح البيوت. فالعزوف عن الزواج لم يعد مرده الى غلاء المهور كما كان يقول البعض، بل ان أسبابه متعددة ومركبة. ماهي تداعيات هذا -الزواج – على بنية الاسرة المغربية»؟ وهل يدخل هذا النوع من الزواج في اطار التحولات الاجتماعية التي يعرفها المجتمع المغربي؟ ج : لا يمكن النظر الى المجتمع على انه في وضع مكتمل، قار وجامد، المجتمعات تتحول بطبيعة تحول التاريخ والتقلبات الاقتصادية والثقافية، وتلاقح الحضارات والانفتاح على العالم بمختلف تجلياته. وعلم الاجتماع يهتم بدراسة هذه التحولات. بالفعل المجتمع المغربي اليوم توجد به علاقات بين ذكور واناث عازبين خلقت كبديل للعلاقة الزوجية، او غير عازبين يبحثون عن المتعة في مواقع اخرى، دون عقد مشترك يوضح حقوق الطرفين. او بعقد شفهي يلتزمان فيه بالعيش المشترك تحت سقف واحد ويبيحان لنفسيهما التمتع ببعضهما، ويتشاركان في الوجوه الأخرى للحياة العامة بصيغ مختلفة ومتعددة. اي اننا اصبحنا نعيش في المغرب اليوم انقلابا على قيم الزواج التقليدانية. علينا دق ناقوس الخطر فهذه الظواهر الدخيلة من العلاقات خارج مؤسسة الزواج الشرعي والقانوني لا زالت لم تأخذ نصيبها من النقاش العمومي. رغم ان هناك فئة من الشباب لا ينتظرون إقراراً من المجتمع، لأنهم يعرفون أنه يرفض ممارساتهم وافكارهم لإعتبارات متعددة. لذا فهم يمارسون بعيدا عن أنظار المتربصين والفضوليين، في انتظار ان ييفع الفجر. لم يعد الوضع المادي المتردي للشباب هو السبب الرئيس للعزوف عن الارتهان الى فقص الزوجية. فنحن نرى اليوم، خاصة في المدن الكبرى،فتيات وفتيان عزاب يقتنون بيوت ويسكنون بمفردهم، وعائلاتهم موجودة في نفس المدينة. وهذه الظاهرة نفنذ القول بان حاجة المسكن هي العقبة امام الزواج. هناك تحول ملموس على مستوى القيم التي تحكم العلاقة الجنسية بين الذكور والإناث وتغيير جذري في نظرة الشباب إلى مؤسسة الزواج. الاشخاص الذين يسرقون المتعة بعيدا عن الاطار القانوني لا يتحدثون، الا فيما بينهم، عن ما يعتبرونه ممنوعا اومحرما، لذلك لا نتوفر على أرقام ومعطيات علمية دقيقة عن محفزاتهم وقناعاتهم وعددهم. في حين تغيب المؤشرات والدراسات العلمية التي تتناول هذه الظاهرة في المغرب وتحذر من الاثار السلبية لها. هناك الكثير من الشباب والشابات يعيشون في المساكنة بدون أية ورقة تذكر، ضنا منهم انهم يحصلون على التوازن دون اي التزام يرهنهم، وينسون انهم يواجهون مشاكل في حالة حصول حمل اي مواجهة القانون حول عدم شرعية طفل الذي يمكن ان ينتج عن علاقة خارج اطار الزواج الشرعي. بالنسبة للمتزوجين بالفاتحة، فالدولة تتوفر على التدابير التشريعية وغير التشريعية، لحماية ذوي الحقوق للقيام بالخطوات اللازمة، وفقا لدستور متطور وعادات و تقاليد ودين، لإقرار ما يناسب من التدابير التشريعية أو غيرها لإعمال انعقاد الزواج القانوني الشرعي برضا الطرفين دون إكراه وبالعلانية اللازمة وبحضور الشهود اوالسلطة المختصة بعقد الزواج، وفقا لأحكام القانون تبنى ابنه بالكفالة خوفا من زوجته في سبر أغوار هذا التحقيق صادفتنا قصص وحكايات أغرب من