هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملامح التصوف الطرقي بالضاحية الباريسية
نشر في الرهان يوم 24 - 01 - 2012


بدر الدين الخمالي
بين فرنسا و الطرق الصوفية علاقة تاريخية صاخبة تمتد إلى أزيد من مائتي سنة ، منذ حملة نابليون بونابارت على مصر سنة 1798 أو على أقل تقدير منذ فترة التوغل الاستعماري الفرنسي في شمال إفريقيا و جنوب الصحراء الكبرى إلى الآن ،كانت مليئة بالأحداث السياسية الكبرى و المتناقضات الصارخة بين جدلية فعل العداء و الولاء و وبين سياسات المواجهة و الاحتواء ، إن لم تكن قبل ذلك بكثير من خلال الحملات الاستكشافية و البعثات العلمية في القرن السابع عشر حيث كان يتقمص خلالها الجواسيس الفرنسيون دور المتصوفة و المجاذيب و المسلمين الجدد و طلاب المعرفة ويجدون لدى بعض شيوخ الزوايا في الجبال و الصحارى النائية الملجأ المناسب لرصد المجتمعات الإسلامية قبل الانقضاض عليها و الفتك بها ، فوجدت فرنسا نفسها منذ ذلك العهد وجها لوجه مع الظاهرة الصوفية في كثير من المواقع التي كانت تضج بالمريدين والأتباع وتختفي فيها السلطة و الإدارة و جيوش الدفاع عن الوطن و العقيدة ، حيث كان شيوخ الزوايا إلى جانب شيوخ القبائل هم الآمر الناهي و الحكام المتمكنون في ظل التفكك و الفوضى السياسية التي كان يعيشها العالم الإسلامي مطلع القرن التاسع عشر بعد تدهور الإمبراطورية العثمانية وتراجع سيطرتها وضعف الدولة المغربية وانهيار قوتها.
و لهذا فإن أول لقاء مباشر بين الطرق الصوفية وفرنسا الاستعمارية حسب التسلسل الكرونولوجي للأحداث يعود إلى احتلال الجزائر سنة 1830 وتوغلها في منطقة الصحراء حيث وجدت في مواجهتها صنفين من الطرق الصوفية ، أما الأولى فاختارت المواجهة العسكرية ضد القوات الغازية ومقاومتها مثلها كل من الأمير عبد القادر الجزائري (الطريقة القادرية ) و الشيخ بوعمامة (الطريقة الطيبية الشيخية) و سيدي عبد الوهاب بلعمش الجكني و الشيخ بلعربي الدرقاوي في المغرب الشرقي و الشيخ ماء العينين في الجنوب ، في حين اختارت الثانية الانزواء و الانبطاح و عدم التدخل في شؤون الاستعمار و ترك الأمور على عواهنها ، بل و المساهمة في بسط السلطة الاستعمارية على كثير من المناطق المستعصية وهذا ما أدى بفرنسا إلى اتخاذ سياسة خاصة لاختراق الطرق الصوفية و توجيهها و التحكم فيها ، حيث إلى جانب القوة العسكرية في مواجهة من عمدوا إلى الجهاد والمقاومة ، سعت إلى الاعتماد على الترغيب و الاستمالة بالأموال و المناصب و العطايا في العلاقة مع بعض شيوخ الزوايا و الطرق الذين اختاروا عدم التدخل في الشأن السياسي ، وتشجيع هذا الاتجاه من أجل أن يحافظوا على مواقفهم السلبية من الجهاد و الحيلولة دون مساهمة أتباعهم ومريديهم في المقاومة المسلحة .
وقد كانت الطرق الصوفية في المغرب العربي موضوعا لعدة أبحاث ودراسات استعمارية و استشراقية فرنسية من أهمها كتاب)مساهمة في دراسة الطرق الصوفية الإسلامية( للجنرال أندري بيير جون دانييل عن أكاديمية العلوم الاستعمارية
ثم تحولت هذه الطرق في غالبها الأعم بعد ظهور الحركات الوطنية الداعية للاستقلال إلى عنصر معرقل لحركة التحرر الوطني و إلى أداة طيعة في يد الاستعمار من أجل تأبيد تواجده بأرض الإسلام.
