كان إقناع الصغير بمغادرة فراشه هذا الصباح مهمة شاقة ككل الصباحات التي مضت، و ما زاد الأمر صعوبة أنها أيقظته ربع ساعة قبل المعتاد حتى لا تتأخر عن عملها، وتتعرض لتوبيخ جديد. حاولت إقناعه بتناول إفطاره، الا أنه ظل يدير وجهه يمينا ويسارا معلنا رفضه لكل الاغراءات التي تضعها أمامه..حاولت معه بكل الطرق، لكنه كان عنيدا. فيما كانت تلاطفه وترجوه ليشرب على الأقل كأس الحليب، كانت عقارب الساعة تعاكسها أيضا وتجري بسرعة أكثر من سرعتها المعتادة.. في النهاية استسلمت، وغيرت ملابسه، و تأكدت من أن الحقيبة الصغيرة التي تعدها له قبل أن يستيقظ من نومه تحتوي على كل احتياجاته، كانت تعرف أنه لن يفطر، لذا وضعت فيها من قبل شطيرة خبز، ورضاعة حليب, قبلته وهي تضع له حزام الأمان في الكرسي الخلفي لسيارتها..كانت تفكر أنها أخيرا ستتعود ابتداء من اليوم على الوصول في الوقت المحدد الى العمل، ولن تسمع أي تلميحات، ولن يستدعيها رئيسها الى مكتبه ليعطيها محاضرة عن الانضباط واستياء الزملاء تنفست الصعداء وهي تفكر أنها لن توضع في هذا الموقف بعد اليوم.. عندما وصلت الى المدرسة، كان طفلها أول الواصلين، لم يكن بالباب غير الحارس...فجأة ارتبكت كل حساباتها.. تاهت بين لحظة تقرر فيها ترك الصغير مع الحارس حتى تصل المربيات، خصوصا أن عمي ادريس رجل وقور ويبدو أنه ثقة، كما أنها ستربح وقتا ثمينا للوصول الى عملها..وبين لحظة أخرى تنتابها فيها المخاوف،وتتذكر كل قصص اغتصاب الاطفال التي سمعتها خلال السنوات الماضية..بين وجه رئيسها اللئيم، وملاحظاته المسمومة، وبين وجه طفلها الذي يرجوها ألا تتركه وحده هنا هذا الصباح...في عمق حيرتها، داهمتها دموع سخية، أوقفت محرك سيارتها، وحولت اتجاه المرآة، حتى لا ينتبه الصبي لدموعها..ووقفت...