بقيت ممددة فوق السرير, شاردة, بعد أن تركها زوجها قاصدا عمله.لا يجب أن يتأخر عن موعد عمله. انه دقيق جدا, و جدي إلى أبعد الحدود, وحازم لدرجة الاستفزاز. شيء من الكسل يشدها إلى السرير.بل انه شيء أشبه ما يكون بالإحباط و الغضب. صورة زوجها الكبيرة على الحائط أمامها تزيد من توترها في هذا الصبا ح الربيعي.يبدو الزوج هادئا راضيا عن نفسه.هدوؤه مستفز. تتقلب على الفراش بعصبية شديدة.تهدا.ثم تأخد وضعيات مغرية مختلفة و عيناها لا تفارق الصورة.تجمع شعرها الغجري بكلتا يديها فوق رأسها ثم تطلقه كشلال جارف. تمر بيديها الناعمتين على جسدها, تكشف عن بعض أجزائه بحركات بطيئة و مثيرة,تجتمع حول نفسها مداعبة ساقيها.عيناها لا تفارق الصورة و الصورة لا تحرك ساكنا.في لحظة قصيرة خيل إليها أن نظرات زوجها تتبع حركاتها ثم لا تلبث أن تدرك أنها نظرات فارغة,جامدة,باردة.صورة طبق الأصل.انه لا يراها, لا ينظر إليها.بالنهار غائب,واجبه يناديه.اجتماعات,ندوات وسفر..وفي المساء,يؤدي واجبه أيضا في ثوان معدودة بعد أن يكون قد أطفأ جميع الأنوار,حب أعمى. تتذكر نرجس دائما قول أمها"الطريق إلى قلب الرجل معدته" فكانت تعد له أصنافا متنوعة من الطعام, ومع الطبق الرئيسي تقدم له أنواعا مختلفة من السلاطة لتمتع ناظريه وتفتح شهيته.العين تعشق قبل البطن.لكنه يذهب رأسا إلى الطبق الرئيسي.يلتهم بسرعة مذهلة تغلق شهيتها و تشعرها بنوع من الغثيان.انه لا يتذوق الأشياء.المهم أن يطرد الجوع. ذات مرة أعدت طبقا من السمك الرفيع بطريقة فرنسية فسألته عن رأيه بعد أن انتهى من الأكل فأجاب بدون أدنى تردد"انه دجاج لذيذ". تشعر نرجس بثورة عارمة, ثورة الجسد المهمل.تنهض من على السرير و تستقر أمام المرآة الكبيرة ,تتأمل جسدها المتناسق الأجزاء تدور حول نفسها ببطء ثم بسرعة فائقة'تحرك ساعديها في الهواء كالثعابين وفق موسيقى تنبعث من داخلها راسمة دوائر متداخلة تطلق العنان بعد ذلك لردفيها في حركات جنونية كفرس برية في موسم اللقاح,تنحني ثم تستقيم, تتابع الدوران حول نفسها, تتصبب عرقا ثم تلقي بجسدها فوق السرير...