د. إبراهيم حمّامي- لندن – أون مغاربية رغم الجرائم والمجازر التي ارتكبها معمر القذافي في ليبيا، تصر قلة باتت شبه معزولة على الدفاع عن القذافي وأمثاله من الحكام الطغاة بحجج أهمها الدور القومي والعروبي والوطني وغيرها من المسميات والشعارات، والتي تتغير بتغير المكان الجغرافي لتصبح في سوريا مثلاً الممانعة والمقاومة والصمود والمواجهة، ورغم كل القرائن والدلائل على دموية وهمجية تلك الأنظمة التي صدعت رؤوسنا بأدوارها الوهمية، لتجد لنفسها العذر لارتكاب المزيد من الجرائم باسم القضية، وليبقى هناك من يدافع عن أنظمة إما سقطت أو باتت قاب قوسين أو أدنى من السقوط. يتحدثون عن دور تلك الأنظمة وكأنها حقائق مسلم بها وغير قابلة للنقاش، وكأن طغاة العصر هم حماة الحمى، وتاريخهم القومي والوطني يشفع لهم، ومن ثم يكيلون الشتائم من كل حدب وصوب، معلنين جهاراً نهاراً وقوفهم إلى جانب القذافي في مواجهة حلف الناتو، وهي المواجهة التي لم يطلق فيها القذافي ومرتزقته رصاصة واحدة، أو طلقة مدفعية أو صاروخ على الناتو وقواته، بل صبب حممه على شعب كانت جريمته الوحيدة أنه طالب بالحرية والانعتاق، لكن هل مواقف الأسد – الأب والابن - مثلاً هي مواقف مقاومة وممانعة ومواجهة في ظل أهدأ جبهة مواجهة مع الاحتلال ومع شعار " الرد في المكان والزمان المناسبين" على كل عدوان واهانة؟ وهل فعلاً مواقف القذافي مثلاً كانت قومية وعروبية ووحدوية كما يدعون؟ الوقائع والتاريخ والحقيقة تثبت عكس ذلك تماماً، لقد كان الطغاة أعداء لشعوبهم، وأعداء لقضايا وحقوق شعوبهم، بل لا نبالغ إن قلنا أنهم مارسوا ويمارسمون التدمير المنهجي والمنظم لكل ما يرفعون شعاراته. مواقف القذافي القومية! مشاريع وحدوية فاشلة: منذ اللحظات الأولى لاستلام القذافي مقاليد الحكم، وبعد تزكيته من قبل عبد الناصر الذي قال أنه يرى شبابه في معمر ، وتنصيبه الأمين على القومية العربية من بعده، بدأ القذافي سلسلة من المواقف التي انتهت جميعها بنتيجة واحدة، محاولات وحدوية كان محكوماً عليها بالفشل المعد سلفاً والمقصود، للوصول لنتيجة مفادها فشل خيار الوحدة العربية واستحالته، وزيادة جرعة الكراهية بين الشعوب العربية المتجاورة، وصولاً إلى الخلاف والقطيعة والمواجهة المسلحة مع الأقطار التي دخل معها القذافي في محاولاته الوحدوية المزعومة، قطعاً للطريق على وحدة حقيقية ممكنة في دور مشبوه قام به القذافي ولسنوات لم تنجح فيه أي من حاولاته، وهو ما كان يرمي إليه تحديداً، وهذه محطاتها الأبرز: - اتحاد الجمهوريات العربية بين سوريا ومصر وليبيا وذلك في عهد أنور السادات وحافظ الأسد ومعمر القذافي في 17 ابريل 1971 باعتبارها النواة الأساسية لتحقيق الوحدة الشاملة - الجمهورية العربية الإسلامية بين ليبيا وتونس في عهد معمر القذافي والحبيب بورقيبة، وكان ذلك في 12 أبريل 1974 وعرف ببيان جربة. - ميثاق طرابلس الوحدوي - في 27 ديسمبر 1969 بين مصر - السودان – ليبيا - الوحدة الاندماجية بين ليبيا ومصر سنة 1972 - بيان حاسي مسعود