ورغم نيل كل البلدان المستعمرة سابقا لاستقلالها فإن العلاقة بين الطرق الصوفية و الدولة الفرنسية لم تستنفذ مخزونها بعد ، بل يمكننا القول بأنها أصبحت علاقة إستراتيجية لا تجد تطبيقاتها فقط في السياسة الخارجية الفرنسية التي تراهن على التصوف من أجل حصر مد الحركات الإسلامية المتطرفة مثلها مثل باقي الدول الغربية فيما يسمى بمخطط دعم الإسلام المعتدل بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 ، بل كذلك في عمق الداخل الفرنسي من أجل صياغة ما أصبح يصطلح عليه اليوم في المجال التداولي الفرنسي ب ( الإسلام الفرنسي) المتوافق مع مبادئ الجمهورية و القيم اللائكية ، ويبدو هذا جليا من خلال الترويج الأكاديمي و الإعلامي للتصوف المفرغ من دلالاته التربوية الأخلاقية وقواعده الشرعية ومن خلال التواجد الملفت للطرق الصوفية المنحرفة بفرنسا والمساحات الموفرة لها من أجل الاستقطاب خاصة بالضاحية الباريسية التي تشهد مواجهات مستمرة بين شبابها و الأمن الفرنسي كان أخطرها أحداث خريف 2005 ، وتنامي الحركة الدعوية التي يقودها كل من التيار السلفي و جماعة الدعوة و التبليغ ، ومن خلال طبيعة الخطاب الذي يحاول تسويقه رسميا في أوساط المسلمين الفرنسيين خاصة عبر مؤسسة المسجد الكبير لباريس التي يرأسها دليل أبوبكر و عبر عدد من الباحثين المحدثين في التصوف الذين يروجون للتصوف الوثني الموسيقي أو ما يسمى بتيار التصوف الفرنكو أمريكي . ) أنظر كتاب التصوف بين التمكين و المواجهة ، محمد بن عبد الله المقدي (
لذلك سنحاول من خلال هذه المقاربة البسيطة رصد أهم ملامح الطرق الصوفية في فرنسا حيث يندمج التصوف ويذوب في شبكة معقدة من العناصر السوسيولوجية والاثنية والاقتصادية والتاريخية والأمنية التي تشكل في تضافرها الظاهرة الإسلامية بفرنسا وتحدد كذلك طبيعة تفاعل الدولة الفرنسية معها طبقا لقانون 1901 الذي يفصل بين الدين و الدولة ، و أن نسوق عدة نماذج تم الوقوف عليها من خلال المعاينة الشخصية بباريس وضواحيها التي مكنتنا من أن نحصر توجهاتها الأساسية في أربع محاور يتجسد فيها الخطاب و الممارسة الصوفية بالمجال التداولي الفرنسي وهي كالتالي : 1 الاتجاه الرسمي 2 الاتجاه النخبوي 3 الاتجاه التغريبي 4 الاتجاه العمالي
1 الاتجاه الرسمي :
يمثل هذا الاتجاه مؤسسة مسجد باريس الكبير الذي وضع حجر أساسه الماريشال ليوطي سنة 1922 بالدائرة الخامسة بباريس و أسندت إدارته سنة 1926 للعميل الجزائري قدور بن غبريط ، ويرأسه حاليا الدكتور دليل أبوبكر (الجزائري الأصل ) الذي يعتبر رجل نيكولا ساركوزي (الرئيس الحالي) وذراعه الأيمن في تنفيذ خطته لهيكلة حقل الممارسة الإسلامية فوق الأراضي الفرنسية ، حيث اختاره عندما كان وزيرا للداخلية سنة 2003 ليكون أول رئيس لمجلس الديانة الإسلامية قبل أن يطيح به الدكتور محمد الموساوي (المغربي الأصل ) المنتمي لمنظمة تجمع مسلمي فرنسا في انتخابات تجديد مكتبه التنفيذي سنة 2008 ، و يعتمد مسجد باريس الكبير في تسيير مرافقه على عدد من المستخدمين الجزائريين أومن أصل جزائري سواء أولئك المسئولين عن الخطابة و التدريس بالمسجد أو المشتغلين في الاستقبال و الصيانة و غيرها من المهام ، حيث يضم المسجد بالإضافة إلى قاعة للصلاة مكتبة صغيرة ومطعم وقاعة للاجتماعات ومعهدا للتكوين وتدريس الدين الإسلامي ، كما أن هناك فيدراليات جهوية تجمع الجمعيات المنضوية تحت لواء مؤسسة مسجد باريس الكبير FRGMP . وأخرى على المستوى الأوروبي (FE.GMP) تضم عددا من الجمعيات الجزائرية في الدول الأوروبية.
