الشارع التونسي في حالة من التجاذب بين التيار العلماني والإسلامي (الجزيرة نت) أثار معرض "ربيع الفنون" في تونس حالة من الاحتقان، بسبب لوحات فنية اعتبرت أنها انتقصت "من الإسلام ومن معتقدات الشعب ومقدساته"، وفيما أدان عدد من الأطراف الحكومية والحزبية وغيرها ما جاء في المعرض، يرى آخرون أن "الفن لا حدود له وأنه يجب التصدي للقوى الرجعية". وتأتي هذه الردود المتباينة بشأن المعرض الفني في وقت تعرف البلاد حالة من التجاذب والصراع بين القوى الإسلامية والعلمانية، لتعود بذلك الأوضاع في تونس للتوتر بعد حالة من الهدوء النسبي. وشهد عدد من الأحياء والمدن التونسية اليوم الثلاثاء اشتباكات بين الشرطة وعدد ممن يحسبون على التيار السلفي بسبب معرض "ربيع الفنون"، فضلا عن تسجيل حالات حرق لعدد من المنشآت والمقار الخاصة والعمومية. اقتحام وتحطيم وكانت مجموعة تحسب على التيار السلفي قد اقتحمت ليلة الأحد والاثنين الماضيين معرض "ربيع الفنون" الذي نظم بقصر "العبدلية" بضاحية المرسى الشمالية، وحطمت عددا من اللوحات. وأثار المعرض ردود فعل متباينة، حيث عبرت حركة النهضة في بيان لها عن استنكارها "للاعتداءات الشنيعة والمتكررة" على عقائد الشعب التونسي ومقدساته، مشيرة إلى أن بعض الفئات "تثير النعرات القبلية أو الجهوية أو انتهاك عقائد التونسيين وتتطاول على مقدساتهم"، كلما اتجهت البلاد نحو الاستقرار. ودعت الحركة إلى "تجنب كل ما يدفع إلى الفتنة والتشتت"، وإلى "الرفض الصارم والصريح لأي انتهاك للمقدسات". من جهته، قال الناطق الرسمي باسم حزب التحرير الذي يدعو للخلافة الإسلامية رضا بلحاج، للجزيرة نت إن "هذا المعرض الذي يزعم أنه فني شكل صدمة بمضمونه"، مضيفا أن المعرض كان "استدراجا لخلق حالة من الفوضى". طرح مقرف وأضاف بلحاج إن "مستوى الطرح الفني كان مقرفا ودليلا على إفلاس الطرح العلماني"، مبينا أن رد الفعل كان شعبيا وأن هناك شعورا لدى التيارات الإسلامية بوجود عمليات استفزاز مقصودة. وقال بلحاج إن رد الفعل يجب أن يكون قويا ومحسوبا لتسجيل مواقف سياسية حاسمة للقضاء على التيار العلماني الذي قال إنه يعيش غربة في الزمان والمكان. يذكر أن وزارة الثقافة التونسية قد أكدت أن هذه التظاهرة "لا تعد من أنشطتها أو فعالياتها كما أنها لم تكن شريكا في إعدادها أو تنظيمها"، مضيفة في بيان لها أنها "إذ تؤكد حرصها على حرية الإبداع فإنها تندد بكافة أشكال الاعتداء على المقدسات التي وردت في بعض الأعمال المعروضة". في المقابل استنكر اتحاد الفنانين التشكيليين "العنف الممنهج" الذي أصاب معرض ربيع الفنون، والذي "استهدف حرية الإبداع"، لافتا إلى أن قطاع الفنون أصبح مهددا ب"التكفير". استهداف الفن وفي نفس السياق، قال كاتب عام نقابة الفنون التشكيلية عمر الغدامسي، للجزيرة نت إن "ما حدث في قصر العبدلية يأتي ضمن محاولات متكررة لفرض نمط اجتماعي وثقافي قائم على التكفير والتجريم"، مشيرا إلى أن "الفن ليست له أية علاقة بالمقدس ولا بالدين"، مستغربا "عدم اعتراف الوزارة بالمعرض، وتخليها عن الفنانين وعدم الدفاع عنهم". وبّين الغدامسي أنه يمكن الالتجاء للقضاء للفصل في المسألة، مؤكدا أن "توريط المجتمع التونسي في ثنائية الحلال والحرام مخطر للغاية"، مستنكرا الاعتداء على اللوحات وعلى فضاء العرض من قبل السلفيين الذين قال إنهم يحضون بدعم الحكومة. ويرى مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية بجنيف رياض الصيداوي، أن ما يحدث في تونس يذكرنا بما حدث في الجزائر في سنة 1990 و1991، مشيرا إلى أن "القانون يجب أن يحسم في مثل هذه المسائل". وبين الصيداوي أن العنف في الشارع، وفرض سلوك معين على الآخر يدخل في إطار ما سماه الإرهاب الاجتماعي، معتقدا أن الأحداث الأخيرة "غير مبشرة ولا تبعث على التفاؤل، وهي نذير شؤم ونوع من الاتجاه نحو حرب أهلية ونحو عنف يومي إذا تراكم بشكل كبير يمكن أن يجعل التجربة الديمقراطية في تونس محل تساؤل". ** المصدر : الجزيرة نت