الوحدوي بين ليبيا والجزائر 28 ديسمبر 1975 - الوحدة الاندماجية بين ليبيا وسوريا 1982 - الاتحاد العربي الأفريقي في 18 أغسطس 1984 بين ليبيا والمغرب وعرف ببيان وجدة الوحدوي. مصادمات مع الأقطار العربية: وهذه لم يسلم منها لا قريب ولا بعيد، وحلال السنوات الأربعين الماضية افتعل القذافي المشاكل مع كل الأقطار العربية دون استثناء، ووصل الحد في كثير من الأحيان لقطع العلاقات المصحوب بحملات إعلامية عدائية، وحتى إلى المواجهة المسلحة، واختص القذافي في خلق تلك المشاكل وبشكل متعمد تكريهاً للشعوب بعضها البعض، وهو ما يدحض نظرية أنه عروبي قومي كما يزين البعض في معرض الدفاع عنه خاصة من قبل القوميين العرب، وهنا أيضاً محطات كانت الأبرز عن حالات التصادم الليبي العربي في عهد القذافي: - المواجهة المسلحة مع مصر في شهر يوليو/تموز من العام 1977 حول منطقة الجغبوب والخدود الشرقية لليبيا - دعم مجموعات مسلحة وبشكل مباشر فيما عُرف بأحداث قفصة في تونس في شهر يناير/كانون الثاني من العام 1980 - مناوشات حدودية حول اقليم حاسي مسعود النفطي والواقع داخل الحدود الجزائرية دعم حركات الانفصال: أما الدول البعيدة جغرافياً فلم يألوا القذافي جهداً في التدخل في شؤونها، ودعم حركات الانفصال فيها وبكل الوسائل، رغم ادعاءاته المتكررة حول الوحدة العربية، وما كانت أفعاله إلا نقيضاً لكلامه الذي دغدغ ويدغدغ مشاعر القوميين العرب، ومن مواقفه الانفصالية تلك: - دعم جون قرنق الزعيم السوداني الجنوبي ولسنوات طوال في حربه الانفصالية عن السودان - تأييده للأكراد في العراق للانفصال بدولة مستقلة - تأييده المطلق لجبهة البوليساريو ضد توحيد "الصحراء الغربية" مع المغرب - احتضان الجبهة الشعبية لتحرير عُمان التي تطالب بانفصال اقليم ظفار - دعم حركات بعينها لشق الصف الفلسطيني ولم يكتف بذلك بل وقف مع ايران في حربها ضد العراق ابان حكم الرئيس العراقي صدام حسين، وقد كانت صواريخ السكود الليبية أول ما سقط على بغداد في ثمانيات القرن المنصرم، وقام بطرد المواطنين العرب من ليبيا أكثر من مرة، كان أبرزها طرد العمالة المصرية والتونسية العام 1985 وبمئات الآلاف، وطرد السودانيين بعدها بسنوات، ثم الفلسطينيين عامي 1995/1996، عدا عن منع دخول جنسيات عربية بعينها من دخول ليبيا، كان أبرزها اللبنانيون بسبب قضية موسى الصدر، رغم إدعاءاته المتكررة بأن ليبيا أرض لكل العرب، ناهيك عن محاولات زعزعة الأنظمة أو اغتيال زعماء كما حدث في المحاولة المعروفة لاغتيال الملك عبد الله آل سعود حين كان ولياً للعهد. إدارة الظهر بالكامل للعروبة والعرب: بعد أن حقق القذافي هدفه الرامي إلى أن يكفر العرب بالوحدة والأخوة، اتخذ خطوته الأخيرة بالطلاق مع المحيط العربي والتوجه بليبيا نحو ما أسماه الفضاء الأفريقي، ليصرف الملايين المملينة في دعم حكام أفارقة ليصنع لنفسه مجد ملك ملوك أفريقيا، وليسلخ ليبيا عن محيطها الطبيعي، متناسياً شعارات القومية والوحدة التي ما زال القوميون يتغنون بها حتى يومنا هذا في