ويعرف حاليا دليل أبوبكر وهو ابن حمزة أبوبكر المدير السابق لمؤسسة مسجد باريس الكبير ذي الجذور الحركية ، في الأوساط الإسلامية الفرنسية بمواقفه المساندة للوبي اليهودي بفرنسا وللماسونية حيث حل ضيفا على المحفل الماسوني سنة 2002، بالإضافة لدعمه لإسرائيل في حربها على غزة سنة 2009 عدا عن مواقفه المتطرفة ضد الحجاب و الحركات الإسلامية ، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن نوع وأدوات الخطاب الديني الذي يسوقه مسجد باريس الكبير ، الذي تخضع إدارته بشكل تام لتوجيهات الدولة الفرنسية بل وتدعم جميع القرارات التي تتخذها بخصوص وضعية المسلمين وممارستهم العقدية في فرنسا دون نقاش أو جدال .
معهد الإمام الغزالي لتكوين الأئمة : يراجع موقع مسجد باريس الكبير http://www.mosquee-de-paris.org /
تم تأسيسه سنة 1993 بطلب من السلطات الفرنسية لكي يقوم بإعطاء دروس في الفقه و السيرة و العقيدة وغيرها من المواد باللغتين الفرنسية و العربية للمسلمين الفرنسيين ، ويعتبر معهد الإمام الغزالي للعلوم الإسلامية التابع للمسجد الأداة الأساسية لترويج خطاب هذا الاتجاه ، حيث يشرف على تكوين الأئمة (الفرانكفونيين) ويتولى إدارته حاليا أستاذ السوسيولوجيا الجزائري جلول الصديقي و الذي هو في نفس الوقت الممثل الرسمي للطريقة الشيخية الشاذلية في أرويا و شمال أمريكا و المسئول عن الحوار الإسلامي اليهودي كما يشغل منصب نائب رئيس جمعية أخوة إبراهيم التي يرأسها إدموند ليسل .
و جاء إحداث شعبة تكوين الأئمة بهذا المعهد بإيعاز من وزارة الداخلية بعد النقاش الطويل الذي كان سائدا في وسائل الإعلام الفرنسية إبان أحداث 11 سبتمبر 2001 حول الشبكات الإرهابية و التطرف الإسلامي ، وفي سياق التفاعل مع قضية الإمام الجزائري المطرود فيما أطلق عليه فتوى إباحة ضرب المرأة سنة2004 التي فجرت النقاش العمومي حول مسألة فرض الرقابة على الأئمة القادمين من البلدان الإسلامية و العربية لما لهم من تأثير كبير على شباب الجالية المسلمة ، وطرد كل من تبث مخالفته للمبادئ الجمهورية و تجريده من جنسيته ، و ضرورة إصدار قانون يقضي برفض طلبات التأشيرة و الإقامة على الأراضي الفرنسية بالنسبة للأئمة الذين يشتبه في تشددهم الديني ، أي الذين لا يفهمون العلمانية ولا يحترمون حقوق المرأة.
ولأن معهد الغزالي لا يتمتع بأي صفة أكاديمية فقد بحث المكتب المركزي للديانات التابع لوزارة الداخلية الفرنسية مع عدد من الجامعات إمكانية استضافة وحدة تكوين الأئمة بها ، إلا أنه فوجئ برفض جميع الجامعات استقبال هذه الوحدة باعتبار أنها موجهة لأهداف مهنية أكثر منها علمية و أكاديمية ، قبل أن يتم استضافتها من قبل المعهد الكاثوليكي المسيحي بباريس الذي أنشأ وحدة خاصة لتكوين الأئمة و المرشدات لنيل دبلوم جامعي تخصص ( الدين و اللائكية وتعدد الثقافات ) ، بالرغم من أن هذه الخطوة لاقت انتقادا شديدا من قبل ممثلي الجالية المسلمة بفرنسا خاصة من اتحاد المنظمات الإسلامية (UOIF) التي يرأسها أحمد جاب الله.
