في إحدى صالات العرض بمعرض القاهرة الدولي للكتاب رقم 43، عبر أحد الزائرين -وهو يجول بنظره بين الكتب ودور النشر والحاضرين- بقوله "حقيقة المعرض هذا العام مختلف، هذه المرة يليق بمصر ما بعد الثورة"، وتبدو هذه الكلمة ملائمة لأجواء أول معرض دولي للكتاب في مصر بعد ثورة 25 يناير. ولا يجد الزائر صعوبة في الوصول إلى سر الارتياح والتفاؤل والبسمة على شفاه الناشرين والعارضين والجمهور، فأجواء الحرية بعد الثورة مكنت من إقامة معرض بلا كتب ممنوعة أو مضايقات لدور النشر والعارضين أو سيطرة سياسية وأمنية. ويشارك في المعرض -الذي يقام تحت عنوان "عام على ثورة 25 يناير"، وتحضره تونس كضيف شرف- 29 دولة، منها 17 عربية و12 أجنبية و745 ناشرا، منهم 32 أجنبيا و215 عربيا و498 مصريا، ويضم سور الأزبكية داخل المعرض 93 كشكا للكتب ذات الثمن زهيد. الجديد هذا العام أيضا -بحسب رئيس إدارة النشر في هيئة الكتاب المنجي سرحان- أن أكثر من 60% من الفعاليات الثقافية والفنية تدور حول ثورات الربيع العربي والمستقبل. وأشار سرحان -في حديث للجزيرة نت- إلى أن "المقهى الثقافي" يقدم شهادات حية لمن شاركوا في أحداث الثورة، من مثقفين وأدباء وأسر شهداء، كما يقدم "مخيم الإبداع" شعراء يروون تجاربهم ومواقفهم تجاه الأحداث التي عايشوها وسجلوها، كما يتم افتتاح معرض للفن التشكيلي عن الثورة ليوثق قضية شهداء الثورة، ورؤية مستقبلية تعبر بصدق عن تطلعات المصريين. جديد الكتب وأضاف أن الكتب الجديدة تتجاوز 30% من المعروض، وهي نسبة تعبر عن اهتمام المبدعين والمفكرين بشكل عام بقضايا المستقبل المنشودة في مختلف المجالات. وأعلن رئيس الهيئة العامة للكتاب المشرف على المعرض د. أحمد مجاهد تخصيص جائزة لأفضل عشرة كتب صدرت في 2011، قيمتها عشرة آلاف جنيه (حوالي 1660 دولار) في الرواية والقصة القصيرة والعلوم والتراث والسياسة والعلوم الاجتماعية والفنون. ووصف رئيس اتحاد الناشرين المصريين محمد رشاد إقامة معرض الكتاب في موعده بأنها "أهم إنجاز ثقافي للحفاظ على وجوده في الخريطة العربية والدولية". وأشار -في حديث للجزيرة نت- إلى أن هناك الكثير من العناوين الجديدة، التي لم يطلع عليها الجمهور منذ إلغاء دورة العام الماضي بسبب اندلاع الثورة، كما صدرت كتب كثيرة توثق الثورة، وتقدم شبابها كمبدعين وكتاب، وتطرح تجارب ورؤى مستقبلية لكيفية النهوض بمصر. وأعرب رشاد عن تفاؤله بحجم الإقبال على المعرض هذا العام، الذي سيعاود الافتتاح غدا الجمعة، بعد إغلاق يوميْ الأربعاء والخميس للاحتفال بالثورة، متوقعا زيادة كبيرة في المشاركة الشبابية. وأكد أن مساحة حرية النشر زادت بعد الثورة، وإن كانت موجودة بدرجة ما قبلها، وتعد مصر البلد الوحيد الذي يسمح بالنشر قبل العرض على أي جهات رقابية. اهتمام مختلف وبدوره أشار أحمد محمود (مدير دار نشر) -في حديث للجزيرة نت- إلى زيادة إقبال القراء في اليومين الماضيين خاصة من الشباب على نوعيات جديدة من الكتب. وقل إن الإقبال زاد على الأدب الساخر والكتب التي تعين على فهم ما يجري حولنا من قضايا ومفاهيم وتيارات فكرية، خاصة الإسلامية والعلمانية والديمقراطية. ويتصدر الكتاب السياسي المبيعات حتى الآن، يليه الكتاب الديني ثم كتب الأطفال. وفي المقابل، يؤكد حمدي عبد الله (صاحب دار نشر) للجزيرة نت صعوبة تعويض الناشر المصري ماديا، نتيجة إلغاء دورة معرض الكتاب الدولي العام الماضي. ويخشى عبد الله من أن استمرار أجواء القلق والتوتر والتظاهر، إضافة إلى تواصل امتحانات نصف العام، سيكون لهما تأثير سلبي على حجم الإقبال الجماهيري على المعرض الذي يستمر حتى 7 من فبراير/شباط المقبل.