مواطن مصري يتامل واقعه في ميدان التحرير وخلفه بوسطير المرشح الرئاسي عبد المنعم ابو الفتوح ( خاص عدسة عادل اقليعي ) مع بداية العد التنازلي للانتخابات الرئاسية المصرية المقررة يومي 23 و24 مايو/أيار الجاري, تنوع اهتمام وتواصل المرشحين بالقبائل من أصحاب الكتل التصويتية العالية ما بين تنظيم لقاءات مغلقة ومفتوحة وعقد مؤتمرات شعبية بحضور زعماء هذه الكتل للحصول على تأييدهم لإقناع أكبر عدد من الناخبين ببرامجهم الانتخابية. ويدرك المرشحون جيدا أن العصبيات العائلية والقبلية المنتشرة في كثير من المحافظات المصرية تلعب دوراً مهماً في تحديد توجهات الناخبين، وحسم المعارك الانتخابية منذ عهد النظام السابق الذي أجبرته الثورة المصرية على ترك الحكم يوم 11 فبراير/شباط 2011. ويحرص عدد من المرشحين الثلاثة عشر على زيارة منازل كبار العائلات وزعماء القبائل في المحافظات التي تنتشر فيها مثل هذه الروابط والعصبيات، والاستماع لمشاكلهم خاصة بعد الدور الكبير الذي لعبته في حسم بعض الدوائر في انتخابات مجلسي الشعب والشورى نهاية العام الماضي. يؤكد حسن عبد العزيز -وهو أحد زعماء عائلة خير الله المنتشرة في غرب الإسكندرية ومطروح- انتشار العصبيات والقبلية في مناطق متفرقة من البلاد كالصعيد وريف الوجه البحري وبدو سيناء وغيرها من المناطق الحدودية بين المحافظات، التي تعتمد على بناء عائلي تحكمه الأعراف والتقاليد لا يسمح لأفراده باتخاذ أي قرارات إلا بموافقة زعيم القبيلة أو كبير العائلة. ويشير إلى أن البناء المتماسك الذي تتميز به هذه التجمعات يعطيها ثقلا نوعيا في التصويت يمكنها من التأثير بقوة في أي انتخابات "بعكس الحياة في المدن التي تتسم بالفردية الشديدة وصعوبة وجود تجمعات بشرية تحسم الصراع، هو ما دفع عددا كبيرا من المرشحين إلى مغازلة شيوخ القبائل وزعماء العشائر والاجتماع معهم". أما الشيخ جاسر الهواري، أحد زعماء قبيلة هوارة بمدينة السلوم، فيرى التصويت القبلي عبارة عن إرث تاريخي شهد نموا غير مسبوق خلال النظام السابق الذي كان يلعب على وتر العصبيات لتحقيق مصالحة أو في مواجهة خصومة باعتباره أحد الأسلحة الحاسمة في المعارك الانتخابية. ورأى أن تصويت القبائل للحزب الوطني المُنحل قبل الثورة كان يساعد كبار وزعماء تلك العائلات على تحقيق مطالب أفرادها، فضلا عن تجنب الصدام مع أجهزة أمن الرئيس المخلوع حسني مبارك، الأمر الذي لم يعُد له وجود بعد الثورة، على حد قوله. ويتفق مع ذلك الرأي عبد اللطيف البحيري كبير عائلات البحرانية الممتدة بين ريف الإسكندرية والبحيرة وكفر الشيخ، قائلا إن العصبيات والقبائل كان لها دور فعال في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهو ما يزيد المخاوف من استغلال فلول النظام السابق في الانتخابات الرئاسة المقبلة لدعم هذه القبائل والعائلات. لكنه يرى أن الحالة الثورية التي تمر بها البلاد ستقلل بشدة من فرص استفادة "الفلول" من ذلك الوضع القَبلي على الرغم من محاولات كتل المنشقين عن الحزب الوطني التجمع ومساندة أحد مرشحي الرئاسة. أرقام غير دقيقة بدوره يقول الباحث السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور عمار علي حسن إن العصبيات القبلية موجودة ولن تغيب عن المشهد الانتخابي رغم عدم وجود أرقام دقيقة لعدد القبائل. ويرى أن تأثير القبائل في الانتخابات الرئاسية أقل بكثير عن الانتخابات التشريعية, قائلا إن اختيارات الناخبين ستحدد دون التقيد برأي زعمائهم حيث لا تعتمد على تقديم وعود بفوائد أو مصالح مباشرة لفئة أو قبيلة أو عائلة معينة، بقدر ما تعتمد على تقديم برامج إصلاحية واسعة النطاق تشمل السياسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العامة للدولة. وأضاف "رغم تنوع العصبيات القائمة على الانحياز للأيديولوجيات أو الانتماء الديني أو المصلحة، تبقى العصبيات القبلية والعائلية هي الأكثر تماسكا وترتفع فيها درجة الإلزام والانتماء لدى أعضائها لدرجة تتلاشى معها التصنيفات السياسية أو العقائدية". وقد أرجع أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإسكندرية الدكتور إسماعيل سعد استمرار الوضع القبلي المصري إلى العادات والتقاليد والبناء المجتمعي الذي لا يخلو من لمحة دينية، مشيرا إلى الارتباط الوثيق بين مختلف هذه العائلات على مستوى الجمهورية والممتد إلى بعض الدول العربية. وأشار سعد إلى دور الإعلام في تغيير صفات المجتمع القبلي أو العشائري بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، إلى جانب زيادة وعي الناخبين بعد ثورة 25 يناير التي أدت لتراجع نمط التصويت على أسس عشائرية أو قبلية أو عائلية. واعتبر أن المرشح الطامح في تأييد تلك التنظيمات ذات البناء القبلي عليه بذل الكثير من الجهد لإٌقناعها بتأثير برنامجه بشكل مباشر في تحسين أحوالها المعيشية.