الخيال... فيها من الغش والخداع ما يدمي القلب، مثل قصة سعاد.. - وهو اسم مستعار بالطبع -.. التي كانت ضحية زواج في السر.. والزوج الذي وضعته الظروف في طريقها كان غنيا ووسيما وفيه كل المواصفات التي لا يمكن معها إلا أن تقول له «شبيك لبيك» متى قال هو «هيت لك».. الزوج (x) إطار بنكي كبير من عائلة ذات اسم معروف ومتزوج بامرأة من عائلة معروفة وغنية ولها نفوذ داخل كل الأوساط... كَرَمه وحبه الجارف لسعاد جعلها تقبل بالزواج السري مادام قد ضمن لها العيش الكريم، هي الفتاة الصغيرة (22 سنة) الجميلة ولكنها لا تملك من متاع الدنيا إلا ما يسد الرمق.. كان القبول وكان الزواج بمباركة الأم التي تقول سعاد إنها كانت المحفز الأول لإجراء «الصفقة»، فالزوج غني وسوف ينفق بسخاء... استمرت الحياة في السنة الأولى كما تروي «سعاد» مفعمة بالسعادة والدلال والحب... سهرات.. مطاعم فاخرة بعيدا عن المعارف وأعين الفضوليين... لباس فاخر لم تحلم به سعاد يوما... مجوهرات.. كانت مدللة ذلك الكهل الذي لا يكِلُّ من رشف رحيق الوردة الندية ولا يهم كم ينفق، يستمتع بها كل الوقت إلا أيام العطل والليل الذي يقضيه في حضن الزوجة والأبناء، حلاوة العيش ورغد الحياة جعلا «سعاد» تطمع في أكثر مما هي فيه... الحياة الهنية والحب وبعد تفكير في كيفية الاحتفاظ به إلى جانبها زوجا في العلن وليس في السر، لجأت كما تفعل غالبية النساء في مثل هذه الزيجات إلى الحمل منه حملت «سعاد» من زوجها (*) وبعد أن تأكدت من واقعة الحمل أخبرت الزوج الذي ما إن سمع الخبر حتى انقلب عليها وأصبح رجلا آخر لا عهد له بها... استشاط غضبا، هاج وكسر كل ما في البيت.. تركها وأغلق هاتفه... اسودت الدنيا في عينيها ولم تعد تعرف أي باب تطرق للخروج من هذا المطب، وبعد توسل الأم إليه لستر فضيحة ابنتها عاد (*) ليحل المشكل بمعرفته بعيدا عن القانون، معترفا لسعاد أنه لا يخاف من المحكمة ولا من القضاء... واعتبرها المذنبة لأن شرط الزواج كان السرية وعدم الحمل نظرا لظروفه،لأنه متزوج ولا يريد أن يحطم كل ما بناه في سنوات طويلة في سبيل « نزوة عابرة».. يعني الزواج السري.... كان عرض الزوج لسعاد شرط انجاب ذلك الطفل غريبا وشاذا كالعلاقة التي جمعتهما. سمح لها أن تحتفظ بالحمل وتستمر في العيش في الشقة إلى أن تنجب، لكن بشرط... أن يأخذ الطفل إذا كان ذكرا ويتبناه بالكفالة لأن كل ذريته بنات.. وجدت سعاد نفسها مرة أخرى في مطب لن تستطيع الإفلات منه إلا بضرر، كيف لها أن تتخلى عن طفلها الذي اعتبرته ثمرة حب وعشق من هذا الرجل... لكن كيف لها أن تحتفظ به وليس أمامها أي ضمان، لا القانون في صفها ولا الشرع سيبارك هذه البذرة الملعونة لأنها نتاج حرام هكذا في عرف الناس ولن يرحمها المجتمع سيرحمها. طلبت مهلة للتفكير أمام هذا العرض الظالم... طرقت أبواب الجمعيات النسائية المساندة لحقوق النساء ببلادنا، ووجدت أنها تلاحق السراب، فزواجها السري غير معترف به... وهي أمام القانون زانية سوف تتابع بالفساد... والطفل إن ولد سيكون ابن زنا ولن يطال نسب أبيه، حتى أن فحص الحمض النووي (ADN) لا يكفي لثبوت الزوجية واثبات النسب ولو كان بنسبة 99.99 في المائة كما حدث في الكثير من الحالات المشابهة لحالتها... وافقت سعاد على شرط الزوج الذي طلب أن يتبنى الطفل «الابن» بالكفالة وعنده طرق قوية لإقناع زوجته... فهو أعد السيناريو.. وأتقن إخراج المسرحية... أنجبت سعاد وكان الطفل ذكرا.. تبناه الزوج بالكفالة وأضافه إلى نسله ليربى أمام عينيه...