في لحظة تأمل تذكرت هذا الصباح ذلك العجوز الفرنسي الذي قابلته منذ سنوات بعيدة عندما جاء الى المغرب في اطار زياراته المنتظمة لاحدى الزوايا الصوفية..عرفت أنه مسلم متصوف منذ سنوات طويلة، عندما كان ضمن شباب المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي..حدثني عن عمليات المقاومة، عن الحالة النفسية التي كان يتقاسمها مع جيله في زمن الحرب العالمية الثانية، وكيف أن اكتشافه بالصدفة للتصوف خلصه من فكرة الانتحار في زمن عاصف.. حدثني عن الامراض والطاعون والبؤس والجوع، عن زمن أوربي يختلف كثيرا عن الزمن الأوربي الذي نعرفه، وعن اعتناق العشرات مما يعرف من الفرنسيين للاسلام من باب التصوف في ذلك الزمن، بحثا عن سكينة كانوا في أمس الحاجة اليها..هؤلاء المتصوفة الاوربيون الذين يمكن أن تعتثر عليهم بسهولة في أحد المواسم التي تعقدها الزوايا الصوفية المنتشرة في المغرب لا يثيرون الانتباه لأنهم لا يعلنون عن اختياراتهم ولا يصدرون ضجيجا، وليس لهم أي مشروع سياسي، انهم يبحثون عن خلاص فردي، لذا لا يغيرون اسماءهم الاوربية الاصلية، ولا يغيرون نمط حياتهم.. تذكرت العجوز روبير وتذكرت موجة الهيبي في السبعينيات بعد احدى نكساتنا التي لا تعد ولا تحصى و أنا أتساءل ترى ماذا يخفي هذا الدخان الذي لا يزال في بدايته في زمننا الأغبر؟ ة و أية ظواهر سيكشف عنها حين ينجلي؟ الى أين ستتجه الأجيال التي ستفتح اعينها وسط هذا النقيع؟