قال الشاعر : قف للمعلم و فه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا هكذا قدر السلف أهل العلم و قدروا من تحملوا مسؤولية تبليغه للأجيال التي تليهم ، هكذا قدر المعلم في سالف الأزمان و إلى عهد قريب كان البعض منا يخجل من لقاء أحد أساتذته و يحترم تواجده في نفس الطريق ، فكان المعلم يجد في ذلك التلميذ ضالته و يفتخر كونه علم هذا التلميذ أو ذاك لأنه يرى نتاج رسالته النبيلة و كان خير دليل لمجموعة من الشباب الذين أصبح وطنهم يفتخر بهم بين ظهرانيه . لكن معادلة الاحترام التي كان تجمع المعلم بتلميذه، و مبدأ الاعتراف بالجهود المبذولة من طرف من كاد أن يكون رسولا قد تحولت إلى حقد و ضغينة ، بل لم تعد لها أية مكانة أو معنى سواء تعلق الأمر بالتلميذ أو الآباء في أغلب الأحيان ، حتى أن مهنة التعليم و إن صح التعبير مهنة التدريس ، أصبحت موسومة بالعنف بين الجانبين ، لكننا مع ذلك قد نتقبل في بعض الأحيان أن يكون المعلم قاسيا يضطر إلى زجر تلاميذه من أجل عطاء أكثر إن لم ينفع معهم اللين ، قد نتقبل أيضا أن يغير المعلم بيداغوجيته في تسيير قسمه عن طريق الترهيب من أجل الوصول إلى نتائج تعود بالنفع على تلاميذه من وجهة نظره و بالتالي يكون الطرفان قد حققا مبتغاهم الذي تعبوا لأجل تحقيقه على مدى سنة دراسية مضنية ، لكن أن يتطاول التلميذ بمعية الآباء على المعلم و خاصة منهم المعلمات فهذا ما لا يقبل بأي حال من الأحوال ، لأنه إذا أهين المعلم في أي زمان أو مكان فاقرأ على العلم السلام ، و هذا بالضبط ما بدأ يخشاه أصحاب المهنة النبيلة فكثير من المعلمين ممن عرفوا بتفانيهم في العمل و بإخلاصهم لمهنتهم تراجعت مردود يتهم ، ليس لأنهم ملوا اجترار نفس المعلومات كل سنة ، بل لأن أجواء التدريس باتت غير التي عرفوها من ذي قبل ، و اعترف أغلبهم أن عدم احترام حرمة المؤسسات و الأسرة التعليمية معا ، من شأنه أن يكون من بين الأسباب التي قد تؤثر سلبا على التعليم ببلادنا و الذي بدأت بوادر تراجعه بين باقي الدول تظهر جليا . الكل اليوم ينادي بإصلاح التعليم ببلادنا ،الكل اليوم يعي جيدا أن تقدم المجال التعليمي و مواكبته للتقدم المكتسح للعالم اليوم هو أساس نهضة أي بلد ، غير أن هذا العنف الذي بدأت تعرفه مؤسساتنا التعليمية ، خاصة ما يعانيه المعلمون من قبل من يفترض بهم متلقون للعلم ، من شأنه أن يجعل نظرتنا للمستقبل التعليمي ببلادنا لا يبحث عن طرق تطوير المناهج فقط ، بل وجب على القيمين على القطاع إعادة الاعتبار إلى التعليم كوسيلة هامة في إعادة التوازن إلى أخلاقياتنا المتجذرة في ثقافتنا ، على القيمين على القطاع البحث عن سبل للتواصل مع التلاميذ ، بل البحث عن سبل كفيلة بتوجيه هذه الطاقات السلبية إلى ما هو أحسن و تذكير أطرنا التعليمية بأن العنف لم يعد أداة ناجعة للقمع و إيصال رسالتها ، على مجتمعنا أيضا من أباء ، تلاميذ ، و جمعيات المجتمع المدني و غيرهم توعية هاته الفئة المهمة من الشباب كون التعليم لا يعني فقط حفظ المواد المقررة ، بل هو مراة مستقبله و شخصيته التي سترافقه مدى الحياة .