وسعاد اليوم لا علاقة لها بالطفل الذي تنازلت عنه بشروط ومردود مادي.. لكن قلبها ينزف كلما تذكرته.. وهي محرومة من رؤيته بعد أن حكم عليها الأب بالانتقال إلى مكان بعيد، فيه الشقة والعمل لتبدأ حياتها من جديد... هذا إذا كان قد بقي فيها رمق من حياة. د. رشيد مهني الباحث في علم النفس التربوي: القائمون على الشأن الديني خلقوا بعض المتنفسات لتفريغ الشحنات الجنسية لدى الرجل في مجتمع يكاد يكون متزمتا هل يمكن اعتبار الزواج السري كزواج المتعة وزواج المسيار والزواج العرفي شبيها بعلاقة المساكنةالمعروفة والرائجة في أوروبا ودول الغرب عموما، سؤال طرحناه على الباحث الاجتماعي الدكتور رشيد مهني المقيم في أوروبا والمهتم بالتحولات الاجتماعية في ظل المستجدات التي بدأت تعرف تطورا ومبررا لمثل هذه العلاقات مع صعود أحزاب إسلامية مع حراك الربيع العربي وبروز تيارات سلفية ترفض غالبا تحرير عقد زواج قانوني بمبرر عدم الاعتراف بمؤسسات الدولة، فكان الجواب كالتالي: يقول الدكتور رشيد مهني: أعتقد أن هناك خلط في التشخيص أو التسمية، المساكنة في الغرب هي نوع من الارتباط متطور جدا عما يعرف بزواج المتعة عند المغاربة الشيعة تحديدا أو بزواج المسيار لدى السنة، وهذان النوعان من الزيجات الموجودة في العالم الاسلامي لها أسباب عديدة، أي أن الدين نفسه أو القائمين على الشأن الديني هم الذين أرادوا أن يخلقوا بعض المتنفسات لتفريغ هذه الشحنات الجنسية لدى الرجل في مجتمع يكاد يكون متزمتا، ولهذا حينما هيمنت بعض الأحزاب الإسلامية ذات الصبغة الشيعية في البلاد الإسلامية انتشر الزواج الأول وهو ما يسمى بزواج المتعة والزواج المؤقت، واعتقد أن هذا يمكن أن يكون الخطوة الأولى باتجاه المساكنة الموجودة في أوروبا، ولكن هناك مشاكل عديدة لَمْ يُتَعَوَّد عليها في المتجمعات العربية والإسلامية على وجه التحديد، لأن الأوروبي يتقبل أن يكون له ابن او بنت من زواج المساكنة، ولكن هذه المسألة وإن كانت محسومة دينيا في زواج المسيار وزواج المتعة إلا أن الجانب الاجتماعي لايتقبل مثل هذه الزيجات بالمرة وبالتالي فإن المجتمع في هذه الحالة ستهدده مشاكل كثيرة لم يعتدها من قبل، ويرى في الجانب الاجتماعي من التحليل أن زواج المتعة وزواج المسيار يختلفان كثيرا عن المساكنة لأن العلاقة التي تجمع الرجل بالمرأة في المساكنة هي علاقة معلنة في حين تتم أغلب العلاقات الجنسية التي تتم في إطار زواج المتعة وزواج المسيار أو في الزواج المؤقت عموما في شكل سري ومخفي حيث تغلب على هذه النوعية من العلاقات هالة من السرية. وتتأسس المقبولية الاجتماعية لهذه العلاقة عبر جوانب متعددة وأرى - يضيف الباحث - أن الجانب الثقافي