قال متظاهرون غاضبون من الجيش لعزله الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي إن 51 شخصا على الأقل قتلوا يوم الاثنين عندما فتح الجنود النار على مؤيدين للرئيس المعزول أثناء آدائهم صلاة الفجر خارج دار الحرس الجمهوري بالقاهرة الذي يعتقد أن مرسي محتجز به. لكن الجيش قال ان "جماعة ارهابية" حاولت اقتحام دار الحرس الجمهوري مما أدى الى مقتل ضابط وإصابة 40 آخرين وقال مصدر عسكري ان الجنود ردوا على إطلاق النار عندما تعرضوا للهجوم من جانب مسلحين. وقالت خدمات الطواريء ان أكثر من 430 شخصا أصيبوا في أشد الأحداث دموية منذ عزل مرسي. ودعت جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي المصريين إلى القيام بانتفاضة ضد الجيش الذي تتهمه بتدبير انقلاب عسكري للاطاحة برئيس منتخب مما يهدد بتصعيد الأزمة السياسية في مصر. وفي مستشفى قريب من مسجد رابعة العدوية حيث يعتصم مؤيدو مرسي منذ الاطاحة به يوم الأربعاء غصت القاعات بالجرحى الذين أصيبوا في أعمال العنف. وكانت الأغطية ملطخة بالدماء وهرع المسعفون لعلاج المصابين. وقال عبد العزيز عبد الشكور وهو شاب ملتح (30 عاما) أصيب في ساقه اليمنى "أطلقوا علينا الغازات المسيلة للدموع والخرطوش والرصاصات المطاطية وكل شيء. وبعد ذلك استخدموا الرصاص الحي." ونتيجة فورية لسقوط القتلى قال حزب النور السلفي بمصر الذي أيد في باديء الأمر تدخل الجيش إنه انسحب من المحادثات الخاصة بتشكيل حكومة مؤقتة تعد لاجراء انتخابات جديدة. وقال أحمد المسلماني المستشار الاعلامي للرئيس المصري المؤقت ان العمل على تشكيل الحكومة سيتواصل رغم أن انسحاب حزب النور قد يقوض بشكل خطير الجهود المبذولة للمصالحة بين القوى السياسية. وأضاف "ما حدث لن يوقف الخطوات لتشكيل حكومة". وقالت القوات المسلحة المصرية إن عزل مرسي ليس انقلابا وإنه استجابة لرغبة الشعب بعد أن نزل ملايين المصريين إلى الشوارع مطالبين بتنحية الرئيس الاسلامي. واستمرت الاحتجاجات المناهضة والمؤيدة لمرسي في القاهرةوالاسكندرية ومدن أخرى مما أدى إلى وقوع اشتباكات يومي الجمعة والسبت خلفت 35 قتيلا. ووضع هذا المشهد مصر أكبر الدول العربية سكانا في موقف خطير في مواجهة احتمالات تعمق الانقسام والاستقطاب مع تفاقم الازمة الاقتصادية في البلاد. ورأى شاهد من رويترز في الموقع رجال الاسعافات الأولية يحاولون انقاذ حياة رجل يحتضر. وعرضت قناة تلفزيون الجزيرة مباشر مصر لقطات من داخل مستشفى ميداني قرب موقع الحادث حيث كان أنصار مرسي يحاولون علاج رجال مخضبين بالدماء. ووضعت جثث سبعة أشخاص في صف وغطيت بأغطية وبالعلم المصري في حين وضع رجل صورة مرسي على إحدى الجثث. وأظهرت اللقطات التي أذاعها التلفزيون المصري أنصار مرسي وهم يرشقون بالحجارة جنودا من قوات مكافحة الشغب على أحد الطرق الرئيسية المؤدية الى مطار القاهرة. وتسلل شبان بعضهم يحمل العصي خلف مبنى لالقاء الزجاجات الحارقة قبل أن يعودوا أدراجهم. وأظهر التلفزيون الرسمي جنودا يحملون زميلا لهم مصابا بجروح ويسيرون على طريق تغطيه قطع الطوب والحجارة المتناثرة وركزت لقطات على بضعة محتجين يطلقون النار من أسلحة محلية الصنع أثناء الاشتباكات. وساد الهدوء معظم أنحاء المدينة رغم ان العربات المدرعة أغلقت جسورا على النيل أمام حركة المرور في أعقاب أعمال العنف. وعزل الجيش مرسي يوم الأربعاء