رغم ما أثير من جدل حول سلسلة "ديما جيران" قبل شهر رمضان، حيث خرج محمد مجد عن صمته، وهاجم منتج العمل، نبيل عيوش، بسبب تخليه عنه، ورغم الاستغناء عن بعض الوجوه العروفة بآدائها الجميل، مثل محمد خيي،وكذا مهاجمة بعض النقاد للوجوه المصرية المشاركة في العمل، فإن نبيل عيوش نجح في الذهاب بسلسلته إلى الأمام، عن طريق لعب ورقة التغيير، وتطعيم السلسلة بوجوه جديدة، دون أن يسقط في الابتذال، وهو شيئ يبدو واضحا من خلال والمجهود الملحوظ لورشة الكتابة. وكذا جودة العمل على مستوى التصوير. أولى التغييرات خصت دور محمد البسطاوي، وحش المسرح المغربي، حيث تم تغيير دوره كميكانيكي، وخفف المخرج من مساحة دوره مقارنة بالجزئين السابقين، لكنه منح دورا هاما من حيث النوعية، حيث حاول المخرج استغلال شعبية البسطاوي لتمرير خطاب سياسي انتخابي، وهو ما نجح فيه البسطاوي بكل سهولة، وعلى عكس تقليص دور البسطاوي، فإن الممثلة منى فتو تم الدفع بها الى الأمام في هذا الجزء من العمل، بعد أن كان دورها في السلسلتين السابقتين، مجرد دور ثانوي، لا يناسب قيمتها السينمائية أو التلفزية، فعهد لها بدور السيدة الأنيقة الجميلة، التي تخرج من دفئ بيتها وأنوثتها لكي تقوم بدور سيدة أعمال تسهر على تسيير محل تجاري للحفلات،. لكن التألق في هذه السلسلة كان من نصيب كل من دنيا بوطازوت وبديعة الصنهاجي، ويمكن القول إن هذه السلسلة منحتهما فرصة لا تكرر لإثباث ولادتهما كنجمتين في عالم الكوميديا، بمميزات خاصة لكل واحدة منهما، وقد اعتمد العمل في مجمله على هذا الثنائي الجميل، الذي تابعه الجمهور بالكثير من الدهشة، خاصة أن موهبتهما واضحة لا غبار عليها، ولا تحتاج إلى أي نوع من التصنع، حضور الممثل المصري حسين الإمام والممثلة ياسيمن رحمي في هذا العمل، لم يتجاوز ما تعوده منهما المشاهد المغربي، الذي ألف اللهجة والوجوه المصرية، وساهم دورهما في إضافة نوع من التغيير في هذا الجزء الثالث، خاصة أن المخرج عرف كيف يستفيد من تواجدها بذكاء دون أن يسقط في فخ اللهجة المصرية التي لا يتوفق الممثلون المغاربة بالضرورة في التلفظ بها، وهو ما جنب الطاقم حرجا لغويا، بالمقابل فإن اللهجة المغربية كانت جميلة وقوية جنبا إلى جنب مع اللهجة المصرية دون أن تتفوق إحداهما على الأخرى. بالمقابل فإن الممثل الكوميدي عبد القادر السيكتور لم يضف الكثير من التميز للسلسلة، خاصة أمام موهبة الممثلة بديعة الصنهاجي، التي أبانت عن علو كعب يشهد به الجميع، وليس ذلك بانتقاص من قيمة هذا الكوميدي الجزائري، لكن من المعروف أن بعض عمالقة الكوميديا والوان مان شو لا يستطيعون إعطاء أفضل ما لديهم أثناء التصوير التلفزيوني المعتمد على نص موضوع من طرف ورش كتابة مهمتها السهر على ترابط العمل بأكمله، وربما احس المشاهد بهذا الأمر في العمل الآخر الذي شارك به رفقة الفذ في سلسلة "الديوانة" حيث ينطبق على الإثنين نفس الملاحظة.... وعلى العموم، فإن تغيير المخرج ادريس الروخ بهشام العسري لم يكن بالقرار السيئ، حيث أبان هشام العسري عن موهبة مشهود لها في أعماله الأخرى، ولم يكن هذا التغيير ليؤثر على العمل، وهو ما بدا واضحا على مدار شهر رمضان الذي نودعه. وتبقى السلسلة بمثابة تجربة لا بأس بها، منحت لعدد من الممثلين فرصة تأكيد موهبتهم، في حين قدمت لآخرين فرصة ذهبية لإعادة اكتشافهم وتقديمهم من جديد إلى الجمهور المغربي.