هو أول ما يحل هذه المشكلة والجانب الحضاري، وهذه البلدان التي يتعايش بها هذا النوع من العلاقات، سواء في المغرب أو في غيره من البلاد العربية والاسلامية بلدان، من هذا النمط تحتاج إلى سنوات طويلة كي تتقبل فكرة زواج المسيار أو فكرة زواج المتعة. أما بالنسبة للمساكنة (concubinage) التي يعتقد أنها النوع السائد بين طلبة الجامعات خصوصا القادمين من أماكن بعيدة ويتمتعون بنوع من الاستقلالية، فإن طابع السرية يغلفها أيضا لظروف خاصة، وأعتقد أن طابع السرية الذي يخيم على المساكنة في المغرب يجعل من الصعوبة بمكان القيام بدراسات علمية دقيقة، تبين ما إذا كانت تلك الظاهرة آخذة في الانتشار في مجتمع لا يزال يعطي الأولوية للزواج والعلاقات الرسمية، وهنا لابد لنا من أن ننظر إلى المساكنة بعيون خبير بالمجتمع وما يحوطه من عادات وتقاليد لتأكيد ما إذا كانت المساكنة آخذة في الازدياد أم لا، علما أن المساكنة المتعارف عليها في الغرب هي أن تكون علنية بين شاب وفتاة يجمع بينهما منزل واحد ويتشاركان السكن والمصاريف والمناسبات الاجتماعية، وإلى ما هنالك من تفاصيل الحياة اليومية، وهي في الغرب مقبولة ومقننة وطبيعية نظرا إلى علامات الاستفهام الكثيرة التي باتت تطرح على مؤسسة الزواج مع تغير نمط الحياة وإيقاعها. أما عندنا في المغرب فلا توجد دراسة جدية وعميقة في صلب الموضوع تفيدنا في معرفة مدى انتشار هذه الظاهرة، خصوصا بسبب طابعها السري، وغالبا اعتبارها هامشية وغير مقبولة اجتماعيا، والغالبية حين يسألون عنها يؤكدون أنها كانت موجودة في المجمع حتى قبل ما حصل من تحولات على التركيبة الاجتماعية في بلادنا. الأستاذ عبد السلام البكاري عضو المجلس العلمي بشفشاون لا وجود شرعا وقانونا لشيء اسمه الزواج السري في المغرب الزواج العرفي وغيره من العلاقات التي تغلفها السرية هل يمكن أن تجد لها محلا للاجتهاد شرعا و قانوناًً إذا ما حصل فيها خلاف؟ أولاً لا وجود لشيء اسمه الزواج السري أو العرفي أو ما شابه ذلك شرعا وقانوناَ في المغرب، والزواج المعترف به قانونا هو الذي نصت عليه المادة الرابعة من قانون مدونة الأسرة (نص المادة 16) وشرعا هو الذي يمر عبر مراحل الزواج الصحيح من خطبة وشهود ومهر وإيجاب وقبول أمام الشهود ليتم إعلان الزواج والإشهار، أي كل أركان الزواج الصحيح ، أما الزواج السري فهو اتفاق بين الرجل والمرأة على المعاشرة سرا، وهذا الارتباط في غياب عقد شرعي وقانوني هو فساد وزنا لا غبار عليه. هل يدخل في هذا أيضا الزواج الذي يعقده الطرفين ويتواصوا بالكتمان وبدون إشهار ولا علانية وتطول العشرة بينهما ويحدث حمل ويجنحان لتصحيح العلاقة؟ كل ارتباط وكل معاشرة خارج مؤسسة الزواج الشرعي هي علاقة غير شرعية وآثمة، وتعد في نظر الدين الإسلامي زنا لا نقاش فيه، وحتى لو طالت هذه العشرة بين طرفيها وأثمرت أبناء، فهؤلاء، أبناء زنا لا حق لهم لا في الميراث ولا في النسب، صحيح أن هؤلاء الأبناء لا ذنب لهم، لكن مسؤولية وضعهم يتحملها من أنجبوهم، فهم أي الآباء زناة في نظر الشرع حتى ولو امتدت عشرتهم دهراً من الزمن ولو خلفوا ما شاؤوا من الأبناء. وليس هذا فقط فهؤلاء الأبناء من مثل هذه الارتباطات المحرمة لا يمكن إدراجهم في قضايا إثبات النسب بالتحايل على القانون، وفق ما جاء في المادة 16 من قانون الأسرة المغربي، إذ رغم وجود هذا البنذ في قانون الأسرة، فإثبات النسب هنا يكون من جهة الأم وليس من جهة الأب. لكن هناك من يخلط بين الزواج السري والزواج العرفي ويطالب بإثبات النسب وفق مقتضيات المادة 16؟ الشرع كان حاسما وألزم إشهار الزواج الصحيح وإعلانه ويضيف الأستاذ البكاري أنه يختلط عند البعض الزواج العرفي بالزواج السري، لأن أصحاب الزواج العرفي لا يعلنون هذا الزواج في المجتمع لأسباب عديدة. لكن الفرق شاسع جداً بين الزواج العرفي والزواج السري. فالزواج العرفي يتم بإيجاب من الفتاة أو وليها وقبول من الزوج ويشهد عليه إثنان على الأقل ويُدفع فيه مهر، ويُعلن عنه ولو عند الاستفسار من أحد الزوجين. أما الزواج السري فهو يتم بإيجاب وقبول بين الرجل والمرأة ولكن ليس فيه علانية ولا شهود ويتم في الخفاء. فهذا الزواج باطل هو والزنا سواء، ولا يدخل ضمن مسمى الزواج العرفي. لكن وقع الخلاف في الزواج العرفي الذي يشهد عليه إثنان على الأقل ثم يتواصى الجميع على كتمانه. فيرى الأمام مالك بطلانه كزواج السر، وبهذا يقول أكثر أهل المدينة، والليث بن سعد وشيخ الإسلام ابن تيمية. في حين يرى أبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل صحة هذا الزواج لأن السرية عندهم تزول بالشهادة ولا عبرة بالتواصي بكتمانه وإخفائه. الهدف منه وإشهار الزواج وإعلانه ومنهج الشرع الإسلامي القويم هو إعلان الخطبة وإعلان إجراءاتها، بل والرؤية التي تُباح للخاطب لما في الأسرار من كثير من الأضرار، وحتى لا يترك لهما الحبل على الغارب، ويغرق بهما القارب، رفض الإسلام الأسرار في الإجراءات الممهدة للخطبة ولم يقل أحد من الفقهاء بذلك، بل إن مطالعة مؤلفاتهم تنبئ بالإعلان حتى تترتب الأحكام التي شرعها الله والتي تُطبق في كل زمان ومكان. كما طلب الشرع الإسلامي إعلان النكاح إظهارا لقدره، وطلب إشهاره بين الناس، ليتضح الفرق بين الحلال والحرام، وتنقطع ألسنة السوء، وليوصد الباب أمام كل من يحاول جحود العلاقة الزوجية وإنكار عقدها. ومن أجل ذلك اشترطت الشهادة كشرط لصحة عقد الزواج لما يشتمل عليه من أثار ذات خطر كبير، ومزايا ذات شأن عظيم، هي تكوين الأسر وتوثيق الصلات وصلاح المجتمع وتحقيق صلة المصاهرة التي هي كلحمة النسب. وعقد هذا شأنه، وذاك أثره، حري بكل تكريم وجدير بكل تقدير، ومن ثم فإن فقهاء الاسلام اتفقوا في كل العصور على أن الغاية من الشهادة إشهار الزواج بين الناس وإن اختلفت مسالكهم في طريق الإعلان، فالرسول «ص» يبين في أكثر من حديث على أن إعلان الزواج أمر يحث عليه الإسلام فيقول: «أعلنوا النكاح واضربوا عليه الدفوف»، ويقول لعبد الرحمن بن عوف لما تزوج: «أولم ولو بشاة»، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لا يجوز نكاح السر، حتى يُعلن ويٌشهد عليه .