شهر رمضان هو شهر التوبة والمغفرة. لذلك فمن الطبيعي أن تمتلئ مساجد المملكة عن آخرها طيلة هذا الشهر، فيكتشف إمام المسجد وجوها جديدة لم يرها من قبل، وينشرح قلبه بالفرح. إذ بعدما تعود على عدد محدود من المصلين خاصة من كبار السن يواظبون على الوقوف خلفه، هاهو مسجده يغص بالمصلين من مختلف الأشكال والأجيال والأنواع، فيحمد الله على نعمة رمضان التي جعتله أخيرا يحظى هو الآخر مثل مشاهير الدعاة بمريدين يقطعون الشارع من أجل الصلاة خلفه، وهو بالتالي واحد ممن يتمنون لو كانت أيام السنة كلها رمضان. فما أجمل ذلك الصوت الجماعي المهيب الذي ينطلق كلما قال (الإمام) بصوت رخيم: "غير المغضوب عليهم، ولا الضالين"، إذ تهتز الأركان بصوت يشبه الهدير: "آآآمين". إيه عندك الحق، ما عرفتش علاش كاينين اللي كيغوتوا ملي كيقولوا: "آمين"؟ علاش ما يقولوهاش بشوية؟ ياك الله كيسمعهم؟ هوما ما باغينش يسّمْعوها لله، باغين يسّمعوها للإمام. حيت كاينين شي وحدين عندنا كيخافوا من مولانا الإمام ما كيخافوا من سيدي ربّي. وراه مولانا الإمام عايق بيهم مجرمين، لأنه ملي كيسالي رمضان ما كيبقاوش يبانوا ليه في الجامع. هاديك ماشي مشكلتهم، حيت هوما اللي عليهم داروه، قالوا: "اهدنا الصراط المستقيم"، إيوا الله باقي ما هداهمش، آش يديروا؟ كل الروايات والأحاديث تؤكد أن رمضان فرصة سانحة ليعود المسلم إلى ربه. فأبواب جهنم تكون مغلقة، وأبواب الجنة تكون مفتوحة طيلة شهر كامل، صحيح أنها لا تُغلق في الشهور الأخرى، لكنها في رمضان تكون أكثر ترحيبا بالتائبين... المهم أن الصوم ككابح للشهوات، وعاصم من الأذى يتيح للمسلم فرصة مثالية كي يتذكر ربه، ويعود إليه مؤديا صلواته الخمس... أي أن رمضان يعطي للذين يسيرون بأفعالهم في طريق جهنم والعياذ بالله فرصة التوقف قليلا، والانتباه إلى أين يسيرون كي يعودوا إلى الطريق الصحيح. يعني رمضان بحال محطة الاستراحة في لوطوروت، على السائق أن يتوقف فيها قليلا، يغسل وجهه ويستغفر ربه ويشرب ليه شي قهوة كحلة ترد ليه المجاج، كي يركز في القيادة أكثر، وينتبه إلى الإشارات والعلامات المنصوبة في جنب الطريق والمتدلية من الأعلى باش يعرف راسو فين غادي. عندك الحق، رمضان بحالو بحال هاديك البلاكة اللي مكتوب فيها: (آخر خروج قبل الأداء). تماما، اللي فاتوا رمضان تْصَيّد، غادي يلقى راسو شوية كدام البّياج، والله حتى يخلّص. راه اللي ماعندوش هو اللي كيتصَيّد، أما الناس اللي عندهم اللعاقة ما كيتبرزطوش، حيت عندهم باش يخلْصوا. واش كيحساب ليك شادين لوطوروت ديال أكادير؟ هادي راه طريق الآخرة، فيها بلاكة وحدة مكتوب فيها: "جهنم على بعد 5000 متر". ربما كان عاديا ألا يؤثر دخول رمضان في الكثيرين الذين واصلوا ابتعادهم عن ربهم خلال رمضان، حيت كاين اللي عندهم بحال رمضان بحال ذو القعدة، الله يهديهم وصافي. لكن ما ليس عاديا هو ألا يؤثر رمضان في الذين تأثروا طيلة شهر بأجوائه الروحية واستأنسوا بالصلاة والعبادة. فمباشرة بعد صلاة عيد الفطر، يدور هؤلاء بجلابيبهم البيضاء وطرابيشهم على الأحباب وينسون أداء صلاة الظهر والعصر في وقتيهما. أما بالنسبة لصلاة الفجر التي كانوا بعد السحور يشعرون براحة عميقة في أدائها بالمسجد مستجيبين للنداء العميق: "الصلاة خير من النوم"، فإنهم فجأة من ورا العيد يكتشفون أن الإسلام لا توجد فيه صلاة للفجر وإنما صلاة الصبح، يعني حتى يبان الضو وتطلع الشمس عاد يصليوا. وهكذا يوما بعد يوم يخفت الإيمان والعياذ بالله، ويتباطأ المسلم في أداء فريضة الصلاة في وقتها تحت مبررات واهية، قبل أن يقطعها بالمرة حين يدخل البرد والليالي حيّاني بدعوى أن الوضوء بالماء البارد كيدير ليه البرودة في العظام. راه هاد الشي علاش الأجواء ديال رمضان مزيانة، كتعاون بنادم باش يرجع لله سبحانه وتعالى. متافق معاك، كاع الناس اللي في قلبهم الخير ملي كيدخل عليهم رمضان كيرجعوا لله وكيديروا مزيان. أجي، وعلاش المسؤولين الكبار عندنا واخا كيدخل رمضان ما كيديروش المزيان؟ واش ماشي في قلوبهم الخير؟ حاشا، غير واقيلا ما كيكونش في راسهم بلي سيدْنا رمْضان دخل، حيت هادوك اللي ضايْرين بيهم ما كيقولوش ليهم الحقيقة.