دفاعهم عن الطاغية الهارب. لم يكن التوجه نحو أفريقيا مفاجئاً أو غريباً، فهو يصب في نفس الهدف الذي عمل عليها القذافي، أي تدمير الحلم العربي، وكان خط التوجه الأفريقي يسير متوازياً مع تدمير القومية والوحدة العربية، ولأجل ذلك دخل مغامرات كلفت الشعب الليبي خيرة شبابه، أهمها دعم عيدي أمين في أوغندا في 15/05/1973 مضحياً بثلاثة آلاف من الشباب الليبي، ودخوله في حرب مع تشاد بين عامي 1979-1988 ذهب ضحيتها 6000 ألاف شاب ليبي من أصل 15000 زج بهم في حرب خاسرة كانت نتيجتها خسارة ليبيا ل 110 آلاف كيلومتر مربع هي مساحة شريط أوزو الحدودي. وأخيراً استجلب القذافي الملايين من الأفارقة ليستوطنوا ليبيا، وليشكلوا مشكلة اجتماعية كبرى وصلت حد المواجهة معهم وقتل العديد منهم كما حدث في مدينة الزاوية مثلاً قبل أكثر من عشر سنوات. قضية فلسطين وبما أن قضية فلسطين هي القضية الأهم والمركزية للعرب، وهي التي تحمل وزر الجرائم من قبل الطغاة بحجة دعمها، فإنها دائماً ما يتخذها اليساريون والعروبيون سبباً لتبرير دعم أنظمة القتلة ضد شعوبهم، كما يحدث اليوم في دعم نظامي القذافي والأسد، لكن حقيقة الأمر أن هذه الأنظمة لم تكن يوماً نصيراً لقضية فلسطين، بل كانت تستغلها بما يتناسب مع مصالحها، كما يحدث اليوم في سوريا، وفي حالة القذافي تحديداً، كانت فلسطين وقضيتها عدواً له ولتوجهاته، ولم يكن داعماً لها، لكنه استفاد منها ومن المأجورين من أبناء الشعب الفلسطيني للأسف الشديد، لنرصد التالي: - مع اللحظات الأولى لسيطرة القذافي على الحكم، تاجر بفلسطين وقضيتها، معلناً من طرفه أن كلمة السر يوم انقلابه كانت القدس، وأن مفتاح الشفرة للضباط الأحرار كانت فلسطين لنا. - مع وصول القذافي للحكم قام بالغاء الامتيازات التي كان يتمتع بها الفلسطينيون إبان عهد الملك إدريس، وهي الامتيازات التي وثقتها جدتي لأبي في لقاء مع صحيفة اليوم اللبنانية في عددها رقم 7029 الصادر بتاريخ 13 يوليو تموز 1966. - بعد فترة بسيطة من وصوله للحكم، بدأ حملة ضد الفلسطينيين في ليبيا، صادر فيها ممتلكات البعض، منها مزرعة للطبيب الفلسطيني جمال الجراح في منطقة عين زارة، وفي سنة 1970 استولى على مزرعة ومساكن عائلة توفيق غرغور التى حولها ووزعها بعد تقسيمها على عدد من المقربين واحتفظ لنفسه بأحسن تلك الفلل. وغرغور مواطن فلسطيني قدم للعيش في ليبيا بلد العدل والآمان بعد أن أمم الرئيس جمال عبدالناصر أمواله وممتلكاته في مصر ظلماً وعدواناً أوائل الستينيات، وهو ليس "واحد أجنبي أفاّق" كما نعته العقيد القذافي في خطابه يوم 1 مايو 2006. والقذافي حشر اسم غرغور في خطابه بعد أن بلغه خبر تقديم عائلة غرغور دعوى قضائية خارج ليبيا من أجل استرداد أموالهم وممتلكاتهم التى نهبت في ليبيا. - في سبعينيات القرن الماضي بدأ القذافي بلعب أخطر الأدوار فلسطينياً بضرب التنظيمات الفلسطينية ببعضها البعض، ودعم حركات صغيرة بالمال لتتحول تدريجياً لما عرف ب"بندقية للايجار"، مستغلاً الظروف في حينها، ليصبح لاعباً