شاءت الأقدار أن تجرى مباراة الديربي بين الوداد والرجاء في نفس اليوم الذي تابع فيه العالم كلاسيكو ريال مدريد و»البارصا»، حيث كان الفرصة سانحة للمقارنة بين المباراتين على كافة المستويات الكروية والجماهيرية والتسويقية والمالية والتلفزيونية. في ديربي المغرب الذي عاد إلى مسقط رأسه بعد أن غاب لما يقارب السنة، كان الرهان الرياضي كبيرا، فالوداد دخل المباراة وهو مدرك أن هذه المباراة قد تكون منعرج البطولة، فالفوز يقرب الفريق من اللقب ويبعد الغريم عن دائرة المنافسة، مثلما أن التعادل بدوره ليس سيئا، لأنه سيجعله يحافظ على فارق الخمس نقاط عن الرجاء، لكن الفارق عن الدفاع الجديدي سيتقلص إلى 3 نقاط فقط. أما الرجاء الذي أهدر 5 نقاط بسذاجة قبل الديربي، فهذه المباراة كانت آخر فرصة له ليبقى في دائرة المنافسة، فقد كان مطالبا بالفوز فقط، ليعود للواجهة من جديد.. ورغم أن الرهان الرياضي كبيرا جدا، فإن المباراة جاءت مملة، فقد طبعها الحذر المبالغ فيه، رغم أن الوداد سجل هدفا في الدقيقة 30 كان من المفروض أن يجعل المباراة مفتوحة ويتيح للجمهور فرصة الاستمتاع على الأقل بأداء جيد. في كلاسيكو إسبانيا، كان الأداء مبهرا، لقد عشنا ما يشبه الفيضان الهجومي من هنا وهناك، بل إن حارسي الفريقين سواء كيلور نافاس (ريال مدريد) أو تيرشيتيغن (البارصا) تصديا للعديد من الفرص السانحة للتسجيل، علما أن المباراة شهدت إحراز خمسة أهداف. لقد شاهدنا في هذه المباراة كل شيء، إيقاع جنوني للفريقين، وجمل تكتيكية تعاد أكثر من مرة وهجمات مضادة، وأداء فردي وجماعي، هدفه الأول والأخير خدمة المجموعة لا الفرد. وشاهدنا أيضا حتى بعض السذاجة في التعامل مع المواقف، كما وقع لعميد الريال سيرجيو راموس، وهو يحصل على البطاقة الحمراء، أو ما حدث من طرف لاعبي الريال وخصوصا مارسيلو، وهو يمنح الفرصة للاعب البارصا سيرجيو روبيرطو، ليعبر الملعب طولا وعرضا دون أن يقوم بإيقافه، أو عرقلته إن اقتضى الأمر، وشاهدنا كذلك أخطاء تحكيمية، لأن الإيقاع المرتفع أصبح يرهق الحكام. جماهيريا..كان المفروض أن تكون مدرجات ملعب محمد الخامس مملوءة، خصوصا أن الإقبال على اقتناء التذاكر كان لافتا للانتباه، لكن أماكن عديدة ظلت فارغة، الأمر الذي يطرح سؤالا عريضا حول سبب عدم امتلاء الملعب، في الوقت الذي كانت كل المؤشرات تؤكد أن التذاكر قد بيعت بكثافة. في ملعب سانتياغو بيرنابيو، كانت الصورة رائعة جدا، فالملعب مملوء بالأنصار الذين قدموا من مناطق مختلفة من العالم ليشاهدوا المباراة الأهم. ظلت الجماهير تشجع وتصيح، وعندما انتهت المباراة غادر الملعب كأن شيئا لم يكن، وهو يردد النشيد الخالد للفريق الملكي، دون أن يسب اللاعبين أو المدرب أو الرئيس، فهو يعرف برغم الحب الجارف لفريقه أن كرة القدم يوم لك ويوم عليك، وأن المهم أن يبلل اللاعبون قميصهم بالعرق الساخن. تلفزيونيا، كان إخراج الديربي المغربي رديئا، بل حتى مشاهد الجمال في المدرجات لم تسوق بشكل جيد، أما في الكلاسيكو فالكاميرات كانت تتابع كل صغيرة وكبيرة بأحدث التقنيات، وكانت الصورة التلفزيونية التي تابعنا متساوقة مع الأداء الكروي وقيمة الريال والبارصا.