ولذلك فإن الشرع الإسلامي باشتراطه الشهادة كشرط لصحة الزواج يكون قد رسم طريق الإعلان ولم يترك أمره من غير حدود ورسوم بل وعيّنه بالشهادة، فكانت هي الحد المرسوم، والضابط المعلوم، وبحضور الشاهدين مع العاقدين يتحقق معنى الإعلان والإشهار والجهر ولو تواصوا فيما بينهم بالكتمان، إذ إن السر لا يكون بين أربعة، بل هو الجهر والعلانية. شاب سلفي: زواج المتعة كل ما عندي لأقدمه لامرأة أريد الارتباط بها أمينة طالبة تُحضِّر دكتوراه في الطب النفسي، عاشت التجربة مع شقيقتها التي ارتبطت برجل مصري في علاقة مساكنة، ترى أنه رغم كونها لا تحبذ أن تعيش نفس التجربة فإن ما أقدمت عليه أختها وغيرها من الحالات كثير، هو تقنين وشرعنة الجنس وهو اجتهاد لتصريف الكثير من الرغبات العاطفية والجنسية والبعض الآخر يعتبره «زنا حلالا»، لكن حتى لا يعتبر البعض أننا نقر هذا النوع من الارتباط، يجب أن نقر قبل ذلك أن هذه الارتباطات إذا أراد المشرع أن يتساهل معها، فقد يجوز القول أنهم لا يعصون الله بذلك بقدر ما يهربون إلى طاعته، لأن الجنس قبل كل شيء هو غريزة وتفاعل مع الطبيعة، وطبيعة الأشياء تقتضي تصريف هذه الرغبة وليس كبتها حتى لا نجعل من الأمر طابوهاً وموضوعاً مغلفاً بالخطوط الحمراء واللاءات... وبعيدا عن وجه نظر أمينة يرى «ابراهيم عضمي» صاحب مكتبة، أنه شخصيا لم تضعه الظروف على المحك ليعيش مثل هذه التجربة، لأن ظروفه الاجتماعية والاقتصادية ساعدته عن الارتباط في سن صغيرة «25 سنة» من فتاة أحبها في الجامعة.. لكن مع « ذلك يضيف، أجد أنه من الصعب العيش في علاقة زواج سري خارج إطار مؤسسة الزواج لأن تركيبة المجتمع المغربي هي تركيبة معقدة ومتناقضة اجتماعياً، فنحن نقول شيئا ونفعل نقيضه ونغلف دائما أعمالنا بالسرية لأن المجتمع خصوصا فيما يخص الزواج والارتباط لا يعترف إلا بالزواج وفق الشرع والقانون وما دون ذلك هو زنا يعاقب عليه القانون. إذا كانت هذه آراء من لم يعيشوا التجربة ولكنهم عايشوها مع أفراد آخرين إخوة أو أصدقاء في محيطهم... ترى ما هو تحليل العلاقة من وجهة نظر أصحابها وكيف عاشوا التجربة، وماهي تداعياتها؟ كانت ثاني وجهة لنا ونحن بصدد البحث في هذا الملف الذي تطلب الكثير من اللف والدوران وحتى وساطة الكثير من الأصدقاء للوصول إلى بعض الحالات والاستماع لها على لسان أصحابها ، وبالطبع تحت أسماء مستعارة ومع كثير من التستر.. وخلال البحث في هذا الموضوع اتضح أن طرفي العلاقة ليسا على نفس الرأي، ولا يعيشان ظروفها ولا حيثياتها بنفس المعنويات، فالمرأة إن صح القول تكون دائما الضحية خصوصا إذا كانت من اختارت العيش في علاقة مساكنة أو زواج متعة أو زواج عرفي من قبيل «زوجتك نفسي» الذي بدأ يتكاثر خصوصا في أوساط السلفيين.. ومع تنامي المد الشيعي. لماذا تتضرر المرأة؟ لأنها تدخل هذا النوع من العلاقة غالبا ليس عن اقتناع أو قناعة بما تقدم عليه وغالبا ما تتحايل بالحمل لتنقل العلاقة من مجرد ارتباط مهما كانت مسمياته إلى زواج رسمي موثق ومعترفا به قانونا، الشيء الذي يرفضه غالبا الرجل (الطرف الثاني) في العلاقة... مثل حكاية هناء مستخدمة في شركة اتصالات التي تتلخص حيثيات قصتها في كونها شابة مغربية، منفتحة.. وواعية بما تفعله، تحب الحياة وتحب أيضا المغامرة لتغرف منها بقدر ما تستطيع، ولكونها كذلك فقد أحبت من النظرة الأولى شابا وسيما كان يزورها باستمرار في مقر عملها لأنه كان زبونا في المؤسسة التي تعمل بها. واكتشفت أنه كان بدوره يستلطفها .