أورد مصدر موثوق ل"المساء" أن عملية التصفية الجسدية التي جرت، مساء الخميس الماضي، بحي جليز بمراكش، استهدفت، في حقيقة الأمر، صاحب مقهى "لاكريم"، وهو أخ صاحب مقهى "كابوتشينو" المحاذي لها، وهما حديثا العهد بالثروة ويمتلكان معاً سيارتي "رولز رويس" مسجلتين باسمهما ومنحوت اسمهما بالذهب في السيارة. وحسب المصدر ذاته، فمنفذا العملية، الحاملين للجنسية الهولندية، دخلا المغرب بتأشيرة سياحية بنية قضاء أسبوع للاستجمام بمدينة مراكش، وحجزا لذات الغرض "المعلن" بفندق فاخر وقاما بتغييره يوم الواقعة، على أن يغادرا المغرب على متن رحلة محجوزة صباح أمس الأحد. وقُبيل عملية القتل، وفق رواية المصدر ذاته، رافقهما شخص على متن سيارته في جولة بالمدينة، قبل أن يقترب من مقهى "لاكريم" ويعرِّفهما على الهدف المقصود بالتصفية، وهو صاحب المقهى ذاته الذي كان جالسا مرتديا قميصا أبيض وسروالا قصيرا مرفوقا بأخته. . وبعد برهة استعد القاتلان المحترفان لتنفيذ مهمتهما، وامتطيا دراجة نارية من نوع "تي ماكس" إلى غاية المقهى المذكور، فتوجها رأساً إلى المقعد ذاته حيث كان يوجد صاحب المقهى وأصابا الضحية بالرصاص هو والفتاة التي كانت تجلس إلى جانبه، معتقدين أنهما مالك المقهى وأخته، ثم لاذا بالفرار باستعمال دراجتهما النارية، لكن من سوء حظ الضحية، الطالب بالسنة النهائية بكلية الطب بمراكش، كونه جلس في ذات المكان الذي شغله الشخص المستهدف إذ كان يدردش في جلسة ودية مع صديقته الطالبة بذات الكلية والتي تعرضت هي الأخرى لطلقتين ناريتين. ومباشرة بعد الحادث، حملت عربة نقل متوسطة المجرمين بمعية دراجتهما إلى غاية طريق المطار، حيث قاما بإحراقها هناك، ثم نقلتهما السيارة ذاتها إلى فندقهما بشارع محمد السادس الذي أقاما فيه خمس ساعات . أما صاحب المقهى المستهدف، حسب إفادات مصدر الجريدة، فسارع إلى الرحيل عن مراكش في الليلة ذاتها، مصطحبا جل أفراد عائلته صوب مدينة البيضاء، وهو ما أثار شكوك الأمن، فتم استدعاؤه إلى ولاية الأمن بمراكش للاستماع إلى أقواله في الحادث بصفته صاحب المقهى، ولاستفساره عن أسباب سفره المفاجئ إلى الدارالبيضاء، فقدم إليهم مرفوقا بأربعة محامين للإجابة عن أسئلة واستفسارات الشرطة، فأنكر علمه بدوافع الجريمة وحيثياتها، ثم أطلق سراحه بعد تنقيطه هو وأفراد عائلته، وتأكد عدم وجود أسمائهم ضمن قائمة المبحوث عنهم وطنيا أو دوليا. وفور وقوع الحادث، أعطيت أوامر عليا لجميع المصالح الأمنية بتشديد الخناق على جميع منافذ المدينة، والقيام بحملات تمشيطية واسعة ودقيقة، كل في دائرة اختصاصه، للإيقاع بالجناة في أقرب وقت، فتكلفت فرق خاصة تنتمي إلى جهاز الاستعلامات العامة بمراقبة جميع الفنادق المصنفة بالمدينة الحمراء، وهو ما ساعد في التوصل إلى المجرمين اللذين حاولا تمويه الأجهزة الأمنية بعد تغييرهما لفندقهما الأول ونزولهما بفندق "555" الشهير. غير أن تحركاتهما المريبة واتصالاتهما المتكررة التي لم تتوقف منذ أن وطئت أقدامهما الفندق المذكور، إضافةً إلى إشعارهما موظفي الاستقبالات بالفندق بنيتهما المغادرة وهما لم يقيما به أكثر من خمس ساعات، بعث الشك في نفوس أطر المؤسسة الفندقية فأخطروا عناصر الاستعلامات العامة، وفي الساعة الثانية فجرا بالضبط سارع ضابط شرطة كان مارا بالصدفة قرب الفندق، عندما سمع الإشعار في جهاز اللاسلكي للشرطة، للانقضاض على المشتبه فيهما في محاولة شبه انتحارية للقبض عليهما قبل أن يفلت أحدهما من يديه، وهي محاولة كادت أن تودي بحياته نظرا لأن المجرمين كانا مسلحين فيما كان هو أعزل، غير أن حراس الأمن الخاص ساعدوه في الإمساك بأحد الرجلين، بينما فر الآخر على متن سيارة سريعة، فلحقت به دورية أمنية طاردته في شوارع المدينة إلى حين تعرضه لحادث على إثر انقلاب سيارته قرب المركب السياحي "بريستيجيا"، وبالضبط في الفضاء الذي نظمت فيه فعاليات مؤتمر المناخ "كوب22″، وتم تطويق ذلك المكان لأنه رمى بمسدسين في الخلاء، وهي المنطقة التي لا تزال محاصرة إلى حد الآن. وأكد مصدر "المساء" أن الموقوفين اعترفا لرئيس مكتب التحقيقات. عبد الحق الخيام شخصيا وللمحققين بالأفعال المنسوبة إليهما، وأرشداهم إلى هوية صاحب المهمة وهو أحد أباطرة الكوكايين الذي يقضي حاليا عقوبة حبسية مدتها 12 سنة في قضية ترويج المخدرات، كلفهما عن طريق وسطاء بهولندا للقيام بهذه المهمة مقابل مبلغ 50 ألف دولار للفرد، كما أرشداهم إلى هوية سائق السيارة الذي عرّفه عن بعد بصاحب المقهى المقصود بمهمة التصفية، فألقت عناصر الشرطة القبض عليه هو الآخر. أما دافع الجريمة، وفق المصدر ذاته، فهو محاولة بارون المخدرات المحبوس، استرداد مبلغ شحنة كوكايين يتهم صاحب مقهى "لا كريم" بسرقتها منه تبلغ قيمتها 30 مليار سنتيم، عن طريق تصفية أفراد من عائلته واحدا تلو الآخر إلى أن يسترجع أمواله منه أو من أخيه الذي هو في نفس الوقت شريكه.