بعد مظاهرات حاشدة في أنحاء البلاد قادها نشطاء شبان يطالبون باستقالته. ونددت جماعة الأخوان المسلمين بتدخل الجيش واعتبرته انقلابا وتعهدت بالمقاومة السلمية. وكانت المحادثات لتشكيل حكومة جديدة تواجه مأزقا بالفعل قبل اطلاق النار يوم الاثنين بعدما رفض حزب النور السلفي مرشحين لهما توجه ليبرالي لمنصب رئيس الوزراء اقترحهما الرئيس المؤقت للبلاد عدلي منصور. وحزب النور ثاني اكبر حزب اسلامي في مصر وله اهمية حيوية لاعطاء السلطات الجديدة مسحة من الدعم الاسلامي. وقال الحزب انه انسحب من المفاوضات احتجاجات على ما وصفه بالمذبحة عند دار الحرس الجمهوري. واضاف انه قرر الانسحاب من المشاركة السياسية مما يسمى خارطة الطريق التي اعلن عنها الجيش. ويصعب على الجيش تحمل فراغ سياسي لفترة طويلة في وقت اضطراب عنيف وركود اقتصادي. وأزعجت مشاهد معارك الشوارع بين مؤيدي ومعارضي مرسي في القاهرةوالاسكندرية ومدن اخرى في انحاء البلاد حلفاء مصر ومنهم مانحو المساعدات المهمون الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي. كما ازعجت ايضا اسرائيل التي وقعت مصر اتفاقية سلام معها برعاية امريكية عام 1979. وصدم العنف المصريين ايضا بعدما تزايدت متاعبهم من الاضطراب الذي بدأ قبل عامين ونصف العام مع الاطاحة بالحاكم المستبد حسني مبارك في انتفاضة شعبية. وفي واحد من اكثر المشاهد اثارة للصدمة خلال احداث الاسبوع الماضي جرى تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لما يبدو انه مؤيدون لمرسي يلقون شابين من اعلى برج خرساني في مدينة الاسكندرية الساحلية. ونشرت لقطات ثابتة من الفيديو في الصفحة الاولى لجريدة الاخبار الحكومية يوم الاحد وفي صحف مستقلة. ولم يتسن التأكد من مصداقية الصور من مصدر مستقل. وذكرت وسائل اعلام مصرية يوم الاثنين ان الشرطة القت القبض على المشتبه به الرئيسي الذي ظهر في اللقطات مختبئا في مدينة بلطيم الساحلية وقالت انه ينتمي للسلفية الجهادية. وتجمعت حشود هائلة بمئات الالاف يوم الاحد في اجزاء مختلفة في القاهرة وكانت التجمعات سلمية لكنها اشارت الى المخاطر المحتملة التي قد تؤدي لمزيد من عدم الاستقرار. وبالنسبة لكثير من الاسلاميين تمثل الاطاحة بأول رئيس مصر منتخب تحولا مريرا في اتجاه الاحداث اثار المخاوف من عودة الى القمع الذي تعرضوا له على مدى عقود في ظل حكام مستبدين مثل مبارك. لكن المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية قال يوم الاثنين انه لن تكون هناك ملاحقة لاحد خارج اطار القانون خلال الفترة القادمة. وعلى الجانب الاخر من الانقسام السياسي يعبر ملايين المصريين عن سعادتهم برحيل زعيم يعتقدون انه كان ينسق لاستيلاء اسلامي تدريجي على الدولة وهي تهمة ينفيها الاخوان المسلمون بشدة. ولم تدن واشنطن اجراءات الجيش او تصفها بأنها انقلاب مما اثار شكوكا لدى الاخوان المسلمين بأنها تدعم ضمنيا الاطاحة بمرسي. وامر اوباما باجراء دراسة لتحديد ان كانت المساعدة الامريكية لمصر والبالغة 1.5 مليار دولار سنويا يذهب اغلبها للجيش يجب ان تقطع حسب القانون اذا اطاح الجيش في دولة بزعيم منتخب ديمقراطيا. ويصعب على مصر فقدان المساعدات الخارجية. ويبدو ان البلاد تتجه الى ازمة تمويل وشيكة ما لم تحصل على اموال من الخارج سريعا. وفقد الجنيه المصري 11 في المئة من قيمته منذ اواخر العام الماضي.