وبعد أشهر من التلميح اعترفت له بإعجابها . وما إن عرض عليها زواج المتعة حتى رفضت وقررت شطبه من اهتمامها. بينهما فروق عدة، تقول، هي علمانية، متحررة، وتؤمن بالتعايش بين كل الأديان، أما هو فمتدين وذو عقيدة أيديولوجية تجعله يرى الفخر كل الفخر ليس بكونه متدينا وإنما لأنه سلفيا لا يعترف بقوانين الدولة ورغم معرفتها السابقة بذلك، لم تكف عن الإعجاب به من دون معرفة السبب مما ولد صراعا في داخلها بين ماتريده بقناعتها وما يفرض نفسه على حياتها بقوة لاتدري مصدرها . وتوصلت الى أن مصارحته بحقيقة مشاعرها هي بداية الخلاص من المعاناة والصراع. لم يتفاجأ كثيرا بالأمر إذ كان شبه واضح على ملامحها، وانما هي التي تفاجأت عندما قال هكذا ومن دون مقدمات. «أتقبلين عقد زواج المتعة معي؟ هذا كل ما عندي لأقدمه، ولا شيء آخر أعطيك إياه»! لطالما رفضت ما سمته بدعا يتوارثها المتدينون ويجعلونها أساس حياتهم فكيف لها أن تتخلى عن مبادئها التي بنتها بقناعتها الحرة؟ و«كأن ضبابا انجلى عن عقلي فجعلني أرى الأمور بشكل أوضح» تقول واصفة شعورها عندما سمعت عرض الشاب الذي ظنت أنه أرقى من أن يتقدم بطلب كهذا. وتتابع، «تغير شعوري فجأة تجاهه، يمكن نزل في نظري فآثرت الانسحاب بعدما أدركت أن كلا منا ينظر إلى الحياة من زاوية مختلفة كل الاختلاف عن الآخر، «وتختم صورته ظلت أمامي، ولكن ما إن أسترجع كلماته، حتى أنسى كل شيء» محمد المو محامي بهيئة الرباط القضاء المغربي لا يأخذ بالخبرة الطبية (البصمة الوراثية) في قضايا اثبات النسب في مثل هذه الزيجات المشرع المغربي انتبه إلى أهمية الزواج واحتاط لقدسية هذا الرباط على اعتبار أنه عهد وميثاق بين الزوجين وارتباطهما مدى الحياة وعلى هذا النحو عرف المشرع الزواج في المادة الرابعة من مدونة قانون الأسرة بأنه ميثاق تراضٍ وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين طبقا لأحكام هذه المدونة. وبذلك يكون المشرع قد حصن مؤسسة الزواج ونظمها ورسم حدودها. المغرب ليس بمنأى عن التحولات الاجتماعية والإيديولوجية والفكرية وغيرها من الأنماط التي بكل تأكيد لها أثر على تكوين أسرة عن طريق الزواج وهذه التحولات أوجدت أنماطا وصيغا مختلفة للارتباط خارج مؤسسة الزواج. قانونا هل يعترف القانون المغربي بهذه الارتباطات ويحميها في حالة نشوب خلاف؟! الزواج السري بكل صيغه، عرفي أو متعة أو النطق بكلمة محددة مثل قولة «زوجتك نفسي» الذي يلجأ إليه من يريد إضفاء اللبوس الشرعي الديني على ارتباطه، كل هذه الصيغ غير معترف بها شرعا وقانونا، فكل زواج غير العقد المتعارف عليه الرسمي الموثق أمام عدلين مع ما يستتبعه ذلك من إشهار وإعلان وصداق وكل أركان الزواج الصحيح، والمشرع المغربي انتبه إلى أهمية الزواج واحتاط لقدسية هذا الرباط