وإذا كانت هذه هي ظروف و نوع التكوين الذي يتلقاه الأئمة في معهد يفترض أنه يرأسه منتسب للتصوف ، فإن خطب الجمعة و الدروس التي تسبقها والتي يلقيها الأستاذ محمد عيواز الجزائري تدور كلها حول موضوعات التصوف البعيدة كل البعد عن مقاربة وضع المسلمين ومآلهم و إيجاد إجابات عليها ، حيث يمكننا بسهولة رصد المنهج الذي من خلاله يتم تمرير المواقف من السياسات العمومية المتعلقة بالمسلمين و ضبط نوعية التفاعل معها داخل مؤسسة مسجد باريس الكبير في إطار العلمانية بحيث يضمن عدم الاحتجاج أو الاعتراض عليها وهو الأمر الذي لم يتطرق إليه جون فرنسوا موندو JEAN FRANCOIS MONDOT في كتابه عن أئمة فرنسا في حين أشار فقط إلى قدرة الخطيب محمد عيواز على الإلقاء باللغتين الفرنسية و العربية عند مقاربته لمسألة خطب الجمعة .
و عيواز هو مدير الشؤون الثقافية في مسجد باريس وأستاذ في معهد الغزالي سالف الذكر ، وخطبه تذاع مباشرة على إذاعة الشرق الباريسية الواسعة الانتشار، حيث يتحدث فيها عن الرقائق وعن سيرة أبي مدين الغوث و مولاي عبد السلام بن مشيش وشروح الصلاة المشيشية وغيرها من أدبيات التصوف دون أن يتناول أي من القضايا التي تخص الشأن العام الإسلامي في فرنسا أو خارجها ، والاقتصار على العموميات في توجيه المسلمين و إرشادهم بخصوص المسائل التعبدية التي لا تتعارض مع قيم الجمهورية و تشريعاتها والحيلولة دون إنتاج أي موقف نقدي تجاه السياسة الغربية في العالم الإسلامي و العربي و الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومواقف النخبة الفرنسية من الإسلام.
ولعل الملاحظة الطريفة التي يمكننا أن نسجلها هنا هو أن عملية رصد تصريف التصوف في ثنايا الخطاب الديني لهذا الاتجاه تحيلنا مرة أخرى إلى مسألة الاستغلال التاريخي السافر للتصوف في خدمة مآرب جهاز الدولة خصوصا و أن هيكله التنظيمي خاضع كليا لوزارة الداخلية الفرنسية و لتوجيهات السلطات الجزائرية التي تراهن على قيادة مسجد باريس من أجل ضمان حضور رسمي لها في تدبير الشأن الإسلامي بفرنسا في ظل الامتداد المغربي في جغرافيا المساجد الفرنسية خاصة بعد تولي محمد الموساوي رئاسة مجلس الديانة الفرنسي.
