صوت متحشرج وبكّاء يغلف مخارج الصوت حتى اثناء ممارسة الحديث العادي، ندى القلب يتفصد صريحا على وجه ملائكي، ما زالت عينيها تلمع، وما زالت تترجى الامل الا يغادر عمرها دون ان تتذوق حلاوته. هل تراها تدري ان عمرها ما زال صغيرا على وجع لا يتسع له صدرها، هل تراها تدري انه مبكرا عليها ان تبرق عيناها بدمعة، هل تراها تدري ان صوتها كان يجب ان يغص بابتسامة لا بدمعة، حتى تحجب ذلك الصوت من ان يخرج راقصا موسيقيا يشابه سنوات عمرها. تزوجت بعمر الرابعة عشر ..تقول، اصبحت بعد اقل من ثلاث اعوام اما لاثنين من الأبناء لا اذكر انني حضنت وسادتي فيضا من فرح اصابني، لا اذكر انني تزينت وتجملت كأي امرأة تنتظر زوجها إلا ونظرة شك منه تخترق كياني كله، لتنتهي سهرتي معه بشعر منكوش، وقلب مجروح، وكدمات متفرقة هنا وهناك، تتساءل بحسرة هل تراني ارتكبت معصية حين تصرفت كأمرأة لها كيانها وحقها بان تكون جميلة. ذكرتني هذه الشكوة بشكوة أخرى من احدى السيدات تقول فيها: ان زوجها القى بعلب الكريمات وأدوات التجميل الخاصة بها في سلة ألمهملات بعد ان قام بتمزيق ملابسها الداخلية متوعدا ومزمجرا ومهددا لها من العودة لمثل هذه الأمور، وكأن الاهتمام بالنفس والخروج بمظهر لائق حتى بحضرة غرف النوم اصبح امرا يشبه الكفر. ما زالت في عمر الأمل في عمر الربيع، لكن شبابها يمتلئ حسره يمتلئ بؤسا، اذ ان السنين كانت ثقيلة بالدموع والمسؤولية. صدمت حين قالت لي انها كانت تعاني من سمنة اذ ان وزنها الحالي يكاد يقتصر على هيكلها العظمى كما صدمت حين عرفت منها انها اصبحت مطلّقة، اذ انها الآن تتمنى لو ان وزنها يزيد، ولكن كيف لها هذا، وهي لا ترى ابناءها إلا اذا سمح لها والديها اللذين تسببا بأن تكون زوجة ومطلّقة قبل ان تنهي عامها الخامس والعشرين. زواجها كان مبكرا، وطلاقها كان مبكرا، وبؤسها كان عجولا سرى اليها سرى اللون الابيض الذي لوّن شعرها قبل اوانه. مساوئ الزواج المبكر لا تقتصر على الطلاق وما يسببه من ألم بل تتعدى حتى تمس كيان الأسرة اذ ان الفتاة التي يبتليها الله بالزواج المبكر تكون معرضة اكثر من غيرها الى اضرار صحية كثيرة اقلها تعسر بالولادة لعدم اكتمال نمو عظام الحوض وأشدها خطرا تعرضها للوفاة. تقع على الاسرة مسؤولية كبيرة في رعاية بناتهن وتشجيعهن على التعليم لتتمكن الفتاة من اعالة نفسها وعائلتها في المستقبل وتأخذ مكانتها وتتابع دورها في خدمة المجتمع بما يمكنها من تربية اطفالها ورعايتهم الرعاية الصحيحة، وتستطيع بخبرتها ان تعي المسؤولية الملقاة على عاتقها لتواجه مشاكل الحياة الجديدة. هي دعوة نتوجه فيها الى الاسرة والمجتمع لمحاربة الزواج المبكر لما يسببه من ألم على المرأة وعلى الأسرة هي دعوة من الفتيات الصغيرات انفسهن اعطائهن الفرصة حتى يكتمل نضجهن الجسدي والعقلي ليتمكن وأزواجهن من بناء الاسرة القوية.