على اعتبار أنه عهد وميثاق بين الزوجين وارتباطهما مدى الحياة وعلى هذا النحو عرف المشرع الزواج في المادة الرابعة من مدونة قانون الأسرة بأنه ميثاق تراضٍ وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين طبقا لأحكام هذه المدونة. ولذلك يكون المشرع قد حصن مؤسسة الزواج ونظمها من خلال ضبط صيغ قانونية شكلا ومضمونا رسم حدودها ووضع أركانا ثابتة إذا اختلت انهار بناء الأسرة وجرم بالمقابل من يخالف هذا البناء الشرعي القانوني وأقر لمخالفه عقوبة سالبة للحرية في القانون الجنائي الفصل 490 حفاظا على استقرار الأسرة بالدرجة الأولى. لكن رغم ذلك هناك من يلجأ إلى مثل هذه العلاقات في انتظار تصحيح الوضع، إذا حدث حمل مثلا ونشب بشأنه خلاف وهنا يتم التحايل على القانون عبر المادة 16 من مدونة الأسرة هل يمكن مثلا إثبات النسب في مثل هذه الحالة عبر إعمال بنود المادة 16 من مدونة الأسرة؟ المشرع كان محتاطا هنا، فلا مجال إلا إبرام الزواج وفق صيغته القانونية ومحاربة الزواج السري أو العرفي بكل الطرق القانونية لما يترتب عنه من تداعيات وآثار قانونية تعصف بذوي الحقوق وتمس الإرث وغيرها من القضايا الاجتماعية مثل اعتبار الأطفال ثمرة هذا الزواج أبناء زنا لا حقوق لهم لا في الإرث ولا في النسب وتركهم في المجهول من غير هوية، والعديد من الملفات مطروحة أمام أنظار المحاكم تهم بالدرجة الأولى قضايا إثبات النسب بسبب هذا المشكل. هل يمكن إثبات نسب هؤلاء الأبناء في هذه الحالات وفق ما جاءت به المادة 16؟ لا. فهم يلحقون بالأم، فمن الناحية الشرعية يكون نسبهم لا مهم وليس للأب، ولا يكون الإلحاق بنسب الأب إلا إذا تعلق الأمر بزواج الشبهة؟ في حالة تعذر إثبات نسب هؤلاء الأبناء ما هي في رأيك التبعات الاجتماعية والأخلاقية التي تطال الأطفال بالدرجة الأولى؟ في هذه الحالة لا يميز القانون ولا الشرع أيضا، بين الطفل من زواج عرفي أو زواج متعة وابن الزنا، لانعدام وثائق أو عقد يثبت شرعية العلاقة الزوجية، ويستتبع ذلك حرمان هؤلاء الأبناء من الحقوق الكثيرة كعدم القيد في سجلات الحالة المدنية أي الحرمان من التمدرس ومن التصريح بالولادة هذا عدا العبء الاجتماعي والأخلاقي الذي يلاحق ابن الزنا. لكن الأم المدعية يكون أمامها اللجوء إلى الخبرة (البصمة الوراثية) لإثبات النسب، إلى أي حد تتقيد المحكمة بنتيجة هذه الخبرة... لأن الرائج أن الكثير من القضايا كانت فيها نتيجة الخبرة واضحة ولم تأخذ بها المحاكم في إثبات النسب؟ ولأن الواقع أصدق من القول، فقد جعل الأستاذ محمد المو المحامي بهيئة الرباط بين أيدينا نص حكم قضائي لإثبات النسب في نازلة مماثلة، وكانت الأم هي من طلب الخبرة الطبية وتحملت المصاريف، وكانت النتيجة بنسبة 99.99% أن الطفلة (X) من الأب كذا... لكن في تعليل الحكم صدر منطوقه برفض نتيجة الخبرة... لأن القاضي يملك السلطة التقديرية في اعتماد نتيجة الخبرة (البصمة الوراثية) أو استبعادها . ومثل هذه الأحكام تشكل للأسف أغلب قضايا إثبات النسب في مثل هذه الزيجات المريبة ويكون الخاسر الأكبر المرأة طبعا والأطفال.