2 الاتجاه النخبوي :
وتمثله كل من الطريقة النقشبندية لشيخها ناظم حقاني المقيم بقبرص و الطريقة القاسمية بالرديف بتونس والطريقة العلاوية التي يرأسها خالد بن تونس بالجزائر والطريقة البودشيشية للشيخ حمزة البودشيشي ببركان بالمغرب ، والقاسم المشترك بين هذه الطرق أنها تتغلغل في أوساط الطلبة من الطبقة الميسورة و المثقفين و الأطر و التجار من جنسيات مختلفة تركية و تونسية و مغربية وجزائرية كما تضم عدداً من الفرنسيين المعتنقين للإسلام حديثا ، وتعمل كلها تقريبا في الضاحية الباريسية
فمثلا تتوفر الطريقة النقشبندية الأوسع انتشارا و الأكثر أتباعا بحكم نشاطها في أوساط الأجانب على عدة جمعيات و مراكز بباريس و الضواحي كجمعية أدب Association Adabالتي تسهر على تنظيم أمسيات الموسيقى الصوفية و الذكر النقشبندي ومن خلال ما يسمى بمعهد أدب الذي يتم فيه تلقين دروس في اللغة العربيه والدين الإسلامي للراغبين في ذلك من المسلمين وغيرهم و عبر سلسلة من المكتبات الصغيرة لبيع كتب التصوف و الموسيقى الصوفية ، كالمكتبة المتواجدة بالقرب من ميترو بورت دو كليونكور التي تعتبر المقر المركزي بباريس حيث يتم الإعلان عن اللقاءات و الندوات التي تنظمها الطريقة والتي يديرها فرنسي من أصل مغربي ، كما يتولى بالإضافة إلى ذلك تنظيم لقاءات المريدين كل خميس بمقر الزاوية الموجود ببيت قديم ببلدية سان طوان بالمقاطعة الثالثة و التسعون لا سين سان دوني ، كما تتوفر الطريقة النقشبندية على عدة مراكز وجمعيات أخرى تابعة للطريقة بالضاحية الباريسية و باقي جهات فرنسا ، و على مواقع اليكترونية للتعريف بنشاطها
يبدأ لقاء الخميس بعد صلاة العشاء بتلاوة القرآن وعدد من الأذكار وقراءة بعض الأجزاء من بردة المديح قبل أن يختم النائب بكلمة عن الشيخ و طريقته و تلاوة الدعاء ، ثم تقديم الطعام للحاضرين وهو عبارة عن الكسكس المغربي ، و بالإضافة إلى المريدين فهناك حضور وازن للمريدات اللواتي يجلسن في غرفة مجاورة يفصل الحجاب بينهن و الرجال ، وهذا النمط يشبه إلى حد بعيد الشكل المعهود في الزوايا المغربية .
وغير بعيد عن ملعب فرنسا الكبير بالسين سان دوني تتخذ الطريقة القاسمية الشاذلية التي يوجد مقر مشيختها الأم بمدينة الرديف بتونس ، من أحد المنازل بالحي الصناعي مقراً لزاويتها حيث يجتمع المريدون كل يوم خميس و أحد بعد صلاة العصر وهم في الغالب تجار و عمال تونسيون يقطنون بالحي المذكور.
وتنتسب الزاوية إلى الشيخ أبو القاسم البلخيري الذي أخذ الطريقة و أصول التصوف عن سيدي إسماعيل الهادفي عن سيدي محمد المداني عن سيدي أحمد العلاوي المستغانمي الجزائري ويشمل الورد الذي يواظب عليه أتباع الطريقة قراءة شجرة الأكوان لسيدي محمد المداني و الصلاة الكاملة ومرآة الذاكرين لسيدي إسماعيل الهادفي بالإضافة إلى مواهب الاصطفاء للصلاة و الدعاء للشيخ بلقاسم البلخيري المقيم بالرديف بتونس ، وهي في مجموعها صلوات و أدعية صوفية تنهل من التراث الشاذلي المشيشي حيث يقول الشيخ إسماعيل الهادفي في مرآة الذاكرين (... وأشهدت من أحببت أحدية قدسك فأغرقني يا باطن في بطون بحار أحدية ذاتك و اسقني من حياض معالم عوالم بحر نورك الأعظم و كنز سرك المطلسم حتى لا يبقى للسوى على قلبي سبيل ....) مطبوعات الزاوية القاسمية بالرديف تونس.
و تتضمن جلسة الذكر التي يقيمها أتباع الطريقة تلاوة القرآن و الأذكار و الاستغفار و القيام بالحضرة الصوفية يصحبها السماع الصوفي كما هي العادة عند أغلب الطرق الشاذلية ، لذلك فإن ما يميز هذه الطريقة أنها تحافظ في ممارستها الصوفية على الطابع التقليدي للتصوف المغاربي بحكم انتماءها للمدرسة الشاذلية ، و انحصار امتدادها الشعبي بفرنسا في صفوف التونسيين المنحدرين من الجنوب التونسي .
