كثيرة هي العادات والتقاليد التي بخس قدرها، بل دفنت ونسي قبرها ، مع أننا في أمس الحاجة إليها، لما تحمله من معاني سامية وقيم أخلاقية نبيلة، بالمقابل نجد البعض يدافع عن عادات أخرى ويزكيها، مع أنها خالية من أي قيمة أخلاقية أو إنسانية . فقط ، كانت ولاتزال، عادات و تقاليد مجحفة، اعتادت بل وجدت في زمن ما ، لتجعل من المرأة ضحية لها . في حين ، يجد الرجل / الذكر ملاذه في هاته العادات ، فتراه مستمسكا بها، ويعض عليها بالنواجذ كأنها العروة الوثقى، و ما هي إلا نتاج فكر ذكوري متعنت ، توثر العمل بها عبر أجيال مضت. ومن المشين جدا أن يظل الذكر منهم وهو الوزير، الباحث، الأستاذ المحاضر و الصحفي.... مصمما على أن تظل حياته تحت رحمة عادات وتقاليد بالية إن كان بعضها يصلح، فجلها لم يعد صالحا اليوم، بعدما خرجت الفتاة من الظلمات إلى النور بولوجها عالم التمدرس، منذ استقلال البلاد سنة 1956 ، ومن البديهي بعد أزيد من 54 سنة مضت أن نستشعر اليوم، تزايد الوعي النسوي بمفهوم الحقوق والواجبات ، وبصيغة أخرى أصبحت المرأة اليوم تعرف مالها وما عليها،وأن لها الحق في الاحترام والكلام،كما لها الحق في التقدير والتعبير. وباعتبارها كذلك مواطنة صالحة، تشكل أزيد من 50 % من المجتمع الآن، ينبغي أن تنال جميع حقوقها القانونية والسياسية دون ميز أو تفضل من أحد كما ينص على ذلك الدستور المغربي ، وهو نفسه يقر ويعترف بالإسلام كديانة بالبلاد، وبالتالي حقها في المطالبة بتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص في مقابل العدل والمساواة الربانية في بلد مسلم، لا يسيء لها كامرأة مسلمة في شيء ، بل بالعكس تماما ، فهي إساءة في حق هؤلاء النساء ،ووصمة عار على جبين الدولة بكل مكوناتها. والغريب في الأمر أن البعض يصف الحركة النسائية الحقوقية بالقول : " هاد العيالات دليوم دسرو " !!! في حين لا تطالبن إلا بحقوقهن المشروعة. ونعجب لأمر أولائك الذين يتشدقون بهاته العادات والأعراف المتجاوزة، بحجة أنها تدعم أطروحة القيم الإسلامية وتحافظ عليها، إلا أن شعارهم هذا أي المحافظة عل القيم الإسلامية هو نفسه حجة عليهم وما يرفعونه إلا لتغطية حقيقة أنانيتهم الذكورية، التي تبيح لهم ممارسة نوع من السلطة المرضية على المرأة ليس إلا ، هذا فضلا عن كونهم هم أس الفساد ، ولا علاقة لهم البتة ، بالقيم الإسلامية و لا الإنسانية ، بل تحكمهم مشاعر نرجسية متسلطة ومتطرفة، تنزع إلى استضعاف المرأة وطمس كيانها أمام كيانه، في ضرب فاصح لذات القيم الإسلامية، التي يتعللون بها، والإسلام برئ منهم ، ومن عادات شاذة وضالة تقلص مساحة المرأة لصالح الرجل ، وهو ما لم تعد المرأة اليوم تستسيغه، ومعها كل الحق في ذلك، إذ ليس عليها أن تلغي عقلها،وتتجاهل كرامتها، وتتنازل عن حقوقها الشرعية والقانونية،من أجل أن ترضي، فكرا ذكوريا متطرفا،وإنما الأصل أن يعود المتطرف إلى حظيرة التوازن والاعتدال. وهذا ما يفسر تزايد بعض المآسي الاجتماعية يوما بعد يوم، من قبيل الطلاق وما يترتب عنه ، وكذا العزوف عن الزواج لدى الجنسين معا . ومن هذا المنظور، فأصحاب هذا الفكر الذكوري، هم سبب هاته المفاسد الاجتماعية، وهم من يؤصلون و يقعدون لخلق الندية المزعومة عوض التكامل والتعاون ما بين الجنسين، والتي ما فتئت تتحول إلى صراع وكراهية ونفور وبالمقابل ، ظهور شواذ لدى الإناث والذكور معا، والعياذ بالله، فهؤلاء الذكوريون المرضى لا يملكون بعد نظر، ولا ينتبهون لما ستقودنا إليه أفكارهم المتعصبة للنوع الذكري ،والأسلم أن نعود إلى العلاقات الشرعية والمتوازنة، التي تضمن التالف والتعايش في سلام بين الرجل والمرأة من أجل المحافظة على النوع البشري، على وجه هاته البسيطة، وتحت ظل الاحترام المتبادل لحقوق بعضهما البعض، واحترام كل منهما لخصوصية الآخر، من دون إفراط أو تفريط. أما عن العادات والتقاليد، القيم، الأخلاق... فهي حق أريد به باطل، ولا تغدو أن تكون مجرد شعارات واهية وببساطة شديدة نقول، ما صلح لمجتمع ما ، ليس ملزما لمجتمع سواه ، ومن يدعي عكس ذلك "فلغرض في نفس يعقوب" لا محال . ومن باب الإنصاف، فالمجتمع المغربي لا يخلو من الرجال والرجال قليل ، إنما الرجل الحقيقي ، هو من يحترم ضعف المرأة عضليا ولا يستقوي عليها ، يقدر فكرها ولا يلغيه، و يجل كرامتها ولا يحقر منها باختصار الرجل الحقيقي هو مكارم الأخلاق، وهي العملة النادرة في هذا الزمان.