أساسياً في الساحة اللبنانية خاصة في منطقة الدامور التي كانت تسيطر عليها القيادة العامة، فاتحاً أراضي ليبيا لتدريب عناصر لأبو نضال وغيره، وصولاً إلى محاولة فرض رؤيته بتشكيل لجان ثورية فلسطينية وهو ما أدى إلى صدام مباشر مع منظمة التحرير أثغلق على اثره مكتبها في شارع عمر المخار في طرابلس. - لأكثر من مرة كان الفلسطيني الحامل لوثيقة سفر ممنوعاً من دخول ليبيا، حدث ذلك عامي 1975-1976 ابان الحرب الأهلية اللبنانبة، وعامي 1978-1979 حين حاول القذافي فرض لجانه الثورية، وبعد غزو لبنان عام 1982 وغيرها من الفترات - باسم فلسطين ضغط القذافي على الشعب الليبي، تارة بحرمانه من راتب شهر كما حدث صيف عام 1982 بذريعة دعم المقاومة، ومرة باقتطاع ما أسماه ضريبة البندقية – قيمتها عشرون دينار ليبي، وأخرى بسياسة "شد الأحزمة على البطون" التي أوصلت الشعب الليبي لحافة المجاعة أوائل الثمانينيات، ونتيجة لذلك كره الشعب الليبي كل ما يمت لفلسطين بصلة، خاصة وأن اجراءات القذافي كان يستثني منها الفلسطيني – نظرياً فقط، ليحنق المواطن الليبي المقهور أكثر لأنه يعاني بسبب فلسطين في الوقت الذي يستثنى من ذلك الأمر الفلسطيني، حقيقة الأمر لم يكن للفلسطيني وقتها ما يستثنى منه! - في العام 1983 دعم القذافي مع سوريا، مجموعة أبو موسى وأبو نضال، ضد الخط الرئيسي لمنظمة التحرير، وهو ما كانت نتيجته اقتتال فلسطيني فلسطيني في لبنان دمر مدينة طرابلس اللبنانية - في العام 1983 ولأن الفلسطيني هو الحلقة الأضعف، ومشاركة للشعب الليبي مآسيه قامت لجان القذافي الثورية وفي شهر أبريل/ نيسان بإعدام مجموعة من الفلسطينيين وهم: ماجد قاسم القدسي الدويك (كان يعمل مدرسا) استشهد تحت التعذيب في اوائل شهر ابريل 1983 داخل السجن، بديع حسن بدر، وناصر محمد سريس، ونمر خالد خميس وعلي احمد عوض الله وأربعتهم أعدموا شنقاً في ساحة مدرسة الفاتح الثانوية بمدينة اجدابيا امام طلبتهم، كذلك أُعدم كل من محمد بيومى وعبدالله الفاقورى. - في ذات العام اتهمت السلطات الليبية طلبة فلسطينيين بمحاولة اغتيال القذافي منهم شوقي أبو شعيرة وعبد القادر الخطيب وغيرهم، وعلى اثر ذلك تعالت الدعوات بطرد الطلبة الفلسطينيين من الجامعات والمدارس الليبية - في 26 أكتوبر 1995 وأثناء عودته من ليبيا ارض اجداده، بجواز سفر ليبي باسم إبراهيم الشاويش، اغتيل في مالطا فتحي الشقاقي الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، وسط شبهات أن السلطات الليبية أبلغت عن هويته ومواعيد وصوله إلى مالطا - في 30/05/1993 وبتأشيرات اسرائيلية وصل مائتي ليبي إلى القدس على أنهم حجيج ليبيون، في عملية تطبيعية علنية استمرت ثلاثة أيام، ليكتشف الليبيون بعدها أن هؤلاء الحجاج المفترضون ما هم إلا أعضاء في اللجان الثورية، ولم يحاكم أو يحاسب أي منهم في ليبيا التي كانت تدعي العروبة ومناصرة قضية فلسطين - في ذات السنة ومع توقيع اتفاق أوسلو بدأ القذافي حملة اعلامية مسعورة ضد الفلسطينيين تُجت بعمليات طرد جماعي للفلسطينيين