في حين تعتمد الطريقة النقشبندية على الوسائل الحديثة في الاستقطاب و المزاوجة بين الذكر و الموسيقى الصوفية التي تغرى الكثير من الفرنسين و الغربيين في اعتناق التصوف و التفاعل معه ، وهذا ما دفع ببعض أدعياء التصوف إلى الاعتماد كليا على الموسيقى في ممارسته طقوسه الروحية و التعبدية ، وفي توطيد علاقته بالآخر خارج المنظومة الإسلامية ، وهو ما يمكننا تعريفه بالاتجاه التغريبي باعتبار أن أغلب مريديه من الغربيين المهووسين بالموسيقى والرقص الصوفي و لكون هذا الاتجاه لا يفرض أي نوع من الالتزام بالدين الإسلامي وشعائره .
3 الاتجاه التغريبي :
تعبر طائفة حضرة عناية خان الهندي بامتياز عن نموذج الاتجاه التغريبي ، الذي يتخذ مما يسمى بالموسيقى الصوفية محورا للممارسة الروحية كما يزعم مؤسسه و مريدوه ، ويطلق هذا التيار على نفسه اسم النظام الصوفي العالمي الذي يجمع بين التصوف و الممارسات الروحية في الديانات الوثنية الشرقية كالبوذية والهندوسية و الموسيقى باعتبارها التعبير الإنساني الأسمى لتلاقح الأرواح و الأفكار ولإدراك التوحيد حيث يقول عناية خان ( ليست هناك ديانة خاصة قادرة على تدفق الروحانية في الإنسان ، لأن الروحانية تخضع لما يمكن للروح أن تسمح به ) تعاليم المتصوفين تأليف حضرة عنايت خان الهندي‏ ترجمة إبراهيم استنبولي.‏ دار الفرقد دمشق سورية / الطبعة الأولى:2006.‏
كما يقول بأنه تلقى الإذن من شيخه أبوهاشم المدني الشستي قبل وفاته بنشر التصوف في الغرب ، ولذلك تتوفر الطائفة على فروع و امتدادات في عدد من بقاع العالم الغربي كالولايات المتحدة الأمريكية و انجلترا و النمسا وهولندا بالإضافة إلى الهند الموطن الأم ، وبالطبع بفرنسا حيث يوجد مقر الطائفة بضاحية سورين الراقية بالهو-دو-سين .
- يراجع موقع الطائفة على الشبكة العنكبوتية : http://www.ordre-soufi-international-france.org/
ويشرف عليها حاليا حفيد مؤسس الطائفة بير زيا حضرة عناية خان ، الذي عين شيخا (بير) بمدينة نيودلهي بالهند سنة 2000 ،وهو بالإضافة إلى ذلك يدير معهد )أكاديمية سلوك( الذي أسسه بالولايات المتحدة حيث يقيم بصفة دائمة ، وكذلك مؤسسة الأركان السبعة لبيت الحكمة بأمريكا الشمالية و أرويا التي تضم عددا من المهتمين والباحثين الغربيين في التصوف والظاهرة الروحية ، كما يصدر مجلة إليكسير المتخصصة في التصوف من نيويورك .
وتعود أصول هذه الطائفة إلى مؤسسها حضرة عناية خان الهندي المزداد بمدينة بارودا ( فادودارا ) في ولاية كوجارات بالهند سنة 1882 ، ولع بالموسيقى الهندية التقليدية منذ صغره و نبغ فيها حيث سينال إجازة نظام الحيدرأبادي الذي منحه لقب )تنسين الهند(على اسم تنسين أطا علي خان أحد كبار موسيقيي الهند في القرن السادس عشر ، ثم بعد ذلك سيسلك طريق الصوفية على يد أبو هاشم مدني شيخ الطريقة الشستية لمؤسسها معين الدين الشستي دفين أجمير بولاية راجستان ، كما سيأخذ عنه أصول الطريقة النقشبندية و القادرية و السهروردية نسبة لشهاب الدين السهروردي.
