جانب من الاعتصام في دوار الداخلية وسط عمان (الجزير نت) احتج المئات من الأردنيين الليلة الماضية في دوار الداخلية وسط العاصمة عمان ضد قرار رفع أسعار المحروقات التي اتخذته الحكومة بشكل مفاجئ اعتبارا من أمس. وأدى القرار -الذي يقول محللون إن الحكومة اتخذته تنفيذا لاشتراطات صندوق النقد الدولي- إلى موجة من الغضب الشعبي، حيث نُظم العديد من الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية في عمان ومدن أردنية طالبت جميعها برحيل حكومة فايز الطراونة. وساد التوتر منطقة دوار الداخلية التي طوقتها قوات كبيرة من الدرك والأجهزة الأمنية المختلفة، وسط مخاوف من تحول الاعتصام الذي دعت له جماعة الإخوان المسلمين إلى اعتصام مفتوح، رغم تأكيدات قيادات الجماعة أن الاعتصام لن يكون مفتوحا. وسمعت في الاعتصام هتافات طالت الملك الأردني عبد الله الثاني منها "يللي بترفع بالأسعار.. القذافي وين صار"، و"عالمكشوف عالمكشوف.. البياع عبد الله.. والسمسار عبد الله.. والمشتري عبد الله"، كما طالت الهتافات جهاز المخابرات الذي اتهم بأنه "يدير الدولة وليس الحكومة". تصعيد ولفت أنظار الحاضرين للاعتصام ورود مفردة "رحيل النظام" خلاله في لغة تصعيد بالشارع، وحذر زكي بني أرشيد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين من خطورة ما وصفها ب"المقامرة" التي يسير بها النظام الأردني. وقال -في كلمة خلال الاعتصام- "جئنا هنا لنقول للحكومة كفى، وأن المراهنة على صبر المواطن مراهنة فاشلة، بل هي مغامرة ومقامرة ستطيح برؤوس أصحابها، خاصة أنها مقامرة بقوت الشعب ذهبت بأنظمة دول عميقة". وتابع "الحكومة التي تستعين على شعبها بالسفير الأميركي يجب أن ترحل..، أميركا لم تنفع شاه إيران ولا حسني مبارك ولا زين العابدين". وفي كلمة لا تقل سخونة، اعتبر الأسير الأردني السابق في السجون الإسرائيلية والناشط المعارض سلطان العجلوني أنه "لا جدوى من الاستمرار في شعار إسقاط الحكومة". وطالب المتظاهرين "بتسمية الأمور بمسمياتها"، وقال إن "صناع القرار في الأردن ثلاثة الملك والمخابرات والسفير الأميركي، ولا أعرف الترتيب الصحيح بينهم". ووسط تصفيق المتظاهرين، قال "الملك موظف عند الشعب، له كل الطاعة والحب إذا خدم الشعب، فهو خادم للشعب وليس مالكا له". وانضمت للاعتصام حراكات شعبية عديدة، كان من أبرزها حراك حي الطفايلة الذي وجه نشطاؤه نقدا لاذعا للملك وعقيلته الملكة رانيا وجهاز المخابرات العامة. ومقابل الاعتصام المعارض، تجمع العشرات ممن يوصفون ب"الموالين"، ورددوا هتافات تشيد بالملك وبالحكومة وبرجال الأمن والمخابرات، وهتفوا بقوة ضد جماعة الإخوان المسلمين وطالبوا بإسقاطها، كما رددوا شتائم ضد قيادات الجماعة وجبهة العمل الإسلامي، لكن الجهات الأمنية منعتهم من الاقتراب من الاعتصام المعارض. وبرز مشهد بدا كوميديا بين طرفيْ الاعتصام، فكلاهما اتهم الآخر بتلقي الدعم من الولاياتالمتحدة ومن نظام الرئيس السوري بشار الأسد. الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية محمد أبو رمان تحدث عن أن الحكومة وقعت اتفاقية مع صندوق النقد الدولي تلزمها بإنهاء كل سياسات الدعم خلال عامين لإنهاء عجز الموازنة، وهو ما يعني أننا أمام قرارات أكثر صعوبة قادمة رغم التحذير الأمني من عواقب هذه القرارات على الشارع. وعن رفع الإخوان لسقفهم السياسي في مسيرة الجمعة واعتصام السبت، قال أبو رمان "بعد أن أصرت الحكومة على إجراء الانتخابات البرلمانية بمن حضر -رغم مقاطعة قوى رئيسية وأهمها الإخوان- فإن العلاقة بين الطرفين تتجه نحو كسر عظم سياسي، وربما يصل الأمر إلى صدام نتيجة التحشيد المتبادل". حسابات وأضاف أبو رمان أن "الدولة تحشد بشكل كبير للتسجيل للانتخابات والإصرار على إجرائها هذا العام، والإخوان يعتبرون إفشال عملية التسجيل إظهارا لقوتهم في الشارع، فإذا ما نجحت الدولة في الحشد للتسجيل فستكون هناك خسارة للمعارضة، لكن السيناريو الأخطر هو أن تفشل الدولة وينجح الإخوان في فرملة الانتخابات، لأن الدولة ستكون أمام سؤال اليوم التالي لأنها ستظهر أمام الشارع ضعيفة بشكل مرعب أمام قوة الإخوان". ويتحدث سياسيون مؤيدون للحكومة عن أن قرار رفع الأسعار قد يطيح بحكومة فايز الطراونة ومجلس النواب الحالي معا، لإعادة الحياة للعملية الانتخابية التي يرون أن عملية التسجيل لها ستتعرض لانتكاسة نتيجة هذا القرار. المصدر : الجزيرة نت