هل سينفرط عقد التحالف الحاكم في المغرب بأغلبية حكومية جديدة أم بانتخابات مبكرة؟ (الأوروبية-أرشيف) قال مسؤول برلماني كبير في حزب العدالة والتنمية الحاكم في المغرب السبت 11 ماي الجاري إن قرار حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة يجعل "كل الاحتمالات واردة" حسب الدستور، بما فيها "تشكيل أغلبية جديدة أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة"، مشيرا إلى أن حزبه سيجتمع لدراسة الموضوع واتخاذ الموقف المناسب. وأعلن رئيس الكتلة النيابية للحزب عبد الله بوانو في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية أن "الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ستجتمع لدراسة الموضوع، وقد تتم دعوة المجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب) للانعقاد من أجل اتخاذ الموقف المناسب"، مشيرا إلى أن قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال شأن داخلي يهمه، وهو قرار سيادي خاص به. وجاءت تصريحات بوانو ردا على قرار الانسحاب من الحكومة الذي اتخذه المجلس الوطني لحزب الاستقلال المحافظ -الذي يعتبر الحليف الرئيسي لحزب العدالة والتنمية في الحكومة- أثناء انعقاد دورته العادية الثالثة مساء أمس السبت بالرباط، وهو ما يفتح الباب أمام تغيير وزاري أو ربما تنظيم انتخابات مبكرة. "مؤامرة وانقلاب" ومن جهته، قال النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية عبد العزيز أفتاتي إن هذا القرار "مؤامرة وعملية انقلابية واستفزاز وابتزاز" للتحالف الحكومي. وأضاف أن حزب الاستقلال بذلك يعمل على إيجاد "حالة من عدم الاستقرار" في المغرب، معتبرا اتخاذ مثل هذا القرار "انقلابا على المشروعية وعلى الانتقال الديمقراطي" في البلاد. ودعا أفتاتي حزب الاستقلال إلى أن "يكون منسجما مع نفسه وأن يقدم وزراؤه استقالة جماعية من الحكومة"، وقال إن على القيادي فيه رئيس البرلمان كريم غلاب "ألا يذهب يوم الاثنين إلى البرلمان" لأن رئاسة البرلمان جزء من الاتفاق الذي تكونت بموجبه الحكومة. ووصف القيادي في العدالة والتنمية قرار حزب الاستقلال بأنه "غير مبرر وغير مفهوم، ومحاولة لإغلاق قوس الربيع المغربي". وقال إن "هؤلاء يريدون أن نعود إلى عهد الاستبداد والتحكم والفساد". وردا على سؤال بشأن السيناريوهات المتوقعة في المستقبل، قال أفتاتي "رأيي أن علينا أن نذهب مباشرة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها". وأضاف "هذه الانتخابات نحن أول من نادى بها". انسحاب "الاستقلال" واتخذ حزب الاستقلال -الذي يتولى ست حقائب وزارية في الحكومة التي تشكلت منذ عام ونصف العام- هذا القرار بسبب ما سماه "عجز" رئيس الوزراء عبد الإله بنكيران عن النظر إلى "خطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي"، وفق بيان أصدره المجلس. واتهم الحزبُ رئيسَ الوزراء ب"احتكار القرارات داخل الحكومة". ومنذ انتخابه رئيسا لحزب الاستقلال في سبتمبر/أيلول الماضي، كرر حميد شباط إطلالاته الإعلامية مهاجما حكومة بنكيران ومتهما إياها بسوء الإدارة. وجدد شباط -في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني لحزبه- انتقاده لأداء الحكومة قائلا إن الأزمة الاقتصادية تعد نتيجة لانعدام التجانس والحوار الحقيقي داخل مكونات الأغلبية الحكومية، مضيفا أنه طالما نبه الحزبُ حلفاءَه إلى اقتراب حدوث أزمة، لكن تم وصفه بأنه يريد التشويش وعدم إنجاح التجربة. وبدورها، قالت النائبة البرلمانية والقيادية في حزب الاستقلال كنزة الغالي إن الحكومة تعاملت بما وصفتها بآذان صماء مع مطالب وجهها حزب الاستقلال إلى رئاسة الحكومة يطلب فيها تعديلا وزاريا، ويقترح تدابير يقول إن من شأنها أن تخرج المغرب من الأزمة الاقتصادية التي يعانيها. وأضافت -في تصريحات أدلت بها لمراسل الجزيرة نت بالرباط عبد الجليل البخاري- أن القرار الذي اتخذه المجلس الوطني لحزبها "قرار صائب واتخذ بالإجماع ولا رجعة فيه"، خصوصا أن الشعب المغربي "غاضب من الأداء الحكومي"، كما أن "المغرب يعيش أزمة"، حسب تعبيرها. وقالت إن حزب الاستقلال لا يمكن أن يستمر فيما وصفتها بهذه المهزلة وفي هذه المؤامرة ضد الشعب المغربي، مشيرة إلى أن قيادة الحزب ستدرس التدابير والخطوات الفعلية لتنفيذ هذا الانسحاب. وأضافت أن الأمور تتجه نحو انتخابات تشريعية مبكرة. ويملك حزب الاستقلال 60 مقعدا من أصل 395 هي إجمالي مقاعد البرلمان المغربي، ويشكل القوة السياسية الثانية في المملكة بعد العدالة والتنمية الذي يحوز 107 مقاعد. وإضافة إلى وزرائه الستة، يتولى القيادي فيه كريم غلاب رئاسة البرلمان المغربي. وحقق الإسلاميون في المغرب فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية مع نهاية 2011 في غمرة الربيع العربي. لكن عدم فوزهم بالغالبية ألجأهم إلى التحالف مع حزب الاستقلال وحزبين آخرين هما حزب التقدم والاشتراكية وحزب الحركة الشعبية.