وتبعا لوصية شيخه أبوهاشم المدني سيغادر حضرة عناية خان الهند سنة 1910 متوجها إلى الولايات المتحدة ومنها إلى لندن حيث سيؤسس أول مدرسة له لبث تعاليمه سنة 1916 ، كما سينشأ منظمة النظام الصوفي العالمي التي هي عبارة عن مؤسسة علمانية تسهر على إدارة شؤون الطائفة القانونية والإدارية ، قبل التوجه إلى فرنسا حيث سيتزوج بفتاة أمريكية تدعى أورا راي بيكر ويستقر بمدينة سورين بضاحية باريس ، حيث سيضع سنة 1926 حجر الأساس لبناء المعبد الكوني الذي يجمع كل الديانات ، ثم ليعود إلى الهند حيت ستوافيه المنية سنة 1927 بمدينة نيودلهي ، ويعد ضريحه هناك أحد معالم الطائفة.
وتعقد الطائفة عدة لقاءات بشكل دوري لتعليم الموسيقى و الرقص الصوفي بمدينة سورين بالإضافة إلى أنها تنظم كل سنة جامعة صيفية حيث يشرف بير زيا حضرة عناية خان على تلقين الملتحقين الجدد وأغلبهم من المسيحيين الغربيين أركان الطريقة و أصول السلوك ، تتخللها عدة حصص من الرقص (الصوفي ) و الموسيقى الصوفية الهندية والتأمل و الرياضة ، كما تعتمد هذه الطائفة على التداوي بالأعشاب و الطب البديل.
غير أن الإشكال العميق الذي تثيره هذه الطائفة لا يتعلق فقط بسلوكها وممارستها المخالفة للضوابط الشرعية بالكلية ولكن في تاريخ التصوف الهندي عموما ، الذي امتزج منذ عهوده الأولى بالعناصر المعقدة لمجتمع شبه القارة الهندية المتعدد الأعراق و الديانات و المعتقدات و المشبع بالأساطير و الخرافات ، عدى عن الموسيقى التي تشكل عمق الممارسة التعبدية لدى عدد من الطوائف الوثنية ، وبالتالي ورغم محافظته على أصوله الإسلامية فقد تلون بكل تلك الخرافات كنتيجة طبيعة لاعتناق عدد من أتباع الديانات السابقة للإسلام من خلاله في خضم صراعات عسكرية كانت تخوضها الإمارات الإسلامية ضد الدول الوثنية بالهند لم تكن تسمح في غالب الأحيان للدعاة المسلمين بتبليغ الإسلام الصحيح للناس ، في حين حضي المجاذيب و المتصوفة والمدعيين و المتنبئين بتسامح الملوك الهندوس وهو الأمر الذي أدى فيما بعد إلى ظهور عدد من الفرق المنحرفة عقديا كالقديانية و البهائية و الأحمدية التي سعى الاستعمار من خلال توظيفها ودعمها إلى محاربة الإسلام و إفراغه من مضامينه خدمة لأهدافه من أجل السيطرة على أراضي المسلمين و إخضاعهم و ضمان تبعيتهم تحت مسمى الظاهرة الروحية العالمية
ونفس الأمر يصدق على طريقة شاه نعمة الله ذات الأصول الفارسية التي يشرف عليها جواد نوربخش المقيم بانجلترا حيث تتوفر كذلك على مركز لها بالضاحية بالباريسية بروني سو بوا بالسين سان دوني ، وهي طريقة فارسية شيعية تأسست في القرن الثامن الهجري وبقيت حبيسة إيران حيث ضريح شيخها المؤسس شاه نعمة الله ولي بمدينة ماهان ، و لم تكن معروفة بالمرة في العالم الإسلامي قبل أن يقوم عدد من الأمريكيين و الأوربيين الذين زاروا إيران باحياءها في السبعينيات قبل قيام ثورة الخميني الإيرانية ، حيث تم تأسيس أول خانقاه ( زاوية ) خارج إيران بسان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1976
ورغم أنها تنهل في أدبياتها المكتوبة من المعين الصوفي الذي يوفق بين الشريعة و الحقيقة بالإضافة إلى تراث ابن عربي الحاتمي ، إلا أن ممارستها أبعد ما يكون عن صحيح الدين و القاسم المشترك بينها وبين طريقة عناية خان ، خاصية الانغلاق الذي تتصف به الطوائف (les sectes) وإن كانت تشتغل في إطار قانون الجمعيات الدينية ، كما أنها وضعت مسافة بينها وبين الجاليات المسلمة العربية والإفريقية بفرنسا ، بحيث نادرا ما تنفتح عليهم أو تقوم باستقطابهم بينما تولي عنايتها بصفة أساسية للغربيين
4 الاتجاه العمالي
أطلقنا على هذا الاتجاه وصف التصوف العمالي نتيجة لارتباطه الوثيق بأماكن إقامة العمال الأفارقة المنحدر أغلبهم من دول جنوب الصحراء وخاصة من مالي و السنغال ، وهذا النوع من التصوف السائد بمساجد الإقامات العمالية بباريس و ضواحيها تتسيد عليه الطريقة التجانية بدون منازع .
