تصر فنانة الملحون والأندلسي والغناء الصوفي والروحي المغربية ثريا الحضرواي على الاختلاف والتميز، وتصر وطوال مسارها الحافل دوليا على أن تكون هذه الموسيقى العريقة حاضرة في كل المحطات العالمية . آخر أعمال الحضرواي ألبوم يجمعها وعازف البيانو الروسي سيمون نباطوف وهي تجربة موسيقية تعتبر أول عمل فني يجمع فنان مغربي وروسي في مجال الموسيقى الصوفية والروحية . صوت نسائي مفعم بالتراثي والصوفي وعزف روسي بثقافات مختلفة ..عنوان الشريط الجديد للحضرواي والذي كان ثمرة سهرة مشتركة بمدينة بوردو الفرنسية . * كيف تقدمين عملك الأخير الذي يعتبر أول عمل فني يجمع بين فنان مغربي وروسي في مجال الموسيقى الروحية والصوفية ؟ - العمل الجديد هوعبارة عن البوم بصوتي والعزف لعازف البيانو الروسي سيمون نباطوف وهو موسيقار يتعامل لأول مرة مع الموسيقى العربية بصفة عامة والموسيقى المغربية بصفة خاصة وفي هذا الألبوم اشتغلنا على مقطوعات أندلسية وكذلك على قطعة من الملحون التي هي قطعة فاطمة المعروفة وقطعة صوفية والشريط الجديد هو سهرة حية من مدينة بوردو الفرنسية أقيمت من طرف مهرجان Musique de nui أو "موسيقى الليل" إذا ما قمنا بترجمتها بالعربية وهذه السهرة ليست الأولى التي كانت لي مع العازف الروسي فقد سبق لنا إحياء سهرات في المغرب الأولى في الرباط والتي لقيت نجاحا كبيرا ثم مكناس وطنجة وهذه السهرة المتضمنة في الشريط هي السهرة الخامسة في بوردو الفرنسية، والعمل في آخر المطاف هو ثمرة تعاون مع سيمون نباطوف بدأ بالاشتغال على مقاطع موسيقية أندلسية قبل أن يتسع مجال هذا التعاون ليشمل الملحون والغناء الصوفي . * لماذا اختيار هذا العازف الروسي بالضبط ،وليس عازفا آخر مثلا ؟ - هذا سؤال وجيه ومهم لأنه يعيدني إلى الكثير من الأشياء في علاقتي مع الموسيقى المغربية والغناء المغربي ولأنه بصدق هذا العمل يتوج مجموعة من الأعمال التي قمت بها ويمثل إذا أردت تجسيدا للحلم الصغير أو الكبير الذي أردته لمساري الغنائي أي كيف أتعامل بشكل مختلف مع الموسيقى المغربية بحيث انه وطيلة اشتغالي على هذه الموسيقى منذ عشرين سنة الملحون أولا وبعده الموسيقى الأندلسية ثم الغناء الصوفي المغربي كنت اشتغل طيلة هذه السنوات مع موسيقيين مغاربة تقليديين وقد أردت أن أجدد هذا التوجه وذلك لا يعني أن الموسيقيين المغاربة لا يملكون جودة العزف ولكنني في الواقع احتجت إلى موسيقي يملك أشياء أخرى وحمولة قوية أخرى ومشحون بموسيقى أخرى فالموسيقار نباطوف هو عالم موسيقي درس الموسيقى في أحد أعرق المعاهد العريقة الكلاسيكية الغربية بصفة عامة وفي أحد أعرق المعاهد في بلاده ثم هاجر إلى الولاياتالمتحدة واشتغل على الجاز ونوع من اهتماماته الموسيقية ما أعطاه هذه القدرة على التجاوب مع موسيقى عربية ومغربية عريقة مثل الملحون والأندلسي والصوفي المغربي. * أنا حقا أسأل كيف أقنعك هذا الروسي لتقبلي أن يشترك معك في عشقك الباذخ للملحون والأندلسي والغناء الصوفي ؟ - يبدو أنني أنا الذي أقنعته بذلك لأن الفكرة كانت حلمي وغايتي وقد انطلق التفكير في ذلك منذ نجاح تجربتي "أرابيسك على إيقاعات أفريقية "الصادرة عام 2003 والذي شكل بدوره ثمرة تعاون مع المجموعة الإفريقية الغينية "بوط بيركوسيون" والتي تستلهم بدورها موسيقاها من التقاليد الثقافية الفنية الإفريقية وهو مسار أردت أن أتوجه خاصة عندما تتوفر إمكانية الاشتغال مع موسيقي بمواصفات عالمية ،فالهدف الأساسي من كل ذلك هو تثمين التراث المغربي لأنه إذا ما كانت هناك أشياء ساحرة وجميلة في ألبومي الأخير فهو سحر التراث المغربي لأنه لدينا كنوز جميلة جدا فقد كانت الفكرة لي وأمر تحقيقها احتاج للكثير من المقومات اللقاء ثم التمرين وقد تحقق ذلك بفضل مدير معهد جوثه الألماني بميونخ الذي اقترح علي العازف الروسي ومن تم تحقق الحلم ،وقد كانت البدايات صعبة بالنسبة له ولي لأنه كان في البداية مندهشا أمام موسيقى عربية ومختلفة وبحمولة مغايرة ،وبدوري كنت أيضا خائفة من الأمر لأن ذلك يتعلق بمغامرة فنية قد تؤثر على مسار فني كبير لي وللعازف الروسي * الملحون والأندلسي والغناء الصوفي في آخر المطاف هي موسيقى خاصة والاشتغال عليها ليس بالأمر الهين ،هل العازف الروسي أدرك أنه يتعامل مع لون موسيقى خاص وعريق وأصيل يشكل في التراث والثقافة المغربيتين الشئ الكثير ؟ - طبعا فقد كان منبهرا ومندهشا لجمال وثراء واختلاف هذه الموسيقى وذلك ما شجعه على الدخول في هذا الغمار وهذه التجربة وستستغرب حين تعلم أننا كما يقال مشينا بانسياق نحو هذه الموسيقى حيث أننا وقبل السهرة الأولى تمرنا أربعة أيام فقط وقبل ذلك كان بيننا تواصل عبر الانترنيت تبادلنا خلاله الاسطوانات وطبيعي هو اشتغل على الأشياء التي أرسلتها له والتي تضمنت مقاطع موسيقية وغنائية من أمهات الأندلسي والملحون وعند اللقاء بالطبع تم التمرن وأنت تعرف أن الدراسة الموسيقية في روسيا قوية جدا وقد توفر لي إمكانية معرفة ذلك من خلال تعاملي مع العازف نباطوف حيث كان باستطاعته كتابة قطعة موسيقية تعرف عليها للمرة الأولى بدون مشكل ثم يحولها إلى نوتة موسيقية وعزفها بطريقة مختلفة ومتجددة ينضاف إليها طبعا المحمول الذي يملكه هدا العازف القادم طبعا من ثقافات مختلفة الأمر الذي أعطى للشريط المشترك نكهته وسحره الخاص ببساطة لأن تراثنا الموسيقي المغربي والعربي يجب أن يتجدد بما يسمح بتوفير طرق أخرى من الإنصات والاستماع لهذه الذخائر والكنوز تفاديا للتكرار والاجترار . * من خلال الاستماع لشريطك "ألبومك" الجديد سهرة حية من بوردو رفقة نباطوف يتضح أنها كانت ليلة ساحرة، وهنا أريد أن أتعرف على تفاعل الجمهور مع ذلك وخاصة جمهور غربي في غالبيته ؟ - أنت تعلم أن الجمهور في أوروبا وعكس الجمهور العربي الذي يشارك بالتصفيق خلال كل حفل غنائي فهو جمهور لا يصفق إلا عند انتهاء كل قطعة غنائية أو موسيقية ولا يعبر عن إعجابه إلا عند نهاية السهرة ،وفي هذه السهرات كانت هناك حفاوة كبيرة حيث طلب الجمهور لمرات عديدة تكرار قطعة من القطع واضطررنا لدلك وطبعا ذلك لم يسجل وقد استجبنا للجمهور في أكثر من مرة احتفاء منا أيضا بجمهور يتفاعل ويتجاوب بنضج وحس عاليين. * عازف من دنيا وعوالم أخرى يرافق ثريا الحضرواي.. كأنما لفن الملحون والأندلسي سرهما وغموضهما وسحرهما ؟ - طبعا لهما سحرهما الخاص والموسيقى الأندلسية والملحون هي بناء موسيقي متكامل ، وعندما نتحدث عن العالمية فان الأشخاص الذين كتبوا الأشعار للملحون والأندلسي والأشخاص الذين لحنوا والدين غنوا في قرون غابرة مضت كانوا عالميين ولست أنا من سيدخلهم إلى العالمية، كانوا عالميين بطبيعة اللحن الذي لحنوه والشعر الذي نظموه فالعالمية هي أن تكون قريبا من الإنسان أي أن كل إنسان يمكن أن يجد ذاته في موسيقاك وألحانك وأشعارك وأدائك * هناك قطع بعينها غنيتها في هذا الشريط وقد تكررت في أعمال أخرى لماذا ذلك وهل لهذه القطع علاقة خاصة بالفنانة الحضرواي ؟ - هذه قطع حقيقة تعجبني شخصيا ومثلا قطعة "بسيط الاستهلال"و في أي مكان من العالم غنيتها تجد تجاوبا كبيرا وقد ارتبطت بها كثيرا ، مثلا غنيتها في مكان عام في "بلاتيسلافا" في سلوفاكيا وغنيتها أيضا في ساحة عامة في بلغراد ولدي تسجيلات بالصوت والصورة تعكس تجاوبا كبيرا مع جمهور لا يعرف العربية ولا علم له بموسيقى صوفية ولم يسمع قط بشئ اسمه الملحون ولا الأندلسي وكان هناك تجاوبا ملائكيا منقطع النظير. * تغنين كثيرا في العديد من دول العالم ولم يسبق لك الغناء في دولة عربية لماذا ؟ علما أن لونك الغنائي يفترض أن يحظى بالتقدير عربيا أكثر من أي دول أخرى ؟ - ببساطة لأنه لا تتم دعوتي أو استدعائي ولم توجه لي دعوة للغناء للجمهور العربي ،وأعتقد أن الغناء في العالم العربي ربما له شروط ومواصفات معينة أنا لا أتجاوب معها بالمرة وفي العالم العربي ليس الفن فقط هو المحدد للاختيارات هناك أشياء أخرى. الأعمال الستة التي تضمنها ألبوم الفنانة الحضراوي والعازف نباطوف : - فتنت / انصراف بسيط الاستهلال - ليل عجيب / انصراف غريبة الحسين, - يا سنا الكل/ قطعة صوفية - شمس العشي / انصراف قدام الماية - بشرى لنا / انصراف ابطايحي رصد الديل - فاطمة / ملحون