الدقائق تمر طويلة وثقيلة، والانفاس كانت تشرئب بين الحين والاخر بانتظار اليد الملوحة بالامل، الصخب الاتي من اعماق النفس يُبقي الوقت متيقظا لوعد ليس متخيلا ألا يأتي، وعود النفس دوما صادقة، كالشمس حين تتألق بثوب اليوم الجديد، على خجل تبدأ همسات اصواتنا حتى ياخذنا صخب الحياة ويلعب بنا شمالا وجنوبا فينقلنا فوق السحاب مرة ومرات كثيرة نكون حيارى بانتظار حاجات ضلت طريقها الينا وكأننا فقدنا بوصلة التواصل مع انفسنا حتى صار حالنا اقرب الى الطلاسم، كثير من المرات ننسى ان نسال انفسنا الى اين، وما الذي نريده. نحلم دوما ان نلتقي وحافلة الحياة ولو لمرة واحدة اذ الخطوات دوما في لهاث حتى تضيع وجهتنا ويضيع منا الزمان. حين يسكن الحزن انفسنا لا نستطيع ان نرى جيدا لان الاهداب تكون قد اثقلت بالدموع، كم يبقى من الوعي لنقول ونحاجج ان خطواتنا ما زالت تطرح صوتا وان ضعيفا على هذه الارض التي تترنح بالدم اكثر منها بالمطر. كل الايام صارت صاخبة مثل يوم الجمعه الذي اصبح وعيدا لرصد الاصابات وعدد القتلة ومحطات الوداع، وقد كان فيما مضى عيدا وموعدا للافراح. رعشة الانتظار تستنفذنا وقد تبدلت الى قشعريرة في هذا البرد الذي طال واستشرى، متى نستطيع ان نلبي صرخة طفل لاجئ بالعودة الى بيته وسريره المصنوع من الواح الخشب المهترئة، لكنه بيته، متى تشارك الابنه امها شقاء البكاء وقد سمعتها صدفة تبكي والدها الذي قتل ولن يعود، وقد كانت تتمنى لو انها تشاركها احلامها ونجاحاتها، متى يعود الانسان الى احلامه العادية ويحيا بأمان وليس بقانون طوارئ. متى تنتهي طوابير الانتظار والاعاشة، ولا نعود كأعجاز النخل الخاوية مسلوخين عن اجسادنا في عالم ظلامه دامس. مشكلتنا اننا اصبحنا الاكثر براعة في توقع المصائب، اذ لا نتوقع ترف الفرح لانه ما عاد من حقنا ما دمنا قد فشلنا في استكمال حلم الربيع الذي اصبح خريفا علينا حتى صرنا نتحسر على الايام البالية. الفوضى لم تعد خلاقة في هذا الزحف اليومي الفار من آلة الحرب، وحمّى خيبات الامل تصيبنا جميعا حتى لا تستثني احد. نحتاج الى معجزات ونيات طيبة للخروج من هذا المستنقع الذي يزداد تغولا. رحماك يا الله: كيف الخروج من هذه المتاهة، تلك الصرخة كانت على لسان بطل رواية الجنرال في متاهته، وما زالت الصرخة نابضة واشد قوة.