يعود تاريخه إلى نهاية الحرب العالمية الثانية حيث بدأت العمالة الإفريقية تتدفق على فرنسا للاشتغال في القطاع الصناعي معامل السيارات (الرونو و البيجو) وغيرها من القطاعات الخدماتية المنتشرة بباريس و الضواحي خاصة بمقاطعة الإفلين ( مونط لا جولي بواسي طراب ) ، حيث وفرت الدولة الفرنسية للعمال الأفارقة العزاب في إطار سياسة السكن الاجتماعي عدداً من الإقامات حتى يسهل عليهم التأقلم مع أجواء العمل بعيداً عن الأسرة ، و رغم تقاعد أغلب قاطنيها لازالت مملوءة عن آخرها إلى يومنا هذاحيث أصبحت في السنوات الأخيرة ملجأ للعديد من المهاجرين ذوي الوضعيات المادية الصعبة ، كما تعرف عدم اهتمام الدولة بها من حيث الإصلاح و الترميم رغم أنها تسير من قبل شركة عمومية وهي أدوما (سوناكوطرا) سابقا
و منذ زمن بعيد اتخذت في أقبية هذه الإقامات عدة مساجد لإقامة الصلوات و الجمعة ، وهي في نفس الوقت تعد زوايا يقيم بها العمال المريدون التيجانيون حلقات الذكر الصوفي بكل طمأنينة وسكينة ، إلا أن وضعية المريدين الأفارقة بتلك المساجد لم تخلو من صراع مع بعض المغاربيين حول الإمامة وطقوس الذكر وصلاة الجمعة ، خاصة بالإقامات المتواجدة بالمناطق ذات الكثافة المغاربية بوسط باريس ، حيث أن تواجد عدد من المغاربيين خصوصا من الجزائريين ذوي التوجه السلفي أدى إلى نشوب مشاحنات عدة بين الفريقين على من يتولى الإمامة وخطبة الجمعة و حول بدعية طريقة الذكر الصوفية ، في حين تبقى الإقامات الواقعة في الضواحي خالصة للمريدين في غالب الأحيان ، كما يوجد إلى جانب الطريقة التجانية ، الطريقة المريدية للشيخ أحمدو بامبا السنغالي و الطريقة الخلوتية المرغينية .
لقد كان الهدف من رصد ملامح التصوف الطرقي بباريس و ضواحيها أن نفهم الاتجاهات الأساسية التي يتمظهر فيها التصوف على المستوى العام في علاقته بالدولة الفرنسية و بالوسط الاجتماعي الذي يصرف فيه خطابه و ممارسته ، و الوقوف على الظروف التاريخية التي ساهمت في بروزه و تواجده على الساحة الفرنسية ، بالإضافة إلى التنبيه لبعض جوانب الانحراف السلوكي لمن يطلقون على أنفسهم متصوفة كطريقة (عناية خان الهندي ) المناقض للدين الإسلامي و لرسالة التزكية الإحسانية الأخلاقية التي تأسس عليها التصوف ، كنتيجة طبيعة لعدم استقلالية الطرق الصوفية و لخضوعها للسلطة من جهة و لأهواء بعض شيوخها المتمصوفين الذين حادوا بالتصوف عن خطه السني النبوي
...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.