من ليبيا عامي 1995-1996، ليتقلص عدد الفلسطينيين هناك من قرابة 50 ألف إلى ما يقرب من 15 ألف يعيش جلّهم دون إقامات رسمية حتى يومنا هذا. - في نهاية التسعينيات من القرن الماضي ظهرت معالم جريمة أخرى بحق الشعب الليبي فيما عرف بقضية أطفال الايدز، الذين حقنوا بفيروس نقص المناعة المكتسب، واتهم فيها طبيب الامتياز الفلسطيني أشرف الحجوج وحكم عليه بالاعدام مع ممرضات بلغاريات أربع، ليطلق سراحهم تحت ضغوط أوربية، وليعلن بعدها ابن القذافي سيف الاسلام أن القضية برمتها كانت ملفقة، ليبقى ملف أطفال الايدز في انتظار التحقيق، وقد كتبت شخصياً لسيف الاسلام بتاريخ 21/12/2005 حول هذه القضية وملابساتها. - وفي تحول آخر طرح القذافي القومي العروبي قبل سنوات كتاباً اسماه الكتاب الأبيض تمييزاً له عن الكتاب الأخضر وفيه يقول أن المساحة بين النهر والبحر ليست كافية لإقامة دولتين، إسرائيلية وفلسطينية، والحل يكمن في التعايش داخل دولة واحدة يقترح لها اسم "إسراطين" مشيرا إنها مجسدة فعلا بوجود المستوطنات الإسرائيلية إلى جانب المدن الفلسطينية في الضفة وغزة، وقد صدر الكتاب عن دار نشر ليبية حكومية (48 صفحة طُبعت بحروف كبيرة الحجم) مترجمًا إلى 15 لغةً منها العبرية. - في أغسطس/آب من العام 2010 كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن ليبيا أفرجت عن إسرائيلي كانت اعتقلته في آذار/ مارس الماضي بتهمة التجسس –. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية الاثنين أن المفاوضات السرية والمعقدة بين وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان والسلطات الليبية وصلت إلى نهايتها يوم الأحد عندما أفرج عن إسرائيلي يدعى رفائيل حداد كان قد اعتقل في آذار/ مارس الماضي- دون ثمن وبتدخل من سيف الاسلام القذافي عبر وسيط مشترك نمساوي. - ما أن اندلعت الثورة الليبية ضد نظام القذافي في فبراير/شباط من هذا العام حتى بادر الأخير بتصريحه الشهير أنه يحافظ على أمن أوروبا واسرائيل، ليبدأ بالاتصال وبشكل مباشر مع السلطات الاسرائيلية مرسلاً وفداً من أربعة أشخاص حصلوا على تأشيرات اسرائيلية من باريس، وفي تفاصيل تلك الزيارة ذكر المراسل العسكري للقناة الإسرائيلية الثانية، روني دانيئيل، الليلة قبل الماضية، أن وفدا عن العقيد الليبي، معمر القذافي، وصل إلى إسرائيل قبل أيام، بعدما حصل على تأشيرة دخول من السفارة الإسرائيلية في باريس، بهدف لقاء زعيمة حزب «كاديما» المعارض، تسيبي ليفني، ومسؤولين أمنيين، بهدف تحسين صورة العقيد معمر القذافي في إسرائيل ومد جسور التعاون بين الطرفين. وقال المراسل إن ليفني اتصلت حال تلقيها الطلب، مع جهات سياسية (رئيس الحكومة) وأمنية (المخابرات)، قبل أن تعطي موافقتها. وعندما أعطوها الضوء الأخضر، التقت الوفد الليبي وتلقت منه رسالة من القذافي على أقراص رقمية لتسلمها للجهات الأمنية في إسرائيل، ولم يتم الكشف عن فحواها. وأضاف أن الوفد شمل أربعة مسؤولين في نظام القذافي، وأنه أبدى الاستعداد لتطوير العلاقات لدرجة تبادل سفراء بين تل أبيب وطرابلس، ولكنه أشار إلى أن إسرائيل غير معنية بذلك في المرحلة الحالية. وتابعت القناة أن الوفد زار إسرائيل لمدة أربعة أيام، التقى خلالها عضو الكنيست من من حزب «كاديما» المعارض، مئير شطريت، وأمضى يوما كاملا في مدينة نتانيا، حيث يسكن عدد كبير من المهاجرين اليهود من ليبيا. ووصف مراسل القناة الثانية الزيارة ب«الغريبة» التي لن تغير شيئا - في ذات الوقت ذكر المركز الفلسطيني للاعلام ، المقرب من حركة حماس ، والذي يبث من دمشق ، العاصمة السورية ، وحسب ما نسبته الى مصادر 'صحفية' دون أن تذكرها ، صباح يوم الخميس 23/2/2011 ، أن الزعيم الليبي معمر القذافي هدد بقتل عشرات آلاف الفلسطينيين المقيمين في ليبيا، كما توعد بوقف مشاريع ليبيا في قطاع غزة، بعد شعوره بغضب شديد من حركتي حماس والجهاد وبقية الفصائل الفلسطينية التي أيدت الثورة الليبية، وزعمه خيانة الفلسطينيين هناك له ومشاركتهم الثورة بفعالية، كما جاء في الخبر. القذافي انتهى والبقية تأتي ما من شك أن رصد أفعال القذافي تحتاج للكثير، وما سبق كان فقط بمثابة التذوق لطعم العداء العروبة والقومية وفلسطين التي مارسها القذافي لأربعة عقود، رغم انخداع الكثيرين بالكلام الفارغ والشعارات البالية التي ما زالوا ينتشون لسماعها. وكما أن مرحلة الخداع القذافية قد سقطت فإن آخرين من طغاة المنطقة ممن لا زالوا يتاجرون باسم القضية وفلسطين، سيلقون ذات المصير إن لم يكن أسوأ. لقد استطاع القذافي ونجح في مرحلة من المراحل بأن يجعل العرب بشكل عام والفلسطييين بشكل خاص ما يشبه الشياطين في نظر المواطن الليبي، تدمير للمقدرات، ضغط وقمع، تجويع وتجهيل باسم العروبة والقضية، لكن ثورة الشعب الليبي البطل الأخيرة لا شك بأنها ستعيد الأمور إلى نصابها، لأن الليبي بوصلته واضحة لا تنحرف، وإيمانه وحسه الديني يستشعره حتى من لا يريد أن يشعر، ومن يحمل شعارات أكل عليها الدهر وشرب. بوصلتنا وعقلنا وفكرنا أيضاً واضحة، لا تخدعنا الشعارات والأقوال، ولا تفت من عضدنا الأفعال والجرائم، نقف مع الشعوب العربية بلا تحفظ، تماماً كما وقفت وتقف معنا ومع بعضها البعض في السراء والضراء. هذا التوثيق هو رؤوس أقلام وهناك أكثر، ولكم أن تتخيلوا 42 عاماً من الحكم الاستبدادي المطلق، ومن تزوير التاريخ والمنطق، ومن العمل الممنهج لتدمير كل أواصر الأخوة بين الأشقاء العرب، ومن معاداة لفلسطيني وقضيتها وشعبها. وبعد كل ذلك نجد من يتمسك بدفاعه عن القائد العروبي القومي الأممي كما يسمونه، ومن يدافع عن طاغية سوريا ونظامه الفاشي وتحت ذات العناوين والشعارات، التي سقطت بعضها مع السابقين، وسيسقط بعضها المتبقي مع اللاحقين بإذن الله تعالى وبإرادة الشعوب الحرة التي لا تقهر. بقي أن أقول أنني عربي أفخر بعروبتي وانتمائي، وأفخر باللغة العربية التي اختارها الله سبحانه وتعالى لتكون لغة القرآن الكريم، لكني لا أفخر إطلاقاً بأدعياء العروبة والقومية من أمثال القذافي الراحل وبشار اللاحق. لا نامت أعين الجبناء.